موقع د. محمود صبيح https://www.msobieh.com:443/akhtaa/ |
|
حسن التلطف في بيان وجوب سلوك التصوف https://www.msobieh.com:443/akhtaa/viewtopic.php?f=7&t=34283 |
صفحة 1 من 1 |
الكاتب: | حليمة [ الخميس ديسمبر 17, 2020 6:04 pm ] |
عنوان المشاركة: | حسن التلطف في بيان وجوب سلوك التصوف |
كتاب : حُسْنُ التَّلَطُّفِ فِي بَيَانِ وُجُوبِ سُلُوكِ التَّصَوُّفِ |
الكاتب: | حليمة [ الجمعة ديسمبر 18, 2020 1:13 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: حسن التلطف في بيان وجوب سلوك التصوف |
فصـــــــــل والتصوف مبني على الكتاب والسنة كما قال الجنيد: "علمنا هذا مشيد بالكتاب والسنة"، وقال أيضا: "الطريق إلى الله تعالى مسدود على خلقه إلا المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"، وقال التاج ابن السبكي في "جمع الجوامع": "ونرى أن طريق الشيخ الجنيد وصحبه طريق مقوم"، قال جلال الدين المحلي في شرحه: "فإنه خالٍ من البدع دائرٌ على التسليم والتفويض والتبري من النفس"، وقال سهل بن عبد الله- أحد أئمة القوم-: "وصولنا سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى، والتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب المعاصي، والتوبة، وأداء الحقوق"، وقال أبو العباس أحمد الملثم- أحد أئمة القوم-: "لم تكن الأقطاب أقطابًا والأوتاد أوتادًا والأولياء أولياءً إلا بتعظيمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعرفتهم به وإجلالهم لشريعته وقيامهم بآدابه"، وقال شيخ الشيوخ أبو الحسن الشاذلي الغماري- رضي الله عنه-: "من دعا إلى الله تعالى بغير ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو مدعي"، وقال أيضًا: ليس هذا الطريق بالرهبانية ولا بأكل الشعير والنخالة وإنما هو بالصبر على الأوامر واليقين في الهداية قال تعالى: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}"، وقال أيضًا: "ما ثم كرامة أعظم من كرامة الإيمان ومتابعة السنة، فمن أعطيهما وجعل يشتاق إلى غيرهما فهو عبد مفترٍ كذاب ذو خطأ في العلم والصواب، كمن أكرم بشهادة الملك فاشتاق إلى سياسة الدواب"، ونصوصهم في هذا المعنى كثيرة جدًا يعسر تتبعها. وحكى العارف الشعراني في مقدمة الطبقات إجماع القوم على أنه "لا يصلح للتصدر في طريق الله سبحانه وتعالى إلا من تبحر في علم الشريعة وعلم منطوقها ومفهومها وخاصها وعامها وناسخها ومنسوخها وتبحر في لغة العرب حتى عرف مجازاتها واستعاراتها وغير ذلك". اهـ والحكمة في هذا الإجماع الذي حكاه الشعراني ظاهرة؛ لأن الشخص إذا تصدر للمشيخة والإرشاد اتخذه المريدون قدوة لهم ومرجعا يرجعون إليه في مسائل دينهم وغيرها، فإذا لم يكن متقنًا لعلم الشرع متبحرا فيه أَضَلَّ المريدين بفتواه فأحل لهم الحرام وحرم عليهم الحلال وهو لا يشعر، وقد تعرض لأحد المريدين مسألة عويصة في الطلاق أو البيوع أو الميراث ويرجع فيها إلى شيخه الذي لا يتقن الشرع فيفتيه بما تراءى له فيقع الشيخ والمريد في الخطأ والضلال وهما لا يشعران، وأيضًا فأغلب البدع والخرافات إنما دخلت في الطريق بسبب المشايخ الذين تصدروا بغير علم ونصبوا أنفسهم للإرشاد من غير أن يكونوا مستحقين لهذا المنصب الجليل، ولولا ذلك لبقي الطريق نقيًا سليمًا كحاله على عهد الجنيد وبشر الحافي والحارث بن أسد المحاسبي وأضربهم. فصـــــــــل ولكون التصوف مبنيًّا على الكتاب والسنة دخل فيه عظماء العلماء وانضم إلى زمرة أهله فحول من الكبراء كالحافظ أبي نعيم والإمام عز الدين بن عبد السلام والحافظ ابن الصلاح والإمام النووي وتقي الدين السبكي وابنه تاج الدين السبكي والحافظ السيوطي وغيرهم. قال الشافعي: "صحبت الصوفية فاستفدت منهم كلمتين: قولهم: الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك، وقولهم: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل". اهـ وتكلم أبو العباس ابن سريج في درسه مرة بكلام حسن أعجب الحاضرين فقال: "هذا ببركة مجالستي لأبي القاسم الجنيد"، وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري- وهو صوفي-: "إذا لم يكن للفقيه علم بأحوال القوم واصطلاحاتهم فهو فقيه جاف"، وكان الإمامُ الكبير أبو المحاسن يوسف الفاسي- أحد رجال سلسلة الطريقة الصديقية- تلميذَ القطب الكبير سيدي عبد الرحمن المجذوب وعلى يديه فتح عليه وصار جامعًا بين العلم والولاية، وكذلك العلامة الإمام عبد الواحد بن عاشر الأنصاري كان تلميذًا للعارف الكبير الشيخ محمد التجيبي الشهير بابن عزيز. قال ابن الحاج: "وغالب من يشار إليه من علماء الظاهر من له تميز وشغوف ونبوغ في الحفظ والإتقان إنما نال بمخالطة بعض العارفين كابن سريج بمخالطة الجنيد والعز ابن عبد السلام بمخالطة أبي الحسن الشاذلي والتقي ابن العيد بمخالطة أبي العباس المرسي". اهـ وكذلك العلامة المحقق الشيخ أحمد بن المبارك اللمطي شيخ علماء عصره كان تلميذًا للقطب الكبير سيدي عبد العزيز الدباغ الحسني ونقل عنه من المواهب والأسرار ما أثبت بعضه في كتاب "الإبريز"، وهكذا لا تجد عالما كبيرًا ومحققًا شهيرًا إلا دخل في طريق القوم والتمس البركة من أهلها ونال الحظوة بسبب الانتساب إليها، وهذا أمر معلوم يدركه من قرا تراجم العلماء وتتبع سيرهم واستقصى أخبارهم، ومن لم يعرف أو لم يعتد به فهو جاهل متعنت لا اعتداد به ولا عبرة بما يقول. |
الكاتب: | حليمة [ السبت ديسمبر 19, 2020 9:01 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: حسن التلطف في بيان وجوب سلوك التصوف |
فصـــــــــل وسلوك طريق التصوف واجب محتم لا يكمل دين المرء إلا به، وبيان ذلك من وجوه: الأول : أنه مقام الإحسان الذي هو أحد أركان الدين الثلاثة المبينة في حديث جبريل الطويل، ولا شك أن الدين يجب اتباعه بجميع أركانه الإيمان والإسلام والإحسان. وجاء في إحدى فتاوي والدي- رضي الله عنه- في هذا الموضوع ما نصه: "وأما أول من أسس الطريقة، وهل تأسيسها بوحيٍ؟ فلتعلم أن الطريقة أسسها الوحيُ السماويُ في جملة ما أُسِّسَ من الدين المُحمديّ، إذ هي بلا شك مقام الإحسان الذي هو أحد أركان الدين الثلاثة التي جعلها النبي صلى الله عليه وآله سلم- بعد ما بيّنها واحداً واحداً- ديناً، فقال (هذا جبريل جاء يعلمكم دينكم)؛ فغاية ما تدعو إليه الطريقة وتشير إليه هو مقام الإحسان، بعد تصحيح الإسلام والإيمان، ليحرز الداخل فيها والمدعو إليها مقامات الدين الثلاثة الضامنة لمحرزها والقائم بها السعادة الأبدية في الدنيا والآخرة، والضامنة أيضًا لمحرزها كمال الدين، فإنه- كما في الحديث- عبارة عن الأركان الثلاثة، فمن أخلَّ بمقام الإحسان الذي هو الطريقة فدينه ناقص بلا شك، لتركه ركنا من أركانه"؛ ولهذا نص المحققون على وجوب الدخول في الطريقة وسلوك طريق التصوف وجوبًا عينيًّا، واستدلوا على الوجوب بما هو ظاهر عقلا ونقلا، ولسنا الآن بصدد بيان ذلك، وقد بيّن القرآن العظيم من أحوال التصوف والطريقة ما فيه الكفاية، فتكلم على المراقبة والمحاسبة والتوبة والإنابة والذكر والفكر والمحبة والتوكل والرضا والتسليم والزهد والصبر والإيثار والصدق والمجاهدة ومخالفة الهوى والنفس، وتكلم عن النفس اللوامة والأمارة والمطمئنة، وعلى الأولياء والصالحين والصديقين والمؤيدين وغير هذا مما يتكلم فيه أهل التصوف والطريقة فاعرف ذلك وتأمل. اهـ وهو نفيس جدا. الوجه الثاني : أن التصوف هو العلم الذي تكفل بالبحث عن علل النفوس وأدوائها وبيان علاجها ودوائها لتصل إلى مرتبة الكمال والفلاح وتدخل في ضمن قوله تعالى: {قد أفلح من زكاه}، ولا شك أن علاج النفس من أمراضها وأدرانها أمر يوجبه الشرع القويم ويستحسنه العقل السليم، ولولا ذلك لما كان هناك فرق بين الإنسان والحيوان. الوجه الثالث : أن التصوف عني بتهذيب الأخلاق وتزكيتها ومخالفة هوى النفس والأخذ بعزائم الأمور والارتفاع بالنفس عن حضيض الشهوات إلى حيث تتمتع بما تورثه الطاعة من لذة روحية تصغر بجانبها كل لذة مهما عظم قدرها. الوجه الرابع : أن التصوف هو خلق الصحابة والتابعين والسلف الصالح الذي أمرنا بالاقتداء بهم والاهتداء بهديهم، وقد بين ذلك والدي- رضي الله عنه- في فتواه التي نقلنا منها آنفًا، فقال عقب كلامه السابق ما نصه: وأما قولك هل لما أسست الطريقة ...الخ، فجوابه يعلم مما قبله فإنها إذا كانت من الدين بل وهي أشرف أركانه وكانت بوحي كما قلناه، وكان الصحابة بالحالة التي بلغتنا عنهم تواترًا من المسارعة إلى امتثال أمر الله، كانوا بالضرورة أول داخل فيها وعامل بمقتضاها وذائق لأسرارها وثمراتها، ولهذا كانوا على غاية ما يكون من الزهد في الدنيا والمجاهدة لأنفسهم ومحبة الله ورسوله والدار الآخرة والصبر والإيثار والرضا والتسليم وغير ذلك من الأخلاق التي يحبها الله ورسوله وتوصل إلى قربهما وهي المعبر عنها بالتصوف والطريقة، وكما كانوا- رضي الله عنهم- على هذه الحالة الشريفة كان أتباعهم أيضًا عليها وإن كانوا دونهم فيها وكذلك كان أتباع الأتباع وهلم جرا إلى أن ظهرت البدع وتأخرت العمال وتنافس الناس في الدنيا وحيت النفوس بعد موتها فتأخرت بذلك أنوار القلوب وقع ما وقع في الدين وكادت الحقائق تنقلب. وكان ابتداء ذلك في أواخر المائة الأولى من الهجرة، ولم يزل ذلك يزيد سنة بعد سنة إلى أن وصل ذلك إلى حالة تخوف منها السلف الصالح على الدين، فانتدب عند ذلك العلماء لحفظ هذا الدين الشريف، فقامت طائفة منهم بحفظ مقام الإسلام وضبط فروعه وقواعده، وقامت أخرى بحفظ مقام الإيمان وضبط أصوله وقواعده على ما كان عند سلفهم الصالح، وقامت أخرى بحفظ مقام الإحسان وأعماله وأحواله، فكان من الطائفة الأولى الأئمة الأربعة وأتباعهم- رضي الله عنهم-، وكان من الطائفة الثانية الأشعري وأشياخه وأصحابه، وكان من الثالثة الجنيد وأشياخه وأصحابه، فعلى هذا ليس الجنيد هو المؤسس للطريقة لما ذكرناه من أنها بوحي إلهي؛ وإنما نسبت إليه لتصديه لحفظ قواعدها وأصولها ودعائه للعمل بذلك عندما ظهر التأخر عنها؛ ولهذا السبب نفسه نسبت العقائد للأشعري والفقه للأئمة الأربعة بالرغم من أن الجميع بوحي من الله تعالى اهـ. وهو تحقيق بالغ يعلم منه ما يسمى الآن تصوفًا وطريقةً لم يتجاوز ما كان عليه الصحابة والتابعون من الأخلاق الفاضلة والصفات الجميلة التي حض الله ورسوله على التخلق بها ومَدَحَا أصحابَها في غير آية وحديث. الوجه الخامس : أن في سلوك الطريق صحبة المشايخ الكمل، والاقتداء بهم والاهتداء بهديهم، وقد أمر الله بذلك في قوله تعالى: {واتبع سبيل من أناب إليّ}. قال الإمام زروق: "والإنابة لا تكون إلا بعلم واضح وعمل صحيح وحال ثابت لا ينقضه كتاب ولا سنة" |
الكاتب: | حليمة [ الأحد ديسمبر 20, 2020 7:19 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: حسن التلطف في بيان وجوب سلوك التصوف |
الوجه السادس : أن سلوك الطريق ينور بصيرة الشخص ويسمو بهمته حتى لا يبقى له تعلق إلا بالله ولا يكون له اعتماد إلا عليه فيصير مصون السر عن الالتفات إلى الخلق مرفوع الهمة عن تأميلهم اكتفاء بالحق متحققًا بالحقيقة في جميع الأحوال، متوسما بالشريعة في الأقوال والأفعال، وهذا أعلى ما يطلب من المؤمن وإليه أشار عليه الصلاة والسلام بقوله لابن عباس: (إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)،وبايع الصحابة- منهم ثوبان مولاه والصديق صاحبه- على ألا يسألوا الناس شيئا؛ وذلك لرفع الهمة عن الخلق والاكتفاء بالالتجاء إلى الحق. |
الكاتب: | الطارق [ الثلاثاء سبتمبر 13, 2022 2:23 pm ] |
عنوان المشاركة: | Re: حسن التلطف في بيان وجوب سلوك التصوف |
صفحة 1 من 1 | جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين |
Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group http://www.phpbb.com/ |