اشترك في: الاثنين ديسمبر 07, 2009 12:22 am مشاركات: 1890 مكان: سيدنا الحسين وسيدتنا زينب
|
http://webcache.googleusercontent.com/s ... clnk&gl=eg المُنشد الديني عبدالعظيم العطواني: الشعراوي كان يشرح البردة ورأيت البوصيري يُقبِّلني في المنام القاهرة - عوض المغازي
الشيخ عبدالعظيم أحمد سليم الشهير بـ«العطواني» نسبة إلى قريته بمحافظة أسوان (900كم جنوب القاهرة) تفرد على مستوى العالم بإنشاد قصيدة البُردة للإمام البوصيري بموسيقى غنائية لم يسبقه إليها أحد، والشيخ العطواني ظل ملازماً للشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله) قرابة خمسة عشر عاماً، لإنشاد قصيدة البُردة في حفلات خاصة بمنزل الشعراوي، وذات يوم وهم جالسون سأل أحد المجاذيب الشيخ الشعراوي قائلاً: يا شعراوي لماذا خلق الله الأرانب؟ فقال الشعراوي: دعنا نسمع البردة الله يهديك، فقال المجذوب: «خلق الله الأرانب كي نأكلها بالملوخية، وكذا خلق العطواني كي ينشد البردة» فضحك الجميع حتى كادوا يسقطون على الأرض. «الجريدة» ذهبت إلى الشيخ العطواني في أقاصي صعيد مصر وكان لها معه الحوار التالي.
• ما هي حكاية قصيدة البردة معك؟
- عندما كنت أدرس في كُتَّاب القرية لحفظ وتجويد القرآن الكريم، كان شيخ الكتاب (رحمه الله) يطلب منا ترديد قصيدة البردة للإمام البوصيري بشكل جماعي بعد تلاوة القرآن الكريم، وعندما حفظتها سيطرت على قلبي فمكثت أرددها كثيراً، وأخترع لها ألحاناً، حتى سمعني شيخي أترنم بها، فطلب مني إنشادها باللحن الجديد وزملائي يرددون خلفي، وعندما فعلت ذلك أعجب الحاضرون جميعاً، وصارت لي الشهرة بين زملائي، وكان أهل قريتي يطلبون إنشادها في مجالس يتم عقدها في ديوان القرية خاصة في شهر رمضان.
• اشتُهرتَ بإنشاد قصيدة البردة لكن أين تلاوة القرآن الكريم؟
- نعم اشتُهرتُ بالبردة، لكنني أُشهد الله أنني لم أهمل ترتيل وتجويد القرآن الكريم، وعندما أذهب لإحياء الحفلات أقرأ القرآن، وبعدها أتلو قصيدة البردة، لأنني في الأصل قارئ للقرآن.
• هناك حكايات كثيرة يرويها لنا التاريخ عن قصيدة البردة، سواء بردة كعب أو بردة البوصيري، فما حقيقة ذلك؟
- عندما أسلم بجير بن زهير أخو الشاعر كعب، غضب الأخير، وأخذ يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلم الرسول بهجاء كعب له، وقال بعض الناس لكعب إن الرسول قد أهدر دمك، فخاف كعب وضاقت به الدنيا خوفاً من الرسول، لكن أخاه بجير أرسل له أن الرسول سيعفو عنك إن جئت تائباً، وقدم كعب إلى المدينة على رجل من جهينة وطلب منه الوساطة عند رسول الله فوافق الرجل، وأخذه من يده وذهب به إلى الرسول، وجلس كعب بين يدي رسول الله، وقال الرجل يا رسول الله: إن جاءك كعب تائباً نادماً أتقبله؟ قال الرسول: نعم، فكشف كعب عن وجهه وقال أنا كعب يا رسول الله، وأسلم بين يديه، وقام رجل من الأنصار يريد قتل كعب، فنهاه الرسول عن ذلك، وقال قصيدته المشهورة: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول:: متيم إثرها لم يفد مكبول نُبِّئت أن رسول الله أوعدني:: والعفو عند رسول الله مأمول مهلاً هداك الذي أعطاك نافلة الـ:: قرآن فيها مواعيظ وتفصيل لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم:: أذنب ولو كثرت فيَّ الأقاويل تلك القصيدة التي مدح فيها المهاجرين، لكنه هجا الأنصار، لأن الرجل الذي أراد قتله من الأنصار، وبعدها مدح الأنصار بأمر من رسول الله، ثم أعطاه الرسول الكريم بُردته.
• وماذا عن قصيدة البردة للإمام البوصيري؟
- الإمام البوصيري هو أبو عبدالله محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري، مصري النشأة مغربي الأصل شاذلي الطريقة، ولد سنة 608هـ، وتوفي بالإسكندرية سنة 696 هـ، وذات يوم أصيب بفالج (شلل نصفي) وكان ينظم الشعر في الرسول وآل البيت وهو على فراشه متوسلاً إلى الله طالباً الشفاء من مرضه، وألهمه الله قصيدة «مولاي صلي وسلم دائماً أبداً :: على حبيبك خير الخلق كلهم»، وأثناء نظمه فيها توقف عند الشطر الذي يقول فيه (فمبلغ العلم فيه أنه بشر) ولم يستطع تكملة الشطر ثم غلبه النعاس ونام، ورأى نفسه في منامه وهو يتلو على الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القصيدة ثم توقف عند هذا الشطر، فسأل قائلاً: يا رسول الله ماذا أقول؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (وأنه خير خلق الله كلهم)، وألقى عليه الرسول بردته في المنام، ولما أصبح الصبح وجد البوصيري أنه قد عوفي من مرضه، وعندما وقف على قدميه على باب منزله، جاءه أحد الفقراء قائلاً له: أنشدني قصيدتك التي مدحت فيها الرسول، فأخذ البوصيري يعدد له القصائد، والفقير يقول له ليس كذلك، ولم يكن يعلم بقصيدة البردة أحد، فقال له الفقير: اتلُ القصيدة التي أولها «أَمِن تذكُّر جيران بذي سلم» إني رأيت البارحة في منامي رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعها، وهو يتمايل كالقضيب الرطب، وبعدها اشتهرت قصيدة البردة بين الناس وكان لها صيت عظيم، حتى أن الملك الخليل بن أشرف ملك مصر نذر ألا يسمعها إلا وهو حافي القدمين مكشوف الرأس واقفاً.
• لكن هناك من عارض قصيدة البردة للبوصيري... فما تعليقك؟
- نعم. كثير من الشعراء عارض قصيدة البردة، لكن هناك علماء مثل القاضي البيضاوي قام بتسبيع البردة وغيره قام بتخميسها، أي إضافة خمسة أبيات أو ثلاثة للبيت الواحد من البردة الأصلية والتسبيع يبدأ بلفظ الجلالة هكذا: الله آتى رسول الله حين قدم:: آلا وصحباً بهم ركن الضلال هدم عدوهم عاد لا عقل له وعدم:: وفاز بالسلم من ولاهم وسلم هم الجبال فسل عنهم مصادمهم:: ماذا رأى منهم في كل مصطدم وسل حنيناً وسل بدراً وسل أحداً:: فصول حتف لهم أدهى من الوخم وعارض قصيدة البردة كثير من الشعراء في العصر الحديث مثل أحمد شوقي، لكنهم اعترفوا بقوة قصيدة الإمام البوصيري، وما تحمله من مشاعر جياشة في حب النبي وآل بيته.
• يقول البعض إن علاقتك بالشيخ الشعراوي كانت من خلال قصيدة البردة... حدثنا عن ذلك؟
- في فترة السبعينيات من القرن الماضي كنت أنشد البردة بمولد الإمام الحسين بالقاهرة وسمعني الشيخ الشعراوي، وأعجب بي جداً، وسألني هل قمت بتسجيل هذه القصيدة على شرائط كاسيت؟ فقلت له نعم، وأهديته تلك الشرائط، وأعجب بها جداً، ودعاني بعدها إلى بيته كي أنشد له القصيدة وسط ضيوفه، ثم أخذ يدعوني إلى مجلس خصصه للبردة في ساحته بجوار مسجد السيدة نفيسة، وكان يعلق على القصيدة ويشرح للحاضرين بعض ما أشكل عليهم من معانيها، ومكثت ملازماً له مدة خمسة عشر عاماً، وكان يأخذني معه في رحلات العمرة، وننشئ مجلساً للبردة في ضيافة د. محمد عبده يماني وزير الإعلام السعودي الأسبق وبعض الأمراء، وذات يوم أصابته وعكة صحية ونحن بالأراضي الحجازية ودخل على أثرها إلى المستشفى فذهبت للاطمئنان عليه، وعندما رآني خلع خراطيم الأوكسجين من فمه، وقال لي: تعال يا عطواني لقد رأيت البارحة في منامي الإمام البوصيري يقبلك في جبهتك.
• هل «عارض» الشيخ الشعراوي قصيدة البردة؟
- لم يعارضها بالمعنى الحقيقي، لكن كانت له إضافات وتعديلات على بعض الأبيات والألفاظ الواردة في القصيدة فمثلاً البيت الذي يقول: فاق النبيين في خَلْق وفي خُلُق: ولم يدانوه في عِلم ولا كرمِ طلب الشيخ الشعراوي أن يُعدل ليصبح: فاق النبيين في خَلْق وفي خُلُق: وهم روافده في العلم والكرمِ وكان البوصيري يقول عنه صلى الله عليه وسلم: كأنه وهو فرد من جلالته: في عسكر حين تلقاه وفي حشمِ فطلب فضيلته أن يكون: كأنه وهو فرد من مهابته :: في عسكر حين تلقاه وفي حشم كذلك يقول البوصيري: لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظُمَه: طوبى لمنتشق منه وملتثِم فقال الشيخ:
يا طيب مقصورة في قصر برزخه: طوبى لمنتشق منه وملتثِم وكذلك يقول البوصيري: وقدّمتكَ جميع الأنبياء بها :: والرسْل تقديم مخدوم على خدمِ فطلب الشيخ أن تكون: وقدمتك جميع الأنبياء بها: مبشرين بأبهى نعمة النعم.
• رغم الشهرة التي تمتعتَ بها لماذا رفضت أن تكون من قراء الإذاعة والتلفزيون المصري؟
- لعله من المناسب هنا أن نذكر أن أبناء صعيد مصر لهم ذوقهم الراقي والرفيع في الاستماع إلى القرآن الكريم والابتهالات الدينية، ولهم الموهبة الفطرية في التواصل مع قارئ القرآن الذي يتمكن من أفئدتهم بإجادته وتجويده، وإعمال الأحكام بمهارة وحرفية يبرزها ما يملك القارئ والمنشد من ملكات صوتية تمكنه من الغوص في بحار القرآن العظيم بسهولة، هذا التواصل بين القارئ والمستمع أوجد نوعاً من الحميمية والصداقة بين صوت القارئ والمجتمع الصعيدي؛ بحيث أصبح من الصعب أن تكون مجيداً ومسموعاً إذا فقدت هذا التواصل الروحي مع المستمع والمتلقي، هذا إضافة إلى بيئة الجنوب بما تحمله من هدوء واستقرار واطمئنان للنفس ومحبة وتعارف بين الناس، وهو ما يصعب أن تجده في مجتمع المدينة، ومن هنا كانت الحميمية والتواصل بداية الارتباط الدائم بيني والجماهير في صعيد مصر، لذا رفضت الانتقال إلى الإقامة في القاهرة.
http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=127780
|
|