البرازخ , والعبادات , والعوالم كلام حديث العهد برب العوالم : ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( البرازخ , والعبادات , والعوالم : ألا ترى أن الصلوات النهارية أربع ركعات (الظهر والعصر) والصلاة الليلة أربع ركعات (العشاء) وأن صلاة الفجر والمغرب هي أقل الصلوات في عدد الركعات! وذلك والله أعلم لأن المغرب برزخ بين النهار والليل, والفجر برزخ بين الليل والنهار, وأن الفجر والمغرب من أقصر الأوقات فكلما قرب الوقت من البرزخ قلت العبادات الظاهرة , وزادت المعارف (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (ق 22) فإذا تدبرت ذلك علمت الإشارة في كون عدد ركعات صلاة المغرب أكثر ركعة من الفجر. وذلك لعمل حساب ظلمة البرزخ, والبرزخ هنا برزخ القبر والفجر برزخ, ولكن إشارته لظهور الحقيقة, لذا فهو أقل ركعة من المغرب لإقتراب الفجر من النهار الذي كأنه الحقيقة الكاملة وتتضح الحقيقة الكاملة في الآخرة حيث لا تكليف. واعلم عبد الله أن نور الجنة يشبه النور الكائن عند شروق الشمس وقبل ارتفاع قرصها, لذا نلاحظ الانشراح والسعادة عند الذهاب إلى صلاة العيد في هذا الوقت, روى الإمام أحمد وغيره حديثاً طويلاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم عن الساعة والقيامة والحشر وحوض النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وكان مما فيه: «وَتُحْبَسُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَلاَ تَرَوْنَ مِنْهُمَا وَاحِدًا قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَبِمَا نُبْصِرُ قَالَ بِمِثْلِ بَصَرِكَ سَاعَتَكَ هَذِهِ وَذَلِكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي يَوْمٍ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ وَاجَهَتْ بِهِ الْجِبَالَ " وفي رواية لابن الإمام أحمد: بِمِثْلِ بَصَرِكَ سَاعَتَكَ هَذِهِ، وَذَلِكَ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي يَوْمٍ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ وَوَاجَهَتْهُ الْجِبَالُ» وعَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ قَالَ: «خَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو الْعَالِيَةِ، مُتَوَجِّهَيْنِ إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمَّا كُنْتُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ نَظَرَ أَبُو الْعَالِيَةِ إِلَى السَّمَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَالَ: هَكَذَا نَهَارُ الْجَنَّةِ». ولما كان الوقت بين العصر والمغرب أقل من فترة الوقت بين الظهر وبين الفجر كان التطويل في صلاة الظهر أوضح وكانت صلاة العصر إلى نصف صلاة الظهر في طول القيام والركوع والرفع والسجود. فإذا فهمنا ذلك فهمنا لما كانت السنن المؤكدة لصلاة المغرب والعشاء سنن بعدية, أي بعد أداء الصلاة, وكون سنة الفجر والعصر سابقة لأداء الفريضة, حيث الوقت المتبقي قليل فتشرق الشمس وتغرب بين قرني شيطان. وفي صلاة سنة الفجر قبل صلاة الصبح الفريضة, وختم الليل بالوتر قبل صلاة الفجر, إشارة إلى أنه لا بد أن تبتديء الأمور وتنتهي بشيء محمدي. وفي أحد الحضرات, وإن شئت قلت في إحدى الدورات, وقف النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وقال: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض. عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ "، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ؟»، قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ - حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا - أَوْ ضُلَّالًا - يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلِّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ "، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟» قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي رِوَايَتِهِ: وَرَجَبُ مُضَرَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: «فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي». فكملت في هذا الموقف, في هذه الحضرة في هذا اليوم دورة كاملة تامة والنبي صلى الله عليه وآله وسلّم يشاهدها, ويشاهد كيف أن الزمان قد استدار كـ هيئته يوم خلق السموات والأرض فتكون الدورة قد تمت منذ خلق الله السموات والأرض وحتى اللحظة التي تكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , فطرف التقاء الدائرة: يوم خلق الله السموات والأرض, والطرف الآخر حجة الوداع في يوم النحر, بالبلد الحرام. وكأن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ينظر إلى حضرة من الحضرات القديمة, مع فيض اكتمال الدائرة, ومن شدة ما كان من حال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وسؤال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عن اسم الشهر وعن البلد وعن اليوم سكت الصحابة مع اختلاف بعضهم عن بعض في سبب السكوت, فقال أبو بكرة حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. وهذا يدلك كيف كان الموقف مهيباً. داخل هذه الدورة دورات ودورات, فبالأمس كان يوم عرفة, وكان يوم جمعة وأنزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم آية المائدة: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة 3). ووافق مكان أخذ الميثاق من ظهر سيدنا آدم واليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ يَعْنِي عَرَفَةَ فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قِبَلاً قَالَ: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (الأعراف 172 - 173). عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا». فبعرفة يوم جمعة كان أخذالميثاق, فكان الحنين الدائم من أهل التوحيد لعرفة, وبعرفة يوم جمعة كان موقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم الذي هو خير شاهد في يوم الميثاق, وما بقي إلا يوم النحر لتكتمل الدورة الأكبر, فقد انتهت الدورات وما بقى إلا ما دار داخلها, فعما قريب وبعد حوالي ثلاثة أشهر ينتقل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم إلى الرفيق الأعلى, ودورة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لا تنتهى فقد كان قاب قوسين, بل أدنى. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وسلم من أنزل الله عليه (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا) (الأحزاب 31) . ) ـــــــــــــــــــــ من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (( اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق والناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم ))
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|