موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: برزخ الاحتضار , وحضور المصطفى المختار , لمحبيه الأخيار
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء نوفمبر 03, 2021 12:02 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7603
برزخ الاحتضار , وحضور المصطفى المختار , لمحبيه الأخيار :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(الاحتضار
وهو برزخ بين الحياة والموت, ونقول: سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لا يترك أحبابه أبداً, لا في حياة ولا في موت ولا في برزخ, ولا في الآخرة، سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لا يحجبه شيء من الأكوان, كيف وقد ترك الأكوان ورأى خالق الكون, فعبر مفهوم الزمان, ومفهوم المكان, فكان في اللا زمان واللا مكان.
سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لا يترك أحبابه أبداً وخاصة عند احتياجهم الشديد إليه, حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يحضر لكثير من محبينه عند الاحتضار, وعند الدفن ككرامة, ويحضر عند سؤال الملكين كباب من أبواب اختبار المتوفى بصدق إيمانه بنبيه صلى الله عليه وآله وسلّم.
حضرة الاحتضار هي آخر حضرة من حضراتك وأنت في دار الدنيا, وإقبال من الآخرة, وهي حضرة بين الحياة والموت, بين عالم الملك وعالم الملكوت, وهي حضرة أقرب ما تكون للبرزخ وإن كانت حضرة ذوق فإن كل نفس ذائقة الموت, فالاحتضار عتبة بين عالم الملك والملكوت, فلا الإنسان حي يتمتع بقوة وإرادة الأحياء, ولا هو ميت فيدفن ويقسم ماله وتنكح نساؤه من بعده, هو مودع عالم الملك متوجه إلى عالم الملكوت, حيث يفنى ما كان يعلم به عالم الملك, ويبقى ما كان من الممكن العلم به بعالم الملكوت.
ارتباطك بحب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وأسمائه وما هو خاص به نوع من أنواع نعيم القرب, يس أحد سور القرآن المرتبطة بالحال النبوي الشريف, من قرأها واتخذها ورداً على الأقل مرتين في اليوم ارتبط بسيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم رابطة خاصة, ولما كانت كلمة: "طه" معناها يا رجل, كان لها مفعول السحر في عالم الملك, عالم الملك الذي يظهر فيه معدن الرجال, كما ظهر معدن سحرة فرعون, ولهذا الاسم النفوذ بإذن الله في عالم الآخرة, حيث شفاعته العظمى للعالمين عامة ولأمته خاصة, ولما كان اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يس ومعناه: يا محمد, يا إنسان, يا سيد, يا سر الله في الوجود, يا الاسم الخاص بالسر الساري في الزمان, كان لهذا الاسم النفوذ في العوالم الثلاثة وحضراتها عالم الملك وعالم الملكوت وعالم البرزخ، فانظر كيف بدأت السورة, وبما اختتمت تعلم ما نقول لك.
برزخ الاحتضار له قراءة سورة يس التي آخرها آية الملكوت
(فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (يس 83) , فهي أفضل ما تُقرب به لتهيئة نفس المؤمن الذي يجزع من الموت لدخول عالم الملكوت, فحين قراءتها من الناس من يتوفى عند قوله تعالى:
(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ)
(يس 26 - 27) , ومنهم من تصعد روحه عند قوله تعالى: (فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (يس 83) , ومنهم من يحتاج إلى قراءة السورة عليه مرات ومرات.

عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال: «وَ يس قَلْبُ الْقُرْآنِ لاَ يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَالدَّارَ الآخِرَةَ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ وَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ».
فتنبه لماذا يحارب أصناف من الخوارج سورة يس سواء عند احتضار المتوفى, أو عند الدفن, أو بعد الموت ويقولون أحاديثها ضعيفة. أعماهم الله عن يس وأسرار يس.
يس لها أسرارها في الحياة, وعند الاحتضار, وأول نزول الإنسان إلى قبره, وعند سؤال الملكين, وبعد الفراغ من سؤال الملكين, ما دام العبد في البرزخ.
من كان في حضرة يس سهل الله عليه خروج الروح, وكان أدعى لاجتياز اختبار شديد, لا يعلم أكثر الناس عنه شيئاً, وهو الاختبار والفتنة بعلمك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم عند النزول إلى القبر.
هل ستعرف نبيك صلى الله عليه وآله وسلّم أم لا؟
وهل يحضر سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عندما يسألك الملكان:
مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم؟
أما في معرفة الناس بنبيهم صلى الله عليه وآله وسلّم , وهل المعرفة مجرد التصديق بأنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , أم غير ذلك فقد ورد عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ، وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ، فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلّم؟ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الجَنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلّم: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الكَافِرُ، أَوِ المُنَافِقُ، فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لاَ دَرَيْتَ، وَلاَ تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ».
وقول الملكين للميت: "مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ" فيه ثلاثة أقوال:
الأول: أن المقصود بالإشارة في: "هَذَا الرَّجُلِ" إشارة إلى المعهود في الذهن, من باب المجاز, أي يحضر في ذهن المتوفى أنه يُسأل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم.
الثاني: أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلّم يحضر كل متوفى من أمته, ساعة سؤال الملكين.
الثالث: أن الحجب ترفع عن المتوفى فيرى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فيُسأل عنه.
وفي القول الثاني والثالث قال القاضي عياض:
"وقوله: "ما علمك بهذا الرجل" يريد النبى محمدًا صلى الله عليه وآله وسلّم، كنى عن نفسه، قيل: يحتمل أنه سُمِّى للميت فى قبرهِ، أو مُثِّل له والأظهر أنه سُمِّى له".
وقال العلامة القسطلاني: (ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لمحمد صلى الله عليه وآله وسلّم) بيان من الراوي أي: لأجل محمد صلى الله عليه وآله وسلّم، وعبر بذلك امتحاناً؛ لئلا يتلقن تعظيمه من عبارة القائل. والإشارة في قوله: "هذا" للحاضر، فقيل: يكشف للميت حتى يرى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، وهي بشرى عظيمة للمؤمن إن صح ذلك، ولا نعلم حديثاً صحيحاً مروياً في ذلك. والقائل به إنما استند لمجرد أن الإشارة لا تكون إلا لحاضر. لكن يحتمل أن تكون الإشارة لما في الذهن، فيكون مجازاً".
وقال العلامة المناوي: "وفهم بعض من لفظ الإشارة أنه يكشف له عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حتى يراه عياناً فيقال: ما تقول في هَذَا. وأبطله ابن جماعة بأن الإشارة تطلق في كلامهم على الحاضر والغائب كما يقول المرء لصاحبه ما تقول في هذا السلطان وهما لم يرياه".
وقال العلامة ملا علي القاري: "قال ابن حجر: ولا يلزم من الإشارة ما قيل من رفع الحجب بين الميت وبينه صلى الله عليه وآله وسلّم حتى يراه ويسأل عنه؛ لأن مثل ذلك لا يثبت بالاحتمال على أنه مقام امتحان، وعدم رؤية شخصه الكريم أقوى في الامتحان.
قلت (أي القاري): وعلى تقدير صحته يحتمل أن يكون مفيداً لبعض دون بعض، والأظهر أن يكون مختصاً بمن أدركه في حياته صلى الله عليه وآله وسلّم وتشرف برؤية طلعته الشريفة".
قلت: لم أجد القول المنسوب لابن حجر, سواء ابن حجر العسقلاني أو الهيتمي في كتبهم المتاحة المنشورة.
وأقول: استدل من رد حضور النبي صلى الله عليه وآله وسلّم حين سؤال الملكين باحتمالية أن تكون كلمة "هذا الرجل" إشارة لما في الذهن, وما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال, فإذا كان ذلك كذلك, فلِمَ لم يسقطوا الاحتمالين, احتمالية الحضور واحتمالية أن المقصود بالإشارة العهدية لما في الذهن, فهذا احتمال أيضاً, فلماذا التأويل؟ وإن كان لم يرد حديث صريح صحيح في الحضور, قلنا: الحديث في ذاته دال على الإشارة إلى حاضر ويؤيده شواهد لا تنكر، منها:
1 ـ ما حدث من حضور سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وفاة زيد بن خارجة, وقد أوردنا القصة في كتابنا حتى لا تحرم من رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في المنام, وزيد بن خارجة صحابي جليل من أهل بدر, أثبت له الإمام البخاري وابن سعد والبلاذري وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وابن عبد البر وابن منده والخطيب البغدادي والبيهقي وابن عساكر وابن حجر والسيوطي وغيرهم أنه تكلم بعد موته, لا خلاف في ذلك بين الصحابة والتابعين ومن بعدهم ولا معترض. وملخص القصة أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وفي زمن ذي النورين سيدنا عثمان رضي الله عنه وأرضاه توفي زيد بن خارجة رضي الله عنه بين الظهر والعصر فغطوه إلى الليل انتظاراً لسيدنا عثمان بن عفان ليصلي عليه صلاة الجنازة، بعد ذلك سمعوا صوتاً من تحت الكساء يقول:
«اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذِهِ الْجَنَّةُ وَهَذِهِ النَّارُ، وَيَقُولُ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ. يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، هَلْ أَحْسَسْتَ لِي خَارِجَةَ لِأَبِيهِ وَسَعْدًا؟ اللَّذَيْنِ قُتِلَا يَوْمَ أُحُدٍ "
وقال أيضاً: "أَنْصِتُوا أَنْصِتُوا، هَذَا أَحْمَدُ رَسُولُ اللَّهِ سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
ثُمَّ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْأَمِينُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، كَانَ ضَعِيفًا فِي جِسْمِهِ، قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ، صِدْقٌ صِدْقٌ، وَكَانَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ».
والرواية بطولها أخرجها ابن أبي الدنيا والإمام البيهقي وصححها عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: جَاءَنَا يَزِيدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ إِلَى حَلْقَةِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِكِتَابِ أَبِيهِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ:
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنَ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ إِلَى أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بِنْتِ أَبِي هَاشِمٍ، سَلَامٌ عَلَيْكِ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكِ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَإِنَّكِ كَتَبْتِ إِلَيَّ لَأَكْتُبَ إِلَيْكِ بِشَأْنِ زَيْدِ بْنِ خَارِجَةَ، وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ وَجَعٌ فِي حَلْقِهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَصَحِّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَتُوُفِّيَ بَيْنَ صَلَاةِ الْأُولَى، وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، فَأَضْجَعْنَاهُ لِظَهْرِهِ وَغَشَّيْنَاهُ بِبُرْدَيْنِ وَكِسَاءٍ، فَأَتَانِي آتٍ فِي مَقَامِي وَأَنَا أُسَبِّحُ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ: إِنَّ زَيْدًا قَدْ تَكَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ مُسْرِعًا وَقَدْ حَضَرَهُ قَوْمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَقُولُ أَوْ يُقَالُ عَلَى لِسَانِهِ: الْأَوْسَطُ أَجْلَدُ الْقَوْمِ الَّذِي كَانَ لَا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، كَانَ لَا يَأْمُرُ النَّاسَ أَنْ يَأْكُلَ قَوِيُّهُمْ ضَعِيفَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ صِدْقٌ صِدْقٌ، كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: عُثْمَانُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ يُعَافِي النَّاسَ مِنْ ذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ، خَلَتْ لَيْلَتَانِ وَبَقِيَ أَرْبَعٌ، ثُمَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ وَأَكَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ فَلَا نِظَامَ، وَأُبِيحَتِ الْأَحِمَّاءُ، ثُمَّ ارْعَوَى الْمُؤْمِنُونَ، فَقَالُوا: كِتَابُ اللَّهِ وَقَدَرُهُ، أَيُّهَا النَّاسُ أَقْبِلُوا عَلَى أَمِيرِكُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَمَنْ تَوَلَّى فَلَا يَعْهَدَنَّ دَمًا، كَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا، اللَّهُ أَكْبَرُ، هَذِهِ الْجَنَّةُ وَهَذِهِ النَّارُ، وَيَقُولُ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ. يَا
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، هَلْ أَحْسَسْتَ لِي خَارِجَةَ لِأَبِيهِ وَسَعْدًا؟ اللَّذَيْنِ قُتِلَا يَوْمَ أُحُدٍ،
(كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى)
(المعارج 15 - 18) ثُمَّ خَفَتَ صَوْتُهُ، فَسَأَلْتُ الرَّهْطَ عَمَّا سَبَقَنِي مِنْ كَلَامِهِ، فَقَالُوا: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: أَنْصِتُوا أَنْصِتُوا، فَنَظَرَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، فَإِذَا الصَّوْتُ مِنْ تَحْتِ الثِّيَابِ، فَكَشَفْنَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ:
هَذَا أَحْمَدُ رَسُولُ اللَّهِ
سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
ثُمَّ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الْأَمِينُ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، كَانَ ضَعِيفًا فِي جِسْمِهِ، قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ، صِدْقٌ صِدْقٌ، وَكَانَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ».
قلت: ووجه الدلالة من عدة أمور:
الأول: أن النبى صلى الله عليه وآله وسلّم حضر لهذا الصحابي قبل أن يدفن، بغض النظر عن كيفية رؤية هذا الصحابي، وقبل أن يسأل في قبره، فإن قلت: رأى روحه الشريفة، قلنا: لا مانع، وما المانع؟! فالنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ليس كما يقول من في قلبه مرض أنه محبوس في قبره لا يخرج إلى يوم القيامة.
الثاني: أنه حضرت أرواح أخرى منها روح عبد الله بن رواحة رضي الله عنه.
الثالث: أن الميت يعي ما حوله، وقد قال زيد للأحياء: "أنصتوا أنصتوا"، وقال: "السلام عليكم" في بعض الروايات.
الرابع: أن من الصحابة من تكلم بعد الموت، كما قال البيهقي: "وقد رُوِيَ في التكلم بعد الموت عن جماعة بأسانيد صحيحة".
الخامس: أن من الصحابة من يسمع كلام الموتى.
السادس، والسابع، والثامن ... وهلم جرا استنتجه أنت، فتح الله لك مغاليق قلبك وعقلك.
قلت: سبحان الله زيد بن خارجة لا أعلم حديثاً صحيحاً له إلا في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: قَالَ مُوسَى بن طلحة سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ خَارِجَةَ عَنِ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَالَ زَيْدٌ: «أَنَا سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم نَفْسِي كَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: صَلُّوا وَاجْتَهِدُوا، ثُمَّ قُولُوا اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». انتهى النقل.
قلت: ونزيدك هنا:
أ ـ أنه سواء كان الصحابي مات أو في غيبوبة الموت فقد حضره النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فلا مانع أبداً من الحضور عند السؤال.
ب ـ أن بعض الناس ممن مات ودخل البرزخ, يستطيع أن يتكلم ويسمع الناس ما يريد قوله.
ج ـ أن بعض الناس ممن مات ودخل البرزخ, يستطيع إخبارك بغيبيات, وينصحك بنصائح, وكل ذلك بإذن الله.
2 ـ وقد تناقل السلف والخلف حادثة ربعي بن حراش مع أخيه دون نكير:
عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: «أَتَيْتُ فَقِيلَ لِي: إِنَّ أَخَاكَ قَدْ مَاتَ فَجِئْتُ فَوَجَدْتُ أَخِي مُسَجًّى عَلَيْهِ ثَوْبٌ فَأَنَا عِنْدَ رَأْسِهِ أَسْتَغْفِرُ لَهُ وَأَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ إِذْ كَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكَ»، فَقُلْتُ: وَعَلَيْكَ, فَقُلْنَا سُبْحَانَ اللهِ أَبَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: «بَعْدَ الْمَوْتِ. إِنِّي قَدِمْتُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَكُمْ فَتُلُقِّيتُ بِرَوْحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ, وَكَسَانِي ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ, وَوَجَدْتُ الْأَمْرَ أَيْسَرَ مِمَّا تَظُنُّونَ, وَلَا تَتَّكِلُوا إِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أُخْبِرَكُمْ وَأُبَشِّرَكُمْ, فَاحْمِلُونِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ لَا أَبْرَحَ حَتَّى أَلْقَاهُ» ثُمَّ طَفِيَ كَمَا هُوَ. وفي رواية أبي نعيم: «أَلَا وَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ عَلَيَّ، فَعَجِّلُونِي وَلَا تُؤَخِّرُونِي، ثُمَّ كَانَ بِمَنْزِلَةِ حَصَاةٍ رُمِيَ بِهَا فِي طَسْتٍ».
وقد أثبت له الكلام بعد الموت: ابن سعد في الطبقات الكبرى (6/ 179)، والدارقطني في المؤتلف والمختلف (2/ 635)، والحافظ ابن ماكولا في الإكمال (2/ 426)، والحافظ ابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة (1/ 504) وغيرهم.
فانظر قول المتوفى: «فَاحْمِلُونِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم فَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ لَا أَبْرَحَ حَتَّى أَلْقَاهُ».
وانظر إلى رواية أبي نعيم: «أَلَا وَإِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وآله وسلّم يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ عَلَيَّ، فَعَجِّلُونِي وَلَا تُؤَخِّرُونِي».
يعني سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ينتظر أناساً من أمته, ويُصلي عليهم.
فاللهم اجعلنا ممن يستقبلهم سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بالفرح والسرور وشوق الأب الحنون لأولاده, اللهم آمين.)
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين)

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 86 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط