موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 93 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5 ... 7  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 10, 2012 2:15 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

وإياكم ومظالم العباد فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ... وظلم العباد أن تمنعهم حقوقهم التى أوجب الله عليك أداءها إليهم

وقد يكون ذلك بالحال فما تراه عليه من الاضطرار وأنت قادر واجد لسد خلته ودفع ضرورته فيتعين عليك أن تعلم أن له بحاله حقا فى مالك ... فإن الله ما أطلعك عليه إلا لتدفع إليه حقه وإلا فأنت مسئول .. فإن لم يكن لك بما تسد خلته فاعلم أن الله ما أطلعك على حاله سدى فاعلم أنه يريد منك أن تعينه بكلمة طيبة عند من تعلم أنه يسد خَلته .. فإن لم تعمل فلا أقل من دعوة تدعو له ولا يكون هذا إلا بعد بذل المجهود واليأس حتى لا يبقى عندك إلا الدعاء

ومهما غفلت عن هذا القدر فأنت من جملة من ظلم صاحب هذا الحال ... هذا كله إن مات ذلك المحتاج من تلك الحاجة .. فإن لم يمت وسد خَلَّته غيرك من المؤمنين فقد أسقط أخوك عنك هذه المطالبة من حيث لا يشعر ... فإن المؤمن أخو المؤمن لا يُسلمه
وإن لم ينو المعطى ذلك ولكن هكذا هو فى نفس الأمر وكذا يقبله الله .. فإذا أعطيت أنت سائلا بالحال ضرورته فانو فى ذلك أن تنوب عن أخيك المؤمن الأول الذى حرمه وتجعل ذلك منه إيثارا لجنابك عليه بذلك الخير الذى أبقاه من أجلك حتى تصيبه .. إذ لو أعطاه اقتنع بما أعطاه ولم تجد أنت ذلك الخير

فبهذه النية عطاء العارفين أصحاب الضرورات السائلين بأحوالهم وأقوالهم {وأما السائل فلا تنهر}

وسواء كان ذلك فى القوت المحسوس أو المعنوى .. فإن العلم من هذا الباب والإفادة .. فإن الضالَّ يطلب الهداية والجائع يطلب الإطعام والعارى يطلب الكسوة التى تقيه برد الهواء وحره وتستر عورته والجانى العالم بأنك قادر على مؤاخذته يطلب منك العفو عن جنايته ... فاهد الحيران وأطعم الجائع واسق الظمآن واكس العريان ... واعلم أنك فقير لما يفتقر إليك فيه والله غنى عن العالمين ... ومع هذا يجيب دعاءهم ويقضى حوائجهم ويسألهم أن يسألوه فى دفع المضار عنهم وإيصال المنافع إليهم ... فأنت أولى أن تعامل عباد الله بمثل هذا لحاجتك إلى الله فى هذه الأمور .

خرج مسلم فى الصحيح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمى عن مروان بن محمد الدمشقى عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبى إدريس الخولانى عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال ( يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا .. يا عبادى كلكم ضال إلا من هديته فاستهدونى أهدكم ... يا عبادى كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعمونى أطعمكم .. يا عبادى كلكم عار إلا من كسوته فاستكسونى أكسكم ... يا عبادى أنتم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى أغفر لكم )

والحق تعالى يعطيكم هذا كله من غير سؤال منك إياه فيه .. ولكن مع هذا أمرك أن تسأله فيعطيك إجابة لسؤالك ليريك عنايته بك حيث قبل سؤالك .. وهذه منزلة أخرى زائدة على ما أعطاك ... وإذا كان سؤالك عن أمره وقد علم منك أنك تسأله ولا بد من ضرورة أصل ما خلقت عليه من الحاجة والسؤال لتكون فى سؤالك مؤديا أمرا واجبا .. فتجزى جزاء من امتثل أمر الله فتزيد خيرا إلى خير

فما أمرك إلا رحمة بك وإيصال خير إليك .. ولينبهك على أن حاجتك إليه لا إلى غيره فإنه ما خلقك إلا لعبادته أى لتذل له

يتبع بمشيئة الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين سبتمبر 10, 2012 2:38 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
يستكمل رضى الله عنه قائلا :

فالذى أوصيك به الوقوف عند أوامر الحق ونواهيه .. والفهم عنه فى ذلك حتى تكون من العلماء بما أراده الحق منك فى أمره ونهيه إياك ... ومن لم يسأل ربه فقد بَخَّله .. هذا فى حق العموم

فإن فرطت فيما أوصيتك به فلا تلومن إلا نفسك .. فإنك إن كنت جاهلا فقد علمتك وإن كنت ناسيا وغافلا فقد نبهتك وذكَّرتك .. فإن كنت مؤمنا فإن الذكرى تنفعك فإنى قد امتثلت أمر الله بما ذكرتك به .. وانتفاعك بالذكرى شاهد لك بالإيمان .. قال الله عز وجل فى حقى وفى حقك {ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}

فإن لم تنفعك الذكرى فاتَّهم نفسك فى إيمانك .. فإن الله صادق .. وقد أخبر بأن الذكرى تنفع المؤمنين
ومن تمام هذا الخبر الإلهى الذى أوردناه بعد قوله ( أغفر لكم ) أن قال ( يا عبادى إنكم لن تبلغوا ضرى فتضرونى ... ولن تبلغوا نفعى فتنفعونى )

ومعلوم أنه سبحانه لا يتضرر ولا ينتفع فإنه الغنى عن العالمين .. ولكن لما أنزل نفسه منزلة عبده فيما ذكرناه من الاستطعام والاستسقاء .. نبهنا بالعجز عن بلوغ الغاية فى ضر العباد وفى نفعهم ... فمن المحال بلوغ الغاية فى ذلك .. ولكون الله قد قال فى حق قوم أنهم {اتبعوا ما أسخط الله} وهو فى الظاهر ضرر نزه نفسه عن ذلك .. وكذلك من فعل فعلا يرضى الله به ويفرحه كالتائب فى فرح الله بتوبة عبده

فكان هذا الخبر كالدواء لما يطرأ من المرض من ذلك فى بعض النفوس الضعيفة فى العلم بالله التى لا علم لها بما يعطيه قوله {ليس كمثله شىء}

ثم من تمام هذا الخبر قوله ( يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك فى ملكى شيئا .. يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكى شيئا .. يا عبادى لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا فى صعيد واحد فسألونى فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندى إلا كما ينقص المخيط إذا دخل فى البحر )

وهذا كله دواء لما ذكرناه من أمراض النفوس الضعيفة

فاستعمل يا ولى هذه الأدوية .. يقول الله ( إنما هى أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها .. فمن وجد خيرا فليحمد الله .. ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه )

ومن سأل عن حاجة فقد ذل .. ومن ذل لغير الله فقد ضل وظلم نفسه ولم يسلك بها طريق هداها

وهذه وصيتى إياك .. فالزمها ونصيحتى فاعلمها .. ومازال الله تعالى يوصى عباده فى كتابه وعلى ألسنة رسله .. فكل من أوصاك بما فى استعماله سعادتك فهو رسول من الله إليك .. فاشكره عند ربك .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء سبتمبر 26, 2012 2:16 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

إذا رأيت عالما لم يستعمله علمه فاستعمل أنت علمك فيه .. فى أدبك معه حتى توفى العالِم حقه من حيث ما هو عالم ... ولا تُحجب عن ذلك بحاله السىء .. فإن له عند الله درجة علمه فإن الإنسان يحشر يوم القيامة مع من أحب .. ومن تأدب مع صفة إلهية كسِيها يوم القيامة وحشر فيها

وعليك بالقيام بكل ما تعلم أن الله يحبه منك .. فتبادر إليه .. فإنك إذا تحليت به على طريق التحبب إليه تعالى أحبك .. وإذا أحبك أسعدك بالعلم به وبتجليه وبدار كرامته .. فينعمك فى بلائك .. والذى يحبه تعالى أمور كثيرة أذكر منها ما تيسر على جهة الوصية والنصيحة .

فمن ذلك التجمل لله

فإنه عبادة مستقلة ولا سيما فى عبادة الصلاة فإنك مأمور به .. قال الله تعالى {يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} وقال فى معرض الإنكار {قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون} وأكثر من هذا البيان فى مثل هذا فى القرآن

فلا يكون فرق بين زينة الله وزينة الحياة الدنيا إلا بالقصد والنية .. وإنما عين الزينة هى هى .. ما هى أمر آخر

فالنية روح الأمور .. وإنما لامرئ ما نوى .. فالهجرة من حيث ما كانت .. هجرة واحدة العين .. فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه .. وكذلك ورد فى الصحيح فى بيعة الإمام فى الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم .. وفيه : ( ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه منها لم يفِ )

فالأعمال بالنيات وهو أحد أركان بيت الإسلام .. وورد فى الصحيح فى مسلم أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله إنى أحب أن يكون نعلى حسنا وثوبى حسنا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله جميل يحب الجمال ) .. وقال ( إن الله أولى من تتجمل له ) .

يتبع بمشيئة الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس سبتمبر 27, 2012 1:05 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
ومن هذا الباب

كون الله تعالى لم يبعث إليه جبريل فى أكثر نزوله عليه إلا فى صورة دحية وكان أجمل أهل زمانه .. وبلغ من أثر جماله فى الخلق أنه لما قدم المدينة واستقبله الناس ما رأته امرأة حامل إلا ألقت ما فى بطنها

فكأن الحق يقول - يبشر نبيه صلى الله عليه وسلم بإنزال جبريل عليه فى صورة دحية - : يا محمد ما بينى وبينك إلا صورة الجمال ... يخبره تعالى بما له فى نفسه سبحانه بالحال

فمن فاته التجمل لله كما قلناه فقد فاته من الله هذا الحب الخاص المعين .. وإذا فاته هذا الحب الخاص المعين فاته من الله ما ينتجه من علم وتجل وكرامة فى دار السعادة ومنزلة فى كثيب الرؤية وشهود معنوى علمى روحى فى هذه الدار الدنيا فى سلوكه ومشاهِده

ولكن كما قلنا .. ينوى بذلك التجمل لله .. لا للزينة والفخر بعرض الدنيا والزهو والعجب والبطر على غيره .

ومن ذلك

الرجوع إلى الله عند الفتنة ... ( فإن الله يحب كل مفتنَّ تواب ) كذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال الله عز وجل {خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا} والبلاء والفتنة بمعنى واحد وليس إلا الاختبار لما هو الإنسان عليه من الدعوى {إن هى إلا فتنتك} أى اختبارك {تضل بها من تشاء} أى تحيره {وتهدى} بها {من تشاء} أى تبين له طريق نجاته فيها

وأعظم الفتن النساء والمال والولد والجاه ... هذه الأربعة إذا ابتلى الله بها عبدا من عباده أو بواحد منها وقام فيها مقام الحق فى نصبها له ورجع إلى الله فيها ولم يقف معها من حيث عينها وأخذها نعمة إلهية .. أنعم الله عليه بها

فردته إليه تعالى وأقامته فى مقام حق الشكر الذى أمر الله نبيه عليه السلام موسى به .. فقال له : يا موسى اشكرنى حق الشكر .. قال موسى : يا رب وما حق الشكر .. قال له : يا موسى إذا رأيت النعمة منى فذلك حق الشكر . ذكره ابن ماجه فى سننه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ولما غفر الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ما تقدم من ذنبه وما تأخر ... وبشره بذلك فى قوله تعالى {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} قام حتى تورمت قدماه شكرا لله تعالى على ذلك ... فما فتر ولا جنح إلى الراحة .. ولما قيل له فى ذلك وسئل فى الرفق بنفسه قال صلى الله عليه وسلم ( أفلا أكون عبدا شكورا ) ... وذلك لما سمع الله يقول إن الله يحب الشاكرين

فإن لم يقم فى مقام شكر المنعِم فاته من الله هذا الحب الخاص بهذا المقام الذى لا يناله من الله إلا الشكور .. فإن الله يقول {وقليل من عبادى الشكور}

وإذا فاته .. فاته ما له من العلم بالله والتجلى والنعيم الخاص به فى دار الكرامة وكثيب الرؤية يوم الزور الأعظم .. فإنه لكل حب إلهى من صفة خاصة .. علم وتجل ونعيم ومنزلة لا بد من ذلك يمتاز بها صاحب تلك الصفة من غيره .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 12:51 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
قال الشيخ الأكبر :

فأما فتنة النساء فصورة رجوعه إلى الله فى محبتهن .. بأن يرى أن الكل أحب بعضه وحن إليه فما أحب سوى نفسه .. لأن المرأة فى الأصل خلقت من الرجل من ضلعه القصيرى .. فينزلها من نفسه منزلة الصورة التى خلق الله الإنسان الكامل عليها وهى صورة الحق ... فجعلها الحق مجلى له .. وإذا كان الشىء مجلى للناظر فلا يرى الناظر فى تلك الصورة إلا نفسه

فإذا رأى فى هذه المرأة نفسه اشتد حبه فيها وميله إليها لأنها صورته .. وقد تبين لك أن صورته صورة الحق التى أوجده عليها .. فما رأى إلا الحق .. ولكن بشهوة حب والتذاذ وصلة يفنى فيها فناء حق بحب صدق .. وقابلها بذاته مقابلة المثلية ولذلك فنى فيها
فما من جزء فيه إلا وهو فيها .. والمحبة قد سرت فى جميع أجزائه فتعلق كله بها .. فلذلك فنى فى مثله الفناء الكلى .. بخلاف حبه غير مثله .. فاتحد بمحبوبه إلى أن قال

أنا من أهوى ومن أهوى أنا

وقال الآخر فى هذا المقام : أنا الله ... فإذا أحببت مثلك شخصا هذا الحب ردك إلى الله شهودك فيه هذا الرد ... فأنت ممن أحبه الله .. وكانت هذه الفتنة فتنة أعطتك المهداة .

وأما الطريقة الأخرى فى حب النساء فإنهن محالُّ الانفعال والتكوين لظهور أعيان الأمثال فى كل نوع ... ولا شك أن الله ما أحب أعيان العالم فى حال عدم العالم إلا لكون تلك الأعيان محل الانفعال

فلما توجه عليها من كونه مريدا قال لها كن فكانت .. فظهر ملكه بها فى الوجود .. وأعطت تلك الأعيان الله حقه فى ألوهته .. فكان إلها فعبدته تعالى بجميع الأسماء بالحال .. سواء علمت تلك الأسماء أو لم تعلمها

فما بقى اسم لله إلا والعبد قد قام فيه بصورته وحاله .. وإن لم يعلم نتيجة ذلك الاسم .. وهو الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دعائه بأسماء الله ( أو استأثرت به فى علم غيبك أو علَّمته أحدا من خلقك ) يعنى من أسمائه أن يعرف عينه حتى يفصله من غيره علما .. فإن كثيرا من الأمور فى الإنسان بالصورة والحال ولا يعلم بها ويعلم الله منه أن ذلك فيه

فإذا أحب المرأة لما ذكرناه فقد رده حبها إلى الله تعالى فكانت نعمة الفتنة فى حقه فأحبه الله برجعته إليه تعالى فى حبه إياها
وأما تعلقه بامرأة خاصة فى ذلك دون غيرها - وإن كانت هذه الحقائق التى ذكرناها سارية فى كل امرأة - فذلك لمناسبة روحانية بين هذين الشخصين فى أصل النشأة والمزاج الطبيعى والنظر الروحى .. فمنه ما يجرى إلى أجل مسمى .. ومنه ما يجرى إلى غير أجل بل أجله الموت .. والتعلق لا يزول .. كحب النبى صلى اله عليه وسلم عائشة .. فإنه كان يحبها أكثر من حبه جميع نسائه .. وحبه أبا بكر أيضا وهو أبوها

فهذه المناسبات الثوانى هى التى تعيِّن الأشخاص .. والسبب الأول هو ما ذكرناه .

ولذلك الحب المطلق والسماع المطلق والرؤية المطلقة التى يكون عليها بعض عباد الله .. ما تختص بشخص فى العالم دون شخص .. فكل حاضر عنده له محبوب وبه مشغول .. ومع هذا لا بد من ميل خاص لبعض الأشخاص لمناسبة خاصة مع هذا الإطلاق .. لا بد من ذلك

فإن نشأة العالم تعطى فى آحاده هذا لا بد من تقييد .. والكامل من يجمع بين التقييد والإطلاق ... فالإطلاق مثل قول النبى صلى الله عليه وسلم ( حبب إلى من دنياكم ثلاث النساء ) وما خص امرأة من امرأة

ومثل التقييد ما روى من حبه عائشة أكثر من سائر نسائه لنسبة إلهية روحانية قيدته بها دون غيرها مع كونه يحب النساء
فهذا قد ذكرنا من الركن الواحد ما فيه كفاية لمن فهم

يتبع بمشيئة الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 1:03 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
قال الشيخ الأكبر :

وأما الركن الثانى من بيت الفتن وهو الجاه المعبر عنه بالرئاسة ... يقول فيه الطائفة التى لا علم لها منهم : آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرئاسة

فالعارفون من أصحاب هذا القول .. ما يقولون ذلك على ما تفهمه العامة من أهل الطريق منهم .. وإنما ذلك على ما نبينه من مقصود الكمل من أهل الله بذلك

وذلك أن فى نفس الإنسان أمورا كثيرة خبأها الله فيه وهو {الذى يخرج الخبء فى السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون} أى ما ظهر منكم وما خفى مما لا تعلمونه منكم فيكم ... فلا يزال الحق يخرج لعبده من نفسه مما أخفاه فيها ما لم يكن يعرف أن ذلك فى نفسه .. كالشخص الذى يرى منه الطبيب من المرض ما لا يعرفه العليل من نفسه .. كذلك ما خبأ الله فى نفوس الخلق ... ألا تراه يقول ( من عرف نفسه عرف ربه )

وما كل أحد يعرف نفسه مع أن نفسه عينه لا غير ذلك ... فلا يزال الحق يخرج للإنسان من نفسه ما خبأه فيها فيشهده فيعلم من نفسه عند ذلك ما لم يكن يعلمه قبل ذلك

فقالت الطائفة الكبيرة : آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرئاسة ... فيظهر لهم إذا خرج فيحبون الرئاسة بحب غير حب العامة لها .. فإنهم يحبونها من كونهم على ما قال الله فيهم إنه سمعهم وبصرهم وذكر جميع قواهم وأعضائهم

فإذا كانوا بهذه المثابة .. فما أحبوا الرئاسة إلا بالله .. إذ التقدم لله على العالم .. فإنهم عبيده

وما كان الرئيس إلا بالمرءوس وجودا وتقديرا ... فحبه للمرءوس أشد الحب لأنه المثبت له الرئاسة .. فلا أحب من المِلك فى مُلكه لأن مُلكه المثبت له كونه مَلِكا

فهذا معنى آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرئاسة لهم فيرونه ويشهدونه ذوقا لا أنه يخرج من قلوبهم فلا يحبون الرئاسة ... فإنهم إن لم يحبوها فما حصل لهم العلم بها ذوقا .. وهى الصورة التى خلقهم الله عليها فى قوله ( إن الله خلق آدم على صورته ) ... فى بعض تأويلات هذا الخبر ومحتملاته فاعلم ذلك .

يتبع بمشيئة الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 1:21 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
يقول الفقير مريد الحق :

أما حديث (حبب إلى من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرة عينى فى الصلاة )

قال العجلونى فى كشف الخفاء (1/338) :

هكذا اشتهر على الألسنة ، وترجم به النجم ، لكن ذكره في المقاصد وكثيرون بدون " من دنياكم ثلاث " وقال : رواه الطبراني في الأوسط والصغير عن أنس رفعه ، وكذا الخطيب في تاريخ بغداد مقتصرا على جملة جعلت إلخ ، قال ورواه النسائي عن أنس بلفظ الترجمة ، والحاكم بدون جعلت وقال صحيح على شرط مسلم ، وأخرجه ابن عدي عن أنس بلفظ حبب إلي من الدنيا : النساء ، والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة ، وأخرجه أيضا وأبو يعلى في مسنديهما وأبو عوانة في مستخرجه ، والطبراني في الأوسط ، والبيهقي في سننه وآخرون ... قال :

كما بينت ذلك موضحا في جزء أفردته لهذا الحديث انتهى ملخصا

ثم قال : ورواه الديلمي بلفظ ( حبب إلي كل شئ وحببت إلي النساء إلخ ) ، وذكر أن الإمام أحمد رواه في الزهد بزيادة وهي ( أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن ) .

قال : وأما ما اشتهر من زيادة " ثلاث " فلم أقف عليها إلا في موضعين من الإحياء ، وفي تفسير آل عمران من الكشاف ، وما رأيتها في شئ من طرق هذا الحديث بعد مزيد التفتيش ، قال : وبذلك صرح الزركشي ، بل قال : زيادتها محيلة للمعنى فإن الصلاة ليست من الدنيا ، وقد تكلم الإمام أبو بكر بن فورك على معناه في جزء مفرد ووجهها فيه ، وهذا يسمى عندهم طيا ، وهو أن يذكر جمع ، ثم يؤتى ببعضهم ويسكت عن الباقي لغرض كالتكثير فتأمل

وأنشد الزمخشري عليه : كانت حنيفة أثلاثا : فثلثهم * من العبيد ، وثلث من مواليها وقيل الثالثة " وجعلت قرة عيني في الصلاة " ، فلا حذف

وقال في المواهب : وقع في الإحياء والكشاف وكثير من كتب الفقهاء " حبب إلي من دنياكم ثلاث : النساء ، والطيب وجعلت في قرة عيني في الصلاة " ، وقال بعض العلماء وغيره : من رواه " حبب إلي من دنياكم ثلاث " فقد وهم ، ولم يقل عليه السلام ثلاث إذ الصلاة ليست من أمور الدنيا التي تضاف إليها بل هي عبادة محضة ، نعم يصح أن تضاف إليها لكونها ظرفا لوقوعها فيها

وكذا قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي تبعا لأصله ، والولي ابن العراقي في أماليه إن لفظ " ثلاث " لم يقع في شئ من طرقه ، بل هي مفسدة للمعنى انتهى ملخصا

وأقول : في قولهم " بل هي مفسدة للمعنى " كقول الزركشي " زيادة ثلاث محيلة للمعنى " إلخ نظر وإن أقروه ، بل المحيل زيادة " من دنياكم ثلاث " لا لفظ " ثلاث " فقط ، فتأمل

وقال الجلال السيوطي في تخريج أحاديث الشفا : أخرجه النسائي والحاكم عن أنس بدون " ثلاث " ، لكن عند أحمد عن عائشة : كان يعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ثلاثة أشياء : النساء والطيب والطعام ، فأصاب اثنتين ولم يصب واحدة ، أصاب النساء والطيب ، ولم يصب الطعام ، إسناده صحيح إلا أن فيه رجلا لم يسم ، انتهى ، وأقول : يؤخذ منه أن الثالثة هي الطعام ، على فرض ثبوت " ثلاث " فتأمل

وقال القاري : وأما صحته من جهة المعنى فلوقوعه قرة عينه في الدنيا جعل كأنه منها ، ويؤيد ما جاء في رواية " الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة " انتهى

يتبع


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 02, 2012 1:31 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346

وأما حديث ( من عرف نفسه فقد عرف ربه )

فقد قال الإمام السخاوى فى المقاصد الحسنة (1/220) .. وتبعه فى ذلك الإمام السيوطى فى الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة (1/18) :

حديث ( من عرف نفسه فقد عرف ربه ) قال أبو المظفر ابن السمعاني في الكلام على التحسين والتقبيح العقلي من القواطع أنه لا يعرف مرفوعاً، وإنما يحكي عن يحيى بن معاذ الرازي يعني من قوله .. وكذا قال النووي : إنه ليس بثابت .

وقيل في تأويله من عرف نفسه بالحدوث عرف ربه بالقدم ومن عرف نفسه بالفناء عرف ربه بالبقاء. انتهى

وقال العجلونى فى كشف الخفاء (2/262) :

وقال ابن الغرس بعد أن نقل عن النووي أنه ليس بثابت .. قال : لكن كتب الصوفية مشحونة به يسوقونه مساق الحديث كالشيخ محي الدين بن عربي وغيره.

قال : وذكره لنا شيخنا الشيخ حجازي الواعظ شارح الجامع الصغير للسيوطي بأن الشيخ محي الدين بن عربي معدود من الحفاظ.

وذكر بعض الأصحاب أن الشيخ محي الدين قال : هذا الحديث وإن لم يصح من طريق الرواية فقد صح عندنا من طريق الكشف.

وللحافظ السيوطي فيه تأليف لطيف سماه " القول الأشبه في حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه " .

وقال النجم قلت : وقع في أدب الدين والدنيا للماوردي عن عائشة سئل النبي صلى الله عليه وسلم من أعرف الناس بربه ؟ قال ( أعرفهم بنفسه ).

بقول الفقير مريد الحق :

هذا من ناحية الصناعة الحديثية والرواية ... وأما نفس الأمر .. وما جاء عن طريق الكشف .. فعلم ذلك عن ربى ... وليس بالضرورة أن يدل ضعف الإسناد .. أو عدم الثبوت .. على عدم صحة الورود .

والله أعلى وأعلم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أكتوبر 10, 2012 1:26 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
يقول الشيخ الأكبر رضى الله عنه :

والجاه إمضاء الكلمة .. ولا أمضى كلمة من قوله {إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} فأعظم الجاه من كان جاهه بالله ... فيرى هذا العبد مع بقاء عينه فيعلم عند ذلك أنه المثل الذى لا يماثل .. فإنه عبْد ربٌّ ... والله عز وجل رب لا عبد ... فله الجمعية وللحق الانفراد .

وأما الركن الثالث ... وهو المال .. وما سمى المال بهذا الاسم إلا لكونه يُمال إليه طبعا .. فاختبر الله به عباده حيث جعل تيسير بعض الأمور بوجوده وعلق القلوب بمحبته صاحب المال وتعظيمه .. ولو كان بخيلا ... فإن العيون تنظر إليه بعين التعظيم لتوهم النفوس باستغنائه عنهم لما عنده من المال .. وربما يكون صاحب المال أشد الناس فقرا إليهم فى نفسه ولا يجد فى نفسه الاكتفاء ولا القناعة بما عنده .. فهو يطلب الزيادة مما بيده

ولما رأى العالم ميل القلوب إلى رب المال لأجل المال أحبوا المال .. فطلب العارفون وجها إلهيا يحبون به المال إذ ولا بد من حبه .... وهنا موضع الفتنة والابتلاء التى لها الضلالة والمهداة

فأما العارفون ... فنظروا إلى أمور إلهية .. منها قوله تعالى {وأقرضوا الله قرضا حسنا} فما خاطب إلا أصحاب الجِدة .. فأحبوا المال ليكونوا من أهل هذا الخطاب .. فيلتذوا بسماعه حيث كانوا

فإذا أقرضوه رأوا أن الصدقة تقع بيد الرحمن ... فحصل لهم بالمال وإعطائه مناولة الحق منهم ذلك .. فكانت لهم وصلة المناولة .. وقد شرف الله آدم بقوله {لما خلقت بيدى}

فمن يعطيه عن سؤاله القرض أتم فى الالتذاذ بالشرف ممن خلقه بيديه ... فلولا المال ما سمعوا ولا كانوا أهلا لهذا الخطاب الإلهى ولا حصل لهم بالقرض هذا التناول الربانى فإن ذلك يعم الوصلة مع الله .. فاختبرهم الله بالمال ثم اختبرهم بالسؤال منه ... وأنزل الحق نفسه منزلة السائلين من عباده أهل الحاجة أهل الثروة منهم والمال بقوله فى الحديث المتقدم فى هذا الباب ( يا عبدى استطعمتك فلم تطعمنى .. واستسقيتك فلم تسقنى )

فكان لهم بهذا النظر حب المال فتنة ... فهداه إلى مثل هذا .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أكتوبر 10, 2012 2:39 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وأما فتنة الولد ... فلكونه سر أبيه وقطعة من كبده وألصق الأشياء به ... فحبه حب الشىء نفسه ... ولا شىء أحب إلى الشىء من نفسه

فاختبره الله بنفسه فى صورة خارجة عنه سماه ولدا ليرى هل يحجبه النظر إليه عما كلفه الحق من إقامة الحقوق عليه

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حق ابنته فاطمة ومكانتها من قلبه .. المكانة التى لا تجهل ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت قطعت يدها ) ... وجلد عمر بن الخطاب ابنه فى الزنا فمات ونفسه بذاك طيبة .... وجاد ماعز بنفسه ... والمرأة فى إقامة الحد عليهما الذى فيه إتلاف نفوسهما .... وقال فى توبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وأى توبة أعظم من أن جادت بنفسها )

والجود بإقامة الحق المكروه على الولد أعظم فى البلاء ... يقول الله فى موت الولد فى حق الوالد ( ما لعبدى المؤمن إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا عندى جزاء إلا الجنة )

فمن أحكم هذه الأركان التى هى من أعظم الفتن وأكبر المحن وآثر جناب الحق وراعاه فيها فذلك الرجل الذى لا أعظم منه فى جنسه .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أكتوبر 17, 2012 1:12 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
ومن وصيتى إياك

أنك لا تنام إلا على وتر ... لأن الإنسان إذا نام قبض الله روحه إليه فى الصورة التى يرى نفسه فيها إن رأى رؤيا .. فإن شاء ردها إليه إن كان لم ينقض عمره .. وإن شاء مسكها إن كان قد جاء أجله

فالاحتياط أن الإنسان الحازم لا ينام إلا على وتر .. فإذا نام على وتر نام على حالة وعمل يحبه الله .

ورد فى الخبر الصحيح ( إن الله وتر يحب الوتر ) فما أحب إلا نفسه .. وأى عناية وقرب أعظم من أن أنزلك منزلة نفسه فى حبه إياك ... إذا كنت من أهل الوتر فى جميع أفعالك التى تطلب العدد والكمية

وقد أمرك الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقال ( أوتروا ياأهل القرآن ) وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته
وكذلك إذا اكتحلت فاكتحل وترا فى كل عين واحدة أو ثلاثة ... فإن كل عين عضو مستقل بنفسه

وكذلك إذا طعمت فلا تنزع يدك إلا عن وتر ... وكذلك شربك الماء فى حسواتك إياه اجعلها وترا ... وإذا أخذك الفواق اشرب من الماء سبع حسوات فإنه ينقطع عنك ... هذا جربته بنفسى ... وإذا تنفست فى شربك فتنفس ثلاث مرات وأزل القدح عن فيك عند التنفس ... هكذا أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فإنه أبرأ وأمرأ وأروى ) .

وإذا تكلمت بالكلمة لتفهم السامع فأعِدها عليه ثلاث مرات وترا حتى يفهم عنك ... فهكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

فإنى ما أوصيك إلا بما جرت السنة الإلهية عليه .. وهذا هو عين الاتباع الذى أمرك الله تعالى به فى القرآن فقال {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله}

فهذه محبة الجزاء .. وأما محبته الأولى التى ليست جزاء فهى المحبة التى وفقك بها للاتباع .. فحبك قد جعله الله بين حبين إلهيين .. حب مِنَّة وحب جزاء ... فصارت المحبة بينك وبين الله وترا

حب المنة وهو الذى أعطاك التوفيق للاتباع .. وحبك إياه .. وحبه إياك جزاء من كونك اتبعت ما شرعه لك {لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة}

وبهذه الآية ثبتت عصمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لو لم يكن معصوما ما صح التأسى به .. فنحن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم فى جميع حركاته وسكناته وأفعاله وأحواله وأقواله ما لم ينه عن شىء من ذلك على التعيين فى كتاب أو سنة .. مثل نكاح الهبة {خالصة لك من دون المؤمنين} ومثل وجوب قيام الليل عليه والتهجد ... فهو صلى الله عليه وسلم يقومه فرضا ونحن نقومه تأسيا ندبا .. فاشتركنا فى القيام

يقول أبو هريرة : أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بثلاث .. فأوتر - فى وصيته - وألا أنام إلا على وتر .

وورد فى الحديث الصحيح ( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة فإن الله وتر يحب الوتر )

وقد تقدم فى هذا الكتاب فى باب سؤالات الترمذى الحكيم وهو آخر أبواب فصل المعارف حب الله التوابين والمتطهرين والشاكرين والصابرين والمحسنين وغيرهم مما ورد أن الله يحب إتيانه كما وردت أشياء لا يحبها الله قد ذكرناها فى هذا الكتاب فأغنى عن إعادتها .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد أكتوبر 21, 2012 11:41 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

عليك بمراقبة الله عز وجل فيما أخذ منك وفيما أعطاك ... فإنه تعالى ما أخذ منك إلا لتصبر فيحبك .. فإنه يحب الصابرين ... وإذا أحبك عاملك معاملة المحب محبوبَه .. فكان لك حيث تريد .. إذا اقتضت إرادتك مصلحتك .. وإذا لم تقتض إرادتك مصلحتك فعل بحبه إياك معك ما تقتضيه المصلحة فى حقك

وإن كنت تكره فى الحال فعله معك فإنك تحمد بعد ذلك عاقبة أمرك .. فإن الله غير متهم فى مصالح عبده إذا أحبه ... فميزانك فى حبه إياك أن تنظر إلى ما رزقك من الصبر على ما أخذه منك ورزأك فيه من مال أو أهل أو ما كان مما يعز عليك فراقه ... وما من شىء يزول عنك من المألوفات إلا ولك عوض منه عند الله .. إلا الله ... كما قال بعضهم

لكل شىء إذا فارقته عِوضٌ
وليس لله إن فارقت من عوضِ

فإنه لا مِثل له

وكذلك إذا أعطاك وأنعم عليك .. ومن جملة ما أنعم به عليك وأعطاك .. الصبر على ما أخذه منك .. فأعطاك لتشكر كما أخذ منك لتصبر ... فإنه تعالى يحب الشاكرين

وإذا أحبك حب الشاكرين غفر لك ... قال رسول صلى الله عليه وسلم فى رجل رأى غصن شوك فى طريق الناس فنحَّاه فشكر الله فعله فغفر له .. فإن الإيمان بضع وسبعون شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق - وهو ما ذكرناه - وأرفعها قول لا إله إلا الله

فالمؤمن الموفق يبحث عن شعَب الإيمان فيأتيها كلها .. وبحثه عن ذلك من جملة شعب الإيمان .. فذلك هو المؤمن الذى حاز الصفة وملأ يديه من الخير

وما شكرك الله بسبب أمر أتيته مما شرع لك الإتيان به إلا لتزيد فى أعمال البر .. كما أنك إذا شكرته على ما أنعم به عليك زادك من نعمه لقوله ( لئن شكرتم لأزيدنكم )

ووصف نفسه بأنه يشكر عباده .. فهو الشكور .. فزده كما زادك لشكرك . ومع هذا فاعتقد أن كل شىء عنده بمقدار وكل شىء فى الدنيا يجرى إلى أجل مسمى عند الله .. فما ثم شىء فى العالم إلا وهو لله

فإن أخذه منك .. فما أخذه إلا إليه .. وإن أعطاك فما أعطاك إلا منه .. فالأمر كله منه وإليه .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء أكتوبر 30, 2012 11:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
تابع الشيخ الأكبر بقوله :

وكفى بك إذا علمت أن الأمر على ما أعلمتك أن تكون مع الله تشهده فى جميع أحوالك من أخذ وعطاء .. فإنك لن تخلو فى نفسك من أخذ وعطاء فى كل نفَس

أول ذلك أنفاسك التى بها حياتك .. فيأخذ منك نفسك الخارج بما خرج من ذكر من قلب أو لسان .. فإن كان خيرا ضاعف لك أجره وإن كان غير ذلك فمن كرمه وعفوه يغفر لك ذلك .. ويعطيك نَفَسَك الداخل بما شاءه وهو وارد وقتك .. فإن ورد بخير فهو نعمة من الله فقابلها بالشكر .. وإن كان غير ذلك مما لا يرضى الله فاسأله المغفرة والتجاوز والتوبة .. فإنه ما قضى بالذنوب على عباده إلا ليستغفروه فيغفر لهم ويتوبوا إليه فيتوب عليهم

وورد فى الحديث ( لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون ويتوبون فيغفر الله لهم ويتوب عليهم ) حتى لا يتعطل حكم من الأحكام الإلهية فى الدنيا

ورد فى الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شىء عنده بأجل مسمى ) فإذا انتهى أجله انقضى وجاء غيره ... وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا معرِّفا إيانا بما هو الأمر عليه لنسلم الأمر إليه فنرزق درجة التسليم والتفويض مع بذل المجهود فيما يحب منا أن نرجع إليه فيه بحسب الحال .. إن كان فى المخالفة فبالتوبة والاستغفار .. وفى الموافقة بالشكر وطلب الإقامة على طاعة الله وطاعة رسوله .. ونجد عزاء فى نفوسنا بمعرفتنا أن كل شىء عند الله فى الدنيا يجرى إلى أجل مسمى

وللصابرين حمد يخصهم .. وهو الحمد لله على كل حال ..وللشاكرين حمد يخصهم .. وهو الحمد لله المنعم المفضل .. كذا كان يحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل فى حالة السراء والضراء

والتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك أولى من أن نستنبط حمدا آخر .. فإنه لا أعلى مما وضعه العالم المكمل الذى شهد الله له بالعلم به وأكرمه برسالته واختصاصه .. وأمرنا بالاقتداء به واتباعه

فلا تحدث أمرا ما استطعت .. فإنك إذا سننت سنة لم يجئ مثلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى حسنة فإن لك أجرها وأجر من عمل بها .. وإذا تركت تسنينها اتباعا لكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنَّها فإن أجرك فى اتباعك ذلك - أعنى ترك التسنين - أعظم من أجرك من حيث ما سننت بكثير .. فإن النبى صلى الله عليه وسلم كان يكره كثرة التكليف على أمته .. وكان يكره لهم أن يسألوا فى أشياء .. مخافة أن ينزل عليهم فى ذلك ما لا يطيقونه إلا بمشقة .. ومن سن فقد كلَّف .. وكان النبى صلى الله عليه وسلم أولى بذلك ولكن تركه تخفيفا .. فلهذا قلنا الاتباع فى الترك أعظم أجرا من التسنين

فاجعل بالك لما ذكرته لك ... ولقد بلغنى عن الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه أنه ما أكل البطيخ فقيل له فى ذلك فقال : ما بلغنى كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكله .. فلما لم تبلغ إليه الكيفية فى ذلك تركه

وبمثل هذا تقدم علماء هذه الأمة على سائر علماء الأمم .. هكذا هكذا .. وإلا فلا لا فهذا الإمام علِم وتحقق معنى قوله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم {فاتبعونى يحببكم الله} وقوله {لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة}

والاشتغال بما سن من فعل وقول وحال أكثر من أن نحيط به .. فكيف أن نتفرغ لِنَسُنَّ .. فلا نكلف الأمة أكثر مما ورد .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 15, 2012 1:12 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346
وصية

عليك بأداء الأوجب من حق الله وهو ألا تشرك به شيئا .. من الشرك الخفى الذى هو الاعتماد على الأسباب الموضوعة والركون إليها بالقلب والطمأنينة بها .. وهى سكون القلب إليها وعندها ... فإن ذلك من أعظم رزية دينية فى المؤمن وهو - والله أعلم - قوله من باب الإشارة {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} يعنى - والله أعلم به - هذا الشرك الخفى الذى يكون معه الإيمان بوجود الله

والنقص فى الإيمان .. بتوحيد الله فى الأفعال لا فى الألوهة .. فإن ذلك هو الشرك الجلى الذى يناقض الإيمان بتوحيد الله فى ألوهته لا الإيمان بوجود الله

ورد فى الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( أتدرون ما حق الله على العباد .. أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا ) فأتى بلفظة " شىء " .. وشىء نكرة .. فدخل فيه الشرك الجلى والخفى

ثم قال ( أتدرون ما حقهم على الله إذا فعلوا ذلك .. ألا يعذبهم )

فاجعل بالك من قوله " ألا يعذبهم " فإنهم إذا لم يشركوا بالله شيئا لم يتعلق لهم خاطر إلا بالله إذ لم يكن لهم توجه إلا إلى الله ... وإذا أشركوا بالله الشرك الناقض للإسلام أو الشرك الخفى الذى هو النظر إلى الأسباب المعتادة .. فإن الله قد عذبهم بالاعتماد عليها لأنها معرضة للفقد

ففى حال وجودها يتعذبون بتوهم فقدها وبما ينقص منها .. وإذا فقدوها تعذبوا بفقدها .. فهم معذبون على كل حال .. فى وجود الأسباب .. وفقدها

وإذا لم يشركوا بالله شيئا من الأسباب استراحوا ولم يبالوا بفقدها ولا بوجودها .. فإن الذى اعتمدوا عليه وهو الله قادر على إتيان الأمور من حيث لا يحتسبون .. كما قال تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا • ويرزقه من حيث لا يحتسب}

ولقد قال فى ذلك بعضهم نظما وهو :

ومن يتق الله يجعل له
كما قال من أمره مخرجا

ويرزقه من غير حسبانه
وإن ضاق أمرٌ به فرَّجا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: وصايا مهمة للسالكين - للشيخ محيى الدين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس نوفمبر 15, 2012 2:16 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm
مشاركات: 1346

فمن علامة التحقق بالتقوى أن يأتى للمتقى رزقه من حيث لا يحتسب .. وإذا أتاه من حيث يحتسب فما تحقق بالتقوى ولا اعتمد على الله .. فإن معنى التقوى فى بعض وجوهه أن تتخذ الله وقاية من تأثير الأسباب فى قلبك باعتمادك عليها ... والإنسان أبصر بنفسه وهو يعلم من نفسه بمن هو أوثق وبما تسكن إليه نفسه .. ولا يقول إن الله أمرنى بالسعى على العيال وأوجب على النفقة عليهم فلا بد من الكد فى الأسباب التى جرت العادة أن يرزقهم الله عندها

فهذا لا يناقض ما قلناه ... فنحن إنما نهيناك عن الاعتماد عليها بقلبك والسكون عندها ... ما قلنا لك لا تعمل بها

ولقد نمت عند تقييدى هذا الوجه ثم رجعت إلى نفسى وأنا أنشد بيتين لم أكن أعرفهما قبل ذلك وهما :

لا تعتمد إلا على الله
فكل أمر بيد الله

وهذه الأسباب حُجَّابه
فلا تكن إلا مع الله

فانظر فى نفسك .. فإن وجدت أن القلب سكن إليها فاتهم إيمانك .. واعلم أنك لست ذلك الرجل

وإن وجدت قلبك ساكنا مع الله واستوى عندك حالة فقد السبب المعين وحالة وجوده ولكن مع الفقد يكون ذلك ... فاعلم أنك ذلك الرجل الذى آمن ولم يشرك بالله شيئا .. وإنك من القليل .. فإن رزقك من حيث لا تحتسب فذلك بشرى من الله أنك من المتقين

ومن سر هذه الآية .. أن الله وإن رزقك من السبب المعتاد الذى فى خزانتك وتحت حكمك وتصريفك وأنت متق أى قد اتخذت الله وقاية فإنه الواقى - فإنك مرزوق من حيث لا تحتسب - فإنه ليس فى حسبانك أن الله يرزقك ولا بد .. مما بيدك .. ومن الحاصل عندك .. فما رزقك إلا من حيث لا تحتسب وإن أكلت وارتزقت من ذلك الذى بيدك

فاعلم ذلك فإنه معنى دقيق .. ولا يشعر به إلا أهل المراقبة الإلهية الذين يراقبون بواطنهم وقلوبهم .. فإن الوقاية - وليست إلا الله - تمنع العبد من أن يصل إلى الأسباب بحكم الاعتماد عليها لاعتماده على الله عز وجل .. وهذا هو معنى قوله {يجعل له مخرجا}

فهذا مخرج التقوى فى هذه الآية .. وهى وصية الله عبده وإعلامه بما هو الأمر عليه .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 93 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2, 3, 4, 5 ... 7  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 33 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط