موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: أحْكم تقرير , في قضية التأبير / :
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 06, 2021 5:40 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8041
أحكم تقرير , في قضية التأبير / :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 7 ـ قضية تأبير النخل:
كما أن في القبر يتحقق قول سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم:
«إنكم تفتنون بي في قبوركم»
ففي الحياة أيضاً نوع من ذلك,
ولعل حديث تأبير النخل من هذا القبيل.
قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ:
قَدِمَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم الْمَدِينَةَ، وَهُمْ يَأْبُرُونَ النَّخْلَ،
يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ النَّخْلَ،
فَقَالَ: «مَا تَصْنَعُونَ؟»
قَالُوا: كُنَّا نَصْنَعُهُ،
قَالَ: «لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا»
فَتَرَكُوهُ، فَنَفَضَتْ أَوْ فَنَقَصَتْ،
قَالَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ:
«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ،
وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ»
قَالَ عِكْرِمَةُ: أَوْ نَحْوَ هَذَا.
وعَنْ السيدة عَائِشَةَ، وعَنْ أَنَسٍ،
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقَالَ:
«لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ»
قَالَ: فَخَرَجَ شِيصًا،
فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ: «مَا لِنَخْلِكُمْ»
قَالُوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا،
قَالَ: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ».
تأبير النخل عملية زراعية معروفة,
حيث إن النخل فيه مذكر وفيه مؤنث, فيأتي وقت في أول الربيع تنضج الخلايا الأنثوية والذكرية, فيقوم العامل (ويسمى النخال) بأخذ جزء من طلع النخل المذكر ويضعه في إغريض طلع النخلة المؤنثة, فيتم التلقيح, فتنمو الثمار,
فإذا لم تحدث هذه العملية فإن الثمار تسقط قبل اكتمال نموها وتكون ضامرة (شيص).
وهذه هي طريقة إنتاج البلح منذ علم الإنسان علم زراعة التمور.
لا نتكلم عن السند في الحديث الأول ولا الثاني
بالرغم من قول عكرمة: "أَوْ نَحْوَ هَذَا" يعني أنه رواه بالمعنى لا النص,
ولن نتكلم عن إسناد الحديث الآخر واحتمالية خطأ من حماد بن سلمة,
لن نتكلم عن الإسناد,
لكن نتكلم عن معنى هذا الحديث المروي بالمعنى لا النص,
ولا يمكن أن يكون كله نصاً مضبوطاً, فنقول:
هل يعقل أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم بعد ثلاث وخمسين سنة قضاها في مكة لا يعلم تأبير النخل حين هاجر إلى المدينة؟
هل هناك أحد في الحجاز لا يعلم تأبير النخل؟
وهل كان طعام أهل الحجاز إلا اللحم واللبن والتمر!
ألم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم مع السيدة حليمة في ديار بني سعد، وهي أماكن فيها نباتات تكفي للرعي ونخيل؟ ألم تكن المدينة طريق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أثناء تجارته في الشام؟
النخل الصفة المميزة لما رآه النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في منامه أن يهاجر إلى دار ذات نخل بين لابتين, حتى أن أهل الكتاب يعلمون ذلك.
موضوع تأبير النخل,
هو نوع من أنواع التربية المحمدية للصحابة,
وقدر رأوا معه العجائب.
أعظم جيل عرفته البشرية هو جيل صحابة النبى صلى الله عليه وآله وسلّم،
يأكلون ويجوعون وينكحون ويفترقون,
وتظهر فيهم القوة والضعف, والبشرية والخصوصية, والأسرار المكتومة والعلوم المضنون بها على غير أهلها,
فكانوا في محراب الصدق, ومعدن النور,
الجيل الذى صحب النبى صلى الله عليه وآله وسلّم أصبح فيه أسرار،
وجيل آل البيت انطوت فيه الأسرار,
فلما ذهبوا إلى ربهم كان التسليك بشدة الذكر,
ولا مقاربة بين التابعين وبين من كانوا ينظرون إلى سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم كل يوم مرات ومرات,
ولا مقاربة بين من نظر إليهم سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وقد قالوا له: (انظُرْنَا) (البقرة 104) , مع من كان بعد ذلك.
سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أراد أن يكرم أهل المدينة بشيء لم يحدث من قبل,
وهو ظهور سلالة تسمى اللا بذرية, كالعنب هناك عنب به بذر ويسمي بذري, وعنب ليس له بذر, كالعنب البناتي وفيه أصناف كثيرة, الموز أيضاً كذلك وهو الطلح المنضود, ليس فيه بذر إلا أصنافاً نادرة في أقاصي آسيا ومنطقة كوينزلاند في أستراليا, فيها بذر وتستخدم في برامج التربية.
ببساطة سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أراد أن يخرج لهم صنفاً من البلح ليس فيه بذر, فقال لهم: «لَعَلَّكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا» و «لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ».
وما قاله حق وصدق ويقين,
ففي القول الأول دلالة على الخير, وما كان سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ليقول لهم أمراً جازماً فتكون فيه خسارتهم, وتتعلق قلوبهم وعقولهم بعد ذلك بهل ما يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حق أو داخل في موضوع الحق والباطل؟ أم موضوع دنيا تجوز مخالفته فيه؟
النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لا يفتن أحداً أبداً, ونستغفر الله من هذه الكلمة, سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أراد أن يجعل لهم كرامة,
فإذا أطاعوه صلى الله عليه وآله وسلّم ظاهراً وباطناً فإنه تخرق لهم السنن الكونية, فحدث شيء ما, فلما لم يحدث وسقط الثمر ونفضت النخلة ثمرها قال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «أنتم أعلم بدنياكم ... »
أنتم أعلم بدنياكم ماذا فعلتم فيها,
فكنت سآتيكم بأمر برزخي من حضرة برزخية, نحوله لأمر أرضي وهو بلح بلا نوى, شيء ما حدث من أهل المدينة, فكان ما كان, ولكن عوضهم سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بكرامة وهي عالية جداً, وفيها دلالة على أن شيئاً ما حدث في الظاهر أو الباطن كان سببه يهود المدينة, فماذا كان التعويض إلى يوم الدين؟
التعويض بأنه من يأكل سبع تمرات يتصبح بهن لا يضره سم ولا سحر, والسم والسحر أهم أسلحة اليهود .... وبني أمية!
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً، لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ سُمٌّ وَلاَ سِحْرٌ».
ونسأل هنا سؤالاً، وهو:
لو أن في السنة التي تلت ما حدث من حادثة تأبير النخل, وأمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بتأبير النخل مرة أخرى, أتراهم يُؤَبِّرُونَ النخل أم يمتثلون لسيدنا النبى صلى الله عليه وآله وسلّم؟
إذا كان النخل نفسه صاح لما فارقه النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , النخل نفسه أُكرم باحتضان سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وحنان سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم،
ألا يعلم سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم تأبير النخل؟
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلاَمًا نَجَّارًا، قَالَ: إِنْ شِئْتِ، فَعَمِلَتْ لَهُ المِنْبَرَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، قَعَدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم عَلَى المِنْبَرِ الَّذِي صُنِعَ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا، حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَنْشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى أَخَذَهَا، فَضَمَّهَا إِلَيْهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ، حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قَالَ: بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ».
ولا تنس ما قدمناه في باب الموازاة فيما رواه الإمام أحمد بن حنبل بإسناد صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرِنِي الْخَاتَمَ الَّذِي بَيْنَ كَتِفَيْكَ فَإِنِّي مِنْ أَطَبِّ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «أَلاَ أُرِيكَ آيَةً» قَالَ: بَلَى, قَالَ فَنَظَرَ إِلَى نَخْلَةٍ فَقَالَ: «ادْعُ ذَلِكَ الْعَذْقَ» قَالَ فَدَعَاهُ, فَجَاءَ يَنْقُزُ حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «ارْجِعْ» فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ فَقَالَ الْعَامِرِيُّ: "يَا آلَ بَنِي عَامِرٍ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلاً أَسْحَرَ".
ورواه الحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ:
"جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ: بِمَ أَعْرِفُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ هَذَا الْعِذْقَ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَا الْعِذْقَ فَجَعَلَ الْعِذْقُ يَنْزِلُ مِنَ النَّخْلَةِ حَتَّى سَقَطَ فِي الْأَرْضِ فَجَعَلَ يَنْقُزُ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ: «ارْجِعْ» فَرَجَعَ حَتَّى عَادَ إِلَى مَكَانِهِ».
وفي رواية: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عِذْقًا مِنْهَا، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ يَسْجُدُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَيَسْجُدُ وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ صلى الله عليه وآله وسلّم، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ صلى الله عليه وآله وسلّم: «ارْجِعْ إِلَى مَكَانِكَ».
والعذق هو العرجون, وقد يطلق على النخلة, إلا أن العرجون هو المقصود هنا,
(العذق بفتح العين النخلة "الْعَذْقَ" وبكسرها العرجون "الْعِذْقَ")
لقوله صلى الله عليه وآله وسلّم «أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ هَذَا الْعِذْقَ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟» وقلنا هناك في باب الموازاة: "وهذه الآية أكبر من آية عصا موسى, فقد انفصل عذق النخلة عن أصله, ولم يفقد حياته بالانفصال, بل كانت فيه حياة أكمل وأشد وأنور, ولما لا! ,
ولم لا وقد سجد كما سجد البعير للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم , كما هو معلوم مشهور في السيرة الشريفة, هذا العذق حظي بالوقوف بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , ومن فرحته برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أتى قافزاً ولم يأت ماشياً, مستجيباً لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , ثم لما أمره صلى الله عليه وآله وسلّم بالرجوع لنخلته مرة أخرى أطاع وما خرج عن الناموس".
هذا الحديث حديث فارق في حياة أناس كثيرين,
فمنهم من هو أهل ثبات, ومنهم من اتخذه ذريعة لوزن الأمور بعقله, والنظر في كل حديث هل هو من أمر الدنيا أم أمر الدين, وفريق آخر ترك كل الأحاديث لاحتمالية أن يكون فيها ما في نفس معنى حديث التأبير, فيقول لك وما يدريني أن حديث السبع تمرات وحي وليس اجتهاداً قد يخطيء وقد يصيب!! وكذا حديث "بيت لا تمر فيه جياع أهله" , ودخول المنزل بالرجل اليمنى والخروج باليسرى، واستخدام يدك اليمنى في الطعام, وعشرات الآلاف من الأحاديث, يهدرونها في لحظة والعياذ بالله.
هذا الحديث أصبح أحد الموازين ...
فانظر إلى أي الطوائف ستتبع, نجانا الله وإياكم من فتن الليل والنهار, ومن اجتهد فأخطأ, ومن أصحاب الأغراض المريضة.
ولا تتكيء على فتاوى فيها مزالق, وعند حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فقف, وسلم تسليماً, وإلا تجرأت مرة في مرة حتى تقع في كارثة من كوارث ابن تيمية في هذا الموضوع.
قال ابن تيمية في معرض كلامه عن سيدنا الخضر:
"وَكَونه يعلم مسَائِل لَا يعلمهَا مُوسَى لَا يُوجب أَن يكون أفضل مِنْهُ مُطلقًا
كَمَا أَن الهدهد قَالَ لِسُلَيْمَان (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ) (النمل 22) لم يكن أفضل من سُلَيْمَان وكما أَن الَّذين كَانُوا يُلَقِّحُونَ النّخل لما كَانُوا أعلم بتليقحه من النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلّم لم يجب من ذَلِك أَن يَكُونُوا أفضل مِنْهُ صلى الله عليه وآله وسلّم وَقد قَالَ لَهُم أَنْتُم أعلم بِأَمْر دنياكم أما مَا كَانَ من أَمر دينكُمْ فَإِلَيَّ .. ".
نوع من أنواع غسيل المخ, واسع النطاق,
وأسلوب يشجع الإنسان المحروم على القول بأن هذا كلام عقلاني مضبوط، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ»؟! فأثبت ابن تيمية لكل زارعي النخل في المدينة المنورة أنهم أعلم من النبي صلى الله عليه وآله وسلّم والعياذ بالله.
وهذا القول قول خبيث, فالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ» ولم يقل أعلم مني, فأعلم في اللغة كما هو تسمى صيغة أفعل تفضيل, فمن ذا الذي يفضل النبي صلى الله عليه وآله وسلّم! وقد قيل لِلْعَبَّاسِ عم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: أَنْتَ أَكْبَرُ، أَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ فَقَالَ: «هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا وُلِدْتُ قَبْلَهُ».
وهذا القول مأثور أيضاً عن قباث بن أشيم،
ليس هذا فقط, بل كان الصحابة يفعلون ما هو أكثر من ذلك كما حدث من أخي سيدنا زيد بن حارثة واسمه جبلة, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ جَبَلَةُ فِي الْحَيِّ فَقَالُوا: أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ زَيْدٌ قَالَ: «وُلِدْتُ قَبْلَهُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنِّي وَسَأُخْبِرُكُمْ أَنَّ أُمَّنَا كَانَتْ مِنْ طَيٍّ فَمَاتَ أَبُونَا وَبَقِينَا فَجَاءَتْ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ فَأَصَابُوا زَيْدًا فَتَوَافَى الْأَمْرُ بِهِ أَنْ صَارَ لِخَدِيجَةَ فَوَهَبَتْهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَأَعْتَقَهُ». يعني الأخ الأكبر في السن احتراماً لخدمة أخيه زيد بن حارثة للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم لم يستطع قولة أنا أكبر منه, فقال: «وُلِدْتُ قَبْلَهُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنِّي» فانظر الأدب.
بل روى الإمام مسلم ما هو أكبر من ذلك وهو خدمة بعض الصحابة للأنصار!
فما السبب؟
السبب خدمتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ فِي سَفَرٍ فَكَانَ يَخْدُمُنِي فَقُلْتُ لَهُ: لَا تَفْعَلْ، فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْأَنْصَارَ تَصْنَعُ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم شَيْئًا، آلَيْتُ أَنْ لَا أَصْحَبَ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا خَدَمْتُهُ».
فتنبه لدقة ألفاظ سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فما هكذا تُطرق الأمور, ولا هكذا تتناطح الكلمات, فانظر إلى كل من يتبع ابن تيمية وجرأته على جناب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلّم , وما يحدث في زمننا خير مثال, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وحتى إذا ما افترضنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال هذا عن نفسه, فلا تقله.
مثل ما يقوله ابن تيمية كمثل رجل وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فقال له: صلى الله عليك وقد أنزل عليك (وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا) (الإسراء 73).
وقال له: صلى الله عليك وقد أنزل عليك: (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا) (الإسراء 74).
وقال له: صلى الله عليك وقد أنزل عليك: (إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) (الإسراء 75).
وقال له: صلى الله عليك وقد أنزل عليك: (وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذنَا مِنهُ بِاليَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعنَا مِنهُ الوَتِينَ (46) فَمَا مِنكُم مِّن أَحَدٍ عَنهُ حَجِزِينَ) (الحاقة 44 - 47).
وقال له: صلى الله عليك وقد أنزل عليك: (ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا) (الإسراء 39).
أعتقد أن لو حدث ذلك, فعلى الأقل سيقول أحد الحاضرين, وقد أنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلّم: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (الأعراف 179).
وأنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلّم: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) (النساء 88).
وأنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلّم: (وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) (النساء 81).
وأنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلّم: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا) (الإسراء 45 - 46)
وأنزل عليه صلى الله عليه وآله وسلّم: (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) (الإسراء 48) )
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحْكم تقرير , في قضية التأبير / :
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت نوفمبر 06, 2021 9:11 pm 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 46886

عليه الصلاه واتم التسليمات المباركات من الله - وعلى اّله وصحبه وسلم

جزاكم الله خيرا


_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: أحْكم تقرير , في قضية التأبير / :
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد نوفمبر 07, 2021 1:42 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 8041
حامد الديب كتب:

عليه الصلاه واتم التسليمات المباركات من الله - وعلى اّله وصحبه وسلم

جزاكم الله خيرا


جمعا آمين بجاه الضمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 3 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 23 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط