موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: النفس في مراحل الإحسان :
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت أكتوبر 23, 2021 10:28 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7632
( النفس في مراحل الإحسان:
والمحسن كما سبق هو البار هو الصادق,
كل ذلك متداخل, وقد أعد الله لهم أجراً عظيماً,
ولما كان المؤمن مؤمناً كانت نفسه لها نصيب من أسباب بلائه وفتنته (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)
(العنكبوت 2)
فكانت نفسه نزاعة متمردة
وفي الوقت نفسه لوامة تلومه على التقصير, فبداخله صراع بين الخير والشر, وغالباً ما ترجح كفة الخير, غير أن المؤمن لا يستطيع التخلص تماماً من منازعة النفس
أما نفس من كان في مقامات الإحسان فساكنة, لا منازعة بينها وبين الروح والقلب والعقل, فالإحسان والبر سكون النفس,
فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ: «الْبِرُّ مَا سَكَنَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَالإِثْمُ مَا لَمْ تَسْكُنْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَلَمْ يَطْمَئِنْ إِلَيْهِ الْقَلْبُ وَإِنْ أَفْتَاكَ الْمُفْتُونَ».
وعَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْأَسَدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِوَابِصَةَ: «جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ؟» قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ فَضَرَبَ بِهَا صَدْرَهُ، وَقَالَ:
«اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، اسْتَفْتِ قَلْبَكَ يَا وَابِصَةُ - ثَلَاثًا -
الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ،
وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ».
ولما كان المحسن محسناً
وقد تجلى الله عليه باسمه تعالى: " المحسن"
فنفسه كذلك تنالها قسمة من اسم الله المحسن,
هذه القسمة تصل إليه من انتشار النور, على ما سيأتي بإذن الله.
نفس المحسن نفس ملهمة مطمئنة, فصاحبها يعبد الله كأنه يراه, إكراما له يلهم ما يزيد في سيره , فتطمئن النفس لموعود الله
(هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (الرحمن 60) ,
ومع كل ترقي تحدث له ترضية فتكون نفسه راضية, مرضية,
وإلا كانت غيرة أصحاب المقام مع كل من يرون عنده ما ليس عندهم أو غيرتهم على حرمات الله فيؤذونه,
فمن اطلع على الملكوت فمن السهل عليه عقاب من يغضب الله؛ غيرة على الله أن تنتهك حرماته,
هذه الغيرة, إما أن تكون لتعديل الحال من انتهاك حرمة؛ لتعظيم حرمات الله,
وإما لاستئصال شأفة من أغضب الله, كما ذكرناه في موازاة ما أوتيه الخليل إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلّم , ومع الفارق طبعاً,
وهنا لا ننسى دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ليلة الجن, قال: «أعوذ بِوَجْه الله الْكَرِيم وكلماته التامات الَّتِي لَا يجاوزهن برّ وَلَا فَاجر من شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَمن شَرّ مَا ذَرأ فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمن فتن اللَّيْل وَالنَّهَار وَمن شَرّ طوارق اللَّيْل وَالنَّهَار الا طَارِقًا يطْرق بِخَير يارحمن"
وقد علم سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أصحابه هذا الدعاء, فعلمه لخالد بن الوليد حيث كان شديد الأرق ويفزع عند نومه».
ولفظة: " لَا يجاوزهن برّ وَلَا فَاجر"
تدلك على إمكانيات الأبرار وقدرتهم على إصابة غيرهم وإن كانوا صالحين,
ومن هنا جاء قول من قال: " لا تتخطَّ رقاب الصديقين"
لأنه بذلك ستقع إما في ادعاء النبوة أو الخضرية
وإما ستقع في حرب مع الصديقين,
فهم من أصحاب الدوائر,
والكون له نظام مرتب كترتيب مدارات الذرة,
فإن تلاعبت فيه كانت العاقبة وخيمة,
وفيها الهلاك.
نفوس المحسنين الأبرار الصادقين والصادقين المقربين
و إن كانت مطمئنة راضية مرضية,
لكن أيضاً عندها نوع من أنواع الجبروت.
أصحاب هذا المقام أحد العتبات التي لا يجب إغفالها عند الدخول إلى الحضرة المحمدية.
ولما كان المحسنون الأبرار لهم جنات النعيم, (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) (المطففين 22)
وفي وجوههم نضرة النعيم
فقد رأوا بفؤادهم آثار رحمة الله (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (المطففين 24)
طابت أنفسهم من هذا النعيم
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم:
«لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى،
وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى,
وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النَّعِيمِ»
فأصبحوا في جنة غير مرئية,
لو رآها الملوك لجالدوهم (قاتلوهم) عليها بالسيوف.
أصحاب هؤلاء المنزلة إن أثمت جوارحهم بفعل المعصية بسبب قسمتهم من المعاصي الطينية,
فلا تأثم قلوبهم,
فنفوسهم لا منازعة فيها,
فأنفسهم طيبة,
ووقوعهم في المعصية من باب: (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا) (الأحزاب 38).
وما دامت النفس طيبة,
استكانت تحت حكم الله, ورضيت بكل ما يحدث لها من فناء وبقاء
حتى تكون ممن قيل فيهم: العبد الرباني,
فما الفناء والبقاء! ) يتبع بإذن الله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب / على أعتاب الحضرة المحمدية للسيد الأستاذ الدكتور الشريف / محمود صبيح حفظه الله ونفع به
ـــــــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 63 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط