القصة الثلاثون: حديث الصحابة الذين نزلوا على حي من أحياء العرب فأبوا أن يضيفوهم.
1-الحديث:
حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الحَيِّ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاللهِ إِنِّي لأَرْقِي، وَلَكِنْ وَاللهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لاَ تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: حَدَّثنا أَبُو بِشْرٍ، سَمِعْتُ أَبَا المُتَوَكِّلِ، بِهَذَا.
2-التخريج: صحيح البخاري ط الشعب (3/ 121)، (7/ 173)، صحيح مسلم (4/ 1728).
3-بيان معاني بعض الألفاظ الواردة بالحديث:
(فاستضافوهم) طلبوا منهم الضيافة.
(فلدغ) ضربته حية أو عقرب.
(الرهط) ما دون العشرة من الرجال.
(لأرقي) من الرقية وهي كل كلام استشفي به من وجع أو غيره.
(جعلا) أجرة.
(فصالحوهم) اتفقوا معهم.
(قطيع) طائفة من الغنم.
(يتفل) من التفل وهو النفخ مع قليل من البصاق.
(نشط من عقال) فك من حبل كان مشدودا به.
(قلبة) علة.
(وما يدريك أنها رقية) ما الذي أعلمك أنها يرقى بها.
(اضربوا لي معكم سهما) اجعلوا لي منه نصيبا.
4-شرح الحديث من أحد كتب الشروح:
فتح الباري لابن حجر (4/ 455 - 458)
"قَوْلُهُ انْطَلَقَ نَفَرٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ أَحَدٍ مِنْهُمْ سِوَى أَبِي سَعِيدٍ وَلَيْسَ فِي سِيَاقِ هَذِهِ الطَّرِيقِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ السَّفَرَ كَانَ فِي جِهَادٍ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُمْ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ عِنْدَ أَحْمَدَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ بَعَثَ سَرِيَّةً عَلَيْهَا أَبُو سَعِيدٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمَغَازِي بَلْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَيْهِمْ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ الْحَيِّ الَّذِينَ نَزَلُوا بِهِمْ مِنْ أَيِّ الْقَبَائِلِ هُمْ قَوْلُهُ فَاسْتَضَافُوهُمْ أَيْ طَلَبُوا مِنْهُمُ الضِّيَافَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا فَنَزَلْنَا بِقَوْمٍ لَيْلًا فَسَأَلْنَاهُمُ الْقِرَى فَأَفَادَتْ عَدَدَ السَّرِيَّةِ وَوَقْتَ النُّزُولِ كَمَا أَفَادَتْ رِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ تَعْيِينَ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ وَالْقِرَى بِكَسْرِ الْقَافِ مَقْصُورٌ الضِّيَافَةُ قَوْلُهُ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ بِالتَّشْدِيدِ لِلْأَكْثَرِ وَبِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُخَفَّفًا قَوْلُهُ فَلُدِغَ بِضَمِّ اللَّامِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَاللَّدْغُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ اللَّسْعُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَأَمَّا اللَّذْعُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَهُوَ الْإِحْرَاقُ الْخَفِيفُ وَاللَّدْغُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ ضَرْبُ ذَاتِ الْحُمَّةِ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ وَغَيْرِهِمَا وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَقْرَبِ وَقَدْ أَفَادَتْ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ تَعْيِينُ الْعَقْرَبِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَنَّهُ مُصَابٌ فِي عَقْلِهِ أَوْ لَدِيغٌ فَشَكٌّ مِنْ هُشَيْمٍ وَقَدْ رَوَاهُ الْبَاقُونَ فَلَمْ يَشُكُّوا فِي أَنَّهُ لَدِيغٌ وَلَا سِيَّمَا تَصْرِيحَ الْأَعْمَشِ بِالْعَقْرَبِ وَكَذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي سَعِيدَ بِلَفْظِ إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ وَكَذَا فِي الطِّبّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ وَالسَّلِيمُ هُوَ اللَّدِيغُ نَعَمْ وَقَعَتْ لِلصَّحَابَةِ قِصَّةٌ أُخْرَى فِي رَجُلٍ مُصَابٍ بِعَقْلِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَبَرَأَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ وَعِنْدَهُمْ رَجُلٌ مَجْنُونٌ مُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ فَقَالُوا إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ الْحَدِيثَ فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ لَكِنَّ الْوَاقِعَ فِي قِصَّةِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ لَدِيغٌ قَوْلُهُ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ أَيْ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنْ يُتَدَاوَى بِهِ مِنْ لَدْغَةِ الْعَقْرَبِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ مِنَ السَّعْيِ أَيْ طَلَبُوا لَهُ مَا يُدَاوِيهِ وللْكُشْمِيهَنِيِّ فَشَفَوْا بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَعَلَيْهِ شَرْحُ الْخَطَّابِيِّ فَقَالَ مَعْنَاهُ طَلَبُوا الشِّفَاءَ تَقُولُ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَيْ أَبْرَأَهُ وَشَفَى لَهُ الطَّبِيبُ أَيْ عَالَجَهُ بِمَا يَشْفِيهِ أَوْ وَصَفَ لَهُ مَا فِيهِ الشِّفَاءُ لَكِنِ ادَّعَى بن التِّينِ أَنَّهَا تَصْحِيفٌ قَوْلُهُ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْط قَالَ بن التِّينِ قَالَ تَارَةً نَفَرًا وَتَارَةً رَهْطًا وَالنَّفَرُ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالثَّلَاثَةِ وَالرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَقِيلَ يَصِلُ إِلَى الْأَرْبَعِينَ قُلْتُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فَأَتَوْهُمْ فِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ الَّذِي جَاءَ فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ جَارِيَةٌ مِنْهُمْ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهَا زَادَ الْبَزَّارُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَقَالُوا لَهُمْ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحِبَكُمْ جَاءَ بِالنُّورِ وَالشِّفَاءِ قَالُوا نَعَمْ قَوْلُهُ وَسَعَيْنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَشَفَيْنَا بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهَا قَوْلُهُ فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ زَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ يَنْفَعُ صَاحِبَنَا قَوْلُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْقِي بِكَسْرِ الْقَافِ وَبَيَّنَ الْأَعْمَشُ أَنَّ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ رَاوِي الْخَبَرِ وَلَفْظُهُ قُلْتُ نَعَمْ أَنَا وَلَكِنْ لَا أَرْقِيهِ حَتَّى تُعْطُونَا غَنَمًا فَأَفَادَ بَيَانَ جِنْسِ الْجُعْلِ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ مَا يُعْطَى عَلَى عَمَلٍ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ كَوْنَ الرَّاقِي هُوَ أَبُو سَعِيدٍ رَاوِي الْخَبَرِ مَعَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ بِلَفْظٍ آخَرَ وَفِيهِ فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً فَفِي ذَلِكَ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ غَيْرُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يُكَنِّيَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَعَلَّ أَبَا سَعِيدٍ صَرَّحَ تَارَةً وَكَنَّى أُخْرَى وَلَمْ يَنْفَرِدِ الْأَعْمَشُ بِتَعْيِينِهِ وَقَدْ وَقَعَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ بِلَفْظِ فَأَتَيْتُهُ فَرَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَا أَرْقِيهِ وَهُوَ مِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ الْأَعْمَشِ فَإِنَّ أَبَا سَعِيدٍ أَنْصَارِيٌّ وَأَمَّا حَمْلُ بَعْضِ الشَّارِحِينَ ذَلِكَ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ رَوَى قِصَّتَيْنِ كَانَ فِي إِحْدَاهُمَا رَاقِيًا وَفِي الْأُخْرَى كَانَ الرَّاقِي غَيْرَهُ فَبَعِيدٌ جِدًّا وَلَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ وَالسِّيَاقِ وَالسَّبَبِ وَيَكْفِي فِي رَدِّ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَلَا حَامِلَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مُمْكِنٌ بِدُونِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْتُهُ مِنْ حَدِيثِ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ فَإِنَّ السِّيَاقَيْنِ مُخْتَلِفَانِ وَكَذَا السَّبَبُ فَكَانَ الْحَمْلُ علىالتعدد فِيهِ قَرِيبًا قَوْلُهُ فَصَالَحُوهُمْ أَيْ وَافَقُوهُمْ قَوْلُهُ على قطيع من الْغنم قَالَ بن التِّينِ الْقَطِيعُ هُوَ الطَّائِفَةُ مِنَ الْغَنَمِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْقَطِيعَ هُوَ الشَّيْءُ الْمُقْتَطَعُ مِنْ غَنَمٍ كَانَ أَو غَيرهَا وَقد صرح بذلك بن قُرْقُولٍ وَغَيْرُهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْغَالِبَ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالْأَرْبَعِينَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ فَقَالُوا إِنَّا نُعْطِيكُمْ ثَلَاثِينَ شَاةً وَكَذَا ثَبَتَ ذِكْرُ عَدَدِ الشِّيَاهِ فِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِعَدَدِ السَّرِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّهُمُ اعْتَبَرُوا عَدَدَهُمْ فَجَعَلُوا الْجُعْلَ بِإِزَائِهِ قَوْلُهُ فَانْطَلَقَ يَتْفُلُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِكَسْرِهَا وَهُوَ نَفْخٌ مَعَهُ قَلِيلُ بُزَاقٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّلَاة قَالَ بن أَبِي حَمْزَةَ مَحَلُّ التَّفْلِ فِي الرُّقْيَةِ يَكُونُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ لِتَحْصِيلِ بَرَكَةِ الْقِرَاءَةِ فِي الْجَوَارِحِ الَّتِي يَمُرُّ عَلَيْهَا الرِّيقُ فَتَحْصُلُ الْبَرَكَةُ فِي الرِّيقِ الَّذِي يَتْفُلُهُ قَوْلُهُ وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رب الْعَالمين فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ عَلَيْهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَش فَقَرَأت عَلَيْهِ الْحَمد لله وَيُسْتَفَاد مِنْهُ تَسْمِيَة الْفَاتِحَة الْحَمد وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ عَدَدَ مَا قَرَأَ الْفَاتِحَةَ لَكِنَّهُ بَيَّنَهُ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ وَأَنَّهُ سَبْعُ مَرَّاتٍ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْحُكْمُ لِلزَّائِدِ قَوْلُهُ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ كَذَا لِلْجَمِيعِ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ لُغَةٌ وَالْمَشْهُورُ نُشِطَ إِذَا عُقِدَ وَأُنْشِطَ إِذَا حُلَّ وَأَصْلُهُ الْأُنْشُوطَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمُعْجَمَةِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ وَهِيَ الْحَبل وَقَالَ بن التِّينِ حَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى أُنْشِطَ حُلَّ وَمَعْنَى نُشِطَ أُقِيمَ بِسُرْعَةٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ رَجُلٌ نَشِيطٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى نُشِطَ فَزِعَ وَلَوْ قُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ أَيْ حُلَّ شَيْئًا فَشَيْئًا قَوْلُهُ مِنْ عِقَالٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا قَافٌ هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ ذِرَاعُ الْبَهِيمَةِ قَوْلُهُ وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ بِحَرَكَاتٍ أَيْ عِلَّةٌ وَقِيلَ لِلْعِلَّةِ قَلَبَةٌ لِأَنَّ الَّذِي تُصِيبُهُ يُقْلَبُ مِنْ جَنْبٍ إِلَى جَنْبٍ ليعلم مَوضِع الدَّاء قَالَه بن الْأَعْرَابِيِّ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ وَقَدْ بَرِئْتُ فَمَا فِي الصَّدْرِ مِنْ قَلَبَهْ وَفِي نُسْخَة الدمياطي بِخَطِّهِ قَالَ بن الْأَعْرَابِيِّ الْقَلَبَةُ دَاءٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقُلَابِ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ فَيَأْلَمُ قَلْبُهُ فَيَمُوتُ مِنْ يَوْمِهِ قَوْلُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اقْسِمُوا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ قَوْلُهُ فَقَالَ الَّذِي رَقَى بِفَتْحِ الْقَافِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ فَلَمَّا قَبَضْنَا الْغَنَمَ عَرَضَ فِي أَنْفُسِنَا مِنْهَا شَيْءٌ وَفِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ فَأَمَرَ لَنَا بِثَلَاثِينَ شَاةً وَسَقَانَا لَبَنًا وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ فَبُعِثَ إِلَيْنَا بِالشِّيَاهِ وَالنُّزُلِ فَأَكَلْنَا الطَّعَامَ وَأَبَوْا أَنْ يَأْكُلُوا الْغَنَمَ حَتَّى أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ وَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الَّذِي مَنَعَهُمْ مِنْ تَنَاوُلِهَا هُوَ الرَّاقِي وَأَمَّا فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ فَأَبْهَمَهُ قَوْلُهُ فَنَنْطُرُ مَا يَأْمُرُنَا أَيْ فَنَتَّبِعُهُ وَلَمْ يُرِيدُوا أَنَّهُمْ يُخَيَّرُونَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ قَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ وَمَا أَدْرَاكَ وَقَدْ رُوِيَ كَذَلِكَ وَلَعَلَّهُ هُوَ الْمَحْفُوظُ لِأَنَّ بن عُيَيْنَةَ قَالَ إِذَا قَالَ وَمَا يُدْرِيكَ فَلَمْ يُعْلَمْ وَإِذَا قَالَ وَمَا أَدْرَاكَ فَقَدْ أُعْلِمَ وَتعقبه بن التِّين بِأَن بن عُيَيْنَةَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِيمَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الصِّيَامِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللُّغَةِ أَيْ فِي نَفْيِ الدِّرَايَةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ وَمَا أَدْرَاكَ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ مِنَ الشَّيْءِ وَتُسْتَعْمَلُ فِي تَعْظِيمِ الشَّيْءِ أَيْضًا وَهُوَ لَائِقٌ هُنَا زَادَ شُعْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهُ نَهْيًا أَيْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَزَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ قَتَّةَ فِي رِوَايَتِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ قُلْتُ أُلْقِيَ فِي رُوعِي وللدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَيْءٌ أُلْقِيَ فِي رُوعِي وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ مُتَقَدِّمٌ بِمَشْرُوعِيَّةِ الرُّقَى بِالْفَاتِحَةِ وَلِهَذَا قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ لَمَّا رَجَعَ مَا كُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَصَبْتُمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَوَّبَ فِعْلَهُمْ فِي الرُّقْيَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ فِي تَوَقُّفِهِمْ عَنِ التَّصَرُّفِ فِي الْجُعْلِ حَتَّى اسْتَأْذَنُوهُ وَيحْتَمل أَعم من ذَلِك قَوْله واضربوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا أَيِ اجْعَلُوا لِي مِنْهُ نَصِيبًا وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَأْنِيسِهِمْ كَمَا وَقَعَ لَهُ فِي قِصَّةِ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَقَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ هَذِهِ الطَّرِيقُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَصَلَهَا التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الطِّبِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ لَكِنْ بِالْعَنْعَنَةِ وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي عَزْوِهِ إِلَى التِّرْمِذِيِّ مَعَ كَوْنِهِ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَفَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَنْ ذَلِكَ فَعَابَ عَلَى مَنْ نَسَبَهُ إِلَى التِّرْمِذِيِّ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الرُّقْيَةِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَا كَانَ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ وَكَذَا غَيْرُ الْمَأْثُورِ مِمَّا لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمَأْثُورِ وَأَمَّا الرُّقَى بِمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يُثْبِتُهُ وَلَا مَا يَنْفِيهِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الطِّبِّ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الضِّيَافَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَوَادِي وَالنُّزُولُ عَلَى مِيَاهِ الْعَرَبِ وَطَلَبُ مَا عِنْدَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْقِرَى أَوِ الشِّرَاءِ وَفِيهِ مُقَابَلَةُ مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْمَكْرُمَةِ بِنَظِيرِ صَنِيعِهِ لِمَا صَنَعَهُ الصَّحَابِيُّ مِنَ الِامْتِنَاعِ مِنَ الرُّقْيَةِ فِي مُقَابَلَةِ امْتِنَاعِ أُولَئِكَ مِنْ ضِيَافَتِهِمْ وَهَذِهِ طَرِيقُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجرا وَلَمْ يَعْتَذِرِ الْخَضِرُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا بِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ وَفِيهِ إِمْضَاءُ مَا يَلْتَزِمُهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْتَزَمَ أَنْ يَرْقِيَ وَأَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَفَاءِ بِذَلِكَ وَفِيهِ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَوْهُوبِ إِذَا كَانَ أَصْلُهُ مَعْلُومًا وَجَوَازُ طَلَبِ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ يُعْلَمُ رَغْبَتُهُ فِي ذَلِكَ وَإِجَابَتُهُ إِلَيْهِ وَفِيهِ جَوَازُ قَبْضِ الشَّيْءِ الَّذِي ظَاهِرُهُ الْحِلُّ وَتَرْكِ التَّصَرُّفِ فِيهِ إِذَا عَرَضَتْ فِيهِ شُبْهَةٌ وَفِيهِ الِاجْتِهَادُ عِنْدَ فَقْدِ النَّصِّ وَعَظَمَةُ الْقُرْآنِ فِي صُدُورِ الصَّحَابَةِ خُصُوصًا الْفَاتِحَةَ وَفِيهِ أَنَّ الرِّزْقَ الْمَقْسُومَ لَا يَسْتَطِيعُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ مَنْعُهُ مِمَّنْ قُسِمَ لَهُ لِأَنَّ أُولَئِكَ مَنَعُوا الضِّيَافَةَ وَكَانَ اللَّهُ قَسَمَ لِلصَّحَابَةِ فِي مَالِهِمْ نَصِيبًا فَمَنَعُوهُمْ فَسَبَّبَ لَهُمْ لَدْغَ الْعَقْرَبِ حَتَّى سِيقَ لَهُمْ مَا قُسِمَ لَهُمْ وَفِيهِ الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ حَيْثُ اخْتَصَّ بِالْعِقَابِ مَنْ كَانَ رَأْسًا فِي الْمَنْعِ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ النَّاسِ الِائْتِمَارُ بِأَمْرِ كَبِيرِهِمْ فَلَمَّا كَانَ رَأْسَهُمْ فِي الْمَنْعِ اخْتُصَّ بِالْعُقُوبَةِ دُونَهُمْ جَزَاء وِفَاقًا وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ أَيْضًا إِرَادَةُ الْإِجَابَةِ إِلَى مَا يَلْتَمِسُهُ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الشِّفَاءُ وَلَوْ كَثُرَ لِأَنَّ الْمَلْدُوغَ لَوْ كَانَ مِنْ آحَادِ النَّاسِ لَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى الْقَدْرِ الْمَطْلُوب مِنْهُم"أهـ.
5-الدروس المستفادة:
ذكر العلامة ابن حجر جملة من الدروس المستفادة في شرحه السابق وهي كالتالي:
أ-وَيُسْتَفَاد مِنْهُ تَسْمِيَة الْفَاتِحَة الْحَمد وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.
ب-جَوَازُ الرُّقْيَةِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ مَا كَانَ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ وَكَذَا غَيْرُ الْمَأْثُورِ مِمَّا لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمَأْثُورِ.
جـ-مشْرُوعِيَّةُ الضِّيَافَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَوَادِي وَالنُّزُولُ عَلَى مِيَاهِ الْعَرَبِ وَطَلَبُ مَا عِنْدَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْقِرَى أَوِ الشِّرَاءِ.
د-مُقَابَلَةُ مَنِ امْتَنَعَ مِنَ الْمَكْرُمَةِ بِنَظِيرِ صَنِيعِهِ لِمَا صَنَعَهُ الصَّحَابِيُّ مِنَ الِامْتِنَاعِ مِنَ الرُّقْيَةِ فِي مُقَابَلَةِ امْتِنَاعِ أُولَئِكَ مِنْ ضِيَافَتِهِمْ.
ه-إِمْضَاءُ مَا يَلْتَزِمُهُ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْتَزَمَ أَنْ يَرْقِيَ وَأَنْ يَكُونَ الْجُعْلُ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَفَاءِ بِذَلِكَ.
و-الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَوْهُوبِ إِذَا كَانَ أَصْلُهُ مَعْلُومًا.
ر-جَوَازُ طَلَبِ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ يُعْلَمُ رَغْبَتُهُ فِي ذَلِكَ وَإِجَابَتُهُ إِلَيْهِ.
ز-جَوَازُ قَبْضِ الشَّيْءِ الَّذِي ظَاهِرُهُ الْحِلُّ وَتَرْكِ التَّصَرُّفِ فِيهِ إِذَا عَرَضَتْ فِيهِ شُبْهَةٌ.
ف-الِاجْتِهَادُ عِنْدَ فَقْدِ النَّصِّ.
ق-عَظَمَةُ الْقُرْآنِ فِي صُدُورِ الصَّحَابَةِ خُصُوصًا الْفَاتِحَةَ.
ك-أَنَّ الرِّزْقَ الْمَقْسُومَ لَا يَسْتَطِيعُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ مَنْعُهُ مِمَّنْ قُسِمَ لَهُ لِأَنَّ أُولَئِكَ مَنَعُوا الضِّيَافَةَ وَكَانَ اللَّهُ قَسَمَ لِلصَّحَابَةِ فِي مَالِهِمْ نَصِيبًا فَمَنَعُوهُمْ فَسَبَّبَ لَهُمْ لَدْغَ الْعَقْرَبِ حَتَّى سِيقَ لَهُمْ مَا قُسِمَ لَهُمْوَفِيهِ الْحِكْمَةُ الْبَالِغَةُ حَيْثُ اخْتَصَّ بِالْعِقَابِ مَنْ كَانَ رَأْسًا فِي الْمَنْعِ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ النَّاسِ الِائْتِمَارُ بِأَمْرِ كَبِيرِهِمْ فَلَمَّا كَانَ رَأْسَهُمْ فِي الْمَنْعِ اخْتُصَّ بِالْعُقُوبَةِ دُونَهُمْ جَزَاء وِفَاقًا وَكَأَنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ أَيْضًا إِرَادَةُ الْإِجَابَةِ إِلَى مَا يَلْتَمِسُهُ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ الشِّفَاءُ وَلَوْ كَثُرَ لِأَنَّ الْمَلْدُوغَ لَوْ كَانَ مِنْ آحَادِ النَّاسِ لَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى الْقَدْرِ الْمَطْلُوب مِنْهُم.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم..........
وصل اللهم على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادى إلى صراطك المستقيم وعلى آله الطيبين الطاهرين حق قدره ومقداره العظيم وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركاً فيه يا رب العالمين.
تم بحمد الله.