موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 8 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: التراث وأئمة المسلمين شبهات وردود
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مايو 15, 2022 9:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14348
مكان: مصـــــر المحروسة

يتشبث الطاعنون في التراث بفهم سقيم قوامه أن أئمة ‏الأمة المحمدية أو جلهم مجرد مجموعات من ضعاف ‏العقول غلاظ القلوب قصيري النظر متحجري الفهم ‏والعقل.‏

هذا ما تخرج به عزيزي القاريء إذا استمعت أو ‏طالعت لما ينشره الطاعنين من أهل زماننا في تراث ‏الأمة.‏
‏ ‏
وحاشا أئمة الأمة من هذه الفريات البينات ، فلا ‏يلزمهم فهم فاسدي العقول من أهل زماننا وكذا لا ‏يلزمهم قلة بضاعة أولئك الطاعنين من علوم العقل ‏والنقل و قصر نظرهم وعدم شمولية البحث ‏والاستقصاء.‏

وكذا أئمتنا وتراثنا براء من سوء قصد كل طاعن ‏كان طعنه عن تربص وأهداف خفية أو كان عن خيبة ‏وتقليد أعمى وأهواء نفس لن تجد راحتها إلا في ‏الانخلاع من ربقة الدين بالكلية.‏

والطعن في التراث مطية للطعن في الدين إجمالاً ‏وتفصيلاً.‏

وقد لا يدري هؤلاء المتربصين ومن سلم لهم عقله ‏يحشونه بتراهاتهم أن الخاتمة لكل تلك الجهود هي هدم ‏الدين كل دين وأي دين سماوي كان أو غير سماوي.‏

الهدف النهائي لهذه الحملة الشعواء على الأديان هو ‏القضاء عليها بالكلية لصالح الديانة الإبليسية ، كي ‏يعبد اللعين إبليس في الأرض من دون الله ليس إلا.‏

النخبة الحاكمة للعالم أو من يرمز لهم بالقابعين في ‏الظلام لا هم نصارى أو يهود حتى.‏

ما هم إلا عبدة إبليس اللعين.‏

الصهيونية والماسونية وغيرهما ما هي ألا أدوات في ‏أيديهم ، وحتى اليهود مجرد أدوات ووسائل لإنفاذ ‏مرادهم من أن يعبد إبليس اللعين في الأرض من دون ‏الله عز وجل.‏

مخططات هدم دين الإسلام يجري تطبيقها على قدم ‏وساق ، ومن ضمنها حالياً إسقاط أئمة الأمة والتراث ‏من أعين المسلمين.‏

وتصوير أئمة المسلمين وعلمائهم في صورة الجهلة ‏المتآمرين قصيري النظر متحجري العقل والقلب وأنهم ‏أهل هوى وغرض في فهم نصوص الشريعة وكأنهم ‏على اتساع أقطارهم وتباعد أوطانهم مجرد عصبة من ‏المجرمين لا هم لهم إلا تقييد العقول وإيقاف مسيرة ‏الأمة الحضارية - وحاشهم من ذلك عليهم رضوان ‏الله بل على النقيض مما سبق كانوا - ‏

وبالتبعية لذلك ينفتح الباب لكل أحد يقول في دين ‏الله بغير علم أو فهم ، أو لكل مندس له أجندة في ‏تدمير الأمة فيدخل بها من باب التجديد والتيسير ، ‏وكذا لكل من أراد الانسلاخ عن الدين بحجة التراث ‏ونقلته من أئمة الأمة وإجرامهم المزعوم.‏

وفي سبيل ما سبق جمعت كل طاعن وغامز ولامز في ‏التراث ونقلته خصيصة واحدة هي تبشيع - إن ‏صحت الكلمة لغة - المخرجات العلمية لأئمة ‏المسلمين في نظر عامة الأمة حالياً بمقاييس غير سليمة ‏تتماشى مع فهم خاطيء وضحالة علمية لا تخطؤهما ‏عين بين غالب الأمة حالياً.‏

يضاف لذلك عدم أمانة النقل والاجتزاء المخل سواء ‏بقصد أو بغير قصد - كمن يردد كالببغاء ولا يحقق ‏ما يقول -‏

لذلك أشرع سائلاً الله عز وجل العون والتوفيق ‏والسداد بتتبع أمثلة مما يقدمها أولئك في محاولاتهم ‏لإظهار أئمة الأمة في صورة غير صحيحة خلافاً لما هم ‏عليه.‏

وأبدأ ذلك بما يذيعه وينشره الطاعنون في أيامنا من أن ‏أئمة الأمة في سبيل امتهان المرأة وتأسيس المجتمع ‏الذكوري وتدمير نصف المجتمع والحط من شأنه ‏‏.....الخ قد أخطأوا وكذبوا ودلسوا عندما قالوا بأن ‏المراد من قوله تعالى في سورة النساء {وَلا تُؤْتُوا ‏السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ} أن السفهاء هنا يراد بهم النساء.‏

وبقية وصلة الطعن معروفة من وجوب تنقية التراث ‏وعدم اعتبار أقوال أمثال هؤلاء العلماء .... الخ ما ‏يعرف من أدبيات الطعن والحط من قيمة وقدر ‏العلماء والتراث إجمالاً.‏

وكأن فهم الطاعنين المنكوس وكذبهم وتدليسهم الذي ‏لا يخلو من غرض وخبيئة سوء مصوغ لاجتثاث الأمة ‏من جذورها.‏

ومال التراث وأئمة المسلمين بهذا ؟!!!!!!!‏

لا تلزموا الأمة بفهم سقيم لا يخلو من سوء نية وقصد ‏وأمور دبرت بليل.‏

هذا أخي القاريء ما سيظهر بفضل الله في الحلقات ‏القادمة من الموضوع.‏

والله المستعان على ما يصفون.‏

يتبع إن شاء الله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: التراث وأئمة المسلمين شبهات وردود
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 16, 2022 11:33 am 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2394


﷽___________
اللهم صل على سيدنا محمد النور الحبيب العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وسلم عليه قدر نظرك إليه
- - -
رضي الله عنكم وجزاك الله خيرا وزادك علما وفهما ونورا
- - -
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد (ﷺ)

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: التراث وأئمة المسلمين شبهات وردود
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين مايو 16, 2022 7:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 45808
تسجيل حضور ومتابعه

يارك الله فيكم

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: التراث وأئمة المسلمين شبهات وردود
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء مايو 17, 2022 5:12 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14348
مكان: مصـــــر المحروسة

الأخ الفاضل الأخ الفاضل (أحمد ماهر البدوي) :

الأخ الفاضل د (حامد الديب) :

أعزكما الله وبارك فيكما وجزاكما الله خيراً ويسعدني دائماً هذا المرور الكريم الطيب.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: التراث وأئمة المسلمين شبهات وردود
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 18, 2022 7:38 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14348
مكان: مصـــــر المحروسة

قال تعالى في محكم التنزيل {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} [النساء :5].

أولاً : توجه معنى "السفه" الوارد في الآية الكريمة لدى السادة العلماء :

- قال الإمام القرطبي في تفسيره (1/ 205) :[ وَأَصْلُ السَّفَهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْخِفَّةُ وَالرِّقَّةُ، يُقَالُ: ثَوْبٌ سفيه إذا كان ردئ النَّسْجِ خَفِيفَهُ، أَوْ كَانَ بَالِيًا رَقِيقًا. وَتَسَفَّهَتِ الرِّيحُ الشَّجَرَ: مَالَتْ بِهِ.]اهـ

- وقال الإمام الكياهراسي في أحكام القرآن (2/337) : في شرح معنى السفه المراد في الآية الكريمة :[ وذكروا أن هذا التأويل أولى، فإن السفه صفة ذم، وهذا يعترض عليه، فإن السفه في الأصل الخفة، وليس ذلك صفة ذم ولا مفيدا لعصيان، والمعنيان مختلفان.]اهـ

قلت وبالله التوفيق :

يعني المسألة ليست مسألة انتقاص مجرد لجنس النساء أو امتهان للمرأة من قبل العلماء كما يحاول البعض تصوير المسألة على هذا الشكل.

وأن مفهوم "السفه" في الآية الكريمة متوجه لدى السادة العلماء على الرقة أو الخفة في التصرف وليس ذلك عندهم بصفة موجبة للتنقص.

ثانياً : السادة العلماء يضعفون ولايصححون قول من خصص "السفهاء" في الآية الكريمة بالنساء.

- قال الإمام الطبري في تفسيره (6/ 394 ، 395) :[ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثناؤُهُ عَمَّ بِقَوْلِهِ: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ} [النساء: 5] فَلَمْ يُخَصِّصْ سَفِيهًا دُونَ سَفِيهٍ، فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤْتِيَ سَفِيهًا مَالَهُ صَبِيًّا صَغِيرًا كَانَ أَوْ رَجُلًا كَبِيرًا ذِكْرًا كَانَ أَوْ أُنْثًى، وَالسَّفِيهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ مَالَهُ، هُوَ الْمُسْتَحِقُّ الْحَجْرَ بِتَضْيِيعِهِ مَالَهُ وَفَسَادِهِ وَإِفْسَادِهِ وَسُوءِ تَدْبِيرِهِ ذَلِكَ. وَإِنَّا قُلْنَا مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِقَوْلِهِ: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ} [النساء: 5] هُوَ مَنْ وَصَفْنَا دُونَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثناؤُهُ قَالَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَتْلُوهَا: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] فَأَمَرَ أَوْلِيَاءَ الْيَتَامَى بِدَفْعِ أَمْوَالِهِمْ إِلَيْهِمْ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ وَأُونِسَ مِنْهُمُ الرُّشْدُ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْيَتَامَى الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ، فَلَمْ يُخَصَّصْ بِالْأَمْرِ بِدَفْعِ مَا لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ الذُّكُورَ دُونَ الْإِنَاثِ، وَلَا الْإِنَاثَ دُونَ الذُّكُورِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ بِمَعْلُومٍ أَنَّ الَّذِينَ أُمِرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِدَفْعِهِمْ أَمْوَالَهُمْ إِلَيْهِمْ، وَأُجِيزَ لِلْمُسْلِمِينَ مُبَايَعَتُهُمْ، وَمُعَامَلَتُهُمْ غَيْرُ الَّذِينَ أُمِرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ بِمَنْعِهِمْ أَمْوَالَهُمْ، وَحَظَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُدَايَنَتَهُمْ وَمُعَامَلَتَهُمْ،فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَبَيِّنٌ أَنَّ السُّفَهَاءَ الَّذِينَ نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُؤْتُوهُمْ أَمْوَالَهُمْ، هُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ الْحَجْرَ، وَالْمُسْتَوْجِبُونَ أَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِمْ أَمْوَالُهُمْ، وَهُمْ مَنْ وَصَفْنَا صِفَتَهُمْ قَبْلُ، وَأَنَّ مَنْ عَدَا ذَلِكَ، فَغَيْرُ سَفِيهٍ، لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ قَدْ بَلَغَ، وَأُونِسَ رُشْدُهُ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِالسُّفَهَاءِ النِّسَاءَ خَاصَّةٌ، فَإِنَّهُ جَعَلَ اللُّغَةَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَادُ تَجْمَعُ فَعِيلًا عَلَى فُعَلَاءَ، إِلَّا فِي جَمْعِ الذُّكُورِ، أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ؛ وَأَمَّا إِذَا أَرَادُوا جَمْعَ الْإِنَاثِ خَاصَّةً لَا ذُكْرَانَ مَعَهُمْ، جَمَعُوهُ عَلَى فَعَائِلَ وَفَعِيلَاتٍ، مِثْلَ غَرِيبَةٍ تُجْمَعُ غَرَائِبَ وَغَرِيبَاتٍ؛ فَأَمَّا الْغُرَبَاءُ فَجَمْعُ غَرِيبٍ.]اهـ

- قال الإمام القرطبي في تفسيره (5 /28) : [وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَؤُلَاءِ السُّفَهَاءِ، مَنْ هُمْ؟ فَرَوَى سَالِمٌ الْأَفْطَسُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: هُمُ الْيَتَامَى لَا تُؤْتُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ قَالَ: هُمُ الْأَوْلَادُ الصِّغَارُ،لَا تُعْطُوهُمْ أَمْوَالَكُمْ فيفسدوها وتبقوا بلا شي. وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هُمُ النِّسَاءُ. قَالَ النَّحَّاسُ وَغَيْرُهُ: وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَصِحُّ، إِنَّمَا تَقُولُ الْعَرَبُ فِي النِّسَاءِ سَفَائِهُ أَوْ سَفِيهَاتٌ، لِأَنَّهُ الْأَكْثَرُ فِي جَمْعِ فَعِيلَةٍ. وَيُقَالُ: لَا تَدْفَعْ مَالَكَ مُضَارَبَةً وَلَا إِلَى وَكِيلٍ لَا يُحْسِنُ التِّجَارَةَ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فَلَا يَتَّجِرْ فِي سُوقِنَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) يَعْنِي الْجُهَّالَ بِالْأَحْكَامِ. وَيُقَالُ: لَا تَدْفَعْ إِلَى الْكُفَّارِ، وَلِهَذَا كَرِهَ الْعُلَمَاءُ أَنْ يُوَكِّلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ، أَوْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مُضَارَبَةً. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: السُّفَهَاءُ هُنَا كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ. وَهَذَا جَامِعٌ.]اهـ

- قال الإمام ابن عطية في تفسيره (2 / 9 ، 10) :[اختلف المتأولون في المراد بالسُّفَهاءَ، فقال ابن مسعود والسدي والضحاك والحسن وغيرهم: نزلت في ولد الرجل الصغار وامرأته، وقال سعيد بن جبير: نزلت في المحجورين «السفهاء» وقال مجاهد: نزلت في النساء خاصة، وروي عن عبد الله بن عمر أنه مرت به امرأة لها شارة فقال لها وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الآية، وقال أبو موسى الأشعري والطبري وغيرهما: نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط الله من السفه كان من كان، وقول من خصها بالنساء يضعف من جهة الجمع، فإن العرب إنما تجمع فعيلة على فعائل أو فعيلات، وقوله: أَمْوالَكُمُ يريد أموال المخاطبين، هذا قول أبي موسى الأشعري وابن عباس والحسن وقتادة، وقال سعيد بن جبير: يريد أموال «السفهاء» ، وأضافها إلى المخاطبين تغبيطا بالأموال، أي هي لهم إذا احتاجوا، كأموالكم لكم التي تقي أعراضكم، وتصونكم وتعظم أقداركم، ومن مثل هذا وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء: 29] وما جرى مجراه.]اهـ

قلت وبالله التوفيق :

ومما سبق من نقول السادة العلماء نتبين أن مفهوم الآية الكريمة عندهم أشمل وأعم ، وأن تخصيص معنى السفهاء بالنساء فوق أنهم ضعفوه ولم يصححوه فهو مجرد قول من أقوال عدة دارت حولها نقاشات ومباحثات تفسيرية وليس بالأمر المجمع عليه بين العلماء على الوجه الذي يظهره البعض بأن العلماء والتراث في حالة حرب على النساء كافة بهدف انتقاصهن والحط من قدرهن ، بل على العكس نرى أئمة الأمة وهم بالضد مما يروجه الكذبة.

يتبع إن شاء الله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: التراث وأئمة المسلمين شبهات وردود
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء مايو 18, 2022 9:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الاثنين يناير 25, 2021 8:59 pm
مشاركات: 2394


﷽___________
اللهم صل على سيدنا محمد النور الحبيب العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وسلم عليه قدر نظرك إليه
- - -
رضي الله عنكم وجزاك الله خيرا وزادك علما وفهما ونورا
- - -
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد (ﷺ)

_________________
أغث يا سيدى وأدرك محبا يرى الأقدار تضربه سهاما
لكل قضية أعددت طه بغير شكية يقضى المراما
أيغدرنا الزمان وأنت فينا معاذ الله يا بدر التماما
(ﷺ)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: التراث وأئمة المسلمين شبهات وردود
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس مايو 19, 2022 8:47 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14348
مكان: مصـــــر المحروسة

اللهم آمين يارب العالمين وجمعاً إن شاء الله.

أكرمكم الله أخي الفاضل (أحمد ماهر البدوي) وبارك فيكم وجزاكم الله خيراً على مروركم الكريم.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: التراث وأئمة المسلمين شبهات وردود
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مايو 20, 2022 5:46 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14348
مكان: مصـــــر المحروسة

ثالثاً : ما قيد به السادة العلماء صفة السفه وعلى من تطلق إذا عدم هذا القيد كائناً من كان وليس النساء فقط.

قال الإمام الرازي في تفسيره (9/ 494) :[وَاعْلَمْ أَنَّ تَعَلُّقَ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا هُوَ كَأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ بِإِيتَاءِ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَبِدَفْعِ صَدُقَاتِ النِّسَاءِ إِلَيْهِنَّ،فَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ إِذَا كَانُوا عَاقِلِينَ بَالِغِينَ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ حِفْظِ أَمْوَالِهِمْ، فَأَمَّا إِذَا كَانُوا غَيْرَ بَالِغِينَ، أَوْ غَيْرَ عُقَلَاءَ، أَوْ إِنْ كَانُوا بَالِغِينَ عُقَلَاءَ إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا سُفَهَاءَ مُسْرِفِينَ، فَلَا تَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَأَمْسِكُوهَا لِأَجْلِهِمْ إِلَى أَنْ يَزُولَ عَنْهُمُ السَّفَهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ الِاحْتِيَاطُ فِي حِفْظِ أَمْوَالِ الضُّعَفَاءِ وَالْعَاجِزِينَ.]اهـ

قال الإمام البغوي في تفسيره (1/ 566 ، 567) : [قَالَ الْكَلْبِيُّ:إِذَا عَلِمَ الرَّجُلُ أَنَّ امْرَأَتَهُ سَفِيهَةٌ مُفْسِدَةٌ وَأَنَّ وَلَدَهُ سفيه مفسد فلا ينبغي له أَنْ يُسَلِّطَ وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَى مَالِهِ فَيُفْسِدَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ: هُوَ مَالُ الْيَتِيمِ يَكُونُ عِنْدَكَ، يَقُولُ لَا تُؤْتِهِ إيّاه وأنفقه عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ، وَإِنَّمَا أَضَافَ إِلَى الْأَوْلِيَاءِ فَقَالَ: أَمْوالَكُمُ لِأَنَّهُمْ قِوَامُهَا وَمُدَبِّرُوهَا، وَالسَّفِيهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُؤْتِيَهُ مَالَهُ هو المستحق الحجر عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُبَذِّرًا فِي مَالِهِ أَوْ مُفْسِدًا فِي دِينِهِ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ، أَيْ: الْجُهَّالَ بِمَوْضِعِ الْحَقِّ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا، قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عامر «قيّما» بِلَا أَلِفٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ قِياماً وَأَصْلُهُ: قِوَامًا، فَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَهُوَ مَلَاكُ الْأَمْرِ وَمَا يَقُومُ بِهِ الْأَمْرُ. وَأَرَادَ هَاهُنَا قِوَامَ عَيْشِكُمُ الَّذِي تَعِيشُونَ بِهِ.]اهـ

قال الإمام الماتريدي في تفسيره (3/ 19 ، 20) : [فالسفيه -في الحقيقة- من يعمل عمل الجهال، كان جاهلا في الحقيقة أو لا؛ لما قد يلقب العالم به؛ إذا ضيع الحدود، وتعاطى الأفعال الذميمة؛ وعلى ذلك ما جاء من الكتاب بتسفيه علماء أهل الكتاب. ثم قد يسمى الجهال به؛ لما أن الجهل هو السبب الباعث على فعل السفه؛ فقوله - تعالى -: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ) يحتمل ذلك الوجهين.
وأي الأمرين كان ففيه التحذير للمعنى الذي بين من قوله: (الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا): فإما إذا كانت قيامًا للمعاش أو للمعاد أو لهما، وطريق الإنفاق في الوجهين والإمساك لهما التدبر، ومراعاة الشرع، وتعاهد الأسباب، والوجهان جميعًا يمنعان الوفاء بما جعلت له الأموال؛ فحذر من أنعم بها عن تضييع ذلك بالتسليم إلى من ذكر، مع ما يكون في ذلك أن اتباع من يستحق أن يكون متبوعًا لمن حقه أن يجعل تابعًا، وذلك خارج عن حد الحكمة، وما يحمده العقل.]اهـ

وقال الإمام أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (2/ 212 :214) : [بَابُ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ .... قَالَ أَبُو بَكْرٍ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي السَّفِيهِ الْمُرَادِ بِالْآيَةِ فَقَالَ قَائِلُونَ منهم هو الصبى وروى ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْله تَعَالَى وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ قَالَ الصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ النِّسَاءُ وَقَالَ الشعبي لا تعطى الجارية ما لها وَإِنْ قَرَأَتْ الْقُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الَّتِي لَا تَقُومُ بِحِفْظِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ ضَابِطَةً لَأَمْرِهَا حَافِظَةً لِمَالِهَا دُفِعَ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ بَالِغًا قَدْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَجُوزُ لِامْرَأَةِ مُمَلَّكَةٍ عَطِيَّةٌ حتى تحيل فِي بَيْتِ زَوْجِهَا حَوْلًا أَوْ تَلِدَ بَطْنًا وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ مِثْلُهُ وَقَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ لَا تَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ حَتَّى تَلِدَ أَوْ يُؤْنَسَ رُشْدُهَا وَعَنْ إبْرَاهِيمَ مِثْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُؤْنَسْ رُشْدُهَا لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِحَدٍّ فِي اسْتِحْقَاقِ دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهَا لِأَنَّهَا لَوْ أَحَالَتْ حَوْلًا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدَتْ بُطُونًا وَهِيَ غَيْرُ مُؤْنِسَةٍ لِلرُّشْدِ وَلَا ضَابِطَةٍ لِأَمْرِهَا لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهَا مَالُهَا فَعَلِمْنَا أَنَّهُمْ إنَّمَا أَرَادُوا ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يُؤْنَسْ رُشْدُهَا.]اهـ

قلت وبالله التوفيق :

أين هذا مما يدعيه الطاعنون في التراث بزعم انتقاصه وتحقيره للنساء ؟!!!

ويظهر للقارئ الكريم مما سبق أن السادة العلماء قيدوا السفه بمن توافرت فيه الأمور التالية سواء كان رجلاً أو امرأة أو صبياً :

من لم يؤنس رشده ، ولم يكن ضابط لأمره غير حافظ لماله ، ومن عمل عمل الجهال وتعاطى الأفعال الذميمة ، المبذر في المال المفسد في دينه ، من لم يكن عاقلاً بالغاً غير متمكنن في حفظ ماله.

ما سبق هو ما قرره الأئمة الأعلام حرفياً فيمن يستحق الوصف بمعنى السفه الوارد في الآية الكريمة.

وليس كما زخرف البعض كذباً وبتراً للتصوص وتلفيقاً بأن أئمة المسلمين أو أن تراثنا قطع بأن النساء إجمالاً هم السفهاء.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 8 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 30 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط