جزاك الله خيرا كثيرا أخي الكريم الفاضل أحمد ماهرالبدوى أعزكم الله وأسعدني مروركم الطيب
تابع التيه : *****
التيه وسيدنا يوسف عليه السلام هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم : خليل الرحمن صلوات الله عليهم وسلامه
وفي التوراة : أن فرعون ألزم بني إسرائيل البناء ، وضرب اللبن ، فبنوا له عدّة مدن محصنة منها فيثوم وعرمسيس. قال الشارح : هي الفيوم ، وحوف رمسيس ، وفي زمان الريان بن الوليد ، دخل يعقوب عليهالسلام ، وولده مصر ، وهم ثلاثة وسبعون نفسا ما بين رجل وامرأة ، فأنزلهم يوسف ما بين عين شمس إلى الفرما ، وهي أرض ريفية بريّة ، وكان يعقوب لما دنا من مصر أرسل ، يهودا إلى يوسف ، فخرج إليه يوسف ، فلقيه فالتزمه وبكى.
فلما دخل يعقوب على فرعون كلمه ، وكان يعقوب شيخا كبيرا حليما حسن الوجه واللحية جهير الصوت ، فقال له فرعون : أيها الشيخ كم أتى عليك؟ قال : عشرون ومائة ، وكان بهمن ساحر فرعون قد وصف صفة يعقوب ويوسف وموسى صلوات الله عليهم في كتبه ، وأخبر أن خراب مصر ، وهلاك أهلها يكون على أيديهم ، ووضع البربايات وصفات من تخرب مصر على يديه. فلما رأى يعقوب ، قام إلى مجلسه ، فكان أول ما سأله عنه أن قال : من تعبد أيها الشيخ؟ قال له يعقوب : أعبد الله إله كل شيء ، فقال : فكيف تعبد من لا ترى؟ قال يعقوب : إنه أعظم وأجلّ من أن يراه أحد ، قال : فنحن نرى آلهتنا؟ قال يعقوب : إن آلهتكم من عمل أيدي بني آدم من يموت ويبلى ، وإنّ إلهي لأعظم وأرفع ، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد ، فنظر بهمن إلى فرعون فقال : هذا الذي يكون هلاك بلادنا على يديه؟ قال فرعون : أفي أيامنا أو في أيام غيرنا؟ قال : ليس في أيامك ولا أيام بنيك ، قال الملك : فهل تجد هذا فيما قضى به إلهكم؟ قال : نعم ، قال : فكيف تقدر أن تقيل من يريد إلهه هلاك قومه على يديه؟ فلا يعبأ بهذا الكلام.
وعن كعب : أنّ يعقوب عاش في أرض مصر ست عشرة سنة ، فلما أحضرته الوفاة قال ليوسف : لا تدفني بمصر ، فإذا مت فاحملوني فادفنوني في مغارة جبل جيرون ، وجيرون مسجد إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وبينه وبين بيت المقدس ، ثمانية عشر ميلا.
قال : فلما مات لطخوه بمرّ وصبر وجعلوه في تابوت من ساج ، فكانوا يفعلون به ذلك أربعين يوما ، حتى كلم يوسف فرعون ، فأعلمه : أنّ أباه قد مات ، وإنه سأله أن يقبره في أرض كنعان ، فأذن له وخرج معه أشراف أهل مصر ، حتى دفنه ، وانصرف.
وقيل : قبر يعقوب بمصر ، فأقام بها نحوا من ثلاث سنين ، ثم حمل إلى بيت المقدس ، وأوصاهم بذلك عند موته.
قال : ثم مات الريان بن الوليد ، فملكهم من بعده ابنه دارم بن الريان ، وفي زمانه توفي يوسف عليهالسلام ، فلما حضرته الوفاة قال : إنكم ستخرجون من أرض مصر إلى أرض آبائكم ، فاحملوا عظامي معكم ، فمات فجعلوه في تابوت ، ودفنوه في أحد جانبي النيل ، فأخصب الجانب الذي كان فيه ، وأجدب الجانب الآخر ، فحوّلوه إلى الجانب الآخر ، فأخصب الجانب الذي حوّلوه إليه ، وأجدب الآخر.
فلما رأوا ذلك جمعوا عظامه ، فجعلوها في صندوق من حديد ، وجعلوا فيه سلسلة ، وأقاموا عمودا على شاطىء النيل ، وجعلوا في أصله سكة من حديد ، وجعلوا السلسلة في السكة ، وألقوا الصندوق في وسط النيل ، فأخصب الجانبان جميعا.
وكان سبب حمل عظام يوسف من مصر إلى الشام أنّ سارة ابنة أسر بن يعقوب عمّرت حتى صارت عجوزا كبيرة ذاهبة البصر ، فلما سرى موسى عليهالسلام ببني إسرائيل غشيتهم ضبابة ، حالت بينهم وبين الطريق أن يبصروه ، وقيل لموسى : لن تعبر إلّا ومعك عظام يوسف ، قال : ومن يدري أين موضعها؟ قالوا : عجوز كبيرة ذاهبة البصر تركناها في الديار ، فرجع موسى ، فلما سمعت حسه قالت : ما ردّك؟ قال : أمرت أن أحمل عظام يوسف ، قالت : ما كنتم لتعبروا إلا وأنا معكم ، قال : دليني على عظام يوسف ، فدلته عليها ، فأخذ عظام يوسف معه إلى التيه(١).
__________________ من كتاب المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزيّة
_________________
مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم
|