مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر (ص: 240 - 244)
بَابُ إِمَامَةِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى , أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ , عَنْ عَاصِمٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ مِنَ الْحَيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعُوهُ يَقُولُ: «يَؤُمُّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» , قَالَ: فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ , وَأَنَا غُلَامٌ , فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ , قَالَ عَاصِمٌ: فَلَمْ يَزَلْ إِمَامَ قَوْمِهِ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى جَنَائِزِهِمْ "
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ , ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ , حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ , عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرًّا مِنَ النَّاسِ , فَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا هَذَا الْأَمْرُ , وَمَا لِلنَّاسِ؟ فَيَقُولُونَ: نَبِيٌّ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ , وَأَنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ كَذَا وَكَذَا , فَجَعَلْتُ أَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ فَكَأَنَّمَا يَغْرَى فِي صَدْرِي بِغِرَاءٍ , وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوُمُ بِإِسْلَامِهَا الْفَتْحَ وَيَقُولُونَ: أَبْصِرُوهُ وَقَوْمَهُ , فَإِنْ ظَهْرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ وَهُوَ صَادِقٌ , فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ وَقْعَةُ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ , فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلَامِ أَهْلِ حِوَائِنَا , فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَامَ عِنْدَهُ , فَلَمَّا أَقْبَلَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّيْنَاهُ , فَلَمَّا رَآنَا قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا , وَإِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِكَذَا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ كَذَا , وَقَالَ: «صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا , وَصَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا , فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ , وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا» , فَنَظَرُوا فِي أَهْلِ حِوَائِنَا ذَلِكَ فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا أَكْثَرَ مِنِّي قُرْآنًا لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ , فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سَبْعٍ أَوْ سِتِّ سِنِينَ , وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي , فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطُّونَ عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ هَذَا؟ فَكَسَوْنِي قَمِيصًا مِنْ مَعْقَدِ الْبَحْرَيْنِ بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ أَوْ سَبْعَةٍ , فَمَا فَرِحْتُ بشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ
حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ كَانَ أَمِيرًا , فَقَدَّمَ غُلَامًا صَغِيرًا فَأَمَّ النَّاسَ , فَعَابُوا عَلَيْهِ , فَقَالَ: «إِنِّي إِنَّمَا قَدَّمْتُ الْقُرْآنَ» وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كُنَّا نَأْخُذُ الصِّبْيَانَ مِنَ الْكُتَّابِ وَنُقَدِّمُهُمْ يُصَلُّونَ لَنَا شَهْرَ رَمَضَانَ , فَنَعْمَلُ لَهُمُ الْقَلِيَّةَ وَالْخُشْكَارَ» وَعَنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ: «لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ فِي رَمَضَانَ إِذَا أَحْسَنَ الصَّلَاةَ» وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ «لَمْ يَزَلْ يَبْلُغُنَا أَنَّ الْغِلْمَانَ يُصَلُّونَ بِالنَّاسِ إِذَا عَقَلُوا الصَّلَاةَ وَقَرَءُوا الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمُوا» وَقَالَ اللَّيْثُ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا نَرَى ذَلِكَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: «لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ إِذَا لَمْ يَحْتَلِمْ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ فِي رَمَضَانَ إِذَا اضْطَرُّوا إِلَيْهِ , يَؤُمُّ مَنْ لَا يَقْرَأُ شَيْئًا» وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَعَنْ عَطَاءٍ مِثْلُهُ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: فَإِنْ كَانَ أَفْقَهُهُمْ غُلَامًا لَمْ يَحْتَلِمْ؟ قَالَ: " مَا أُحِبُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ , قُلْتُ: فَالْغُلَامُ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ يُؤْتِي فِي أَهْلِهِ وَرَبْعِهِ وَمَنْزِلِهِ أَيَؤُمُّهُمْ؟ قَالَ: لَا، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ إِلَّا سَيِّدُ الرَّبْعِ , وَلَكِنْ يُقَالُ: هُوَ حَقُّهُ فَإِنْ شَاءَ أَمَّهُمْ بِحَقِّهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى حَقَّهُ غَيْرَهُ مِنْهُمْ فَأَمَّهُمْ " وَعَنْ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: «لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللَّهُ: «لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ فِي الْمَكْتُوبَةِ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَقَالَ سُفْيَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ: «يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ الْغُلَامُ الْقَوْمَ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: «لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «إِذَا أَمَّ الْغُلَامُ الَّذِي يَعْقِلُ الصَّلَاةَ وَيَقْرَأُ الرِّجَالَ الْبَالِغِينَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُمْ إِمَامَتُهُ , وَالِاخْتِيَارُ أَنَّ لَا يَؤُمَّ إِلَّا بَالِغٌ وَأَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ الْبَالِغُ عَالِمًا بِمَا يَعْرِضُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ» أَبُو دَاوُدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ , قُلْتُ: حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ , قَالَ: لَعَلَّهُ كَانَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ " وَعَنْ إِسْحَاقَ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَمَّا إِمَامَةُ الْغُلَامِ بَعْدَ أَنْ يَعْقِلَ الْإِمَامَةَ وَيَفْقَهَ الصَّلَاةَ فَجَائِزَةٌ , وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ , وَفِيمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهُمْ» دَلَالَةٌ عَلَى ذَلِكَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ , أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ , عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ حَبِيبٍ , قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , فَقَالَ سَعِيدٌ لِأَبِي سَلَمَةَ: حَدِّثْ , فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْرَأُهُمْ وَإِنْ كَانَ أَصْغَرُهُمْ» قَالَ إِسْحَاقُ: وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُقَدِّمَ أَحَدًا يَؤُمُّ النَّاسَ قَبْلَ الِاحْتِلَامِ إِذَا وُجِدَ مَنْ يَقْرَأُ بِهِمْ كَقِرَاءَةِ الصَّبِيِّ , أَلَا تَرَى إِلَى مَا كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَامِلِهِ يُوَبِّخُهُ حِينَ قَدَّمُ ابْنُهُ يَؤُمُّ الْمُسْلِمِينَ , فَقَالَ: قَدَّمْتَ غُلَامًا لَمْ تَحْتَنِكْهُ السِّنُّ , وَلَمْ تَدْخُلْهُ تِلْكَ النِّيَّةُ إِمَامًا لِلْمُسْلِمِينَ فِي صَلَاتِهِمْ قَالَ إِسْحَاقُ: فَهَذَا مَعْنَى كَرَاهَةِ إِمَامَةِ الْغُلَامِ فَإِنْ أَمَّ بَعْدَ السَّبْعِ وَفِي الْقَوْمِ أَقْرَأُ مِنْهُ , فَقَدْ أَسَاءُوا حِينَ قَدَّمُوهُ وَصَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ , أَلَا تَرَى إِلَى الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ حِينَ عَاتَبُوهُ فِي تَقْدِيمِهِ الصَّبِيَّ إِمَامًا فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا قَدَّمْتُ الْقُرْآنَ , قَالَ: وَقَدْ كَانَ الصِّبْيَانُ يَشْهَدُونَ الْجَمَاعَاتِ مَعَ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ لِقَوْمِهِ: أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَصَفَّ الرِّجَالَ , ثُمَّ الْوِلْدَانَ , ثُمَّ صَفَّ النِّسَاءِ خَلْفَ الْوِلْدَانِ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ , أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ , عَنِ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ , عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى أَنْ يُقَامَ الصِّبْيَانُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ» وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ فِي الصَّفِّ» مِسْعَرٌ , عَنِ ابْنِ أَبِي صُهَيْبٍ , كَانَ أَشْيَاخُنَا زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ , وَغَيْرُهُ , إِذَا رَأَوْنِي فِي الصَّفِّ أَخْرَجُونِي وَأَنَا صَبِيٌّ ". قَالَ إِسْحَاقُ: " فَإِذَا كَانَ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ فَمُنِعَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ , وَأَمَّا الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَيُمْنَعُونَ وَلَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ صَبِيٍّ بَلَغَ سَبْعًا مِنَ الْمَسْجِدِ , وَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ , وَأَمَّا مُجَانَبَةُ الصِّبْيَانِ الْمَسَاجِدَ إِذَا كَانُوا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَسُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ , بَلَغُوا سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ , لِمَا يُخْشَى مِنْ لَغَطِهِمْ وَلَعِبِهِمْ , فَأَمَّا إِذَا جَاءُوا بِحُضُورِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْنَعُوا , وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ: «حَافِظُوا عَلَى أَبْنَائِكُمَ الصَّلَاةَ , وَعَوِّدُوهُمُ الْخَيْرَ؛ فَإِنَّ الْخَيْرَ بِالْعَادَةِ. فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ أَنْ يُؤْمَرُوا بِالصَّلَاةِ صِغَارًا؛ لِيَعْتَادُوا فَلَا يُضَيِّعُوهَا كِبَارًا , فَإِذَا اعْتَادُوا قَبْلَ وُجُوبِ الْفَرْضِ عَلَيْهِمْ فَذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يَلْزَمُوهَا عِنْدَ وَقْتِ الْفَرْضِ عَلَيْهِمْ , فَأَمَّا الْفَرْضُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا كَانَ الِاحْتِلَامُ , أَوْ بُلُوغُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً , أَوِ الْإِنْبَاتُ , فَإِذَا بَلَغُوا مَا وَصَفْنَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمُ الْفَرَائِضُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ , وَأُقِيمَ عَلَيْهِمُ الْحُدُودُ» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ فِي الصَّبِيِّ: " إِذَا أَحْصَى الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ فَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ خَلْفَهُ وَأَكْلِ ذَبِيحَتِهِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ: وَالَّذِي أَقُولُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ أَمْرِ الصِّبْيَانِ أَنَّهُمْ لَا يَتَعَاهَدُونَ طَهَارَةَ أَبْدَانِهِمْ وَثِيَابِهِمْ , وَالطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ عَلَى مَا تَجِبُ , وَلَا يَعْرِفُونَ سُنَنَ الصَّلَاةِ , وَلَا النِّيَّةَ , وَلَا الْإِخْلَاصَ لَهَا , وَلَا الْخُشُوعَ فِيهَا , وَالْإِمَامُ يَدْعُو لِمَنْ خَلْفَهُ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ , يُقَالُ: هُوَ شَفِيعُ الْقَوْمِ , وَعَلَيْهِ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ أَوَّلًا , فَيَنْبَغِي أَنْ يُخْتَارَ لِلْإِمَامَةِ أَفْضَلُ الْقَوْمِ وَأَقْرَؤُهُمْ وَأَعْلَمُهُمْ بِسُنَّةِ الصَّلَاةِ وَالْحَوَادِثِ الَّتِي تَحْدُثُ فِيهَا. عَنِ الْحَسَنِ " كَانُوا يَخْتَارُونَ الْأَئِمَّةَ وَالْمُؤَذِّنِينَ , قَالَ: فَأَكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ الصَّبِيُّ إِمَامًا لِلْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّهَا يُتَخَوَّفُ مِنْهُمْ ". وَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ بَنِينَ لَهُ إِلَى الطَّائِفِ لِيَقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَتَعَلَّمَ عَبْدُ الْعَزِيزِ , وَكَانَ أَكْبَرُهُمْ , فَلَمَّا حَضَرَ رَمَضَانَ قَدَّمُوهُ فِيمَنْ يَؤُمُّهُمْ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُبَشِّرُ بِذَلِكَ , فَكَتَبَ إِلَى صَاحِبِهِ يَلُومُهُ وَيَقُولُ: «قَدَّمْتَ مَنْ لَمْ يَحْتَنِكْهُ السِّنُّ وَلَمْ تَدْخُلْهُ تِلْكَ النِّيَّةُ إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ فِي صَلَاتِهِمْ» , قَالَ: فَإِنْ كَانَ صَبِيٌّ قَدْ قَارَبَ الْإِدْرَاكَ وَعُرِفَ بِتَعَاهُدِ الصَّلَاةِ وَالتَّطَهُّرِ لَهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْمِ مِثْلُهُ فِي الْقِرَاءَةِ , فَأَمَّهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَذَلِكَ جَائِزٌ , وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ لَأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ وَهُمْ مُتَطَوِّعُونَ لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ نَعْلَمُهُ , وَإِنْ أَمَّهُمْ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صَلَاةِ مَنْ خَلْفَهُ. فَفِي مَذْهَبِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ صَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ لَأَنَّ إِمَامَهُمْ مُتَطَوِّعٌ وَهُمْ يُؤَدُّونَ الْفَرْضَ , وَغَيْرُ جَائِزٍ فِي قَوْلِهِمْ أَنْ يُصَلَّى الْفَرْضُ خَلْفَ مُتَطَوِّعٍ. وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: " لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ فِي صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ حَتَّى يَحْتَلِمَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ لَيْسَ مَعَهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ , فَإِنَّهُ يَؤُمُّهُمُ الْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " إِمَامَةُ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ جَفَاءٌ وَحَدَثٌ فِي الْإِسْلَامٍ , فَإِنْ قَدَّمَهُ فَصَلَّى بِهِمْ مَضَتْ صَلَاتُهُمْ. قَالَ: وَصَلَاتُهُمْ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ , وَعَامَّةِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ جَائِزَةٌ لَأَنَّهُمْ يُجِيزُونَ أَدَاءَ الْفَرْضِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُتَطَوِّعِ اتِّبَاعًا لِحَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ , ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فَيَؤُمُّهُمْ فِيهَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَخْبَارٍ سِوَى هَذَا