مولاي صلي وسلم دائمآ أبدآ علي حبيبك خير الخلق كلهم
ظلمت سنة من أحيا الظلام الي
أن أشتكت قدماه الضر من ورم
وشد من سغب أحشاءه وطوي
تحت الحجارة كشحآ مترف الأدم
وراودته الجبال الشم من ذهب
عن نفسه فأراها أيما شمم
وأكدت زهده فيها ضرورته
ان الضرورة لاتعدو علي العصم
وكيف تدعو الي الدنيا ضرورة من
لولاه لم تخرج الدنيا من العدم
محمد سيد الكونين والثقلين
والفريقين من عرب ومن عجم
نبينا الآمر الناهي فلا أحد
أبر في قول لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجي شفاعته
لكل هول من الأهوال مقتحم
دعا الي الله فالمستمسكون به
مستمسكون بحبل غير منفصم
فاق النبيين في خلق وفي خلق
ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس
غرفآ من البحر أو رشفآ من الديم
وواقفون لديه عند حدهم
من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي تم معناه وصورته
ثم اصطفاه حبيبآ بارئ النسم
منزه عن شريك في محاسنه
فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما أدعته النصاري في نبيهم
واحكم بما شئت مدحآ فيه واحتكم
وانسب الي ذاته ما شئت من شرف
وانسب الي قدره ما شئت من عظم
فان فضل رسول الله ليس له
حد فيعرب عنه ناطق بفم
لو ناسبت قدره آياته عظمآ
أحيا اسمه حين يدعي دارس الرمم
لم يمتحنا بما تعيا العقول به
حرصآ علينا فلم نرتب ولم نهم
أعيا الوري فهم معناه فليس يري
للقرب والبعد فيه غير منفحم
كالشمس تظهر للعينين من بعد
صغيرة وتكل الطرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته
قوم نيام تسلوا عنه بالحلم
فمبلغ العلم فيه أنه بشر
وأنه خير خلق الله كلهم
وكل آي أتي الرسل الكرام بها
فانما أتصلت من نوره بهم
فانه شمس فضل هم كواكبها
يظهرن أنوارها للناس في الظلم
أكرم بخلق نبي زانه خلق
بالحسن مشتمل بالبشر متسم
كالزهر في ترف والبدر في شرف
والبحر في كرم والدهر في همم
كأنه وهو فرد في جلالته
في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف
من معدني منطق منه ومبتسم
لاطيب يعدل تربآ ضم أعظمه
طوبي لمنتشق منه وملتثم
مولاي صلي وسلم دائمآ أبدآ علي حبيبك خير الخلق كلهم
*****************
المصدر : بردة المديح – الشريفة المباركة –
للأمام شرف الدين أبي عبد الله محمد البوصيري
( الفصل الثالث ) .