اشترك في: الخميس فبراير 26, 2004 3:38 pm مشاركات: 1480
|
بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد
أخى الفاضل / ابن الزهراء
الإمام إذا تذكر أنه محدث .. سواء غير متوضئ .. أو جنبا .. له صورتان :
الصورة الأولى ... أن يتذكر قبل الدخول فى الصلاة وقبل التكبير ..
ففى هذه الحالة .. له أن يقول للمأمومين : انتظروا .. أو مكانكم .. ثم يذهب ويتوضأ .. وهذا فى زمان كان الإمام راتبا يعين من جهة الحكام . وللمأمومين أن ينتظروه .. إذا كان إماما راتبا .. أو يصلوا مع إمام آخر إذا لم يكن هناك إمام راتب وطال الفصل والانتظار .
الدليل : أخرج البخاري (2/455) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَعُدِّلَتْ الصُّفُوفُ حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ انْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ قَالَ ( عَلَى مَكَانِكُمْ ) فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً وَقَدْ اغْتَسَلَ .
قال الحافظ ابن حجر فى فتح الباري (2/455) قَوْله ( حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ) زَادَ مُسْلِم مِنْ طَرِيق يُونُس عَنْ الزُّهْرِيِّ " قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَانْصَرَفَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " بَاب إِذَا ذَكَرَ فِي الْمَسْجِد أَنَّهُ جُنُبٌ " مِنْ أَبْوَاب الْغُسْل مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُس بِلَفْظِ " فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ " فَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ اِنْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاة . ثم قال : وَسَبِيلُ مَنْ غَلَبَ أَنْ يَأْتِيَ بِعُذْرٍ مُوهِمٍ كَأَنْ يُمْسِكَ بِأَنْفِهِ لِيُوهِمَ أَنَّهُ رُعِفَ . وَفِيهِ جَوَاز اِنْتِظَار الْمَأْمُومِينَ مَجِيءَ الْإِمَام قِيَامًا عِنْدَ الضَّرُورَة .
الصورة الثانية ... أن يتذكر الحدث وعدم الطهارة بعد التكبير وقد دخل فى الصلاة . وهنا رأيان :
1- يتأخر الإمام ويخرج من الصف .. ويستخلف واحدا من المأمومين خلفه ويقدمه للإمامة ليكمل الصلاة .. بدون أن يتكلم .. ويبنى الإمام بعد أن يعود من الوضوء .. ومعنى " يبنى " أى يستكمل الصلاة .
قَالَ الإمام مَالِكٌ : إذَا رَعَفَ الْإِمَامُ ، أَوْ أَحْدَثَ ، أَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ ، أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ اسْتَخْلَفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ . انْتَهَى .
وعن الاستخلاف .. يقول العلامة الإمام النووى فى المجموع (4/245) :
(فرع) في مذاهب العلماء في الاستخلاف : قد ذكرنا أن الصحيح في مذهبنا جوازه ، قال البغوي وهو قول اكثر العلماء . وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وعلى وعلقمة وعطاء والحسن البصري والنخعي والثوري ومالك وأصحاب الرأى واحمد . ولم يصرح ابن المنذر بحكاية منع الاستخلاف عن احد . انتهى .
الدليل : ذكر العلامة السرخسى فى المبسوط (1/493- 494) الدليل على ما سبق .. فقال :
وَجْهُ قَوْلِنَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمَذْي فِي صَلَاتِهِ فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ } . وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأَ وَبَنَى وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَاسْتَخْلَفَ وَتَوَضَّأَ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ عُثْمَانَ فَرَعَفَ فَانْصَرَفَ وَتَوَضَّأَ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدَ مَا افْتَتَحَ أَبُو بَكْرٍ الصَّلَاةَ فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ حِسَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَخَّرَ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }
فَصَارَ هَذَا أَصْلًا فِي حَقِّ كُلِّ إمَامٍ عَجَزَ عَنْ الْإِتْمَامِ أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ وَيَسْتَخْلِفُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ ، فَإِنْ تَكَلَّمَ وَاسْتَقْبَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ شُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ وَأَقْرَبَ إلَى الِاحْتِيَاطِ .
صُورَةُ الِاسْتِخْلَافِ أَنْ يَتَأَخَّرَ مُحْدَوْدِبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ رَعَفَ فَيَنْقَطِعُ عَنْهُ الظُّنُونُ وَيُقَدِّمُ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ بِالْإِشَارَةِ ، وَلَوْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ .
2- يصلون فرادى .. كل رجل لنفسه ولا ينتظرون الإمام .
قال الحبرالعلامة المجتهد إمامنا أبو عبد الله الشافعى فى كتابه الأم (1/203) :
والاختيار عندي - والله تعالى أعلم - للمأمومين إذا فسدت على الامام صلاته أن يتموا فرادى ولو أن إماما صلى ركعة ثم ذكر أنه جنب فخرج فاغتسل وانتظره القوم فرجع فبنى على الركعة فسدت عليهم صلاتهم .. لأنهم يأتمون به وهم عالمون أن صلاته فاسدة .. لأنه ليس له أن يبني على صلاة صلاها جنبا .
ولو علم ذلك بعضهم ولم يعلمه بعض ... فسدت صلاة من علم ولم تفسد صلاة من لم يعلم . انتهى .
والله أعلى وأعلم .. وهذا ما وقفت عليه من أقوال للعلماء .. ومن عنده مزيد فليعلمنا ... مشكورا
خلاص ياابن الزهراء .
|
|