الفصل السابع
خدع اهل الضلال
لاهل النفوس الخبيثة تأثير علي اهل التسليم من الصبيان, والنساء, والاتقياء من الرجال, ممن صفت جواهر نفوسهم, وظنوا انه لا يوجد من المسلمين مضل ولا خبيث, فينخدعون لأول عارض يعرض لهم من ضال جمل ظاهره للخلق, ممن قال الله تعالي فيهم : (( واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم )) ( المنافقون4). وقال تعالي : (( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحى بعضهم الي بعض زخرف القول غرورا )) ( الانعام 112). فأعظم خدعهم ما يزخرفونه لاهل التسليم, مما يوهمونهم به, فيبتدئونهم بذكر ولي مشهور, ويثبتون له اشياء بزخرفة كلامهم, حتى يعتقد اهل التسليم ان فلانا من الاولياء يضر وينفع, ثم يستدرجونهم الي ان يتمكنوا من قلوبهم, فيتصرفون في اموالهم, ويلعبون بعقائدهم, فتارة يمنعونهم عن الحق, وتارة يأمرونهم بالباطل, والقلوب صاغية, والابدان لينة, وكم اضل الضلال بأهل المقامات العلية من افراد الوجود امما. هذا سيدنا عيسي عليه الصلاة والسلام الذى غضب عندما ناداه رجلا: ايها المعلم الصالح, فقال: انا لست المعلم الصالح, المعلم الصالح هو الله, كيف جعله الخا يعبد من دون الله لاربعمائة مليون من الناس( كان ذلك وقت املاء هذا الكتاب), وانظر الي اللعين ابليس_ لعنة الله عليه_ كيف زخرف القول لادم, فأخرجه من الجنة, وكم ترى السالكين من المسلمين في ارقي مقامات التسليم, يعلمون ان عداوة الاخ المسلم ضلالة, يعادون بعضهم للتعصب لولي من الاولياء, وكم بين اهل الطرق المختلفة من خصومات, لا تكون الا بين المختلفين في الدين, قال الله تعالي : (( ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ )) ( الانعام 159). وما تفرق اهل السلوك المسلمين علي بعضهم الا من زخرفة اهل الضلالة لهم, ومدح كل فريق الولي الذى يتبعه ليدوم اقبال جل الخلق عليهم, وهم دعاة الي جهنم, نعوذ بالله منهم, وكم ابعدوا قلوب المسلمين عن الله تعالي وعن رسوله صلي الله عليه واله وسلم, وعن الحق, وعن الصريح المبين, واولياء الله براء منهم, كما تبرأ المسيح من اعدائه الذين جعلوه الها.
ومن خدعهم ان يحفظوا مواجيد اهل الصدق, ممن وقع بهم العلم علي عين اليقين, وهجمت عليهم صولة بالحق, فأفنتهم عنهم بالحق, فيترنمون بألحان شجية, بتلك المواجيد امام النفوس الطيبة الطاهرة, ومعلوم ان السماع- كما قررنا- من اكمل انواع تزكية النفوس, فاذا اصغت الاذان الي تلك المعانى القدسية, بالالحان الشجية, زكت النفوس, وقبلت, واحبت من تغنى, ورسمه الخيال, فقلده تقليد الاعمى, واتسع القلب فقبل, فاذا دامت تلك النغمات علي النفس, ربما افسدت القوة المدركة,فحصل الخلل في التوازن, فيحصل للسامعين زيغ عن الحق, فيظنون انها احوال سامية, وانوار علية, ويقرون الناس بهذا, وهم ضلال. اعاذنا الله منهم.
ومن خدعهم ان يصنعوا نفيرا من الورق, يطوى علي بعضه, ويطول عند اللزوم, فيختفون في خلوة, ويتكلمون فيه بأصوات مختلفة فيسمعه الجالسون من بعد, ويوهمونهم ان الجن يحضرون مجالسهم, وهى خدع تقبلها النفوس الطاهرة المفكرة, بعد ان تختل قوى التوازن بالمقدمات السابقة.
ومن خدعهم انهم يوهمون الناس ان يرسلوا لهم هواتف, ويقوم دعاتهم الضالون فيوهمون المسلمين بتلك الاوهام, والعقيدة قوية علي القلب,فتحصل محاكاة الاصوات في الاذان, فيظن السالك ان هذا كلامهم, وهم بعيدون عنه, ويتخيل لهم معان اقتضاها الحال.
ومن خدعهم انهم يوهمون المسلمين, ان من علامات القبول اذية الناس, وانكارهم عليهم بخروجهم عن جادة الطريق المستقيم, ويوهمونهم ان ذلك حصل للانبياء والاولياء, نعوذ بالله من خدعهم, فان ذلك حصل للانبياء حال دعوتهم للحق, وقيامهم بما امر سبحانه, وحصل للاولياء حال تجديدهم لسنة رسول الله صلي الله عليه واله وسلم, ومعاداة الامراء المخالفين للسنة, اما اللوم علي مخالف السنة فهو من اكمل السنن المحمدية, قال صلي الله عليه واله وسلم : (( اذكر الفاسق بما فيه يحذره الناس )) ( رواه ابن ابي الدنيا, وابن عدى, والطبرانى, والخطيب عن معاوية بن حيدة, وابو يعلي وغيره). وقال تعالي : (( ولتكن منكم امة يدعون الي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )) ( ال عمران 104). وقال صلي الله عليه واله وسلم : (( لا تزال طائفة من امتى قائمة علي الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتى امر الله )) ( رواه البخارى في كتاب الاعتصام الباب 10, ومسلم في كتاب الايمان الحديث 247).
ومن خدعهم انهم يوهمون المسلمين بأنهم ابدال الاولياء وابوابهم والعارفون بمقامتهم, والنفوس الطاهرة مشتاقة الي القرب من الله, والوصول الي حضرة رسول الله صلي الله عليه واله وسلم, والي نيل السعادة بصحبة الوارث لرسول الله صلي الله عليه واله وسلم فيتبعون هؤلالء الضلال, طمعا في نيل هذه الخيرات, وهم يعتقدون انهم علي الحق حقا. ولما كان الله تعالي سبق في ازله العناية بأمة حبيبه ومصطفاه, لم يجعل للباطل سلطانا علي امة حبيبه ومصطفاه, فلا يلبث هذا الباطل الا ريثما يظهر الحق, وتتضح للسالكين الحقيقة, فينيبون الي الله تائبين. ومن قرأ تاريخ الخوارج, وما كانوا يزخرفونه من القول, حتى حاربهم امير المؤمنين سيدنا علي بن ابي طالب- وانت تعلم من علي بن ابي طالب- فجمعوا عليه جموعا, وحاربوه ورموه بالكفر والضلال, ولا يزال قرن الشيطان في كل زمان ومكان, لان ابليس لعنه الله اخبر الله عنه فقال : (( لاقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم)) ( الاعراف 16-17). اعاذنى الله واخوانى المؤمنين من الشيطان الرجيم, ومن اعوانه من الانس والجن.
ومن خدعهم ان يأمروا المسلمين بالرياضات النفسية, لينالوا غرضا من اغراض الدنيا, فينقلون من الايمان الي الشرك, وتكون عبادتهم لغرض سافل, ومنهم من يأمر تلاميذه بترك العلم والتعليم, وترك الوظائف والرواتب, بل وترك الاعمال الشرعية, موهما ان ذلك يحجب عن الانوار. ونعم, فانه يحجب عن الانوار الابليسية, وقد رأيت رجلا في اخر صعيد مصر, ازدحم عليه الطلاب, لا شغل له الا شرب التبغ, وسألت احد اتباعه, لم لا تصل علي النبي صلي الله عليه واله وسلم؟ فقال : ان صليت عليه ذهب نورى. وانصرف الي شيخه, فأعطاه عصا طويلة, وقال : امض بتلك العصا واسلب حاله, فجاءنى وانا جالس مع بعض اهل العلم في اسوان, ووقف امامى بالعصا, وتمتم بكلمات, فاسترسلت في مذاكرتى حتى انتهين منه, ثم نظرت اليه ففهمت خبث نفسه, فقلت له: (( جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا )) ( الاسراء 81), فصدرت الكلمة الي نفس خبيثة ذات همة, فسقطت العصا من يده, وجلس علي الارض, ودنا منى فأسمعته بعض اى القران الكريم, وشرحت له معناه فتاب الي اللهو واقبل عليه سبحانه, واخبرنى ان شيخ شيخه بمصر, وانهم يتركون الاعمال الشرعية ليزيد حالهم, فتحققت قوله سبحانه وتعالي: (( قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا )) ( مريم 75). وقال صلي الله عليه واله وسلم : (( ان الله ليملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته )) ( رواه البخارى في كتاب تفسير القران – تفسير سورة هود-, ومسلم في كتاب البر الحديث 62, وابن ماجة في كتاب الفتن الباب22). وسألت الله تعالي ان يحفظ المسلمين جميعا من دعاة الجهالة, انه مجيب الدعاء.
وكم لهم من خدع يستعملونها, لكل نفس بحسب ما تميل اليه, فمنهم من يدعى علم الكيمياء والافاق, ومنهم من يدعى فتح الكنوز, وفك الرموز, ولما كان الصبيان والنساء واهل التقوى من الرجال, اشوق الي الحق, واقرب الي التسليم, كان تأثيرهم علي هؤلاء اكثر, وكم يظنون ان هذا حال.
...................................................................
الفصل الثامن
حقيقة الحال
وحقيقة الحال قهر النفس علي ما لا يلائمها, وعمل عظائم الامور في طاعة الله مما لا يتحمله الا اهل العزائم, كالخروج من الاسباب ثقة بالله, وكبذل ما في يده للطيور والكلاب والفقراء, واشتغاله بواجب الوقت مع تألمه من العمل, وخروجه من المعتاد له, كهجر النساء وترك ملاذ المأكل والمشرب والمنكح, وكابتذاله بين الناس بعمل المهن الدنيئة, ليصغر في عين الناس, وكالمبالغة في صلة الرحم, وبر الوالدينو واكرام الجارو واكرام الضيف, وكالصبر علي عظائم الامور, والرضا عن الله في كل مقدور, ومراعاة الادب الكامل في كل معاملاته االقلبية والجسمية, والاحسان الي المسئ فطرة, وصلة من قطعه عزيمة, والمسارعة الي تأليف القلوبو وازالة الشحناء منها, والتجمل بمحاسن الاخلاق المحمدية, وحفظ الجوارح من الغفلة في كل انفاسه, وسيره علي الصراط المستقيم, الذى هو ادق من الشعرة, واحد من السيف, واستواء الناس في نظره, لا فرق بين غنيهم وفقيرهم, وحبهم جميعا لله, وبغض من يبغضه لله, فيحب الطائع ولو حرمه وخاصمه, ويبغض العاصي ولو اطاعه واكرمه, ويخاف الله في خلقه, ولا يخاف الخلق في الله, ويحب الله في الخلق , ولا يحب الخلق لغير الله.
هذه احوال اهل العزائم, وليس منها ما يدعيه اهل الجهالة.
الحال حجة دعوى سالك فان والحال جذبة محبوب لحنان الحال ينكره اهل الجهالة بل اهل الضلالة من خب وشيطان لكن اهل الصفا يخفون حالهمو عن كل مبتدع عن جاهل جان العلم بالله نور لا يراه سوى فرد مشوق الي روح وريحان خل الاشارة لا تبدى غوامضها الا لفان لدى محبوبه دان ان انكر الحال اهل الجهل فاعذرهم فالعلم بالله من اسرار ايقان اخفوا علومكمو صونا لها عمن مالوا الي الحظ من زور وبهتان تستروا عنهمو فالغيب لا يجلي الا لأهل الصفا من خير اخوان وادعوا الي الله بالحسنى لترتفعوا عنكم بجذبة وهاب وحنان سيروا علي منهج المختار واجتهدوا ان تجمعوا الخلق للحسنى بالقران اخفوا عن الخلق ما لا يعلمون فكم خصم اتى طائعا في حالة الفانى والله اسأل ان يهدى بنا يعطى رضوانه والعطا فضلا باحسان
.............................................
تم بحمد الله الباب الثانى
(( يتبع ))
_________________ [saa]طهرهم ربي تطهيرا ليقوم العدل المتسق بعلي قامت حجتهم صنوان علـــي والحق ان تبغي للحق سبيلا وقويم صراط فالحق فاطمة الزهرا وبنوها وسواهم افك مختلق[/saa]
|