" من أحبني فليحبه , وليبلِّغ الشاهد الغائب " : مولانا الحسن عليه السلام : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 4 ـ بعض فضائل الخمسة أهل العباء : الإمام الحسن رضي الله تعالى عنه: أبو محمد الحسن أمير المؤمنين سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته رضي الله تعالى عنه: هو آخر الخلفاء الراشدين بنص الحديث. ولد رضي الله تعالى عنه فى نصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة , سماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحسن , وعق عنه يوم سابعه , وحلق شعره وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة قال أبو أحمد العسكري: سماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحسن وكناه أبا محمد ولم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية. روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حامل الحسن على عاتقه , فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام. فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم:" ونعم الراكب ". وعن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضعا الحسن بن علي على عاتقه وهو يقول:" اللهم إنى أحبه فأحبه ". وفي البخاري عن أبي بكرة: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر والحسن بن علىي معه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول:" إن ابني هذا سيد , ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ". وعن أبي بكرة أيضا: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بالناس , وكان الحسن بن علىي يثب على ظهره إذا سجد يفعل ذلك غير مرة , قالوا: إنك لتفعل بهذا شيئا ما رأيناك تفعله بأحد؟ قال:" إن ابني هذا سيد , وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ". وعن عبد الله بن الزبير قال: أشبه أهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم به وأحبهم إليه الحسن , رأيته يجئ , وهو ساجد , فيركب رقبته أو قال ظهره , فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل , وقد رأيته وهو راكع يفرج له بين رجليه , حتى يخرج من الجانب الآخر. وفي البخاري عن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث قال: صلى بنا أبو بكر العصر ثم خرج , فرأى الحسن بن علىّ يلعب , فأخذه فحمله على عنقه وهو يقول: بأبى شبيه بالنبي , ليس شبيها بعلي , وعلي يضحك. وكانت فاطمة رضي الله تعالى عنها تهز الحسن وتقول: مثل ذلك. وعن زهير بن الأرقم قال: قام الحسن بن علي يخطب فقام رجل من أزد شنوءة فقال: أشهد لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واضعه على حبوته وهو يقول:" من أحبني فليحبه , وليبلِّغ الشاهد الغائب ". ولولا كرامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما حدثت به أحدا. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:" اللهم إني أحبه وأحب من يحبه ". فما كان أحد أحب إلي من الحسن بعد أن قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما قال. وعنه رضي الله تعالى عنه قال: ما رأيت الحسن بن علي قط إلا فاضت عيناي دموعا , وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج يوما وأنا في المسجد وأخذ بيدي واتكأ علي , حتى جئنا سوق قينقاع فنظر فيه , ثم رجع حتى جلس في المسجد , ثم قال ادع ابني فأتى الحسن بن علي يشتد حتى وقع في حجره فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفتح فمه , أي الحسن , ثم يدخل فمه في فمه ويقول:" اللهم إني أحبه وأحب من يحبه ". ثلاث مرات. قيل أنه رضي الله تعالى عنه حج عشر حجات ماشيا وكان يقول: إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته , وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات , فكان يترك نعلا , وخرج من ماله كله مرتين , وتحقق فيه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن ابنى هذا سيد " الحديث , فإنه لما ولي الخلافة بعد مقتل أبيه بايعه أكثر من أربعين ألفا كانوا بايعوا أباه على الموت، وكانوا أطوع للحسن وأحب له , وبقي خليفة نحو سبعة أشهر في العراق وخرسان واليمن والحجاز وغير ذلك. ثم سلم الأمر إلى معاوية بدون حرب , وهو العزيز , خوفا من إراقة دماء المسلمين , فلما بايعه خطب الناس قبل دخول معاوية الكوفة فقال: أيها الناس إنما نحن أمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وكرر ذلك حتى ما بقي إلا من بكى حتى سمع نشيجه , ولما دخل معاوية الكوفة قال له: قم يا حسن فكلم الناس فيما جرى بيننا , فقام الحسن في أمر لم يتروّ فيه , فحمد الله وأثنى عليه ثم قال في بديهته: أما بعد: أيها الناس فإن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا , ألا إن أكيس الكيس التقي وأعجز العجز الفجور. وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية , إما أن يكون كان أحق به مني وإما أن يكون حقي تركته لله عز وجل ولإصلاح أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحقن دمائكم. ثم التفت إلى معاوية وقال: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}. قال العلامة الصبان: ولما نزل عنها , أي الخلافة , ابتغاء وجه الله تعالى عوضه الله وأهل بيته عنها بالخلافة الباطنية , حتى ذهب قوم أن قطب الأولياء في كل زمان لا يكون إلا من أهل البيت , وممن قال يكون من غيرهم الأستاذ أبو العباس المرسي , كما نقله عنه تلميذه التاج ابن عطاء الله. وهل أول الأقطاب الحسن أو أول من تلقى القطبانية من المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة الزهراء مدة حياتها , ثم انتقلت منها إلى أبى بكر , ثم عمر , ثم عثمان , ثم علىّ , ثم الحسن؟ ذهب إلى الأول أبو العباس المرسي , وإلى الثانى أبو المواهب التونسي كما في طبقات المناوي. ورأيت في شرح المناوي الكبير على الجامع الصغير ما نصه: قال الحرالي: سلسلة أهل الطريق تنتهي من كل وجه من جهة المشايخ والمريدين إلى أهل البيت , فجهات طرق المشايخ ترجع عامتها إلى تاج العارفين أبي القاسم الجنيد , وبداية أبي القاسم أخذها من خاله السري , والسري ائتم بمعروف. وكان معروف مولى علي بن موسى الرضى: وهو عن آبائه رضي الله تعالى عنهم , فرجع الكل إلى علي كرم الله وجهه. {أولائك حزب الله}. ا هـ. ثم ذكر من كلامه رضي الله تعالى عنه: المروءة العفاف , وإصلاح الحال , الإخاء المواساة في الشدة والرخاء , الغنيمة الباردة الرغبة في التقوى. وكان يقول لبنيه وبني أخيه: تعلموا العلم فإن لم تستطيعوا حفظه فاكتبوه وضعوه في بيوتكم. ولما احتضر قال لأخيه الحسين رضي الله تعالى عنه: يا أخي أوصيك أن لا تطلب الخلافة فإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا النبوة والخلافة , فإياك أن يستخفك سفهاء الكوفة ويخرجوك فتندم حيث لا ينفعك الندم. وأخرج بن سعد عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه قال: تفاخر قوم من قريش فذكر كل رجل ما عنده , فقال معاوية للحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما: ما يمنعك من القول؟ فما أنت بكليل اللسان , فقال: ما ذكروا مكرمة ولا فضيلة إلا ولي محضها ولبابها , ففيم الكلام وقد سبقت مبرزا. وفي المسامرات للشيخ الأكبر قال معاوية يوما وعنده أشراف الناس من قريش وغيرهم: أخبروني أكرم الناس أبا وأما وعما وعمة وخالا وخالة وجدا وجدة , فقام مالك بن عجلان وأومأ إلى الحسن عليه السلام فقال: ها هو ذا أبوه علي بن أبي طالب , وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وجدته خديجة بنت خويلد , وجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , وعمه جعفر الطيار في الجنة , وعمته أم هانئ بنت أبى طالب , وأخواله وخالاته أولاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم , فسكت القوم ونهض الحسن , فقام رجل من بني سهم وقال: أنت أمرت ابن عجلان على مقالته؟ فقال ابن عجلان: ما قلت إلا حقا , وما أحد من الناس يطلب مرضاة مخلوق بمعصية الخالق إلا لم يعط أمنيته في دنياه , وختم له بالشقاء في آخرته , بنو هاشم أنضركم عودا وأوراكم , زندا كذلك يا معاوية؟ فقال معاوية: اللهم نعم. توفي الحسن رضي الله تعالى عنه مسموما سنة خمسين على أحد الأقوال , ودفن في البقيع رضي الله تعالى عنه. ) ــــــــــــــــــــــــــ من كتاب / الشرف المؤبد / للعارف النبهاني رضي الله عنه ـــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|