اشترك في: الثلاثاء يناير 06, 2009 4:44 pm مشاركات: 6438
|
بسم اللـــــه الرحمـــن الرحيــــــــم
الجمد لله رب العالمين ، حمدا يليق بجلاله وكماله سبحانه وتعالى له الحمد فى الأولى والآخرة وهو على كل شئ قدير ، نحمده سبحانه وتعالى ونشكره ونتوب إليه من كل ذنب ونستغفره ، فهو وحده غفار الذنوب وستار العيوب وعلام الغيوب ، ونشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له بيده مقاليد السموات والأرض يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شئ قدير ، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله بعثه الله سبحانه وتعالى بالهدى ودين الحق لبظهره على الدين كله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وهدى إلى صراط ربه المستقيـــــــــم
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين . أما بعد
ففي يوم ما وقع فى يدى مقال للأستاذ حسن قاسم من مجلة الإسلام الصادرة فى 23 شوال عام 1351 هـــــــ الموافق 18/3/1933 ميلادية العدد 50 عن موضوع اسم صورة من تواريخ عظماء الإسلام وهـــو
سيــــــدى أويــــــــس القـــــــرنــــــــــي
جاء فيها : الأمم التى تعنى بسير عظمائها ، تلك هى الأمم الحية التى ارتكزت على أكبر عامل نهض بها تلك النهضة العلمية والنفوس الطامحة الى المعالى تعظم وتزداد كل حين وآخر بالتامل فى ذكريات أسلافنا لا سيما من امتاز منهم بفضل أو انفرد بعمل جليل ومبحثنا هذا يتناول تاريخ أحد عظماء هذه الأمة ( سيدى أويس القرني ) الزاهــــــــــد
فالمستجلى آثاره يرى فيه حال رجل طوى الصدق والإخلاص بين جوانبه سطرت الفضائل بأجلى مظاهرها فى صحيفته كبر أن تبقى رباعيته على رباعية النبى صلى الله عليه وسلم يوم أن كسرت فى غزوة بدر فأدلى على محبته الصادقة بكسرها وبينهما مراحل هذا فى المدينة وذاك فى صحارى اليمن ولم يسبق لهما اجتماع فلئن كان أويسا يفخر بهذا على الصاحبين ( عمر وعلى ) فحق له أن يفخر ، فمثال الفضيلة ورمز الشهامة والمروءة ورجل الصدق والاخلاص الحامل لراية الزهد والورع ذلك هو ( أويـــــس القـــــــرني ) .
1 - نسبــــــــه : قرن ( بفتح القاف والراء ) قبيلة مشهورة من قبائل اليمن جماعها فى قرن ثم فى مراد نشأ من بينهما أويس هذا وكنيته أبو عمرو وأبوه عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن مسعدة بن عمرو بن عصفوان بن قرن بن ناجية بن مراد .(هذا) هو الصحيح فى نسبه على ما رواه ابى دحية ومصعب وكانت له والدة ذات صلاح وعبادة فكان لا يفارقها طرفة عين وظل فى خدمتها إلى أن ماتت ولذلك لم يجتمع بالنبى صلى الله عليه وسلم ، شغله عنه بره بها .
2 - أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بوجوده . روى مسلم فى صحيحه عن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( يأتيكم أويس بن عامر مع أمداد من أهل اليمن من مراد ثم مــــن قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة وهو بها بر لو أقسم على الله لأبره فـان استطعت أن يستغفر لك فافعل ) .وفى رواية ـ سيكون فى التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه عنه فيذهبه عنه فيقول اللهم دع لى منه فى جسدى ما اذكر به نعمتك على فيدع له منه لمعة فمن أدركه منكم فاستطاع أن يستغفر له فليفعل
3 - وصفـــــه : اشهل ذو صهوبة بعيد ما بين المنكبين شديد الأدمة ضارب بذقنه إلى صدره رام ببصره إلى موضع سجوده كثير البكاء تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء مجاب الدعوة لو أقسم على الله لأ بـره
4 - أجتماعه بالصاحبيين الجليلين عمر وعلى : - أوصى النبى صلى الله عليه وسلم قبل وفاته لعمــــــر وعلى بأن يطلبانه ليستغفر لهما فمكثا عشر سنين يطلبانه فلما كانت أوائل سنه 23 من الهجرة وهى السنة التى توفى فى آخرها عمر بن الخطاب أتى المدينة أمداد من أهل اليمن فبلغ ذلك عمر فارتقى الجبل ونادى بأعلى صوته يا أهل قرن أفيكم أويس ؟ فقام شيخ كبير طويل اللحية فقال : إنا لا نــــــــــــدرى ما أويس ولكن ابن أخ لى يقال له أويس هو أخمل ذكرا وأهون أمرا أن نرفعه إليك وإنه ليرعى إبلنا فقال عمر : أين ابن أخيك هذا ؟ قال هو بأراك عرفات فركب عمر وعلى سراعا إلى عرفات فإذا هو قائم يصلى تحت شجرة والإبل ترعى حوله ، فقالا له:السلام عليك ورحمة الله، فخفف الصلاة ثم رد عليهما السلام ، فقالا من الرجل ؟ قال راعى إبل وأجير قوم ، قالا لسنا نسألك عن ذلك فما اسمك ؟ قال عبد الله قالا: يا هذا قد علمنا أن أهل السموات والأرض كلهم عبيد الله فما اسمك الذى سمتك به أمك ؟ قال ياهذان ما تريدان منى ؟ قالا وصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أويسا القرنى فقد عرفنا فيك الصهوبة والشهولة وأخبرنا أن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء فأوضحها لنا ، فاوضح منكبه فإذا اللمعة ، فابتدرا يقبلانه وقالا نشهد أنك أويس القرنى فاستغفر لنا يغفر الله لك ، قال ما أخص باستغفارى نفسى ولا أحدا من ولد آدم ولكن فى المؤمنين والمؤمنات ياهذان قد شهد الله لكما حالى وعرفكما أمرى فمن أنتما ؟ فقال على : هذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأنا على بن أبى طالب فأستوى اويس قائما وقال السلام عليكم يا أمير المؤمنين وأنت ياابن أبى طالب جزاكما الله عن هذه الامة خيرا ، فقال له عمر مكانك يرحمك الله حتى آتيك بنفقة عن عطائى وكسوة من ثيابى وهذا المكان بينى وبينك ن فقال خفف عنك لا ميعاد بينى وبينك ، يا أمير المؤمنين لا أراك تعرفنى بعد اليوم ما أصنع بانفقة قد أخذت من رعايتى أربعة دراهم ترانى أنفقها ماأصنع بالكسوة أما ترانى أرتدى إزارا ورداء متى ترى نعلى مخصوفتين متى ترانى أبليهما ، يا أمير المؤمنين إن بين يدى ويديك كؤودا لا يجاوزها إلا ضامر مخف ، فأخف رحمك الله ، ثم قال يا أمير المؤمنين خذ انت ههنا حتى آخذ أنا ههنا ، فولى عمر ناحية مكة وساق أويس إبله فأعطاها أهلها وترك الرعاية وأقبل على ربه فأقبل الله عليه .
5 - شذرات من منثور حكمة . كان أويس القرنى إذا أصبح يقول ، اللهم انى إبرأ إليك من كبد جائع وجسد عار ، وكان يتصدق بجميع ما فى بيته ولا يدخر لنفسه شيئا ، وإذا أمسى يقول هذه ليلة الركوع فيركع حتى يصبح ومرة يقول هذه ليلة السجود فيسجد حتى يصبح ( روى ) عن هرم بن حيان قال بلغنى حديث أويس فدخلت الكوفة أطلبه فوقعت عليه جالس على شاطئ الفرات يتوضأ فإذا بى أرى رجلا نحيلا شديد لأ دمة مهيب المنظر فسلمت عليه فرد على السلام فقلت له أى أخى اقرأ على شيئا من كتاب الله تعالى أسمعه منك وأوصنى بوصية أحفظها فإنى أحبك فى الله تعالى فأخذ بيدى وقرأ قوله تعالى ( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين وما خلقناهما إلا بالحق ) . ثم قال يا ابن حيان مات أبوك ويوشك أن تموت فاما الجنة وأما النار ، وصيتى لك كتاب الله ونعى المرسلين وصالحى المؤمنين فعليك بذكر ذلك لا يفارقن قلبك طرفة عين وأنذر قومك إذا رجعت اليهم وانصح للأمة جميعا وإياك تفارق الجماعة فتفارق دينك فتدخل النار ( ثم ) قال اللهم ان هذا زعم أنه يحبنى فيك وزارنى من أجلك فعرفنى وجهه فى الجنة وأدخله على دار السلام واحفظه ما دام فى الدنيا ورضه من الدتيا باليسير واجعله لما أعطيته من نعمك من الشاكرين واجزه عنى خيرا ثـــم قال السلاك عليك ورحمة الله لا أراك بعد اليوم واعلم أنك منى على بال وإن لم أرك وسأذكرك ,ادعو لك ما دمت حيا ولتكن أنت كذلك ثم افترقنا . وسأله جل يوما كيف أصبحت قال ما تسأل عن حال رجل إذا أصبح ظن أنه لا يمسى وإذا أمسى ظن أنه لا يصبح إن الموت وذكره لم يدع لمؤمن فرحا وان حق الله تعالى فى مال المسلم لم يدع له فضة ولا ذهبا وان الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لم يدع للمؤمن صديقا .
6 – وفاته: مات عمر بعد اجتماعه بأويس فلم يقف له بعد ذلك على أثر دهرا ثم عاد فى أيام على فقاتل بين يديه فاستشهد بصفين فنظروا فإذا عليه نيف واربعون جرحا . ( وروى ) أن عليا قال من يبايعنى على الموت وكان معه من أصحابه تسعة وتسعون رجلا فبايعوه جميعهم فقال أين التمام فجاءه أويس عليه أطمار من صوف فبايعه عى القتل فقاتل حتى قتل جاءته رمية فأصابت فؤاده فتردى مكانه فلما مات تنافس أصحابه فى حفر قبره ( هذا ) قول مشهور فى وفاته وهو الصحيح وغن كان لعض المؤرخين اختلافات يسيرة إلا أنها غير ثابتة وكانت ، وفاته رضى الله تعالى عنه سنه 37 هجرية وهى السنة النى حكم فيها على مصر سيدى ( محمد بن أبى بكر الصديق ) (( وسوف نتكلم عنه بعد ذلك )) وفى هذه السنة كانت موقعة صفين بين معاوية وعلى وصفين بكسرتين وتشديد الفاء على وزن سجين تعرب إعراب الجموع وإعراب مالا ينصرف اسم لمنطقة بقرب الرقة البيضاء على شاطئ الفرات بالجانب الغربى بينها وبين بالس
7 – قبر أويس . قد يأخذك العجب كل مأخذ إذا عملت مما تقدم أن أويس استشهد بصفين وورى جسده حيث توارى أجساد الشهداء واستطلعت أن له فى أماكن متعددة فى بلدان العالم الاسلامى مزارات معظمها مقصود بالزيارة قام عندها مهرجانات كل عام يقصر عنها الوصف وقد يكون لتثنية هذه المزارات بل لتعددها أسرار تقصر عنها افهام العوام كما روى النابلسى فى مؤلفه السر المحتبة فى تثنية ضريح بن العربى ( ويرمى ) بهذا السر الى المشاهدة الروحية التى تقع لكثير من صالحى الأمة من قبل الكشف وذلك لأن الروح لا تفيد بمكان دون آخر فهى مطلقة السراح ابدا ومن ميزاتها التشكل وذلك يقع حتى فى الأحياء ويقول بعض علماء الصوفبة أن مدد الولى الميت أقوى بمراحل من مدد الولى الحى قال لأنه على بساط الرحمة وذلك ظاهر لمن يتعرفه . ( واستخلاصا ) نقول إن للأولياء المجمع على صلاحهم ميزات خصوصية تقصر افهامنا عن مداركها فهم كما يقول الله سبحانه وتعالى ( لهم ما يشاءون عند ربهم )
8 وقبر سيدى أويس القرنى فى الرقة أقرب ما يكون إلى الصواب لما يحتمل أنه حمل بعد استشهاده من صفين إليها ودفنوه بموضع منها وبينهما ما مسافات متقاربة وعلى كل حال فلسنا ممن نجزم بذلك لكن هناك دلائل فيها شبه اثبات منها إقامة ضريحه خارج الرقة من الجهة التى تلى منطقة صفين ( ومنها ) أن الرشيد فى أيام خلافتة كان يغشى هذه المدينة كثيرا وكانت أحب ما يكون إليه ومنها سار إلى طوس فمات بها فلما كان فى بعض الأيام خرج ليتصيد عل عادته فجاءه رجل من مشايخ الكوفة فأراه موضعا على كثيب وقال فى هذا الموضع قبر أويس القرنى فأمر بالبناء عليه ( هذا ) تاريخ العهد بظهوره وما برح معروفا من حينه إلى اليوم فلا خلاف فى أن هذا الموضع فيه على الصحيح قبر أويس القرنى وهو اليوم منتهى زيارة الزائرين كالهروى وابن بطوطة وغيرهم . – والرقة بفتح الراء وتشديدها اسم يطلق على عدة مدن متفرقة فى الاقطار الإسلامية منها الرقة هذه وكانت فيما سلف مدينة مشهورة واقعة على نهر الفرات بينها وبين مدينة حران ثلاثة أيام وتعد من بلاد الجزيرة وكانت قاعدة ديار مضر فتحت صلحا عام 17 هجرية ويقال إنها من إنشاء اسكندر المقدونى واستوطنها الرشيد وبنى بها قصرا جميلا وبها قبر السيد يحي بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط مات بها عام 169 وهى الآن من ولاية بكر . ورقة واسط ويقال لها الرقة السوداء ورقة قوهستان ورقة حلب مدين بين بحر القلزم وجبل الطور وبمصر قريتان عرفتا بهذا الاسم كلتاهما متقابلتان لبعضهم الاولى على شاطئ النيل الغربى والثانيى على الشاطئ الشرقى ببندر الجيزة .
9- ألاضـــــــرح’ المنســــــــوب’ الـــى سيــدى أويس القرنـــــى :
أتضح لنا من هذا البحث معرفة قبر أويس القرنى على الصحيح فما نسب اليه مما عداه فنسبته ترجع الى ما تقدمت الاشارة اليه فمنها ضريح بدمشق بين باب الجابية وباب الصغير عليه بناء مشيد وآخر يقمن العروس مركز الواسطى وضريح بجبانة الاسكندرية كان معروفا الى عهد قريب وكان له بمصر ضريح آخر
وبالبرمبل قرية من أعمال مديرية الجيزة شرقى الكريمات بين ترعة الحبشى والجبل تابعة لمكز العياط ضريح فى الجهة الشرقية منها
حسن قاسم
23شوال عام 1351 هجرية
18 فبراير عام 1933 م
كتب عنه بأستفاضة صاحب الحلية والسلمى فى طبقات الصوفية وأفراد لفضائله تأليفا مستقلا المنلا على أبن سلطان السقارى أحد علناء الحنفية فى أوائل القرن الحادى عشر أسماه ـ المعدن العدنى ـ فى فضائل أويس القرنى منه مخطوط بدار الكتب المصرية بقسم التاريخ رقم 91. م
|
|