صريف الأقلام : ـــــــــــــــ ( صريف الأقلام : وكما كان في الأرض شرح للصّدر المحمدي, كان الغمس والزج في الأنوار عند السدرة بمثابة شرح الصدر, فقد قربت مرحلة: هذه ذاتك . , وإذا بجبريل يعرج بالنبي لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام, فبعد السماء السابعة والبيت المعمور, قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: " ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَىً أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ وهنا كلام كثير في المقصود بصريف الأقلام, أهو صريف القلم لما خلقه الله وقال له اكتب فكتب كل شيء في اللوح المحفوظ؟ أم هو ما يستنسخه الحفظة في صحفهم يستنسخونه من اللوح المحفوظ؟ وهل هناك مستويات في السماح لسماع الأقدار وكتابتها قبل حدوثها (سواء قبل حدوثها بلحظات أو أيام أو سنين وقبل خلق الخلق) ؟ وبأي اعتبار؟ أباعتبار القلم الأول, أم باعتبار قلم النساخ؟! أهو الرجوع في الزمن حتى ما قبل خلق الكائنات؟ أم هو اللا زمان حيث لا زمان مقدر أو غير مقدر؟! أم سبق للزمان بمقدار زمنى لنزول الملائكة للأرض؟ فأما القلم الأول: وهو إظهار علم الله وكتابته في اللوح، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «جَفَّ القَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاَقٍ». , وقال: «جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ». لا نقصد القلم الأول الذي هو العقل الأول ... إلى آخره. وأما قلم النساخ فالمقصود به كتابة الملائكة ما يكون في الليل والنهار, ثم ينزلون إلى الأرض, فتتم مراجعة أحداث البشر بما هو مكتوب. وتجدر الإشارة هنا إلى ما جاء في قوله تعالى: (وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) (مريم 52) فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ, وفي رواية هناد: «أدني حتى سمع صريف القلم في الألواح» وفي رواية لابن أحمد بن حنبل: «حَتَّى سَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ وَالْأَقْلَامِ». والمقصود به صريف القلم وهو يكتب التوراة, وهو أمر مشهور عند السلف والخلف. وعَنْ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا) قَالَ: «بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْعَرْشِ سَبْعُونَ أَلْفَ حِجَابٍ، حِجَابُ نُورٍ، وَحِجَابُ ظُلْمَةٍ، وَحِجَابُ نُورٍ، وَحِجَابُ ظُلْمَةٍ، فَمَا زَالَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَبُ حَتَّى كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ، فَلَمَّا رَأَى مَكَانَهُ وَسَمِعَ صَرِيفَ الْقَلَمِ، قَالَ: (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) (الأعراف 143).» وكان سيدنا موسى على جبل الطور بعد أن واعده ربه أربعين ليلة, فلما أتمها كلمه ربه, وقربه نجياً, فلما سمع كلام الله عز وجل وسمع صريف الأقلام (قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي) (الأعراف 143) , إذ إن رؤية الله لا تكون بالطلب, وإلا طلبها أكثر الأنبياء, فهي ممنوعة ممتنعة إلا لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم , وكان صريف الأقلام ما كتبه الله له في التوراة كما سبق, إلا أن الله عز وجل كتب التوراة للكليم قبل خلق آدم بأربعين سنة, قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عِنْدَ رَبِّهِمَا، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى، قَالَ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَأَسْكَنَكَ فِي جَنَّتِهِ، ثُمَّ أَهْبَطْتَ النَّاسَ بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلَامِهِ وَأَعْطَاكَ الْأَلْوَاحَ فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ وَقَرَّبَكَ نَجِيًّا، فَبِكَمْ وَجَدْتَ اللهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، قَالَ مُوسَى: بِأَرْبَعِينَ عَامًا، قَالَ آدَمُ: فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَهُ اللهُ عَلَيَّ أَنْ أَعْمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟ " قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى». عرج بالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم حتى علا مستوى يسمع فيه صرير أو صريف الأقلام, أي صوتها, ثم كان الارتقاء لعبور البحر المسجور . ) ـــــــــــــــــــــ من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (( اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق والناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم ))
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|