موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: من آداب أهل الحضرة . والآداب لا تتناهى
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أكتوبر 30, 2021 11:29 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7603
من آداب أهل الحضرة . والآداب لا تتناهى :
ــــــــــــــــــــ
( قال الإمام الرازي:
"واعلم أن درجات الحضور مختلفة بالقرب والبعد, وكمال التَّجَلِّي وَنُقْصَانِهِ,
وكل درجة ناقصة من درجات الحضور فهي غيبة بالنسبة إلى الدرجة الكاملة,
ولما كانت درجات الحضور غير متناهية كانت مراتب الكمالات والنقصانات غير متناهية, فكانت درجات الحضور والغيبة غير متناهية,
فكل من صدق عليه أنه حاضر فباعتبار آخر يصدق عليه أنه غائب, وبالعكس وعن هذا قال الشاعر:
أيا غَائِبًا حَاضِرًا فِي الْفُؤَادِ ... سَلَامٌ عَلَى الْغَائِبِ الْحَاضِرِ
ويحكى
أن الشبلي لما قربت وفاته قال بعض الحاضرين: قل لا إله إلا الله.
فقال:
كُلُّ بَيْتٍ أَنْتَ حَاضِرُهُ…غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى السَّرْجِ
وَجْهُكَ الْمَأْمُولُ حُجَّتُنَا…يَوْمَ تأتي الناس بالحجج".
والحضرات منها:
ما هو في عالم الملك (الشهادة).
ومنها ما هو في عالم الملكوت (الغيب).
ومنها ما هو في عالم الجبروت (البرزخ)
وهو ظهور المعاني التي هي من عالم الملكوت في صورة من صور المحسوسات التي هي من عالم الملك.
فعن ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ:
«بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي،
ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ،
قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟
قَالَ: العِلْمَ».
فاللبن من عالم الملك (الشهادة, لأنك تراه وتشربه وتلمسه وتدركه بحواسك, وتستلذ به جثمانيتك)،
والعلم من عالم الملكوت (الغيب)
والرؤية كانت برزخية (النوم والموت من البرزخ) ,
والعوالم الوسيطة بين الملك والملكوت عوالم برزخية,
كعالم الخيال وعالم المثال,
وعالم المثال يسمونه أحياناً الملكوت السفلي
حيث تتجسد فيه الملائكة على غير شكلها الحقيقي
كما حدث من سيدنا جبريل مع السيدة مريم العذراء.
أما الملكوت العلوي فمثاله ما رآه سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في ليلة الإسراء والمعراج, كالبيت المعمور والسدرة والشجرة التي تخرج من أصل الجحيم.
أما الدخول إلى الحضرة فممتنع
إلا إذا دخلت مع أحد من أهل الله, ولا بد.
كما قال سيدنا عيسى عليه السلام:
"لن يلج ملكوت السماوات والأرض من لم يولد مرتين".
والمرة الأولى ولادته من الأب والأم الترابيين,
وولادته الثانية ولادة روحانية نورانية من تربية أحد الشيوخ الموصولين برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , والمأذون لهم بالتربية.
لذلك قالوا:
إن من اعترض على شيخه فقد عقه عقوقاً أكبر من عقوق أبيه وأمه,
لأن الشيخ سبب ولادته في عالم الأرواح
ووالديه سبب ولادته في عالم الأشباح
كما قال السهروردي في عوارف المعارف (1/ 72 - 73):
"وبما هيأ الله تعالى من حسن التأليف بين الصاحب والمصحوب يصير المريد جزء الشيخ، كما أن الولد جزء الوالد في الولادة الطبيعية، وتصير هذه الولادة آنفاً ولادة معنوية،
كما ورد عن عيسى صلوات الله عليه "لَنْ يَلِجَ مَلَكُوتَ السَّمَاءِ مَنْ لَمْ يُولَدْ مَرَّتَيْنِ".
فبالولادة الأولى يصير له ارتباط بعالم الملك، وبهذه الولادة يصير له ارتباط بالملكوت". انتهى
واعلم عبد الله
أنه لا يدخل أحد لحضرة إلا على يد عبد من عباده
ولو حوت من الحيتان
كما كان في قصة سيدنا موسى والخضر.
ومن لا شيخ له, فشيخه الشيطان,
ألا ترى إلى ارتباط الكواكب بالشموس, وارتباط الشموس بمجراتها!
نظام لا مثيل له,
ولولا النظام لكان الفناء العظيم.
فالولاية لها نظام ودوائر,
لا يدخل فيهم أحد غصباً, ولا يدخل إلا أصحاب الأمانات والوراثات والأسرار.
أما أهل الحضرة:
فهم أهل الأدب الجم, المتطهرون, الصامتون, المؤتمنون ...
وضع ما تشاء من آداب وصفات حميدة.
قال الإمام القشيري:
"والصمت من آداب الحضرة قَالَ اللَّه تَعَالَى:
(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف 204)
وَقَالَ تَعَالَى مخبراً عَنِ الجن بحضرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم: (فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا)
(الأحقاف 29)
وقال: سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ (الدقاق) يَقُول:
ترك الأدب موجب يوجب الطرد
فمن أساء الأدب عَلَى البساط رد إِلَى الباب
ومن أساء الأدب عَلَى الباب رد إِلَى سياسة الدواب
وقال:
ولما دَخَلَ أَبُو حفص بغداد قَالَ لَهُ الجنيد : لَقَدْ أدبت أَصْحَابك أدب السلاطين
فَقَالَ أَبُو حفص: حسن الأدب فِي الظاهر عنوان حسن الأدب فِي الباطن.
وقال:
سمعت أبا حاتم السجستاني يَقُول: سمعت أبا النصر الطوسي السراج يَقُول:
النَّاس فِي الأدب عَلَى ثَلاث طبقات
أما أهل الدنيا
فأكثر آدابهم فِي الفصاحة, والبلاغة, وحفظ العلوم, وأسماء الملوك, وأشعار العرب.
وَأَمَّا أهل الدين
فأكثر آدابهم فِي رياضة النفوس, وتأديب الجوارح, وحفظ الحدود, وترك الشهوات.
وَأَمَّا أهل الخصوصية
فأكثر آدابهم فِي طهارة القلوب ومراعاة الأسرار والوفاء بالعهود وحفظ الوقت وقلة الالتفات إِلَى الخواطر وحسن الأدب فِي مواقف الطلب وأوقات الحضور ومقامات القرب.
وَقَالَ ذو النون المصري:
إِذَا خرج المريد عَنِ استعمال الأدب فَإِنَّهُ يرجع من حيث جاء.
سمعت الأستاذ أبا عَلِيّ يَقُول فِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: (وأيُّوبَ إذْ نادَى ربَّه أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمينَ) (الأنبياء 83)
قَالَ: لَمْ يقل: ارحمني؛ لأنه حفظ آداب الْخِطاب،
وَكَذَلِكَ عيسى عَلَيْهِ السَّلام حيث قَالَ: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ) (المائدة 118) وَقَالَ:
(إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) (المائدة 116)
وَلَمْ يقل لَمْ أقل؛ رعاية لآداب الحضرة".
وقال العلامة المناوي:
"ألا ترى إلى خبر أحمد عن جابر
«كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فارتفعت ريح منتنة،
فقال:
أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين».
وأخذ منه جمع من الصوفية أنه يتعين على مريدِ نحو صلاة أو ذكر
أن يطهر الظاهر والباطن,
لئلا يؤذي أحداً من أهل الحضرة الإلهية من أنبياء وملائكة وأولياء بنتن ريحه المتولد من الذنوب سيما الفم إذا نطق بما لا يحل،
فإن أهل الحضرة لرقة حجابهم وطهارة بواطنهم يشمون رائحة المخالفات؛
ولهذا قال مالك بن دينار:
والله لو كان الناس يشمون روائح المعاصي كما أشمها
ما استطاع أن يجالسني أحد من نتن ريحي".
والحديث المشار إليه من العلامة المناوي
هو ما جاء عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ,
قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم وَارْتَفَعَتْ رِيحٌ خَبِيثَةٌ مُنْتِنَةٌ،
فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلّم:
«أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ؟ هَذِهِ رِيحُ الَّذِينَ يَغْتَابُونَ الْمُؤْمِنِينَ».
ومن صفات أهل الحضرة
ترك الإنكار على ما لم يحيطوا بعلمه من تصرفات أهل الله.
قال العلامة ابن عجيبة في إيقاظ الهمم شرح متن الحكم (ص: 36):
"قال شيخ شيوخنا سيدي علي رضي الله عنه في كتابه:
من عرف أهل حقائق الظاهر ولم ينكر عليهم شيئاً من أحوالهم
يظفر بما في أيديهم, ولا يُمنع خيرهم قطعاً,
ومن عرف أهل حقائق الباطن ولم ينكر عليهم شيئاً من أحوالهم, يظفر بما في أيديهم على كل حال".
آداب أهل الحضرة لا تتناهى,
فلننظر في الغرض من الكتاب بإذن الله. )
ـــــــــــــــــــــ
من كتاب : على أعتاب الحضرة المحمدية
للأستاذ الدكتور السيد الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وسلم تسليما بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 112 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط