اشترك في: الأربعاء يناير 11, 2012 10:27 pm
مشاركات: 474
|
|
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أولا : نبدأ بعدة قواعد :
القاعدة الأولى : أن المظاهرات والاعتصامات جائزة من حيث الأصل، وقد تعتريها باقي الأحكام الخمسة بحسب مقصدها ووسيلتها ، وهي في حالة جوازها يمكن إلحاقها بـ " كلمة حق عند سلطان جائر" . (هناك فتوى لدار الإفتاء المصرية في هذا الصدد) .
القاعدة الثانية : أن لا يجوز الخروج على الحاكم ولو كان جائرا أو فاسقا أو ظالما بالإجماع .
القاعدة الثالثة : ومن القواعد عند الفتن " أغلق عليك بابك "، فلو وقعت فوضى بسبب الفتنة وجب على المكلف اعتزالها, ولو وقع تقاتل بسبب الفتنة وجب على المكلف البعد عنها .
توصيف الحالة التي حصلت في مصر :
الذي نراه أن الحالة بدأت بمظاهرات سلمية جائزة في الشرع كما جاء في القاعدة الأولى ، فكان الأمر في أوله " كلمة حق عند سلطان جائر " .
ثم تلى ذلك خروج على الحاكم ، وبداية هذا كان عندما حاولت مجموعات وصممت متعمدة أن تدخل ميدان التحرير ثم أن تبقى فيه ولا تغادره ، فمن وجهة نظرنا أن هذه الحالة وذلك التصميم في مقابل رفض السلطات لذلك هو بداية الخروج على الحاكم ، طبعا يعلم من فعلوا ذلك أن الدخول إلى ميدان التحرير سيخلق لهم وضعا جديدا متقدما ، لسوف يكون الميدان - وهو أكبر وأهم ميدان في مصر - كالبؤرة والمنطقة الجاذبة التي يمكن أن يتدافع إليها الناس ، ثم تأتي مرحلة الإعلام والأداة الإعلامية الجبارة لتبدأ عملها ويحدث الاختراق وتحقيق الأهداف .
هذه من وجهة نظري المرحلة أو النقطة التي منها بدأ الخروج على الحاكم ، فكان من دخل الميدان في تلك اللحظة ممن ارتكب معصية الخروج على الحاكم ، ثم كان طبيعيا أن يتم استمراء هذا الخروج والاستمرار فيه بعد ذلك ، فكان اختراق حظر التجول والذي يعد دخولا جديدا في مزالق الخروج على الحاكم ، ثم بعد ذلك " الشعب يريد إسقاط النظام " ، وكلمة الحق عند سلطان جائر لا تكون هكذا ، وإنما من أرادها فالطبيعي أن يقول " الشعب يريد إسقاط الظلم " أو " الشعب يريد إسقاط الفساد " ، فكان هذا الشعار دخولا في مرحلة جديدة من مراحل الخروج على الحاكم .
وهكذا استمر مسلسل الخروج على الحاكم في كل المظاهر الاحتجاجية التي حدثت بعد ذلك ، واستمرأ ثلة من الجماهير هذه المعصية الكبرى التي سيتحمل وزرها أول من قام بها ، " فمن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ".
ثم تلى هذا الخروج الوصول إلى درجة الفتنة عندما اختلط الحابل بالنابل وساد الهرج والمرج في أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء ووزارة الدفاع.
والذي أود إضافته هنا أنه قد حدث تداخل بين هذه الحالات الثلاث ، ولذلك كان التمييز الدقيق بين هذه الحالات الثلاث وتحديد الزمان الدقيق لبداية ونهاية كل حالة فيه شيء من الصعوبة .
مسألة الشهيد :
وبناء على ما سبق يمكن تحديد كل حالة من حالات المتوفين في هذه الأحداث :
* فمن توفي في الحالة الأولى فله أجر شهيد ، وهو ما يعرف بالشهيد الحكمي في مقابل الشهيد الحقيقي ؛ أو ما يعرف بشهيد الآخرة في مقابل شهيد الدنيا والآخرة . إذ إن الشهيد الحقيقي – أو شهيد الدنيا والآخرة - هو من يموت في أرض المعركة مقاتلا الأعداء (أعداء الدين وأعداء الوطن ) .
والدليل على ذلك ما جاء عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَام إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ» . (قال الحاكم : صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ) .
فالدرجة الأولى من الشهادة من كان على مثال شهادة سيدنا حمزة ، إذ قتل شهيدا في أرض المعركة مقاتلا أعداء الدين ، ثم تأتي من بعدها درجة " كلمة حق عند سلطان جائر" .
* ومن توفي في الحالة الثانية فهو عاص ؛ إلا إذا كان جاهلا بأن فعله هذا حرام فيعذر بجهله .
والذي نود إضافته هنا أن الشبهة في هذه الحالة قوية ؛ نظرا للضغط الشديد على أهل مصر ؛ الذي لا يعطي فرصة للتأمل في الأمر ، مما يجعله على سبيل المثال يشبه حالة من يطلق في إغلاق ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا طلاق في إغلاق " ؛ لذلك نكاد أن نقول : لا خروج على الحاكم في هذه الحالة من الضغط الشديد على أهل مصر (والذي ليس بالضرورة بسبب الحاكم ، وإنما لأسباب أخرى على رأسها الحرب التي تمارس على مصر منذ مئات السنين نظرا لقيمتها وتحملها أمانة هذا الدين وفقا للأدلة من الكتاب والسنة والتاريخ والواقع وفتوحات العارفين وأولياء الله الصالحين ) .
لكل ذلك إذا كان العذر بالجهل هنا أوضح وأكثر طلبا وجوازا .
ومن هنا فإنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يعتبر شهيدا ، إذ أقصى ما يطمح له أن يعذر بجهله ، ويتجاوز عن معصيته .
* أما من توفي في الحالة الثالثة فهو المتوفى في الفتنة ، وفي حالة الفتنة فالقاتل والمقتول في النار ، يدل على ذلك ما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا، حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى» النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ " فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «الْهَرْجُ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ»
والله تعالى أعلى وأعلم
|
|
المنتدى
التسجيل
الأسئلة المتكررة
بحث
