موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 22 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 20, 2014 9:49 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد خير من قام وركع وسجد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

أما بعد .. فهذه مقتطفات أقطتفها من ديوان سيدي العارف بالله تعالى ابن الفارض رضوان الله عليه ، وهي تعد من أجل الأشعار الصوفية على الإطلاق ، ونسأل الله القبول ..

ترجمة مختصرة لسيدي ابن الفارض رضي الله عنه :

ابن الفارض، هو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، أحد أشهر الشعراء المتصوفين، وكانت أشعاره غالبها في العشق الإلهي حتى أنه لقب بـ "سلطان العاشقين". والده من حماة في سوريا، وهاجر لاحقاً إلى مصر.

مولده ونشأته ووفاته :

ولد بمصر في الرابع من ذي القعدة سنة 576 هـ الموافق 1181م، ولما شب اشتغل بفقه الشافعية، وأخذ الحديث عن ابن عساكر. ثم سلك طريق الصوفية ومال إلى الزهد. رحل إلى مكة في غير أشهر الحج، واعتزل في واد بعيد عنها. وفي عزلته تلك نظم معظم أشعاره في الحب الإلهي، حتى عاد إلى مصر بعد خمسة عشر عامًا.
توفي يوم الثلاثاء الثاني من جمادي الأولى سنة 632 هـ الموافق 1235م في مصر ودفن من الغد حسب وصيته بالقرافة في سفح الجبل تحت المسجد المعروف بالعارض ، ثم عرف به .

القصيدة اليائية :
( من بحر الرمل ) وعدد أبياتها 151

سائقَ الأظعانِ يَطوي البيدَ طَيْ

مُنْعِماً عَرِّجْ على كُثْبَانِ طَيْ


وبِذَاتِ الشّيح عنّي إنْ مَرَرْتَ

بِحَيٍّ من عُرَيْبِ الجِزعِ حَيْ


وتلَطّفْ واجْرِ ذكري عندهم

علّهُم أن ينظُرُوا عطفاً إلي


قُل ترَكْتُ الصّبّ فيكُم شبَحاً

ما لهُ ممّا بَراهُ الشّوقُ فَي


خافياً عن عائِدٍ لاحَ كمَا

لاحَ في بُرْدَيهِ بعدَ النشر طَيْ


صارَ وصفُ الضّرّ ذاتيّاً لهُ

عن عَناء والكلامُ الحيّ لَي


كهِلاَلِ الشّكّ لولا أنَهُ

أنّ عَيني عَيْنَهُ لم تتأيْ


مِثْلَ مسلوبِ حياةٍ مثلاً

صار في حُبِّكُمُ مَلسوبَ حَي


مُسْبِلاً للنأي طَرْفاً جادَ إن

ضَنّ نَوءُ الطّرْفِ إذ يسقط خَي


بَيْنَ أهلِيهِ غَريباً نازحاً

وعلى الأوطانِ لم يعطِفْه لي


جامِحاً إنْ سِيمَ صَبراً عنكُمُ

وعليكُمْ جانِحاً لم يتَأيْ


نَشَرَ الكاشِحُ ما كانَ لهُ

طاويَ الكَشحِ قُبَيلَ النأيِ طي


في هَوَاكُمْ رَمَضَانٌ عُمْرُهُ

ينقضي ما بَيْنَ إحْياءٍ وطَيْ


صادياً شوقاً لِصَدّا طَيْفِكُمْ

جِدَّ مُلْتَاحٍ إلى رؤيا ورَي


حائِراً في ما إليهِ أمرُهُ

حائِرٌ والمَرء في المِحْنَة عَي


فكَأَيٍّ منْ أسىً أعيا الإِسا

نال لو يعِنيهِ قَولي وكأي


رائياً إنكارَ ضُرٍّ مَسّهُ

حَذَرَ التّعنيفِ في تعريفِ رَي


والّذي أرويهِ عن ظاهِرِ ما

باطني يَزْويهِ عن عِلْميَ زَي


يا أُهَيْلَ الوُدّ أنّى تُنْكِرُونيَ

كَهْلاً بعدَ عِرفاني فُتَي


وهَوى الغادةِ عَمري عادةً

يَجْلُبُ الشّيبَ إلى الشّابِ الأُحَي


نَصباً أكسبَني الشّوقُ كما

تُكْسِبُ الأفعالَ نَصباً لامُ كَي


ومتى أشكُ جِراحاً بالحشا

زِيدَ بالشكوى إليها الجُرحُ كَي


عَيْنُ حٌسّادي عليها لي كَوَتْ

لا تَعَدّاها أليمُ الكَيّ كَيْ


عَجَباً في الحرب أُدعى باسِلاً

ولها مُسْتَبْسِلاً في الحُبِّ كَيْ


هل سَمِعْتُمُ أو رأيتُمُ أسَداً

صادَهُ لحْظُ مَهاةٍ أو ظُبَي


سَهْمُ شَهْم القَومِ أشوى وشَوى

سهمُ ألحاظِكُمُ أحشايَ شَي


وَضَعَ الآسي بصَدْرِي كَفَّهُ

قال ما لي حيلةٌ في ذا الهُوَيْ


أيُّ شيء مُبْرِدٌ حَرّاً شَوى

للَشّوى حَشْوَ حَشَائي أيُّ شي


سَقَمِي مِنْ سُقْم أجفانِكُمُ

وبِمَعْسُول الثّنايا لي دُوَيْ


أوعِدوني أو عِدوني وامطُلوا

حُكْمٌ دين الحُبّ دَينُ الحبّ لَيْ


رَجَعَ اللاّحي عليكُمْ آيساً

مِنْ رشادي وكذاكَ العِشْقُ غي


أَبِعيْنَيْهِ عَمىً عنكُمْ كَما

صَمَمٌ عن عَذْلِهِ في أُذُنَي


أَوَ لم يَنْهَ النُّهَى عَن عَذْلِهِ

زاوياً وجَهَ قَبُولِ النّصحِ زَي


ظَلّ يُهْدِي لي هُدىً في زَعْمِهِ

ضَل كم يَهْذي ولا أصغي لِغي


ولِما يَعْذُلُ عن لمياء طَوْعَ

هوىً في العذل أعصى من عُصي


لَوْمُهُ صَبّاً لدى الحِجْرِ صَبا

بِكُمُ دَلّ على حِجْرِ صُبَي


عاذِلي عن صَبْوَةٍ عُذْرِيّةٍ

هيَ بي لا فَتِئَتْ هَيَّ بنُ بَي


ذابتِ الرّوحُ اشتياقاً فهْيَ بَعْدَ

نَفاذِ الدّمعِ أجرى عَبرَتي


فهَبوُا عَينيّ ما أجدى البُكا

عَينَ ماء فَهْيَ إحدى مُنيَتي


أو حَشا سالٍ وما أختارُهُ

إن تَروا ذاك بها مَنّاً عَلي


بَل أسيئوا في الهَوى أو أحسِنوا

كُلُّ شيء حَسَنٌ منكُمْ لدَي


رَوّحِ القلبَ بِذِكْرِ المُنْحَنَى

وأعِدْهُ عندَ سمعي يا أُخَي


واشدُ باسمِ اللاَءِ خَيّمْنَ كذا

عن كُدا وَاعنَ بما أحويه حَي


نِعْمَ ما زَمْزَمَ شادٍ مُحْسِنٌ

بحِسَانٍ تَخذوا زَمزَمَ جَي


وجَنابٍ زُويَتْ من كُلّ فَجْجٍ

لهُ قصداً رجال النُّجْبِ زَي


وادّراعي حلّلَ النّقْعِ ولي

عَلَمَاهُ عِوَضٌ عن عَلَمي


واجتماعِ الشّملِ في جَمعٍ وما

مَرّ في مَرٍّ بأفياء الأُشَي


لَمِنىً عِندي المُنى بُلّغْتُها

وأُهَيْلُوهُ وإنْ ضَنّوا بِفَي


منذُ أوضحتُ قُرى الشامِ

وباينْتُ باناتٍ ضَواحي حِلّتي


لم يَرُقْني مَنْزِلٌ بعدَ النّقَا

لا ولا مُسْتَحْسَنٌ مِنْ بَعدِ مَي


آهِ وَاشَوقي لِضاحي وجهِها

وظَما قَلبي لذَيّاكَ اللُّمَي


فَبِكُلّ منه والألحاظِ لي

سَكْرَةٌ وَاَطَرَبَا من سَكْرَتَي


وأرى من ريِحِهِ الرّاحَ انتشَتْ

ولَهْ مِنْ وَلَهٍ يعْنُو الاُرَي


ذو الفَقَارِ اللّحْظُ منها أبداً

والحشَا مِنّيَ عَمروٌ وحُيَي


أنحَلَتْ جسمي نُحُولاً خَصْرُها

منه حالٍ فهْوَ أبْهَى حُلّتيَ


إنْ تَثَنّتْ فَقَضِيبٌ في نَقاً

مُثْمِرٌ بَدْرَ دُجى فَرْعِ ظُمَي


وإذا وَلّتْ تَوَلّتْ مُهْجَتِي

أو تجلّتْ صارتِ الألبابُ فَي


وأبَى يَتْلوَ إلاّ يوسُفاً

حُسنُهَا كالذّكِرِ يُتْلَى عن أُبَي


خَرّتِ الأقمارُ طَوعاً يَقْظَةً

إنْ تراءَتْ لا كَرُؤيا في كُرَيْ


لم تَكَدْ أَمْناً تُكَدْ من حُكْمَ لا

تَقْصُصْ الرّؤيا عليهم يا بُنَي


شَفَعَتْ حَجّي فكانت إذ بَدَتْ

بالمُصَلّى حُجّتِي في حِجّتِي


فَلَها الآنَ أُصَلّي قَبِلَتْ

ذاكَ مِنّي وهْيَ أرْضَى قِبْلَتي


كُحِلَتْ عَيني عَمىً إنْ غَيْرَها

نَظَرْتْهُ ايهِ عَنّي ذا الرُّشَيْ


جَنّةٌ عندي رُباها أمحَلَتْ

أم حَلَتْ عُجّلْتُها مِن جَنّتي


كعَروسٍ جُلِيَتْ في حِبَرٍ

صَنْع صنعاء وديباجِ خُوَي


دارُ خُلْدٍ لمْ يَدُرْ في خَلَدِي

أنّهُ مَنْ يَنْأ عنها يَلقَ غَيْ


أيُّ مَن وافى حَزيناً حَزْنَها

سُرّ لو رَوّحَ سِرّي سِرّ أيّ


بِئْسَ حَالاً بُدِّلَتْ من أُنْسِهَا

وَحْشَةً أو من صلاحِ العيشِ غَي


حيثُ لا يَرتَجعُ الفائِتُ وا

حَسْرَتَا أُسْقِطَ حُزْناً في يَدَي


لا تُمِلْنِي عن حِمى مُرتَبَعي

عُدْوَتَيْ تَيْمَا لِرَبْعٍ بِتُمَي


فَلُبانَاتي لبَانَاتٍ تَرا ضُعُنَا

فيها لِبَانَ الحُبّ سي


مَلَلِي مِنْ مَلَلٍ والخَيْفُ حَيْفٌ

تَقاضيه وأنّى ذاكَ وَيْ


بالدُّنَا لا تْطمَعَنْ في مَصْرِفي

عنُهَما فضلاً بما في مِصرَفي


لو تَرى اينَ خَمِيلاَتُ قُبا

وتَراءَيْنَ جَمِيْلاَتُ القُبَي


كُنْتَ لا كُنْتَ بِهم صبّاً يَرَى

مُرّ ما لاقَيتُهُ فيهِمْ حُلَي


فأرِحْ مِنْ لَذْعِ عَذْلٍ مِسْمَعَي

وعنِ القلبِ لِتلكَ الرّاء زَي


خَلّ خِلّي عنكَ ألقاباً بِها

جيء مَيْناً وانْجُ مِنْ بدعِة جَي


وادعُني غيرَ دَعِيٍّ عَبْدَها

نِعْمَ ما أسمو بِه هذا السُّمَي


إن تَكُنْ عبداً لها حقّاً تَعُدْ

خَيْرَ حُرٍّ لم يَشُبْ دَعْوَاهُ لَي


قوتُ روحي ذِكْرُها أنّى تحُورُ

عن التّوقِ لِذِكْري هَيِّ هَي


لستُ أنسى بالثّنايا قولَها

كل مَن في الحيّ أسرَى في يَدي


سَلْهُمُ مُسْتَخْبِراً أَنفُسَهُم

هل نَجَتْ أنفُسهُمْ مِن قبضتي


فالقَضَا ما بينَ سُخْطِي والرّضى

مَنْ لهُ أُقْصِ قَضَى أوْ أدْنِ حَي


خاطِبَ الخَطْبِ دعِ الدّعوى فما

بالرُّقَى تَرقى إلى وَصْلِ رُقَي


رُحْ مُعافىً واغتنِم نُصْحِي وإنْ

شِئْتَ أن تهوَى فَلِلبَلْوَى تَهَي


وبِسُقُمٍ هِمْتُ بالأجفانِ إنْ

زانَهَا وَصْفاً بِزَيْنٍ وبِزَي


كمْ قَتِيلٍ من قَبيل ما لَهُ

قَوَدٌ في حُبّنا مِن كلّ حي


بابُ وَصْلي السّأْمُ من سُبلِ الضّنى

مِنْهُ لي ما دُمْتَ حيّاً لم تُبَي


فإنِ استَغْنَيْتَ عن عِزّ البَقا

فإلى وَصلي ببذلِ النفسِ حَي


قُلْتُ روحي إنْ تَرَيْ بَسطَكِ في

قَبْضِها عِشْتُ فرأيي أن تَرَي


أيُّ تعذيبٍ سوى البُعْدِ لنَا

منكِ عذبٌ حبّذا ما بَعْدَ أي


إن تَشَيْ راضيةً قَتْلي جَوىً

في الهَوى حَسبي افتخاراً أن تَشَي


ما رأَتْ مِثلَكِ عَيْني حَسَناً

وكَمِثلي بكِ صَبّاً لم تَرَي


نَسَبٌ أقرَبُ في شرْعِ الهَوَى

بينَنَا من نَسَبٍ من أَبَوي


هكذا العشق رضيناه ومَنْ

يأتَمِرْ إن تأمري خيرُ مُرَي


ليتَ شعري هل كفَى ما قد جَرَى

مُذْ جرى ما قد كفى من مُقْلَتِي


حاكياً عَينَ وليٍّ إن عَلاَ

خَدَّ رَوضٍ تَبْكِ عن زهرٍ تُبَي


قد بَرى أعظَمُ شوقي أعظُمي

وفَني جِسميَ حاشا أصغَرَي


شافِعي التّوحيدُ في بُقْيَاهُما

كان عندَ الحبّ عن غير يَدَي


وتَلاَفِيكِ كُبُرْئي دونَهُ

سَلْوَتي عنكِ وحظّي منكِ عَي


ساعدي بالطّيف إن عَزّتْ مُنىً

قِصَرٌ عن نَيْلِها في ساعدَي


شامَ مَن سامَ بطرْفٍ ساهِرٍ

طيْفكِ الصّبحَ بألحاظٍ عُمَي


لو طَوَيْتُمْ نُصْحَ جارٍ لم يكُنْ

فيه يوماً يألُ طَيّاً يالَ طي


فاجْمعوا لي هِمَماً إن فَرّقَ الدَهرُ

شَمْلي بالألى بانُوا قُضَي


ما بِودّي آلَ مَيٍّ كانَ بَثثُ

الهوَى إذ ذاكَ أودى أَلَمَي


سِرُّكُمْ عِنْديَ ما أعلَنَه

غَيرُ دمعٍ عَندَ ميٍّ عن دُمَي


مُظْهِراً ما كنتُ أُخْفي من قَدِيمِ

حديثٍ صانهُ منّيَ طَي


عِبْرَةٌ فَيْضُ جُفوني عَبْرَةً

بيَ أن تجريَ أسعى واشِيَي


كادَ لولا أدمُعي أستَغْفِرُ اللهَ

يَخْفَى حُبُّكُمْ عن مَلَكي


صارِمي حَبلِ وِدادٍ أحكَمَتْ

باللّوَى منه يَدُ الإنصافِ لَي


أتُرى حَلَّ لكُمْ حَلٌّ أَوَاخي

رُوى ودٍّ أُواخي منهُ عَي


بُعْدِيَ الدّارِيّ والهَجْرَ عَلَيْيَ

جَمَعْتم بَعدَ دَارَي هِجْرَتَي


هَجْرُكُمْ إن كانَ حتماً قَرِّبوا

مَنزِلي فالبُعْدُ أسوا حالتَي


يا ذَوي العَودِ ذَوى عُودُ وِداديَ

مِنكُمْ بعدَ أن أينَعَ ذَي


يا أُصَيْحَابِي تمادى بَينُنا

ولِبُعْدٍ بينَنا لم يُقْضَ طَي


عَهْدُكُمْ وَهناً كبَيْتِ العنكبوتِ

وعهدي كقَلِيبٍ آدَ طَي


عَلِّلُوا روحي بأرواحِ الصَّبا

فَبِرَيّاها يعودُ الميْتُ حَي


ومتَى ما سِرَّ نجْدٍ عَبَرَتْ

عَبّرَتْ عن سِرِّ مَيٍّ وأُمَيّ


ما حديثي بحديثٍ كم سَرَتْ

فأسرَّتْ لِنَبِيٍّ من نُبَيْ


أيْ صَباً أيَّ صِباً هِجْتِ لنا

سَحَراً من أينَ ذَيّاكَ الشُّذَي


ذاكَ أن صافحْتِ رَيّانَ الكلا

وتحرّشْتِ بِحُوذانِ كُلَي


فلِذَا تُرْوي وتَرْوي ذا صدىً

وحديثاً عن فتاةِ الحيّ حَي


سائلي ما شَفّني في سائِلِ الدَمعِ

لو شئتَ غنىً عن شَفَتَي


عُتْبُ لم تُعتِبُ وسلْمى أسلَمَتْ

وحَمَى أهلُ الحِمى رؤيَةَ رَي


والتي يَعنو لها البدرُ سَبَتْ

عَنْوَةً روحي ومالي وحُمَي


عُدْتُ مِمّا كابدَتْ مِن صدّها

كبدي حِلفَ صَدىً والجفنُ رَي


واجِداً منذُ جَفا بُرْقُعُهَا

ناظِري من قَلْبِهِ في القَلْبِ كَي


ولنا بالشِّعبِ شَعْبٌ جَلَدي

بَعْدَهُمْ خان وصبري كاءَ كَي


حَلَفتْ نارُ جَوىً حالفَني

لا خبَتْ دونَ لِقَا ذاك الخُبَيْ


عِيسَ حاجي البيت حاجي لو أُمَكَنُ

أَن أضوي إلى رَحِلكِ ضَي


بل على وِدّي بجَفْن قد دَمي

كنتُ أسعى راغباً عن قَدَمَي


فُزْتِ بالمسْعى الذي أُقْعِدتُ عنهُ

وعاويكِ لهُ دونيَ عَي


سيء بي إن فاتَني مِن فاتِني

الْخَبْتِ ما جُبْتُ إليه السَّيَّ طَي


حاظِرِي من حاضِري مَرْمَاكِ بادي

قضاء لا اختيارٌ ليَ شَي


لا بَرى جَذبُ البُرَى جِسْمَكِ

واعْتَضْتِ من جدبِ البَرى والنأيِ بَي


خَفّفِي الوَطْءَ ففي الخيْف سَلِمْتِ

على غَيْرِ فؤادٍ لم تَطَي


كان لي قلبٌ بِجَرْعَاء الحمى

ضاعَ منّي هل لهُ رَدٌّ عَلَيّ


إن ثنى ناشدْتُكُمْ نِشْدانَكُمْ

سُجَرائي ليَ عنهُ عَيُّ عَي


فاعهَدوا بَطْحاء وادي سَلَمٍ

فهْيَ ما بينَ كَدَاءٍ وكُدَي


يا سَقى اللهُ عقيقاً باللّوَى

ورَعَى ثَمّ فريقاً مِن لؤي


وأُوَيْقَاتٍ بِوادٍ سَلَفَتْ فيهِ

كانت راحَتي في رَاحَتَي


مَعْهَدٍ مِن عهْدِ أجفاني على

جيدِهِ مِن عِقْدِ أزهار حُلَي


كمْ غديرٍ غادَرَ الدّمعُ بهِ

أَهْلَهُ غيرَ أُلي حاج لِرَي


فَثَرَائي مِن ثَراهُ كان لو

عادَ لي عفّرْتُ فيه وجنَتَي


حَيِّ رَبْعِيّ الحَيا رَبْعَ الحَيا

بأبي جِيرَتنا فيه وَبَي


أيّ عَيش مَرّ لي في ظِلّهِ

أسَفي إذ صارَ حظّي منهُ أَيْ


أيْ ليالي الوصلِ هل من عودَة

ومن التعليلِ قولُ الصَبّ أَي


وبأيِّ الطُرْقِ أرجُو رَجْعَها

رُبَّما أقضي وما أدري بأي


حيرَتي بينَ قضاءِ جيرَتي

من ورائي وهوى بينَ يَدَيْ


ذهبَ العُمْرُ ضياعاً وانقضى

باطلاً إذ لم أَفُزْ مِنْكُمْ بشيْ


غيرَ ما أوليتُ من عِقْدي ولا

عِترَةِ المبعوثِ حقاً من قُصَيّ


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يوليو 21, 2014 8:02 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وهذه قصيدة من بحر الكامل وعدد أبياتها 51 بيت :

صدٌّ حَمى ظمئي لَمَاكَ لِماذا

وهَواكَ قلبي صارَ مِنْهُ جُذَاذا


إن كان في تلَفي رِضاكَ صبابةً

ولكَ البقاء وجَدْتُ فيه لذاذا


كبِدي سلَبتَ صحيحةً فامنُنْ على

رَمَقي بها مَمنونةً أفلاذا


يا رامياً يَرْمي بسَهْمِ لِحاظِهِ

عن قَوس حاجِبِهِ الحشَا إنفاذا


أنّى هجَرتَ لِهجْرِ واشٍ بي كمَنْ

في لَوْمِهِ لُؤْمٌ حكَاهُ فهاذَا


وعليّ فيكَ مَنِ اعتدَى في حِجْره

فقَد اغتدى في حِجْرِهِ مَلّاذا


غَيرَ السّلُوِّ تجِدْهُ عندي لائِمي

عمّن حَوَى حُسْنَ الورى استحواذا


يا ما أُمَيْلحَهُ رَشاً فيه حَلا

تبديلُهُ حالي الحَلِي بَذّاذا


أضحى بإحسانٍ وحُسْنٍ مُعْطياً

لِنَفائسٍ ولَأنْفُسٍ أخّاذا


سَيْفَاً تَسِلُّ على الفؤاد جُفُونُه

وأرى الفُتورَ لهُ بها شحّاذا


فتْكاً بنا يزْدادُ منهُ مُصَوراً

قَتْلي مُساوِرَ في بني يَزْداذا


لا غَرْوَ أنْ تَخذَ العِذَارَ حمائلا

إذْ ظَلّ فتّاكاً به وقّاذا


وبِطَرْفِهِ سِحْرٌ لَوَ ابْصَرَ فِعْله

هاروتُ كان له به أستاذا


تَهْذِي بهذا البَدرِ في جَوِّ السّما

خَلِّ افْتِراكَ فذاكَ خِلّي لاذا


عَنَتِ الغزالَةُ والغَزَالُ لِوَجْهِهِ

مُتَلفّتاً وبه عِياذاً لاذا


أرْبَت لَطافتُهُ على نَشْرِ الصَّبا

وأبَت تَرافَتُهُ التّقَمّصَ لاذا


وشَكَتْ بَضاضةُ خدّهِ من وَرْدِهِ

وحَكَتْ فظاظةُ قلبِه الفولاذا


عَمَّ اشْتِعالا خالُ وجْنَتِهِ أخا

شُغْل به وجْداً أبَى استنِقاذا


خَصِرُ اللّمى عذْبُ المُقَبَّلِ بُكْرةً

قبلَ السّواكِ المِسْكَ ساد وشاذى


مِن فيِه والألحاظُ سُكْرِي بل أرى

في كلّ جارحَة به نَبّاذا


نَطَقَتْ مَناطقُ خَصْرِهِ خَتْماً إذا

صَمْتُ الخواتِم للخناصِرِ آذى


رقّتْ ودَقّ فناسبَتْ مِنّي النّسيبَ

وذاك معْناه استَجادَ فحاذى


كالغُصْنِ قدّاً والصّباحِ صباحَة

واللّيْلِ فَرعاً منهُ حاذى الحاذا


حُبّيِه عَلّمنِي التّنَسُكَ إذ حكى

مُتَعَفّفاً فَرَقَ المَعادِ مُعاذا


فَجَعَلْتُ خَلْعِي للْعِذَار لِثَامَه

إذ كان من لثْم العِذار مُعاذا


ولنا بخَيْفِ مِنىً عُرَيْبٌ دونَهُمْ

حَتْفُ المُنى عادي لِصَبّ عاذا


وبجزع ذَياك الحِمي ظَبيُ حَمَي

بِظُبَي اللواحِظِ إذ أحاذ إخاذا


هيَ أدمُعُ العُشّاقِ جادَ ولِيُّها

الوادي ووالى جُودُها الألْواذا


كَمْ من فقيرٍ ثَمّ لا من جعفر

وافى الأجارعَ سائلاً شَحّاذا


من قبلِ ما فَرَقَ الفريقُ عَمارةً

كُنّا فَفَرّقَنا النّوى أَفْخَاذا


أُفْرِدْتُ عنهُمْ بالشّآمِ بُعَيْدَ ذاكَ

الإِلِتئَامِ وخَيّمُوا بغْداذا


جمعَ الهُمومَ البُعدُ عِندي بعدَ أن

كانت بقُرْبي منهُمُ أفذاذا


كالعَهْد عندهُمُ العهودُ على الصّفا

أنّى ولَستُ لها صفاً نَبّاذا


والصّبرُ صَبْرٌ عنهُمُ وعَلَيْهِمُ

عِندي أراهُ إذنْ أذى أزّاذا


عَزّ العَزاءُ وجَدّ وَجْدي بالأُلى

صرموا فكانوا بالصّريم ملاذا


رِيمَ الفَلا عنّي إليكَ فمُقْلَتي

كُحِلَتْ بهم لا تُغْضِهَا استِئْخَاذا


قَسَماً بمَنْ فيه أرى تعذيبَهُ

عَذْباً وفي استِذْلاله استِلْذاذا


ما استحسَنَتْ عيني سواهُ وإن سبى

لكنْ سواي ولمْ أكن مَلاّذا


لمْ يَرْقُبِ الرُّقَبَاءُ إلاّ في شَجٍ

مِن حَولِهِ يَتَسَلّلُون لِواذا


قد كان قبلَ يُعَدّ من قَتلى رَشاً

أسَداً لآسادِ الشّرى بَذّاذا


أَمْسى بنار جوىً حَشَتْ أحشاءَه

مِنْها يرى الإِيقادَ لا الإِنقاذا


حَيرانُ لا تلْقَاهُ إلاّ قلتَ مِنْ

كُلّ الجهاتِ أرى بِه جَبّاذا


حَرّانُ مَحنِيُّ الضّلوعِ على أسىً

غَلَبَ الإِسى فاسْتَأخذَ اسْتَئخاذَا


دَنِفٌ لسيبُ حشىً سليبُ حُشاشةٍ

شَهِدَ السّهادُ بِشَفْعِه مِمْشاذا


سَقَمٌ أَلمّ به فآلم إذ رأى

بالجِسْمِ مِنْ اغدادهِ اغذاذا


أبدى حِدادَ كآبَةٍ لِعَزَاهُ إذ

ماتَ الصبَا في فَوْدِه جَذّاذا


فغَدا وقد سُرّ العِدَى بشبابه

مُتَقَمّصاً وبشَيِبِه مُشْتاذا


حَزْنُ المَضاجِع لا نَفَاذَ لِبَثّه

حُزْناً بذاك قَضى القضاءُ نَفاذا


أبداً تَسُحّ وما تشحُّ جفُونُهُ

لِجَفا الأحِبّةِ وابِلاً ورَذاذا


مَنَحَ السُّفُوحَ سُفوح مَدْمَعِه وقد

بَخِلَ الغَمامُ به وجاد وِجَاذَا


قال العوائِدُ عندما أبصَرْنَهُ

إنْ كان مَن قَتَلَ الغرامَ فهذا


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 22, 2014 5:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن بحر الطويل وقصيدة عدد أبياتها 103 بيت يقول ابن الفارض :

نَعَمْ بالصَّبا قلبي صبا لأحِبّتِي

فيا حبّذا ذاك الشَّذى حينَ هَبَّتِ


سَرَتْ فأَسرَّتْ للفؤادِ غُدَيَّةً

أحاديثَ جيرانِ العُذيبِ فَسَرَّتِ


مُهَيْمِنَةٌ بالرَّوضِ لَدْنٌ رِداؤُها

بها مرضٌ من شأنِهِ بُرْء عِلَّتي


لها بأُعَيْشَابِ الحِجَازِ تَحَرّشٌ

به لا بخَمْرٍ دونَ صَحبيَ سَكْرَتي


تُذَكِّرُني العَهْدَ القَديمَ لأنَّها

حديثَةُ عَهْدٍ من أُهَيْلِ مَوَدَّتي


أيا زاجراً حُمْر الأَوارِكِ تارِكَ

المَوارِكِ من أكوارها كَالأريكَةِ


لَكَ الخيرُ إِن أَوضَحتَ تُوضِحُ مُضحياً

وجُبْتَ فيافي خَبْتِ آرامِ وَجْرَةِ


ونكَّبتَ عن كُثبِ العُرَيضِ مُعارِضاً

حُزوناً لِحُزْوى سائقاً لِسُوَيقةِ


وباينْتَ باناتٍ كَذا عَن طُوَيلِعٍ

بسَلْعٍ فسَلْ عن حِلَّةٍ فيه حَلَّتِ


وعَرِّجْ بذَيَّاكَ الفريقِ مُبَلِّغاً

سَلِمْتَ عُرَيباً ثَمَّ عنِّي تَحِيَّتي


فلي بينَ هاتِيكَ الخيامِ ضنِينَةٌ

عَلَيَّ بجَمْعي سَمْحَةٌ بِتَشَتُّتي


مُحَجَّبَةٌ بَينَ الأسِنَّةِ والظُبى

إِلَيها انثنَتْ ألبابُنا إذ تَثَنَّتِ


مُمَنَّعةٌ خَلْعُ العِذَارِ نِقَابُها

مُسرْبَلَةٌ بُرْدَيْنِ قلبي ومُهجَتي


تُتيحُ المنَايا إذ تُبيحُ ليَ المُنى

وذاكَ رَخيصٌ مُنْيَتِي بِمَنِيَّتي


وما غَدرَتْ في الحُبِّ أَن هَدرَتْ دَمي

بشَرْعِ الهَوى لَكِن وَفَتْ إذ تَوَفَّتِ


مَتَى أَوعَدَتْ أَولَتْ وإِن وَعَدتْ لَوَتْ

وإن أقسمَتْ لا تُبْرئُ السُقمَ بَرَّتِ


وإن عَرضَتْ أُطْرِقْ حياءً وهيبةً

وإن أعرضَتْ أُشفِق فَلَم أتلَفَّتِ


ولَو لمْ يَزُرْني طيفُها نحوَ مَضجَعِي

قَضَيْتُ ولَم أَسطِعْ أَراها بمُقلَتي


تَخَيُّل زُورٍ كان زَورُ خَيالِها

لِمُشْبِهِه عن غَيْرِ رُؤيا ورُؤيَةِ


بفَرْطِ غرامي ذِكْرَ قيسٍ بوَجْدِهِ

وبَهْجَتُها لُبْنَى أَمَتُّ وأمَّتِ


فلم أَرَ مثلي عاشِقاً ذا صبابةٍ

ولا مثلَها معشوقَةً ذاتَ بهجَةِ


هيَ البَدْرُ أوصافاً وذاتي سَماؤُها

سَمَتْ بي إليها هِمَّتي حينَ هَمَّتِ


مَنازلُها مِنِّي الذِّراعُ تَوَسُّداً

وقلبي وطَرْفي أوطَنَتْ أو تَجلَّتِ


فما الوَدْقُ إِلّا من تحلُّبِ مَدْمَعِي

وما البرقُ إلّا من تَلَهُّبِ زَفرَتي


وَكُنتُ أرى أَنَّ التعشُّقَ مِنحَةٌ

لِقلْبي فما إِن كانَ إلّا لمِحْنَتِي


مُنَعَّمةً أحشايَ كانت قُبَيلَ ما

دَعَتْها لتَشقَى بالغرامِ فلَبَّتِ


فلا عادَ لي ذاكَ النَّعيمُ ولا أرى

مِنَ العَيشِ إلّا أن أعيشَ بِشقوَتي


ألا في سَبيلِ الحُبِّ حالي وما عَسى

بكُمْ أن أُلاقي لو دَرَيتُمْ أَحِبَّتِي


أَخَذْتُمْ فؤادي وهوَ بَعْضِي فما الَّذي

يَضُرُّكُمُ أن تُتْبِعُوهُ بجُمْلَتِي


وجَدْتُ بكم وجْداً قُوى كُلِّ عَاشِقٍ

لوِ احتَملَتْ من عبئِهِ البعضَ كلَّتِ


برى أعظُمي من أَعظَم الشوقِ ضِعفُ ما

بجَفْني لِنَومِي أو بضُعْفِي لِقُوَّتي


وأنحَلَني سُقْمٌ لهُ بجُفُونِكُمْ

غرامُ التِياعي بالفُؤادِ وحُرْقَتِي


فَضَعْفِي وسُقْمي ذا كرأي عَواذِلي

وذاكَ حَديثُ النَفسِ عنكُم برَجعَتِي


وهَى جَسَدِي مِمّا وهَى جلَدي لذا

تَحَمُّلُهُ يَبْلى وتَبْقَى بلِيَّتي


وعُدْتُ بما لمْ يُبْقِ مِنّي مَوْضِعاً

لِضُرٍّ لِعُوّادي حضوري كَغَيْبَتِي


كَأَنّي هِلالُ الشَّكِّ لوْلا تَأَوُّهي

خَفِيتُ فلم تُهْد العُيونُ لرُؤيَتي


فجِسْمِي وقلبي مُستحيلٌ وواجِبٌ

وخَدّيَ مندوبٌ لِجَائِزِ عَبْرَتي


وقالوا جَرَتْ حُمْراً دموعُكَ قلتُ عن

أُمورٍ جَرَتْ في كَثرةِ الشَّوْقِ قَلَّتِ


نَحَرتُ لضَيْفِ الطَّيْفِ في جَفْنِيَ الكَرَى

قِرىً فَجَرَى دَمْعي دماً فوقَ وَجنَتي


فلا تُنْكِروا إن مَسَّني ضَرُّ بَيْنِكُم

عَلَيَّ سُؤالي كَشْفَ ذاكَ ورَحْمَتي


فصَبْري أراهُ تحْتَ قَدْري عَلَيْكُمُ

مُطاقاً وعنكم فاعذورا فوْقَ قُدرَتي


ولَمّا تَوافَيْنَا عِشاءً وَضَمَّنا

سَواءُ سبيليْ ذي طُوَىً والثَّنِيَّةِ


ومَنَّتْ وما ضَنَّتْ علَيَّ بوَقْفَةٍ

تُعادِلُ عنْدي بالمُعَرَّفِ وَقْفَتي


عتَبْتُ فلم تُعْتِبْ كَأَن لم يَكُن لِقاً

وما كانَ إلّا أَن أشَرْتُ وأوْمَتِ


أَيا كعْبَةَ الحُسْنِ الَّتي لِجمالِها

قلوبُ أُولي الأَلبابِ لَبَّتْ وَحَجَّتِ


بريقَ الثَّنايا منْكِ أهدى لَنا سَنا

بُرَيْقِ الثّنايا فهْوَ خيرُ هدِيَّةِ


وأوْحَى لعَيْنِي أنّ قَلْبي مُجاورٌ

حِماكِ فتاقَتْ للجَمالِ وحَنَّتِ


ولَوْلاَكِ ما استهدَيْتُ برْقاً ولا شجَتْ

فؤادي فأبكتْ إذ شدَتْ وُرقُ أيكةِ


فذاكَ هدىً أهْدى إليّ وهذه

على العود إذ غنّت عن العودِ أغنَتِ


أرومُ وقد طال المدَى منْك نظْرَةً

وكم من دماء دونَ مَرْمَايَ طُلّتِ


وقد كنتُ أُدعى قبل حُبّيكِ باسلاً

فعُدتُ به مُسْتَبْسِلاً بعد مَنعَتي


أقادُ أسيراً واصْطِباري مُهاجِري

وأنْجدُ أنْصاري أسىً بعد لَهْفَتي


أما لكِ عنْ صدّ أما لَكِ عن صدٍّ

لِظلْمِكِ ظلماً منكِ ميلٌ لعطفةِ


فبَلُّ غَليلٍ مِنْ عليلٍ على شفاً

يُبِلّ شِفَاءً منه أعظَمُ مِنّةِ


فلا تحسبي أنّي فَنَيْتُ من الضّنى

بغيرِكِ بل فيكِ الصّبابةُ أبلَتِ


جَمالُ مُحيّاكِ المَصُونُ لثامُهُ

عن اللّثْمِ فيه عُدْتُ حيّاً كميّتِ


وجَنّبَنِي حُبّيكِ وَصْلَ مُعاشِري

وحَبّبَنى ما عشتُ قطْعَ عَشِرَتي


وأَبعَدَني عن أرْبُعي بُعْدُ أرْبَعٍ

شبابي وعقلي وارتياحي وصِحّتي


فلي بعدَ أوْطاني سكونٌ إلى الفلا

وبالوَحش أُنسي إذ من الإِنس وَحشتي


وزَهّدَ في وَصلي الغوانيَ إذْ بَدا

تبَلّجُ صُبْحِ الشيْب في جِنْح لِمّتي


فرُحْنَ بحُزْنٍ جازعاتٍ بُعَيْد ما

فرِحْنَ بحَزْنِ الجَزْعِ بي لشبيبتي


جهلْنَ كلُوّامي الهوى لا علِمْنه

وخابوا وإنّي منه مُكْتَهِلٌ فَتي


وفي قَطْعي اللّاحي عليكِ ولاتَ حينَ

فيكِ جدالٌ كان وجهُكِ حُجّتي


فأصبَحَ لي من بعدِ ما كان عاذِلاً

به عاذراً بل صارَ من أهل نَجْدَتي


وحَجّيَ عَمْري هادياً ظلّ مُهْدِياً

ضلالَ مَلامي مثْل حَجّي وعُمْرتي


رأى رجباً سمْعِي الأبيَّ ولَوْميَ

المُحَّرمَ عن لُؤْم وغِشّ النصيحةِ


وكمْ رامَ سِلْوَاني هواكِ مُيَمِّماً

سِواكِ وأنّي عنكِ تبديلُ نيّتي


وقال تَلافَى ما بَقي منكَ قلتُ ما

أرانيَ إلّا لِلتّلافِ تَلَفّتي


إبائي أبَى إلّا خِلافيَ ناصِحاً

يحاوِلُ مِنِّي شِيمة غيرَ شِيمتي


يَلَذّ لهُ عَذْلي عليكِ كأنّما

يَرى مَنّهُ مَنّي وسَلواهُ سَلْوَتي


ومُعْرِضَة عن سامِر الجَفن راهِبِ

الفؤادِ المُعَنّى مُسلِمِ النفسِ صَدّتِ


تناءتْ فكانت لذّةَ العيش وانقضَت

بعُمري فأيدي البَينِ مُدّتْ لمُدّتي


وبانَتْ فأمّا حُسنُ صَبري فخانني

وأمَّا جُفُوني بالبكاءِ فوَفَّتِ


فلمْ يرَ طَرْفي بعدها ما يَسُرّني

فنَومي كصُبْحي حيث كانت مسرَّتي


وقد سَخِنَتْ عَيْنِي عليها كأنَّها

بها لم تكن يوماً من الدّهر قرّتِ


فإنْسانُها مَيْتٌ ودمعيَ غُسْلُهُ

وأكفانُهُ ما ابْيَضَّ حُزْناً لفُرْقَتي


فلِلْعَيْنِ والأحشاء أوّلَ هل أتى

تلا عَائدي الآسي وثالِثَ تَبَّتِ


كأنَّا حَلَفْنا للرّقيب على الجفَا

وأنْ لا وَفا لكِن حَنِثْتُ وبرّتِ


وكانت مواثيقُ الإِخاءِ أَخِيّة

فلمَّا تفرّقنا عَقَدْتُ وحَلَّتِ


وتَاللَّهِ لم أختَرْ مذَمّةَ غدرِها

وفاء وإن فاءت إلى خَتْر ذِمّتي


سَقى بالصّفا الرَّبْعِيُّ رَبْعاً به الصفا

وجادَ بأجيادٍ ثَرَى منهُ ثرْوتي


مُخَيَّمَ لَذّاتي وسَوْقَ مآربي

وقِبْلَةَ آمالي ومَوطِنَ صَبْوتي


منازِلُ أُنْسٍ كُنّ لم أَنسَ ذِكْرَها

بمنْ بُعدُها والقُرْبُ ناري وجنّتي


ومِنْ أَجْلِهَا حالي بها وأُجِلّهَا

عن المَنّ ما لم تَخْفَ والسقمُ حُلّتي


غرامي بشَعْبٍ عامرٍ شِعبَ عامرٍ

غريمي وإن جاروا فهم خيرُ جيرتي


ومِنْ بَعْدِها ما سُرّ سِرّي لبُعْدِها

وقد قطَعَتْ منها رجائي بخَيْبَتي


وما جَزَعي بالجَزْعِ عن عبثٍ ولا

بَدا وَلَعاً فيها وُلوعي بلَوعَتِي


على فائتٍ من جَمْعِ جَمْعٍ تأسُّفي

ووّدٍ على وادي مُحَسِّرِ حسرتي


وبَسْطٍ طَوى قبضُ التنائي بساطَهُ

لنا بطَوىً وَلّى بأرغَدِ عيشةِ


أَبِيتُ بجَفْنٍ للسُّهاد مُعانِقٍ

تصافحُ صَدري راحتي طولَ لَيْلَتي


وذِكْرُ أُوَيْقَاتِيَ الّتي سلَفَت بها

سَميريَ لو عادت أُوَيْقَاتي الَّتي


رَعى اللَّهُ أيّاماً بظِلِّ جَنابِها

سَرَقْتُ بها في غَفْلَةِ البَيْنِ لذّتي


وما دارَ هَجرُ البُعْدِ عنها بخاطري

لديها بِوَصْلِ القُرْبِ في دار هِجرتي


وقد كان عندي وصْلُها دونَ مطلَبي

فعاد بمنِّي الهَجر في القُرْبِ قُرْبتي


وكم راحةٍ لي أقْبْلَتْ حين أقْبَلَتْ

ومِن راحتي لمّا تَوَلّت تَوَلّتِ


كأنْ لم أَكُنْ منها قريباً ولم أَزَلْ

بعيداً لأيٍّ ما له مِلْتُ ملّتِ


غرامي أَقِمْ صبري انْصَرِم دمعي انسجِم

عدوي احتكم دهري انتقم حاسدي اشمتِ


ويا جلَدي بعد النّقا لستَ مُسعِدي

ويا كبِدي عَزَّ اللّقاء فتَفَتّتي


ولمّا أَبَتْ إلّا جِماحاً ودارُها

انتزاحاً وضَنّ الدّهرُ منه بأوبَةِ


تيقَّنتُ أن لا دارَ من بَعْدِ طيبةٍ

تَطيبُ وأن لا عزّةً بعد عزّةِ


سلامٌ على تلك المَعاهدِ من فتىً

على حِفْظِ عهدِ العامريّة ما فَتي


أعِدْ عند سمْعي شاديَ القوم ذِكْرَ مَنْ

بِهجْرانِها والوصلِ جادَتْ وضنَّتِ


تُضَمِّنُهُ ما قُلْتُ والسُّكْرُ مُعلِنٌ

لِسرّي وما أخْفَتْ بصَحوي سَريرَتي


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 23, 2014 3:02 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وهذه قصيدة أرج النسيم له رضي الله تعالى عنه :

أرَجُ النّسيمِ سَرَى مِنَ الزَّوراءِ

سَحَراً فَأَحيا مَيِّتَ الأَحيَاءِ


أَهدى لَنا أَرواحَ نَجدٍ عَرفُهُ

فَالجَوُّ مِنهُ مُعَنبَرُ الأَرجاءِ


وَرَوَى أحاديثَ الأَحبَّةِ مُسنِداً

عن إِذخِرٍ بأذاخِرٍ وَسِخاءِ


فسَكِرتُ مِن رَيّا حَواشي بُردِهِ

وسَرَت حُمَيّا البُرءِ في أَدوائي


يا رَاكبَ الوَجناءِ بُلِّغتَ المُنى

عُج بالحِمَى إن جُزتَ بالجَرعَاءِ


مُتَيَمِّما تَلَعاتِ وادي ضارِجٍ

مُتَيَامِناً عَن قاعَةِ الوَعسَاءِ


وإذا وصلتَ أُثَيلَ سَلعٍ فَالنَّقا

فَالرَّقمَتَينِ فلَعلَعٍ فَشَظاءِ


وكَذا عَنِ العَلَمَينِ مِن شَرقِيِّهِ

مِل عادِلاً للحِلّة الفَيحَاءِ


واقرِ السَلامَ عُرَيبَ ذَيّاكَ اللِّوَى

مِن مُغرَمٍ دَنِفٍ كثيبٍ ناء


صَبٍّ متى قَفلَ الحَجيجُ تَصاعَدَت

زفَرَاتُهُ بِتَنَفُّسِ الصُّعَداءِ


كَلَمَ السُّهَادُ جُفونَهُ فَتَبادَرَت

عَبراتُهُ مَمزوجَةً بدِماءِ


يا ساكِني البَطحاءِ هَل مِن عَودَةٍ

أَحيا بِها يا ساكِني البَطحَاءِ


إِن يَنقضي صَبري فَلَيسَ بمُنقَضٍ

وَجدي القَديمُ بكُم ولا بُرَحَائي


وَلِئِن جَفا الوَسمِيُّ ما حِلَ تُربِكُم

فمَدَامِعي تُربي على الأَنواءِ


وَاحَسرَتي ضاعَ الزَّمانُ وَلَم أَفُز

مِنكُم أُهَيلَ مَوَدَّتي بِلِقاءِ


وَمَتى يُؤَمِّلُ راحَةً مَن عُمرُهُ

يَومانِ يَومُ قِلىً ويَومُ تَناء


وحَيَاتِكُم يا أَهلَ مَكَّةَ وهيَ لي

قَسَمٌ لقد كَلِفَت بِكُم أحشائي


حُبِّيكُمُ في النَّاسِ أَضحى مَذهَبي

وهَواكُمُ دِيني وعَقدُ وَلائي


يا لائِمي في حُبِّ مَن مِن أَجلِهِ

قَد جَدَّ بي وَجدي وعَزَّ عَزائي


هَلّا نَهاكَ نُهاكَ عن لَومِ امرِىءٍ

لم يُلفَ غَيرَ مُنَعَّمٍ بِشَقَاءِ


لَو تَدرِ فيمَ عَذَلتَني لَعَذَرتَني

خَفِّض عَلَيكَ وخَلِّني وبَلائي


فلِنَازِلي سَرحِ المُرَبَّعِ فالشّبيكَةِ

فالثَّنِيَّةِ مِن شِعابِ كَداءِ


وَلِحاضِري البَيتِ الحَرامِ وعامِري

تِلكَ الخِيامِ وَزَائري الحَثمَاءِ


وَلِفِتيَةِ الحَرَمِ المَرِيعِ وجِيرَةِ

الحَيِّ المَنِيعِ تَلفُّتي وَعَنائي


فَهُمُ هُمُ صَدُّوا دَنَوا وَصَلوا جَفَوا

غَدَروا وَفَوا هَجَروا رَثوا لِضنائِي


وهُمُ عِيَاذي حيثُ لم تُغنِ الرُّقَى

وهُمُ مَلاذي إن غَدَت أَعدائي


وهُمُّ بِقَلبِي إِن تَناءَت دارُهُم

عَنِّي وَسُخطي في الهَوَى وَرِضائي


وَعَلى مَحَلِّي بَينَ ظَهرانيهِم

بِالأَخشَبَينِ أَطوفُ حَولَ حِمائي


وَعَلى اعتِناقي لِلرِّفاقِ مُسَلِّماً

عِندَ استِلامِ الرُّكنِ بالإِيماءِ


وتَذَكُّري أَجيادَ وِردي في الضُّحى

وتَهَجُّدِي في اللَّيلَةِ اللَّيلاءِ


وَعَلى مُقامي بِالمقامِ أَقامَ في

جِسمي السَّقامُ وَلاتَ حينَ شِفاءِ


عَمري وَلَو قُلِبَت بِطاحُ مَسيلِهِ

قُلُباً لِقَلبي الرَّيُّ بِالحَصباءِ


أَسعِد أُخَيَّ وغَنِّني بَحدِيثَ مَن

حَلَّ الأباطِحَ إن رَعَيتَ إخائي


وَأَعِدهُ عِندَ مَسامِعي فالرُّوحُ إِن

بَعُدَ المَدَى تَرتاحُ لِلأَنباءِ


وَإِذا أَذى ألَمٍ ألَمَّ بمُهجَتِي

فَشَذى أُعَيشَابِ الحِجازِ دَوائي


أَأُذادُ عَن عَذبِ الوُرُودِ بِأَرضِهِ

وأُحادُ عنهُ وفي نَقاهُ بَقائي


وَرُبُوعُهُ أَربَى أجَل ورَبيعُهُ

طَرَبي وصارِفُ أَزمَةِ اللَّأواءِ


وَجِبالُهُ لِيَ مَربَعٌ ورِمالُهُ

لِيَ مَرتَعٌ وظِلالُهُ أَفيائي


وترابه ندى الذكي وماؤه

وردي الروي وفي ثراه ثرائي


وشِعابُهُ ليَ جَنَّةٌ وقِبابُهُ

ليَ جُنَّةٌ وَعَلى صَفاهُ صَفَائي


حَيَّا الحَيَا تِلكَ المَنازِلَ والرُّبَى

وسَقَى الوَلِيُّ مَواطِنَ الآلاءِ


وَسَقَى المَشاعِرَ وَالمُحَصَّبَ مِن مِنىً

سَحّاً وجادَ مَواقِفَ الأَنضاءِ


وَرَعى الإِلَهُ بِها أُصَيحابي الأُلى

سامَرتُهُم بِمَجامِعِ الأَهواءِ


وَرَعى لَيالي الخَيفِ ما كَانِت سِوى

حُلُمٍ مَضَى مَعَ يَقظَةِ الإِغفاءِ


وَاهاً عَلى ذاكَ الزَّمانِ وما حَوَى

طِيبُ المكانِ بغَفلَةِ الرُّقَباءِ


أيَّامُ أرتَعُ في مَيادينِ المُنى

جَذِلاً وأرفُلُ في ذُيولِ حِباءِ


ما أعجَبَ الأيَّامَ تُوجِبُ للفَتى

مِنَحاً وتَمنَحُهُ بسَلبِ عَطاءِ


يا هَل لِماضي عَيشِنا مِن عَودَةٍ

يَوماً وَأسمَحُ بَعدَهُ بَبقائي


هَيهَاتَ خَابَ السَعيُ وَانفَصَمَت عُرى

حَبلِ المُنى وَانحَلَّ عَقدُ رَجائي


وكَفَى غَراماً أَن أَبِيتَ مُتَيَّماً

شَوقي أَماميَ وَالقَضاءُ وَرائي


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 23, 2014 5:51 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن بحر الكامل وقصيدة عدد أبياتها 26 بيت يقول ابن الفارض رضي الله تعالى عنه :

أوَميضُ بَرْقٍ بالأُبَيْرِقِ لاَحا

أم في رُبَى نجد أرى مِصباحا


أم تلكَ ليلى العامريّةُ أَسْفَرَتْ

ليْلاً فصيّرَتِ المساءَ صباحا


يا راكِبَ الوجْناء وُقّيتَ الرّدى

إن جُبتَ حَزْناً أو طوَيتَ بِطاحا


وسَلَكْتَ نُعمانَ الأراكِ فعُجْ إلى

وادٍ هُناكَ عَهدْتهُ فَيّاحا


فبأيْمَنِ العلمَيْنِ مِن شرقيّه

عَرّجْ وأُمَّ أرينَهُ الفوّاحا


وإذا وصلْتَ إلى ثَنِيّاتِ اللّوَى

فانْشُدْ فؤاداً بالأُبَيْطح طاحا


واقْرِ السّلامَ أُهَلْيَهُ عَنّي وقُل

غادرْتُهُ لِجَنابِكُمْ مُلْتاحا


يا ساكني نَجدٍ أما مِنْ رحمَةٍ

لأسيرِ إلْفٍ لا يُريدُ سَراحا


هَلّا بَعَثْتُمْ لِلمَشُوقِ تحيّةً

في طَيّ صافِيَةِ الرّيَاحِ رَواحا


يحْيا بها مَن كانَ يحسَب هَجرَكُمْ

مَزْحاً ويعتقِدُ المِزَاحَ مِزاحا


يا عاذِلَ المُشْتَاقِ جَهْلاً بالَّذي

يَلْقَى مَلِيّاً لا بَلَغتَ نجاحا


أتْعَبتَ نفسَكَ في نصيحَة مَن يَرى

أنْ لا يرى الإِقبالَ والإِفلاحا


أقْصِر عدِمْتُك واطّرح من أثخنتْ

أحشاءَهُ النُّجلُ العُيونُ جِراحا


كنتَ الصديقَ قبيلَ نُصْحِكَ مُغْرَماً

أرأيتَ صَبّاً يألَفُ النُّصّاحا


إنْ رُمْتَ إصْلاَحِي فإنّي لم أُرِدْ

لفَسَادِ قَلبي في الهوَى إصلاحا


ماذا يُريدُ العاذلونَ بعَذْلِ مَنْ

لَبِسَ الخَلاعَة واستراحَ وراحا


يا أهلَ وِدّي هل لراجي وَصْلِكُمْ

طَمَعٌ فيَنعَمَ بالُهُ استِرْوَاحا


مُذْ غِبْتُمُ عن ناظِري ليَ أنّةٌ

ملأتْ نواحي أرضِ مِصْرَ نُواحا


وإذا ذكَرْتُكُمُ أميلُ كأنّني

مِن طيبِ ذِكْرِكُمُ سقيتُ الرّاحا


وإذا دُعيت إلى تناسي عهدِكُمْ

ألْفَيتُ أحشائي بذاكَ شِحاحا


سَقياً لأيّامٍ مَضَتْ مع جيرَةٍ

كانتْ لَيالينا بهِمْ أفراحا


حيثُ الحِمى وطَني وسُكّانُ الغَضا

سَكَنِي ووِردي الماء فيه مُباحا


وأُهَيْلُهُ أَرَبي وظِلُّ نَخيلِهِ

طَرَبي ورَمْلَةُ وادِيَيْهِ مَراحا


وَاهاً على ذاكَ الزَّمانِ وطيبِهِ

أيّامَ كُنتُ من اللُّغوبِ مُراحا


قَسماً بمكَّةَ والمقامِ ومَن أتَى

البيتَ الحرامَ مُلَبّياً سَيّاحا


ما رنَّحَتْ ريحُ الصَّبا شِيحَ الرُّبى

إلّا وأهْدَتْ منكُمُ أرواحا


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 23, 2014 8:43 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ويقول سيدي ابن الفارض محترقاً في محبته متشوقاً :

ما بَيْنَ ضَالِ المُنْحَنى وظِلاَلِه

ضَلّ المُتَيَّمُ واهتدى بضلالِهِ


وبذلِكَ الشِّعبِ اليَماني مُنْيةٌ

للصبّ قد بَعُدَتْ على آمالِهِ


يا صاحبي هذا العقيقُ فقِفْ به

مُتَوالِهاً إن كُنْتَ لستَ بوالِه


وانظُرْهُ عنّي إنّ طرْفي عاقني

إرسالُ دمعي فيه عن إرْساله


واسْأَلْ غزالَ كِنَاسِهِ هل عندهُ

عِلْمٌ بقَلبي في هواهُ وحاله


وأظُنّهُ لم يدْرِ ذُلّ صَبابتي

إذ ظَلّ مُلْتَهِياً بعِزّ جَماله


تَفْدِيهِ مُهْجَتيَ التي تلِفَتْ ولا

مَنٌّ عليه لأنّها مِنْ ماله


أَتُرى درى أنّي أحِنّ لهَجْرِهِ

إذ كنتُ مُشْتَاقاً لهُ كوِصاله


وأَبِيتُ سَهراناً أُمَثّلُ طَيفَه

للطّرْف كي ألقى خَيالَ خَياله


لا ذُقْتُ يوماً راحةً من عاذلٍ

إنْ كنتُ مِلْتُ لقِيلهِ ولِقاله


فَوَحَقّ طيبِ رضَى الحبيب ووَصلِهِ

ما مَلّ قلبي حُبّهُ لمَلاله


واهاً إلى ماء العُذَيْب وكيفَ لي

بحَشَايَ لو يُطْفَى بِبَرْدِ زُلاله


ولقدْ يَجِلّ عن اشتياقي ماؤه

شَرَفاً فَوَاظَمِئي لِلامعِ آله


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 25, 2014 3:55 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ويقول سيدي ابن الفارض رضي الله تعالى عنه أيضاً :

هل نارُ ليلى بدَتْ ليَلاً بذي سَلَمِ

أمْ بارقٌ لاح في الزوراء فالعَلَمِ


أرْواحَ نَعمانَ هَلاّ نَسمةٌ سَحَراً

وماءَ وَجرةَ هَلاَّ نهْلة بفَمِ


يا سائق الظعّنِ يَطوي البيدَ مُعتسِفاً

طَيَّ السّجلّ بذاتِ الشّيح من إضَم


عُجْ بالحِمى يا رَعاكَ اللهُ مُعْتَمِداً

خميلةَ الضّالِ ذاتَ الرّندِ والخُزُم


وقِفْ بسلعٍ وسل بالجزع هل مُطِرَت

بالرّقْمَتَيْنِ أُثَيْلات بمُنْسَجِم


ناشدتُكَ اللهَ إن جُزْتَ العَقِيقَ ضُحىً

فاقْرَ السّلاَمَ عليهِمْ غيرَ مُحْتَشِم


وقُلْ تَركْتُ صريعاً في دِيَارِكُمُ

حيّاً كمَيْتٍ يُعيرُ السُّقْمَ للسّقَمِ


فَمِنْ فؤادي لَهيبٌ ناب عن قَبَسٍ

ومِن جفونيَ دَمْعٌ فاض كالدّيَم


وهذه سُنَّةُ العُشّاقِ ما علِقوا

بِشَادِنٍ فخَلاَ عُضْو من الألَم


يا لائِماً لاَمَني في حبّهِمْ سفَهاً

كُفّ الملامَ فلوْ أحبَبْتَ لم تَلُم


وحُرْمَةِ الوصْلِ والوِدّ العتيق

وبالعَهْدِ الوَثيق وما قد كان في القِدَم


ما حُلْتُ عنهمْ بسُلْوَانٍ ولا بَدَلٍ

ليسَ التبدُّلُ والسُّلوانُ من شِيَمي


رُدّوا الرّقاد لِجَفني علَّ طَيْفَكُمُ

بمضجعي زائر في غفلةِ الحُلُمِ


آهاً لاِيّامِنا بالخَيف لو بَقِيَتْ

عَشْراً وواهاً عليها كيف لم تَدُمِ


هيهاتِ وا أسَفي لو كان ينفعُني

أو كانَ يُجدي على ما فاتَ وانَدَمي


عنّي إليكُمْ ظِبَاءَ المُنْحَنَى كرَماً

عهِدْتُ طَرْفِيَ لم يَنْظرْ لغَيْرِهم


طَوعاً لقاضٍ أتَى في حُكْمِهِ عَجَباً

أَفْتى بسَفْكِ دمي في الحِلِّ والحَرَمِ


أَصَمَّ لم يسمَعِ الشكوى وأبكَمَ لم

يُحِر جواباً وعن حالِ المَشوقِ عمي


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة يوليو 25, 2014 8:13 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ويقول سيدي ابن الفارض رضي الله تعالى عنه أيضاً :

خفِّفِ السَّيرَ واتّئِدْ يا حادي

إنَّما أنتَ سائقٌ بفؤادي


ما تَرَى العيْسَ بينَ سَوْقٍ وشَوْقٍ

لِربيعِ الرُّبوعِ غَرْثَى صَوادي


لمْ تُبقِّي لها المهامِهُ جسماً

غيرَ جِلْدٍ على عِظامٍ بَوادِ


وتَحفَّتْ أخْفافُها فَهِيَ تَمْشي

من وَجَاها في مِثلِ جمرِ الرَّمادِ


وبَراها الوَنى فَحّلَّ بُراها

خَلّها تَرْتَوي ثِمادَ الوِهادِ


شفَّها الوَجدُ إن عدِمتَ رِوَاهَا

فاسقِها الوَخدَ من جِفارِ المَهَادِ


واستبقِهَا واستبقِهَا فهيَ ممَّا

تَتَرامى بِهِ إلى خيرِ وادِ


عَمْرَكَ اللَّهَ إنْ مَرَرّتَ بوادي

يَنْبُعٍ فالدّهنْا فَبَدْرٍ غادي


وسَلَكْتَ النّقا فَأودانَ ودّان

إلى رابِغِ الرَّوِيِّ الثّمادِ


وقَطَعْتَ الحِرارَ عَمداً لِخيماتِ

قُدَيْدٍ مواطِنِ الأمجادِ


وتَدانَيتَ مِن خُليصٍ فَعَسْفانِ

فمرِّ الَّظهرانِ مُلقَى البوادي


ووَرَدتَ الجَمومُ فالقَصرَ

فالدّكْـناء طُرّاً مَناهِلَ الورِادِ


وأتيتَ التَّنعيمَ فالزَّاهرَ الزَّا هرَ

نوراً إلى ذُرَى الأطوَادِ


وعبرتَ الحجونَ واجتزْتَ فاخترْتَ

ازْدياراً مشاهدَ الأوتادِ


وبلغتَ الخيامَ فابلِغْ سلامي

عنْ حفاظٍ عُريبَ ذاكَ النَّادي


وتَلَطّفْ واذْكُرْ لَهُمْ بَعْضَ ما بي

من غرامٍ ما إنْ لهُ منْ نفادِ


يا أخلايَ هلْ يعودُ التَّداني

منكُمُ بالحمَى بعودِ رُقادِي


ما أمَرَ الفِراقِ يا جِيرَة َ الحـيِّ

وأحلَى التّلاقِ بَعْدَ انْفِرادِ


كيفَ يلتذُّ بالحياة ِ معنًّى

بَينَ أحْشائِهِ كَوَرْيِ الزِّنادِ


عُمْرُهُ واصْطِبارُهُ في انْتِقاصٍ

وجَواهُ ووَجْدُهُ في ازْديادِ


في قُرَى مِصْرَ جِسْمُهُ والأُصَيحابُ

شآما والقلبُ في أجيادِ


إن تعُدْ وَقفة ٌ فُويقَ الصُّحيراتِ

رَواحاً سَعِدْتُ بعْدَ بعادي


يا رَعى اللَّهُ يَومَنا بالمُصَلَّى

حيثُ نُدعى إلى سبيلِ الرَّشادِ


وِقبابُ الرِّكابِ بينَ الغليميـنِ

سِراعاً لِلْمأزِمَينِ غوَادي


وسقَى جمعنَا بجمعٍ مُلثاً

ولييلات الخيف صوب عهاد


مَنْ تَمنّى مالاً وَحُسْنَ مَآلٍ

فَمُنائي مِنًى وأقصَى مُرادي


يا أُهيلَ الحجازِ إن حكمَ الدَّهـرُ

ببَينٍ قَضَاءَ حَتْمٍ إرَادي


فغرامِي القديمُ فيكمْ غرامي

وَوِدادي كَما عَهِدْتُمْ وِدادي


قدْ سكنتمْ منَ الفؤادِ سُويداًهُ

وَمِنْ مُقلَتي سَوَاءَ السّوَادِ


يا سميري روِّحْ بمكَّة رُوحي

شادِياً إنْ رَغِبتَ في إسْعادي


فذُراها سِربي وَطيبى ثراهَا

وسبيلُ المسيلِ وِردي وزادي


كانَ فيها أُنسِي ومعراجُ قُدسي

وَمَقامي المَقامُ والفَتحَ بادِ


نقلتني عنها الحظوظُ فجذًتْ

واردَاتي ولم تُدمْ أورادي


آهِ لَوْ يَسْمَحُ الزَّمانُ بعَوْدٍ

فَعَسَى أنْ تَعُودَ لي أعْيَادي


قَسَماً بالحَطيمِ والرّكْنِ والأسْـتَارِ

والمَرْوَتَينِ مَسْعَى العِبادِ


وظلالِ الجنابِ والحِجرِ والمِيـزابِ

والمستجابِ للقصَّادِ


ما شَمِمْتُ البَشامَ إلاّ وأهْدى

لفؤادي تحيَّة ً من سعادِ


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 26, 2014 3:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن روائع ما قال سيدي ابن الفارض قدس الله سره :

هُوَ الحُبّ فاسلمْ بالحشا ما الهَوَى سَهْلُ

فَما اختارَهُ مُضْنًى بهِ ولهُ عَقْلُ


وعِشْ خالياً فالحبُّ راحتُهُ عناً

وأوّلُهُ سُقْمٌ وآخِرُهُ قَتْلُ


ولكنْ لديَّ الموتُ فيه صبابة

حَياة ٌلمَن أهوَى عليّ بها الفَضْلُ


نصحتُكَ علماً بالهوى والَّذي أرَى

مُخالفتي فاخترْ لنفسكَ ما يحلو


فإنْ شِئتَ أنْ تحيا سَعيداً فَمُتْ بهِ

شَهيداً وإلاّ فالغرامُ لَهُ أهْلُ


فَمَنْ لم يَمُتْ في حُبّهِ لم يَعِشْ بهِ

ودونَ اجتِناءَ النّحلِ ما جنتِ النّحلُ


تمسّكْ بأذيالِ الهوى واخلعْ الحيا

وخلِّ سبيلَ النَّاسكينَ وإنْ جلُّوا


وقلْ لقتيلِ الحبِّ وفَّيتَ حقَّهُ

وللمدَّعي هيهاتَ ما الكحلُ الكحلُ


تعرّضَ قومٌ للغرامِ وأعرضوا

بجانبهمْ عنْ صحّتي فيهِ واعتلُّوا


رَضُوا بالأماني وَابتُلوا بحُظوظِهِم

وخاضوا بحارَ الحبّ دعوَى فما ابتلّوا


فَهُمْ في السّرى لم يَبْرَحوا من مكانهم

وما ظَعنوا في السّيرِ عنه وقد كَلّوا


عن مَذهَبي لمّا استَحَبّوا العمى على

الـهُدى حَسَداً من عِندِ أنفُسِهم ضَلّوا


أحبَّة َ قلبي والمحبَّة ُ شافعي

لدَيكُمْ إذا شِئتُمْ بها اتّصَل الحبلُ


عسَى عَطفَة ٌمنكُمْ عَليّ بنَظرَة ٍ

فقدْ تعبتْ بيني وبينكمُ الرُّسلُ


أحبَّايَ أنتمْ أحسنَ الدَّهرُ أمْ أسا

فكونوا كما شئتمْ أنا ذلكَ الخلُّ


إذا كانَ حَظّي الهَجرَ منكم ولم يكن

بِعادٌ فذاكَ الهجرُ عندي هوَ الوَصْل


وما الصّدّ إلاّ الوُدّ ما لم يكنْ قِلًى

وأصعبُ شئٍ غيرَ إعراضكمْ سهلُ


وتعذيبكمْ عذبٌ لديَّ وجوركمْ

عليَّ بما يقضي الهوى لكمُ عدلُ


وصبري صبرٌ عنكمْ وعليكمْ

أرى أبداً عندي مرارتهُ تحلو


أخذتمْ فؤادي وهوَ بعضي فما الَّذي

يَضَرّكُمُ لو كانَ عِندَكَمُ الكُلّ


نأيتمْ فغيرَ الدَّمعِ لمْ أرَ وافياً

سوى زفرة ٍ منْ حرِّ نارِ الجوى تغلو


فسهديَ حيٌّ في جفوني مخلَّدٌ

ونومي بها ميتٌ ودمعي لهُ غسلُ


هوى ً طلَّ ما بينَ الطُّلولِ دمي فمنْ

جُفوني جرى بالسّفحِ من سَفحِه وَبلُ


تبالَهَ قومي إذ رأوني مُتَيّماً

وقالوا بمنْ هذا الفتى مسَّهُ الخبلُ


وماذا عسى عنِّي يقالُ سوى غدا

بنعمٍ لهُ شغلٌ نعمْ لي لها شغلُ


وقالَ نِساءُ الحَيّ عَنّا بذكرِ مَنْ

جفانا وبعدَ العزِّ لذَّلهُ الذلُّ


إذا أنعَمَتْ نُعْمٌ عليّ بنَظرة ٍ

فلا أسعدتْ سعدي ولا أجملتْ جملُ


وقد صَدِئَتْ عَيني بُرؤية ِغَيرِها

ولَثمُ جُفوني تُربَها للصَّدا يجلو


وقدْ علموا أنِّي قتيلُ لحاظها

فإنَّ لها في كلِّ جارحة نصلُ


حَديثي قَديمٌ في هواها ومالَهُ

كما علمتْ بعدٌ وليسَ لها قبلُ


وما ليَ مِثلٌ في غَرامي بها كمَا

غدت فتنة في حسنها ما لها مثل


حرامٌ شفا سقمي لديها رضيتُ ما

بهِ قسمتْ لي في الهوى ودمي حلُّ


فحالي وإنْ ساءَتْ فقد حَسُنَتْ بهِ

وما حطّ قدري في هواها به أعْلو


وعنوانُ ما فيها لقيتُ وما بهِ

شقيتُ وفي قولي اختصرتُ ولمْ أغلُ


خفيتُ ضنى ًحتَّى لقدْ ضلَّ عائدي

وكيفَ تَرى العُوّادُ مَن لا له ظِلّ


وما عثرَتْ عَينٌ على أثَري ولم

تدعْ لي رسماً في الهوى الأعينُ النُّجلُ


ولي همَّة ٌ تعلو إذا ما ذكرتها

وروحٌ بذِكراها إذا رَخُصَتْ تغلُو


جَرَى حُبُّها مَجَرى دمي في مَفاصلي

فأصبَحَ لي عن كلّ شُغلٍ بها شغلُ


فنافِس ببَذلِ النَّفسِ فيها أخا الهوَى

فإن قبلتها منكَ يا حبَّذا البذلُ


فمَن لم يجُدْ في حُبِّ نُعْمٍ بنفسِه

ولو جادَ بالدّنيا إليهِ انتهَى البُخلُ


ولولا مراعاة ُالصِّيانة ِغيرة ً

ولو كثروا أهل الصَّبابة ِأو قلُّوا


لقُلتُ لِعُشّاقِ الملاحة أقبِلوا

إليها على رأيي وعن غيرِها ولّوا


وإنْ ذكرتْ يوماً فخرُّوا لذكرها

سجوداً وإنْ لاحتْ إلى وجهها صلُّوا


وفي حبّها بِعتُ السّعادة َ بالشّقا

ضلالاً وعقلي عنْ هدايَ بهِ عقلُ


وقُلتُ لرُشْدي والتّنَسكِ والتّقَى

تخَلَّوا وما بَيني وبَينَ الهوَى خَلّوا


وفرغتُ قلبي عنْ وجودي مخلصاً

لَعَلّيَ في شُغلي بها مَعَها أخلو


ومِن أجلِها أسعى لِمَنْ بَينَنا سَعى

وأعدو ولا أغدو لمنْ دأبهُ العذلُ


فأرتاحُ للواشينَ بيني وبينها

لتَعْلَمَ ماألقَى وما عندَها جَهلُ


وأصبو إلى العذّال حُبّاً لذكرِها

كأنّهُمُ ما بينَنا في الهوى رُسلُ


فـإن حـدثوا عـنها فكلي مـسامع

وكُلّيَ إن حَدّثتُهُمْ ألسُنٌ تَتلو


تَخالَفَتِ الأقوالُ فينا تبايُناً

برَجْمِ ظُنونٍ بَينَنا ما لها أصلُ


فشَنّعَ قومٌ بالوِصالِ ولم تَصِل

وأرجفَ بالسِّلوانِ قومٌ ولمْ أسلُ


فما صدَّقَ التَّشنيعُ عنها لشقوتي

وقد كذبَتْ عني الأراجيفُ والنّقْلُ


وكيفَ أرجّي وَصْلَ مَنْ لو تَصَوّرَتْ

حماها المنى وهماً لضاقتْ بها السُّبلُ


وإن وَعدَتْ لم يَلحَقِ الفِعلُ قَوْلها

وإنْ أوعدتْ فالقولُ يسبقهُ الفعلُ


عِديني بِوَصلٍ وامطُلي بِنَجازِهِ

فعندي إذا صحَّ الهوى حسنَ المطلُ


وَحُرْمة ِعَهْدٍ بينَنا عنه لم أحُلْ

وعَقـدٍ بأيدٍ بينَنا ما له حَلُ


لأنتِ على غَيظِ النّوى ورِضَى الهَوَى

لديَّ وقلبي ساعة ً منكِ ما يخلو


ترى مقلتي يوماً ترى منْ أحبُّهمْ

ويَعتِبُني دَهْري ويَجتمِعُ الشَّملُ


وما برحوا معنى ًأراهمْ معي فإنْ

نأوا صورة ًفي الذِّهنِ قامَ لهمْ شكلُ


فهمْ نصبَ عيني ظاهراً حيثما سروا

وهمْ في فؤادي باطناً أينما حلُّوا


لهمْ أبداً منِّي حنوٌّ وإنْ جفوا

ولي أبداً ميلٌ إلَيهِمْ وإنْ مَلّوا


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يوليو 26, 2014 8:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن روائع ما قال سيدي ابن الفارض قدس الله سره :

شَـرِبْنَا عـلى ذكْـرِ الحبيبِ مُدامَةً

سـكِرْنَا بها من قبل أن يُخلق الكَرْمُ


لـها البدرُ كأسٌ وهيَ شمسٌ يُدِيرُهَا

هـلالٌ وكـم يـبدو إذا مُزِجَتْ نَجم


ولـولا شـذَاها مـا اهتدَيتُ لِحانِها

ولـولا سَـناها مـا تصَوّرها الوَهْمُ


ولـم يُـبْقِ منها الدّهْرُ غيرَ حُشاشَةٍ

كـأنّ خَـفاها في صُدور النُّهى كتْم


فـإن ذُكـرَتْ في الحَيّ أصبحَ أهلُهُ

نَـشاوى ولا عـارٌ عـليهمْ ولا إثم


ومِـنْ بـينِ أحشاء الدّنانِ تصاعدتْ

ولـم يَـبْقَ منها في الحقيقة إلاّ اسمُ


وإن خَطَرَتْ يوماً على خاطرِ امرئِ

أقـامتْ بـه الأفـراحُ وارتحلَ الهمّ


ولـو نَـظَرَ الـنُّدْمَانُ خَـتمَ إنائِها

لأسـكَرَهُمْ مـن دونِـها ذلكَ الختم


ولـو نَـضحوا منها ثرَى قبرِ مَيّتٍ

لـعادتْ اليه الرّوحُ وانتَعَشَ الجسم


ولـو طَرَحُوا في فَيءِ حائطِ كَرْمِها

عـليلاً وقـد أشـفى لـفَارَقَهُ السّقم


ولـو قَـرّبُوا من حانِها مُقْعَداً مشَى

وتـنطِقُ مـن ذِكْـرَى مذاقتِها البُكْم


ولـو عَبِقَتْ في الشرق أنفاسُ طِيبِها

وفـي الـغربِ مزكومٌ لعادَ لهُ الشَّمُّ


ولـو خُضِبت من كأسِها كفُّ لامسٍ

لـمَا ضَـلّ فـي لَيْلٍ وفي يَدِهِ النجم


ولـو جُـليتْ سِـرّاً على أَكمَهٍ غَدا

بَـصيراً ومن راووقِها تَسْمَعُ الصّم


ولـو أنّ رَكْـباً يَمّموا تُرْبَ أرْضِهَا

وفـي الرّكبِ ملسوعٌ لمَا ضرّهُ السّمّ


ولو رَسَمَ الرّاقي حُرُوفَ اسمِها على

جَـبينِ مُـصابٍ جُـنّ أبْرَأهُ الرسم


وفـوْقَ لِـواء الجيشِ لو رُقِمَ اسمُها

لأسـكَرَ مَـنْ تحتَ اللّوا ذلك الرّقْم


تُـهَذّبُ أخـلاقَ الـنّدامى فـيّهْتَدي

بـها لـطريقِ العزمِ مَن لا لهُ عَزْم


ويـكرُمُ مَـن لـم يَعْرِف الجودَ كَفُّه

ويـحلُمُ عـند الـغيظ مَن لا لهُ حِلم


ولـو نـالَ فَـدْمُ الـقومِ لَثْمَ فِدَامِها

لأكْـسـبَهُ مَـعنى شـمائِلها الـلّثْم


يـقولونَ لـي صِفْهَا فأنتَ بوَصفها

خـبيرٌ أَجَـلْ عِندي بأوصافها عِلم


صـفاءٌ ولا مـاءٌ ولُـطْفٌ ولا هَواً

ونـورٌ ولا نـارٌ وروحٌ ولا جِـسْمٌ


تَـقَـدّمَ كُــلَّ الـكائناتِ حـديثُها

قـديماً ولا شـكلٌ هـناك ولا رَسم


وقـامت بـها الأشـياءُ ثَـمّ لحكمَةٍ

بـها احتَجَبَتْ عن كلّ من لا له فَهْمُ


وهامتْ بها روحي بحيثُ تمازَجا

اتِّـحـاداً ولا جِـرْمٌ تَـخَلّلَه جِـرْم


فَـخَـمْر ولا كـرْم وآدَمُ لـي أب

وكَـرْم ولا خَـمْر ولـي أُمُّـها أُمّ


ولُـطْفُ الأوانـي في الحقيقة تابع

لِـلُطْفِ الـمعاني والمَعاني بها تَنْمُو


وقـد وَقَـعَ الـتفريقُ والـكُلّ واحد

فـأرواحُنا خَـمْرٌ وأشـباحُنا كَـرْم


ولا قـبلَها قـبل ولا بَـعْدَ بَـعْدَهَا

وقَـبْليُّة الأبْـعادِ فـهْي لـها حَـتْم


وعَصْرُ المَدى من قَبله كان عصرَها

وعـهْدُ أبـينا بَـعدَها ولـها الـيُتم


مـحاسِنُ تَـهدي المادِحينَ لوَصْفِهَا

فَـيَحْسُنُ فـيها مـنهُمُ النّثرُ والنّظم


ويَـطْرَبُ مَـن لم يَدْرِهَا عند ذِكْرِهَا

كَـمُشْتَاقِ نُـعْمٍ كـلّما ذُكـرَتْ نُعم


وقـالوا شَـرِبْتَ الإِثـمَ كـلاّ وإنّما

شـرِبْتُ التي في تركِها عنديَ الإِثم


هـنيئاً لأهـلِ الدّيرِ كمْ سكِروا بها

ومـا شـربوا مـنها ولـكِنّهم هَمّوا


وعـنديَ مـنها نَـشْوَةٌ قبلَ نشأتي

مـعي أبـداً تـبقى وإنْ بَليَ العَظْم


عـليكَ بها صِرْفاً وإن شئتَ مَزْجَها

فَـعَدْلُكَ عـن ظَلْم الحبيب هو الظُّلم


فَـدُونَكَهَا فـي الـحانِ واستَجْلها به

عـلى نَـغَمِ الألـحان فهيَ بها غُنْمُ


فـما سـكنَتْ والـهمَّ يوماً بموضع

كـذلك لـم يـسكُنْ مـع النَّغَم الغَم


وفـي سـكرةٍ منها ولَوْ عُمْرَ ساعةٍ

تَـرَى الدَّهْرَ عبداً طائعاً ولك الحُكْم


فلا عَيْشَ في الدُّنْيا لمَن عاشَ صاحياً

ومَـن لم يَمُتْ سُكْراً بها فاته الحزم


عـلى نـفسه فليَبْكِ مَن ضاع عُمْرُهُ

ولـيسَ لـهُ فـيها نَصيبٌ ولا سهمُ


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 27, 2014 5:10 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
وهذه القصيدة الجيمية له رضي الله تعالى عنه :

ما بينَ مُعْتَرَكِ الأحداقِ والمُهَجِ

أنا القَتيلُ بلا إثْمٍ ولا حَرَجِ


ودَّعْتُ قبلَ الهَوى رُوحي لما نَظَرَتْ

عيناي منْ حسنِ ذاكَ المنظرِ البهجِ


لِلّهِ أجفانُ عينٍ فيكَ ساهِرَة ٍ

شَوْقاً إليكَ وقَلْبٌ بالغَرامِ شَجِ


وأضْلُعٌ نَحِلَتْ كادتْ تُقَوِّمُها

مِنَ الجَوى كبِدي الحرّى مِنَ العَوَجِ


وأدمعٌ هملتْ لولا التَّنفسُ منْ

نارِ الهَوى لمْ أكَدِ أنجو منَ اللُّجَجِ


وحبَّذا فيكَ أسقامُ خَفيتُ بها

عنّي تَقومُ بها عِنْدَ الهَوى حُجَجي


أصبحتُ فيكَ كما أمسيتُ مكتئباً

ولَمْ أقُلْ جَزَعاً يا أزْمَة انْفَرِجي


أهفو إلى كلِّ قلبٍ بالغرامِ لهُ

شغلٌ وكلِّ لسانٍ بالهوى لهجِ


وكُلِّ سَمْعٍ عنِ اللاحي بهِ صَمَمٌ

وكلِّ جفنٍ إلى الإغفاءِ لمْ يعجِ


لا كانَ وجدٌ بهِ الآماقُ جامدة

ولا غَرامٌ بهِ الأشْواقُ لمْ تَهِجِ


عذِّبْ بما شئتَ غيرَ البعدِ عنكَ تجدْ

أوفى مُحِبٍ بما يُرْضيكَ مُبْتَهِجِ


وخذْ بقيَّة َما أبقيتَ منْ رمقٍ

لا خيرَ في الحبِّ إنْ أبقى على المهجِ


منْ لي باتلافِ روحي في هوى رشأ

حلوِ الشَّمائلِ بالأرواحِ ممتزجِ


منْ ماتَ فيهِ غراماً عاشَ مرتقياً

ما بينَ أهلِ الهوى في أرفعِ الدَّرجِ


محجَّبٌ لوْ سرى في مثلِ طرَّتهِ

أغنتهُ غرَّتهُ الغرَّا عنِ السُّرجِ


وإنْ ضَلِلْتُ بليلٍ من ذوائِبِهِ

أهدى لِعيني الهدى صُبْحٌ منَ البَلَجِ


وإنْ تنفَّسَ قالَ المسكُ معترفاً

لعار في طيبهِ منْ نشرهِ أرجى


أعوامُ إقبالهِ كاليومِ في قصرٍ

ويومُ إعراضهِ في الطّولِ كالحججِ


فإنْ نأى سائراً يا مهجتي ارتحلي

وإنْ دنا زائراً يا مقلتي ابتهجي


قُلْ للذي لامني فيهِ وعنّفَني

دعني وشأني وعدْ عنْ نصحكَ السَّمجِ


فاللّوْمُ لُؤمٌ ولم يُمدَحْ بهِ أحدٌ

وهل رأيتَ مُحِبّاً بالغرَامِ هُجي


يا ساكِنَ القَلبِ لاتَنظُرْ إلى سكَني

وارْبَحْ فؤادَكَ واحذَرْ فتنة الدّعجِ


يا صاحبي وأنا البَرّ الرّؤوفُ وقد

بذلتُ نصحي بذاكَ الحيِّ لا تعجِ


فيهِ خلعتُ عذاري واطَّرحتُ بهِ

قَبولَ نُسكيَ والمَقبولَ من حِججي


وابيضّ وَجهُ غَرامي في مَحَبّتِهِ

واسودَّ وجهُ ملامي فيهِ بالحججِ


تَبارَكَ اللّهُ ما أحلَى شَمَائِلَهُ

فكمْ أماتتْ وأحيتْ فيهِ منْ مهجِ


يهوى لذكرِ اسمهِ منْ لجَّ في عذلي

سمعي وإنْ كانَ عذلي فيهِ لمْ يلجِ


وأرْحَمُ البرقَ في مَسراهُ، مُنتَسِباً

لِثَغْرِهِ وهَوَ مُستحْيٍ من الفَلَجِ


تراهُ إنْ غابَ عنِّي كلُّ جارحة ٍ

في كلّ مَعنى ًلطيفٍ رائقٍ بهِجِ


في نغمة ِالعودِ والنَّايِ الرَّخيمِ إذا

تألَّقا بينَ ألحانٍ منَ الهزجِ


وفي مَسارِحِ غِزلانِ الخَمائِلِ في

بردِ الأصائلِ والإصباحِ في البلجِ


وفي مَساقِطِ أنداءِ الغَمامِ على

بِساطِ نَوْرٍ من الأزهارِ مُنْتَسِجِ


وفي مَساحِبِ أذيالِ النّسيمِ إذا

أهْدى إليّ سُحيراً أطيبَ الأرَجِ


وفي الْتِثاميَ ثَغْرَ الكاسِ مُرْتَشِفاً

رِيقَ المُدامَة ِفي مُستَنْزَهٍ فَرِجِ


لم أدرِ ما غُربَة ُالأوطانِ وهو معي

وخاطِري أينَ كَنّا غَيرُ مُنْزَعِجِ


فالدَّارُ داري وحبِّيَ حاضرٌ ومتى

بدا فمنعرجُ الجرعاءِ منعرجي


ليهنَ ركبٌ سروا ليلاً وأنتَ بهمْ

بسيرهمْ في صباحٍ منكَ منبلجِ


فليَصنعِ الرّكبُ ما شاؤوا بأنْفُسِهم

هُمْ أهلُ بدرٍ فلا يَخشونَ من حَرجِ


يَحقّ عِصياني اللاحي عليكَ وما

بأضْلُعي طاعة ًللوَجْدِ مِن وَهَجِ


أنظرْ إلى كبدٍ ذابتْ عليكَ جوى

ومقلة ٍمنْ نجيع الدَّمعِ في لججِ


وارحمْ تعثرَ آمالي ومرتجعي

إلى خِداعِ تَمنّي الوَعْدِ بالفَرَجِ


واعطِفْ على ذُلّ أطماعي بهَلْ وعسَى

وامننْ عليَّ بشرحِ الصَّدرِ منْ حرجِ


أهلاً بما لمْ أكنْ أهلاً لموقعهِ

قولِ المبشِّرِ بعدَ اليأًسِ بالفرجِ


لكَ البشارة ُ فاخلعْ ما عليكَ فقدْ

ذكرتَ ثمَّ على ما فيكَ منْ عوجِ


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يوليو 27, 2014 9:34 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن روائع ما قال رضي الله تعالى عنه :

إحفَظْ فُؤادَكَ إن مَرَرْتَ بحاجِرِ

فظباؤهُ منها الظُّبي بمحاجرِ


فالقَلْبُ فيهِ واجِبٌ مِن جائِزٍ

إنْ ينجُ كان مخاطراً بالخاطرِ


وعلى الكَثَيبِ الفَردِ حَيٌّ دونَهُ

الْـآسادُ صَرْعى مِن عُيونِ جآذِرِ


أحببْ بأسمرَ صينَ فيهِ بأبيضٍ

أجفانُهُ منّي مكانَ سرائري


ومُمْنّعٍ ما إن لنا مِن وَصلِهِ

إلا توهُّمُ زورِ طيفٍ زائرِ


للماءِ عدتُ ظمى كأصدى واردٍ

مُنِعَ الفُراتَ وكُنتُ أروَى صادِرِ


خيرَ الأُصَيحابِ الّذي هُوَ آمِري

بالغيّ فيهِ وعنْ رشادي زاجري


لوْ قيلَ لي ماذا تحبُّ وما الَّذي

تَهواهُ مِنهُ لَقُلْتٌ ما هُوَ آمِري


ولقدْ أقولُ لِلائمي في حُبِّهِ

لمّا رأهُ بُعيدَ وَصلي هاجِرِي


عنِّي إليكَ فلي حشاً لمْ يثنها

هجرُ الحديثِ ولا حديثُ الهاجرِ


لكنْ وَجَدْتكَ مِن طريقٍ نافِعي

وبلذعِ عذلي لوْ أطعتكَ ضائري


أحسنتَ لي منْ حيثُ لا تدري وإنْ

كنتَ المسئَ فأنتَ أعدلُ جائرِ


يدني الحبيبَ وإنْ تناءتْ دارهُ

طيفُ الملامِ لطرفِ سمعي السَّاهرِ


فكأنّ عذْلَكَ عيسُ مَن أحبَبْتُهُ

قَدِمَتْ عليَّ وكانَ سمعي ناظِري


أتعبتَ نفسكَ واسترحتَ بذكرهِ

حتّى حسِبْتُكَ في الصبابَة ِعاذِريِ


فاعجَبْ لِهاجٍ مادِحٍ عُذّالَهُ في

حبِّهِ بلسانِ شاكٍ شاكرِ


يا سائراً بالقلبِ غدراً كيفَ لمْ

تُتْبِعَهُ ما غادَرْتَهُ مِن سائرِي؟


بعضي يغارُ عليكَ منْ بعضي

ويحْـسُدُ باطِني إذْ أنتَ فيهِ ظاهِري


ويَودُّ طَرفي إن ُّذكِرْتَ بِمَجلِسٍ

لوْ عادَ سمعاً مصغياً لمسامري


متعوِّداً إنجازهُ متوعِّداً

أبَداً ويَمْطُلُني بِوَعدٍ نادِرِ


ولبُعْدِهِ اسوَدّ الضّحى عندي كم

ابْـيضَّتْ لقربٍ منهُ كان دياجري


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 30, 2014 1:08 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن بحر الكامل وقصيدة عدد أبياتها 51 بيت يقول سيدي ابن الفارض رضي الله تعالى عنه :

قلبي يُحَدّثني بأَنّكَ مُتْلِفِي

روحي فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ


لم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ الذي

لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي


ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ

في حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف


فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد أسعَفْتَني

يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ


يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي

ثوبَ السّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ


عَطفاً على رَمقي وما أبقَيتَ لي

منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ


فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُما طلي

والصّبْرُ فانٍ واللّقاء مُسَوّفي


لم أَخلُ من حَسَدٍ عليك فلا تُضِعْ

سَهَري بتَشْنِيع الخَيالِ المُرجِفِ


واسأَلْ نجومَ اللّيلِ هل زارَ الكَرَى

جَفني وكيف يزورُ مَن لم يَعْرِفِ


لا غَرْوَ إن شَحّتْ بغُمْضِ جُفُونها

عيني وسَحّتْ بالدّموعِ الذّرّفِ


وبما جرَى في موقفِ التوديعِ مِنْ

ألمِ النّوَى شاهدتُ هَولَ الموقفِ


إن لم يكن وْصلٌ لدَيْكَ فعِدْ به

أَمَلي وَمَا طِلْ إنْ وَعَدْتَ ولا تفي


فالمَطْلُ منكَ لدَيّ إنْ عزّ الوفا

يحلو كوَصَلٍ من حبيبٍ مُسْعِفِ


أهْفُو لأنفاسِ النّسِيمِ تَعِلّةً

ولوَجْه مَن نقَلَتْ شَذَاهُ تشوّفي


فلَعَلّ نارَ جوانحي بهُبُوبِها أن

تنطَفي وأوَدّ أن لا تنطَفي


يا أهلَ وُدّي أنتم أَمَلي ومَن

نَادَاكُمُ يا أَهْلَ وُدّي قد كُفي


عُودوا لِما كُنْتُم عليه من الوفا

كَرَماً فإنّي ذَلِكَ الخِلّ الوَفي


وحياتِكُمْ وحياتِكُمْ قَسَماً وفي

عُمري بغيرِ حياتِكُمْ لم أحْلِف


لو أَنّ رُوحي في يدي وَوَهَبْتُها

لمُبَشّري بِقُدُومكمْ لم أُنْصِف


لا تحسَبُوني في الهوى مُتَصَنّعاً

كَلَفي بِكُمْ خُلُقٌ بغيرِ تكلُّف


أخفَيتُ حُبّكُمُ فأخفاني أسىً

حتى لعَمري كِدْتُ عني أختفي


وكتمْتُهُ عنّي فلو أبدَيْتُهُ

لوَجَدْتُهُ أخفى منَ اللُّطْف الخَفي


ولقد أَقولُ لِمَنْ تحَرّشَ بالهوى

عرّضْتَ نفسَكَ للبَلا فاستهدف


أنتَ القَتِيْلُ بأيّ مَنْ أحبَبْتَهُ

فاختر لنَفْسِكَ في الهوى من تصطفي


قُلْ للعذولِ أطلْتَ لومي طامعاً

إنَّ الملامَ عن الهوى مُستوقِفي


دَعْ عنكَ تَعنيفي وذُقْ طعم الهَوَى

فإذا عشِقْتَ فبعدَ ذلكَ عَنّف


بَرَحَ الخَفاء بحُبّ مَنْ لَوْ في الدّجى

سَفَرَ اللّثامَ لقُلْتُ يا بدرُ اختَفِ


وإن اكتفى غَيري بطَيفِ خيالِهِ

فأنا الّذي بوِصالِهِ لا أكتَفي


وَقْفَاً عليِه مَحَبتِّي ولِمِحنتي

بأَقَلّ مِن تَلَفي به لا أشتَفي


وهَواهُ وهْوَ أليّتي وكَفَى بِه

قَسَماً أكادُ أُجِلّهُ كالمُصْحَفِ


لَوْ قالَ تِيهاً قِفْ على جَمْر الغَضا

لَوَقَفْتُ مُمْتَثِلاً ولم أتوَقّف


أوْ كان مَنْ يرضى بخدّي موْطِئاً

لَوَضَعْتُهُ أرْضاً ولم أستنكِف


لا تُنْكِروا شغَفِي بما يرضَى وإن

هو بالوِصَالِ عليّ لم يتعطّف


غَلَبَ الهَوَى فأطَعْتُ أمْرَ صَبابتي

من حيثُ فيه عصَيتُ نهْيَ مُعنّفي


مني لَهُ ذُلّ الخَضُوعِ ومنهُ لي

عِزّ المَنوعِ وقوّة المستضْعِف


ألِفَ الصّدُودَ ولي فؤادٌ لم يزَلْ

مُذْ كُنتُ غيرَ وِدَادِهِ لم يألَف


يا ما أُمَيْلَحَ كُلَّ ما يرْضَى بِهِ

ورُضابُهُ يا ما أحَيْلاَهُ بفي


لو أسمَعوا يَعقُوبَ ذِكْرَ مَلاحَةٍ

في وجهِهِ نَسِيَ الجَمالَ اليوسُفي


أو لو رأهُ عائِداً أيّوبُ في

سِنَةِ الكَرَى قدماً من البلوى شُفي


كُلُّ البُدُورِ إذا تَجَلّى

مُقْبِلاً تصبُو إليه وكُلُّ قَدٍ أهيَف


إن قُلْتُ عندي فيكَ كُلُّ صَبَابَةٍ

قالَ المَلاحةُ لي وكُلُّ الحُسْنِ في


كَمَلَتْ مَحاسنُهُ فلو أَهدى السّنا

للبَدْرِ عند تَمامِهِ لم يُخْسَف


وعلى تَفَنّنِ واصِفيهِ بِحُسْنِهِ

يَفنى الزّمانُ وفيه ما لم يُوصف


ولقد صَرَفْتُ لحُبّه كُلّي على

يَدِ حُسْنِهِ فحمِدْتُ حُسْنَ تصرّفي


فالعينُ تهوى صورةَ الحُسْنِ التي

روحي بها تَصبو إلى مَعْنىً خَفي


أسْعِدْ أُخَيَّ وغَنني بحديثه

وانْثُر على سَمْعي حِلاهُ وشَنِّف


لأرى بعينِ السّمعِ شاهِدَ حُسْنِهِ

معنىً فأتحِفْني بذاكَ وشَرّف


يا أخْتَ سعْدٍ مِن حَبيبي جئتِني

بِرِسالةٍ أدّيتِها بِتَلَطّف


فسَمِعْتُ ما لم تسمَعِي ونَظَرْتُ ما

لم تنظُري وعَرَفْتُ ما لم تعرِفي


إنْ زارَ يوماً يا حشايَ تَقَطَّعِي

كَلَفاً بِه أو سارَ يا عينُ اذرِفي


ما للنّوَى ذنْبٌ ومَنْ أهوَى مَعي

إن غابَ عن إنسانِ عيني فهْوَ في


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 30, 2014 1:56 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن بحر الخفيف وقصيدة من 60 بيت يقول ابن الفارض رضوان الله عليه :

تِهْ دَلاَلاً فأَنْتَ أهْلٌ لِذَاكا

وتحَكّمْ فالحُسْنُ قد أعطاكا


ولكَ الأمرُ فاقضِ ما أنتَ قاض

فَعَلَيَّ الجَمَالُ قد وَلاّكَا


وتَلافي إن كان فه ائتلافي

بكَ عَجّلْ به جُعِلْتُ فِداكا


وبِمَا شِئْتَ في هَواكَ اختَبِرْنِي

فاختياري ما كان فيِه رِضَاكَا


فعلى كُلّ حالَةٍ أنتَ مِنّي

بيَ أَوْلى إذ لم أَكنْ لولاكا


وكَفَاني عِزّاً بحُبّكَ ذُلّي

وخُضوعي ولستُ من أكْفاكا


وإذا ما إليكَ بالوَصْلِ عَزّتْ

نِسْبَتِي عِزّةً وصَحّ وَلاكا


فاتّهامي بالحبّ حَسْبي وأنّي

بَيْنَ قومي أُعَدّ مِنْ قَتْلاَكَا


لكَ في الحيّ هالِكٌ بِكَ حيٌّ

في سبيلِ الهَوَى اسْتَلَذّ الهَلاَكَا


عَبْدُ رِقّ ما رَقّ يوماً لعَتْقٍ

لَوْ تَخَلّيْتَ عنهُ ما خَلاّكا


بِجَمَالٍ حَجَبْتَهُ بجَلاَلٍ

هامَ واستَعْذَبَ العذابَ هُناكا


وإذا ما أَمْنُ الرّجا منهُ أدْناكَ

فعَنْهُ خَوْفُ الحِجى أَقصاكا


فبِإقْدَام رَغْبَةٍ حينَ يَغْشاكَ

بإحجامِ رَهبْةٍ يخشاكا


ذابَ فلبي فَأْذَنْ لَهْ يَتَمَنّاكَ

وفيِه بَقِيّةٌ لِرَجَاكَا


أو مُرِ الغُمْضَ أَنْ يَمُرّ بجَفْنِي

فكأني بِهِ مُطِيعاً عَصَاكا


فعسى في المَنام يَعْرِضُ لي الوَهْمُ

فيوحي سِرّاً إليّ سُراكا


وإذا لم تُنْعِشْ بِرَوْحِ التّمَنّي

رَمَقِي واقتضى فنائي بَقاكا


وحَمَتْ سُنّةُ الهوَى سِنَةَ الغُمْضِ

جُفُونِي وحَرّمَتْ لُقْياكا


أبْقِ لي مقْلَةً لَعَلّيَ يوماً

قبل مَوتي أَرَى بها مَنْ رآكا


أينَ مِنّي ما رُمْتُ هيهات بل

أينَ لعَيْنِي بالجَفْنِ لثمُ ثَراكا


فبَشيري لو جاء منكَ بعَطْفٍ

وَوُجُودي في قَبْضَتِي قلتُ هاكا


قد كفى ما جرَى دماً من جُفُونٍ

بك قرحَي فهل جرى ما كفاكا


فأَجِرْ من قِلاَكَ فيك مُعَنّىً

قبلَ أَن يعرفَ الهَوَى يَهواكا


هَبْكَ أنَ اللاّحي نَهاهُ بِجَهْلٍ

عنك قل لي عن وَصْلِهِ من نَهاكا


وإلى عِشْقِكَ الجَمالُ دعاهُ

فإلى هجَرِهِ تُرى من دعاكا


أتُرى من أفتَاكَ بالصّدّ عنّي

ولغَيري بالوُدّ مَن أفتاكا


بانْكِسَاري بِذِلّتي بخُضوعي

بافْتِقَاري بفَاقَتي بغِناكا


لا تَكِلْنِي إلى قُوَى جَلَدٍ خانَ

فإنّي أَصْبَحْتُ من ضُعَفَاكَا


كُنْتَ تجْفُو وكان لي بعضُ صَبْرٍ

أحسَنَ اللهُ في اصطباري عَزاكا


كم صُدوداً عساكَ ترْحَمُ شكْوايَ

ولو باسْتِمَاعِ قولي عساكا


شَنّعَ المُرْجِفونَ عنكَ بِهَجري

وأشاعُوا أنّي سَلَوْتُ هَواكا


ما بأحشائهِمْ عشِقْتُ فأسلُو

عنك يوماً دعْ يهجُروا حاشاكا


كيفَ أسلو ومُقْلَتي كلّما لاحَ

بُرَيْقٌ تلَفّتَتَ لِلِقاكا


إنْ تَنسّمتَ تحتَ ضوءِ لِثَامٍ

أو تَنَسّمْتُ الرّيحَ من أنْباكا


طِبْتُ نفْساً إذ لاحَ صُبْحُ ثناياكَ

لِعَيْنِي وفاحَ طيبُ شذاكا


كُلُّ مَنْ في حِمَاكَ يَهْوَاكَ لكِن

أنا وحدي بكُلّ من في حِماكا


فيكَ معنىً حَلاّكَ في عينِ عقلي

وبه ناظري مُعَنّى حِلاكا


فُقْتَ أهْلَ الجمال حُسْناً وحُسْنى

فَبِهِمْ فاقةٌ إلى معناكا


يُحْشَرُ العاشقونَ تحتَ لِوائي

وجميعُ المِلاحِ تحتَ لِواكا


ما ثناني عنكَ الضّنَى فبماذا

يا مَلِيحُ الدّلالُ عني ثناكا


لكَ قُرْبٌ منّي بِبُعْدِكَ عنّي

وحُنُوٌّ وجَدْتُه في جَفاكا


عَلّمَ الشّوقُ مُقلتي سَهَر اللَّيْلِ

فصارت من غيرِ نوْم تراكا


حبّذا ليلَةٌ بها صِدْتُ إسْراكَ

وكان السّهادُ لي أشْراكا


نابَ بدرُ التّمامِ طَيْفَ مُحَيّا كَ

لطَرْفي بيَقْظَتي إذ حكاكا


فتراءيتَ في سِواكَ لِعَيْنٍ

بكَ قَرّتْ وما رأيتُ سِواكا


وكذاكَ الخليلُ قَلّبَ قبلي

طَرْفَهُ حين راقبَ الأفلاكا


فالدّياجي لنا بكَ الآن غُرٌّ

حيثُ أهديتَ لي هُدىً من سَناكا


ومتى غِبْتَ ظاهِراً من عياني

أُلفِهِ نحوَ باطني ألقاكا


أهلُ بَدْرٍ رَكْبٌ سَرَيْتَ بلَيْلٍ

فيه بل سار في نَهار ضياكا


واقتباسُ الأنوارِ من ظاهري

غيرُ عجيبٍ وباطني مأواكا


يعبَقُ المسْكُ حيثُما ذُكر اسمي

مُنْذُ نادَيْتَني أُقَبّلُ فاكا


ويَضُوعُ العبيرُ في كلّ نادٍ

وهْوَ ذِكْرٌ معَبِّرٌ عن شذاكا


قال لي حُسنُ كلّ شيءٍ تجلّى

بي تَمَلّى فقلتُ قَصدي وراكا


لي حبيب أراكَ فيه مُعَنّىً

غُرّ غَيري وفيه مَعنىً أراكا


إن توَلّى على النّفوس تَوَلّى

أو تجَلّى يستعبِدُ النُّساكا


فيه عوّضتُ عن هُداي ضلالاً

ورَشادي غَيّاً وسِتري انهتاكا


وحّدَ القلبُ حُبّهُ فالتِفاتي لكَ

شِرْكٌ ولا أرى الإِشراكا


يا أخا العّذلِ فيمن الحُسْنُ مثلي

هامَ وجْداً به عَدِمْتُ أخاكا


لو رأيتَ الذي سَبَانيَ فيه

مِنْ جَمالٍ ولن تراهُ سبَاكا


ومتى لاحَ لي اغتَفَرْتُ سُهادي

ولعَيْنَيّ قُلْتُ هذا بِذاكا


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: من ديوان سيدي عمر بن الفارض رضي الله تعالى عنه
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء يوليو 30, 2014 4:14 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء أكتوبر 30, 2007 4:26 pm
مشاركات: 3907
مكان: في حضن الكرام
ومن بحر الطويل وقصيدة من 35 بيت يقول الشيخ ابن الفارض قدس الله سره :

أدِرْ ذِكْرَ مَن أهْوى ولو بمَلامِ

فإنّ أحاديثَ الحَبيبِ مُدامي


ليَشْهَدَ سَمْعِي مَن أُحبُّ وإن نأى

بطَيفِ مَلامٍ لا بطَيفِ مَنام


فلي ذِكْرُها يَحلو على كلّ صيغةٍ

وإنْ مَزَجوهُ عُذِّلي بخِصام


كأنّ عَذولي بالوِصالِ مُبَشّرِي

وإن كنتُ لم أطمَعْ بِرَدّ سلام


بِرُوحيَ مَن أتلفْتُ روحي بحُبّها

فحانَ حِمامي قبلَ يومِ حِمامِي


ومن أجلها طاب افتضاحي ولذّ لي

اطْراحي وذُلّي بعد عزّ مَقامي


وفيها حلا لي بعْدَ نُسْكِي تهتُّكي

وخَلْعُ عِذاري وارتكابُ أثامي


أُصَلّي فأشدو حين أتلو بِذِكْرِهَا

وأطْرَبُ في المحراب وهي إمامي


وبالحَج إن أحرَمتُ لبَيّتُ باسْمها

وعنَها أرى الإِمساكَ فِطْرَ صيامي


وشأني بشأني معرب وبما جرى

جَرَى وانتحابي مُعرِب بِهَيَامي


أروحُ بقلبٍ بالصّبابةِ هائمٍ

وأغْدُو بطَرْفٍ بالكآبة هامِ


فقلْبي وطَرْفي ذا بمعنى جَمالِها

مُعَنّىً وذا مُغرىً بِلِينِ قَوام


ونَوميَ مفقود وصُبحي لك البقا

وسُهديَ موجود وشوقيَ نام


وعَقدي وعهدي لم يُحَلّ ولم يَحُل

وَوَجْدِيَ وجْدي والغَرام غرامي


يشِفّ عن الأسرارِ جِسْمي من الضّنى

فيَغْدو بها معنىً نُحولُ عظامي


طريحُ جَوى حبٍّ جريحُ جوانحٍ

قريحُ جفونٍ بالدّوام دَوَامي


صريحُ هوًى جارَيْتُ من لُطْفيَ الهَوا

سُحَيْراً فأنفاسُ النّسيمِ لمامي


صحيح عليل فاطلبوني مِن الصَّبا

ففيها كما شاء النّحولُ مُقامي


خَفَيتُ ضَنًى حتى خَفَيتُ عن الضّنى

وعن بُرْءِ أسقامي وبَرْدِ أُوامي


ولم يُبْقِ منّي الحبُّ غيرَ كآبَةٍ

وحُزْنٍ وتبريحٍ وفرْطِ سَقام


ولم أَدْرِ من يدري مكاني سوى

الهوى وكِتْمان أسراري ورعي زمامي


فأَمّا غرامي واصطباري وسلوتي

فلم يبقَ لي منهُنَّ غير أسامي


لِيَنْجُ خَلِيٌّ من هوايَ بنفسِهِ

سليماً ويا نفس اذْهبي بسَلام


وقال اسْلُ عنها لائمي وهو مُغْرَمٌ

بلَوْمِيَ فيها قلتُ فاسْلُ ملامي


بمن أهتدي في الحبّ لو رُمْتُ سَلوَةً

وبي يَقْتَدي في الحبّ كلُّ إمام


وفي كلّ عُضْوٍ فيَّ كُلُّ صَبَابَةٍ

إليها وشَوْقٍ جاذبٍ بزِمَامي


تَثَنَّتْ فخِلْنَا كُلَّ عِطْفٍ تهُزُّه

قَضِيبَ نقاً يَعْلُوهُ بدرُ تَمام


ولي كُلّ عُضوٍ فيه كلّ حشاً بها

إذا ما رَنَتْ وقعٌ لكلّ سِهام


ولو بسطتْ جسْمي رأتْ كلّ جوهرٍ

به كُلّ قلبٍ فيه كُلّ غَرام


وفي وَصْلِهَا عام لدَيّ كلَحْظَةٍ

وساعةُ هِجْرانٍ عَلَيَّ كعامِ


ولمّا تلاقَينا عِشاءً وضمَّنا

سواءُ سبيلَيْ دارِها وخيامي


ومِلْنَا كذا شيئاً عن الحيّ حيثُ لا

رقيبٌ ولا واشٍ بِزُورِ كَلام


فَرَشْتُ لها خدّي وِطاءً على الثّرَى

فقالت لكَ البُشْرَى بلَثْمِ لِثامي


فما سَمَحَتْ نفسي بذَلِكَ غَيرَةً

على صَوْنها منّي لِعزّ مرامي


وبِتْنَا كما شاء اقتراحي على المُنى

أَرَى المُلْكَ مُلْكِي والزمانَ غلامي


***


_________________
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قل هو الله أحد . الله الصمد . لم يلد ولم يولد . ولم يكن له كفوا أحد .
قل أعوذ برب الفلق . من شر ما خلق . ومن شر غاسق إذا وقب . ومن شر النفاثات في العقد . ومن شر حاسد إذا حسد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 22 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 7 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط