|
جنة المأوى هي جنة الأميين . فما معنى { النبي الأمي }
ـــــــــــــــــــــــــــ
( جنة المأوى :
(وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) (النجم 13 - 16).
في رحلة النزول, وعند الرؤية الثانية التي كانت بالفؤاد عند السدرة, كان ذكر جنة المأوى.
فأين كانت في الرحلة الأولى؟!
جنة المأوى, هي الجنة التي يأوي إليها أرواح, قيل أرواح المؤمنين, وقيل أرواح الشهداء, وقيل هي التي سكنها أبونا آدم وأمنا حواء قبل نزولهم إلى الأرض.
جنة المأوى هي جنة من آواهم الله ورباهم وعلمهم بلا واسطة وإن كان لهم نبي أخذ عليهم العهد والميثاق, وكان منهم النظر إلى قلبه ونوره.
جنة المأوى
هي جنة من لا تسعهم السماوات والأرض, لا يسعهم إلا الله عز وجل, وعلاماتهم أنهم أهل فقد وغربة, وحل وترحال.
هم مغيبون عن أعين الخلق وإن رأوهم, هم مجهولون عند الخلق وإن آكلوهم وشاربوهم وخالطوهم.
جنة المأوى هي جنة من ليس له أحد إلا الله.
جنة المأوى هي جنة الأميين, حيث سيدنا الخضر وكل من يرسلون إلى مهام لا يعرف عنها أحد شيئاً, قال تعالى: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) (الكهف 65).
كان سيدنا الخضر واحداً منهم, فلما قال سيدنا موسى: «أنا أعلم، قال له الله: إن لنا عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك». (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) شرح ذلك يطول, وفي كتابنا عن حياة الخضر وإلياس والمجيء الثاني للسيد المسيح شيء من التوضيح.
عند السدرة يكون الإيواء,
عند السدرة جنة المأوى.
جنة المأوى جنة السكون,
وأهلها لا يخرجون ولا يحس أحد بهم إلا بأمر إلهي, فكان أن لا ذكر لهم في العرجة الأولى
أهل جنة المأوى لهم أعظم نصيب من التربية بالقهر وصفات الجلال, فلما دنا رب العزة باسمه الجبار (ودنا الجبار) ناسب حينئذ ذكرهم, حيث لم تُذكر هذه الجنة عند العرجة الأولى.
جنة المأوى بالقرب من السدرة, في مستوى قريب من صريف الأقلام. وَلِمَ لاَ وأهل هذه الجنة هم من المؤتمنين من أهل الله وأكابرهم, وبسماعهم صريف الأقلام يكون منهم التصريف في عالم الملك والملكوت والبرزخ.
لا تنس قول: هذه سدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك.
قال على سنتك ولم يقل من قال لا إله إلا الله.
أي من سار على سيرك ومشى على نور سير قدمك الشريف, من ورثة وأميين.
أهل جنة المأوى يُعَلمهم الله من الغيوب, بعلوم الرحمة, وبعلوم الأميين ونبيهم هو نبي الأميين, خير خلق الله أجمعين محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.
فما معنى الأميين والنبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلّم؟!
(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الأعراف 157 - 158)
الأمي له عدة معان من حيث النسبة:
نسبة للأم, نسبة للعرب والعرب أمة لا تكتب ولا تقرأ, نسبة لأم القرى مكة, نسبة لأم الكتاب, نسبة لمن لم يكن لهم كتاب, نسبة لأمة من الأمم, والعرب تسمي كل ما يجري مجرى الأصل للشيء أماً له ومنه أم الرأس للدماغ, فتقول ضربه على أم رأسه.
والأمي من عَلِمَ علوم الأسرار دون إعمال فكر, ولا نظر, ولا اجتهاد, وعلومه ليست من باب وفور ورجحان عقل أو صقل تجارب, علوم الأمي ليست عن مقارنة أدلة والترجيح بينها وإقرار الصحيح منها.
الأمي من يأخذ من ربه, من الأصل الروحاني, وكان عند العوام أيام الجدود حكمة بالعامية تقول: "مالك مربي ... من عند ربي".
هذه بعض معاني الأمي.
فما معنى النبي الأمي ونبي الأميين؟!
أما نسبة النبي الأمي فقالوا نسبة لمكة التي هي أم القرى, ونسبة للعرب الذين لم يكن لهم كتاب, وكانت علومهم فطرية, وقال السادة: النبي الأمي يعني أنه أم الموجودات وأم الأرواح, فكما كان آدم أبا الأجساد فالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم أبو الأرواح.
قال العلامة إسماعيل حقي في تفسيره: "ومعنى الأمي أنه أم الموجودات وأصل المكونات كما قال: «أول ما خلق الله روحي»، وقال حكاية عن الله: «لولاك لما خلقت الكون»، فلما كان هو أول الموجودات وأصلها سمي أمياً، كما سميت مكة أم القرى لأنها كانت مبدأ القرى وأصلها، وكما سمي أم الكتاب لأنه مبدأ الكتب وأصلها".
أمية الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم
هذه المواضيع من السهولة أن تجر الإنسان إلى مشاكل تجعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قد يعرض عنه, مثل الكلام الباطل الذي حكاه بعض المتمسلفة وإمامهم ابن تيمية في تفسير قول الله عز وجل: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) (الضحى 7) , ومثل قولهم أيضاً ـ والعياذ بالله ـ في قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) (يوسف 3)
فقال أحدهم: بل كان من الغافلين. نعوذ بالله من الشطط والزيغ وتلاعب الشيطان بالإنسان في اليقظة والمنام وفي خطراته وسكونه وكلامه وسائر تصرفاته, هؤلاء القوم ما عندهم توقير لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في تناولهم للأمور, غاية مأربهم إثبات بشرية للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم يجوز وقوعها في الخطأ, من كان حاله هكذا لم يتذوق من الجمال قطرة (وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (الأنعام 33).
كلمة "الأمي" لها إشكالية في الفهم عند بعض الناس.
فمن خطة الشيطان وخطة الدجال كما فعل ابن صياد تشويه معنى الكلمة, كخطوة أولى, على أن تكون الخطوة الثانية الدفاع عن الكلمة المشوهة بكلام أشد تشويهاً, ثم يزيد النقاش والجدال الذي يقسي القلب؛ ومن ثم يكون الكلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وكأنه مباح لأفراد الناس عوامهم أو خاصتهم, ومادة ثرية لقيل وقال, وهذا تعدي على مقام النبوة من الأساس.
"النبي الأمي" هي صفة مدح للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم؛ لأنه لم يتعلم بالطريقة التقليدية من معلم يعلم الخط والكتابة والقراءة, قال الله تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) (العنكبوت 48).
والقراءة ليس معناها محصوراً في القراءة من ورقة, فمن الممكن أن يقرأ القرآن من حفظه, واسمها قراءة, أما من صرف قوله: «ما أنا بقارئ»
لما غطه جبريل في الغار بكونه صلى الله عليه وآله وسلّم أمياً لا يقرأ من كتاب!
فنقول له: أو كان جبريل عليه السلام ممسكاً بورقة!!
سبحان الله العلي العظيم!!
سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم يقول ما أنا بقارئ من وراء أي أحد.
ما أنا بقارئ من وراء أي روحانية مهما بلغت.
لن أقرأ إلا ما كان من الله.
فلما قال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق 1)
وجاءه بأول شيء معروف وهو الخلق, حيث كان صلى الله عليه وآله وسلّم أول المخلوقين, قرأ صلى الله عليه وآله وسلّم بقراءة جبريل, وفي ذلك أسرار باسم الله وأسرار اسم ربك.
ووجود الألف ورفع الألف ونيابة الباء.
العرب أمة أمية كانت لا تكتب ولا تحسب, ومع ذلك كان الذكاء عندهم مفرطاً,
سواء في معاملات البيع والشراء أو المعاملات العامة.
ليس المقصود بالأمية عدم المعرفة ولكن يقصد بالأمية طريقة المعرفة.
فالعرب كانت تعرف النجوم ومنازلها ويمشون بالنجم (وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (النحل 16)، لكنهم لم يبنوا بنياناً على أساس قوانين رياضية ترصد حركة الشمس كما في معبد أبي سمبل حيث تدخل الشمس كل يوم من نافذة فإذا دارت السنة أشرقت على وجه فرعون.
لم يكن العرب يفعلون ذلك وإن كان عندهم المقومات والعلم الفطري, فقد ادخرهم الله وأبقاهم على الفطرة حتى لا تتصارع العلوم الموجودة في زمنهم على فطرتهم, فالعلوم منها نظريات ومنها حقائق ومنها أوهام, ولا يوجد علم في العالم مثل علم الطفل مع أمه.
فالأمي هو المرتبط بأمه وهو أحد معاني الأمة الأمية, أي على الفطرة التامة
ويكون الإنسان على الفطرة ثم يلوث نفسه, العرب كانوا على الفطرة ولكن كثيراً منهم لوثوا فطرتهم بعبادة الأصنام, أصبحت مشكلة العرب هي كسر الأصنام داخلهم وخارجهم فيعودون كما كانوا على الفطرة التامة فتكون أسرع استجابة للحق حين يعرض الحق عليهم.
لو عرض الحق على أهل العلوم لقالوا نضع هذه الرسالة الجديدة المسماة بالإسلام في ميزان علومنا ونقيمها ثم نرد عليها.
طالما فعلوا ذلك ـ على الأقل ـ لن يكون لهم السبق, أما العرب فسيكون لهم السبق بالإيمان بهذا النبي الأمي, الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه.
ماذا فعل أهل العلوم؟
فهؤلاء اليهود والرومان واليونانيون ماذا فعلوا بعلومهم؟
وأصحاب حضارة عاد وثمود ماذا فعلوا بعلومهم؟
وماذا فعل الفراعنة بعلومهم؟
انقلب العلم عليهم وغيروه وبدلوه حتى أصبح أداة للقتل والتدمير واختفاء روح السلام في الخلق, كان ولا بد من أن تكون أمة أمية بمعنى "على الفطرة التامة" التي لا تستخدم علوماً وضعية لتقييم خالق العلوم.
النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لم يعلمه بشر
النبي صلى الله عليه وآله وسلّم كان يتيماً
النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لم يكن له أحد إلا الله
قال تعالى: (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ) (يونس 16).
ما خط ولا تعلم من كتاب، ولا خط في كتاب، ولكن علمه الله عز وجل ما لم يتعلمه أحد من خلقه في كل العلوم, لا يعجزه شيء أن يكتب، ولا يمنعه شيء أن يكتب، ولا يمنعه شيء أن يقرأ, فهي صفة كمال لا صفة نقص.
يريد المستشرقون القول ببهتان يظنونه من المنطق فيقولون أمامكم شيء من اثنين:
إما أن نبيكم لا يقرأ ولا يكتب، فيكون الذي يقرأ ويكتب سواء كان طفلاً أو رجلاً أو امرأة عنده صفة ليست في نبيكم.
وإما أن يكون قد قرأ وكتب، فيكون هذا مخالفاً لما عندكم من القرآن, ولو ثبت أنه كان يقرأ ويكتب فمعنى هذا أنه أتى بهذا القرآن من جلوسه مع ورقة بن نوفل أو بحيرا الراهب!!
خطط وراء خطط, وغيظ من بعد غيظ, وحقد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , يجرون المسلمين لترهات وفي الأمة سماعون لهم, ممن يريدون انتشار الإلحاد, أو التمهيد له على خطوات طويلة جداً, فمبتغاهم الطعن في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم والتشكيك في أحاديثه, ثم التشكيك في ذاته الشريفة, ثم التشكيك في القرآن.
ونقول: إن المعرفة شيء، والكتابة والقراءة شيء آخر.
القراءة والكتابة أحد أساليب المعرفة, المعرفة أعلى من العلم، والعلم لا يكون فقط بالقراءة والكتابة, وقد قال عز وجل عن سيدنا سليمان وسيدنا داود: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) (الأنبياء 79).
كما قلنا إن عدم القراءة والكتابة كان لقطع ألسنة المشككين الذين سيقولون إن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم علمه بشر: (لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ)
(النحل 103) (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (الفرقان 5).
ومع ذلك فدائماً ما يجهزون افتراءات على خير خلق الله صلى الله عليه وآله وسلّم.
أمية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عندنا:
1 ـ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أصل المخلوقات والخلية الأم, أم الموجودات.
2 ـ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ما علمه إلا ربه, وما استقى معرفة ولا علماً إلا منه, ولم يُظهر إلا ما يريد الله إظهاره.
3 ـ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يرى الأمور على ما هي عليه, فلو رأى حرف الألف مثلاً فإنه يرى من أي الأمم هو, ومما خلق, وَلِمَ خلق, وكيفية النطق به, وكيف يرسم، وأحوال وجوده, ويراه على ما هو عليه, وإذا نظر إلى قطعة من حديد قالت له: يا رسول الله أنا حديدة من نوع الزهر أو الفولاذ أو المطاوع أو كذا خلقت لكذا, وسري كذا وكذا, كما جاء في مكالمة ذراع الشاة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وإخباره أنها مسمومة, ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم من الأساس لا يحتاج لهذه الحديدة أو للشاة أن تحدثه بأمرها، ولكن لا بد من ظهور ما يجب إظهاره مما سنوضحه بعد قليل, ولا بد لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أن يتعلموا, ولا بد أن تنقل إلينا عظمة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم.
النبي صلى الله عليه وآله وسلّم هو النبي الأمي ما علمه غير ربه (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ) (التكوير 24)
وهو بقدرة الله قادر على ما يشاء الله أن يقدره عليه, والله عز وجل على ما يشاء قدير, فلنكن معظمين لهذا النبي العظيم صلى الله عليه وآله وسلّم , ولنكن في حيطة وحذر مما يقسي القلب, ولنكن في حيطة وحذر من كل ما يخالف قول الله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةًوَأَصِيلًا) (الفتح 8 - 9).
أما نبي الأميين فهو ما وضحناه في جزئية جنة المأوى, ونزيد هنا: أن من كان من الأنبياء وله حال كمثل حال سيدنا الخضر, كان تشريعهم هو علوم الغيب, ولا تكون شريعة العمل بالمقادير إلا لهم, وهي من أعظم العجائب, حيث لا شريعة مكتوبة؛ لذا كانت الكلمات الإلهية وأرجو التركيز فيها وهي: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ) (الأعراف 157)
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الأعراف 158)
فهاهنا التركيز قبل لفظ "الْأُمِّيّ" على لفظين في آيتين متتاليتين في ذكر بني إسرائيل من سورة الأعراف ففي الآية الأولى:
الرسول ... النبي ... الأمي
وفي الثانية:
فَآمِنُوا بِاللَّهِ ... وَرَسُولِهِ ... النَّبِيِّ ... الْأُمِّيِّ
فهو من يشهد أنه صاحب شريعتهم, وكان هو الرحمة الإنسانية العظمى, وبالرحمة تكون الدرجات, كما أوضحنا في درجات الإيمان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
(الحديد 28).
وأصحاب هذا المقام من أنبياء قضوا نحبهم انتهى دورهم ومن ينتظر مثل سيدنا الخضر يحتاج إلى إذن خاص من الحضرة النبوية.
فالأمية ونبي الأميين هم من كتب الله في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه, فمن أطلعه الله على الغيب وعمل به من الأنبياء فهو تحت إمرة نبي الأميين في الدنيا والآخرة، وفي كتابنا حياة الخضر وإلياس والمجيء الثاني للسيد المسيح مزيد شرح فيما كان من ابن صياد, وإصراره ألا يقر للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنه الرسول النبي الأمي, فكان ابن صياد يقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم: أشهد أنك رسول الأميين، ففي حديث عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فِي أُطُمِ بَنِي مَغَالَةَ وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الْأُمِّيِّينَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟! فَرَضَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم ثُمَّ قَالَ: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ .... » إلى آخره. )
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق والناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم ))
_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|
المنتدى
التسجيل
الأسئلة المتكررة
بحث
