موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: حصر الإيمان في أداة اسمها العقل : نوع من التحجير والعقل
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس أكتوبر 21, 2021 2:42 pm 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7603
حصر الإيمان في أداة اسمها العقل : نوع من التحجير والعقل :
ـــــــــــــــــــــــــــــ
( مهما بلغ عقل أكبر علماء الدنيا ونابغيها فلن يصل إلى الهداية والإيمان بالله إلا بنور من الله, فالعقل أحد الأدوات والوسائل, فحصر المعرفة بواسطته نوع من أنواع الغرور.
هل يدل العقل على ذات الله؟
العقل يدل على آيات الله, ومن ثم يؤدي للإيمان بالله كما سُئِلَ أَعْرَابِيٌّ عَنِ الدَّلِيلِ على وجود الله, فَقَالَ: الْبَعْرَةُ تَدُلُّ عَلَى الْبَعِيرِ. وَالرَّوْثُ عَلَى الْحَمِيرِ، وَآثَارُ الْأَقْدَامِ عَلَى الْمَسِيرِ، فَسَمَاءٌ ذَاتُ أَبْرَاجٍ، وَأَرْضٌ ذَاتُ فِجَاجٍ. وَبِحَارٌ ذَاتُ أَمْوَاجٍ، أَمَا تَدُلُّ عَلَى الصَّانِعِ الْحَلِيمِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ؟
العقل مخلوق فكيف يدرك الخالق, هذا محال, إذا كان بصرك المخلوق يعجز عن رؤية الأشياء البعيدة المخلوقة, فكيف يدرك العقل المخلوق خالقه؟
قَالَ رجل للنوري: مَا الدَّلِيل على الله؟
قَالَ: الله.
قَالَ: فَمَا الْعقل؟
قَالَ: الْعقل عَاجز وَالْعَاجِز لَا يدل إِلَّا على عَاجز مثله.
وَقَالَ ابْن عَطاء:
الْعقل آلَة للعبودية لَا للإشراف على الربوبية,
وَقَالَ غَيره: الْعقل يجول حول الْكَوْن فَإِذا نظر إِلَى المكون ذاب.
لذا وردت أحاديث وآثار مضمونها:
تفكروا في آلآء الله ولا تتفكروا في ذاته فتهلكوا
أما عن عقل الهداية
فهو نور يقذفه الله في الروح أو القلب أو النفس
القدرة على تحصيل العلوم عقل, القدرة على التمحيص والتمييز بين الحق والضلال عقل, أعلى شئ ممكن أن يدركه العقل البشري هو إدراكه بالعجز؛
لذا قالوا:
الْعَجْزُ عَنْ الْإِدْرَاكِ إِدْرَاكٌ, والْعَجْزُ عَنْ دَرَكِ الْإِدْرَاكِ إِدْرَاكٌ.
ونسبوا ذلك إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وكيف يدرك العقل وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلّم:
«لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ».
العقل له دور في العلوم النقلية السمعية,
والعقل له دور مع النفس فيكون كالعقال الذي يشد به على رقبة البعير, اعقلها وتوكل,
وله دور مع الروح وهو تجهيز وعاء القلب وقبوله لما يلقى فيه من ماء الحياة فينبت عظام المعاني,
وله دور مع القلب ... وهو تجهيز محل السر,
وله دور مع السر وهو تجهيز محل اللب للإيقاد,
وله دور مع سر السر ليعقل زيت الزيتونة ثم ما يكون من نورها.
وأما دوره في إدراك الذات الإلهية فمُمتنع.
من آمن بعقله لوجود أدلة يخشى عليه,
فلعل يخرج له إنساناً أشد منه في علوم الجدال والاستدلال, أو يخرج له شيطان من الإنس أو الجن, ينقض له دليله, ويبطل استدلاله به,
إيمان أصحاب الدليل العقلي لا يوثق بإيمانهم ويُخشى عليهم ذهاب دينهم
وقد حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلّم المسلمين وأمرهم بالفرار من الدجال, ولا يناقشوه, فمن خالف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وذهب إلى الدجال لا شك سيكون من المفتونين,
ولعل أحد من يقولون بتعظيم دور العقل يقول أذهب إليه وأناظره,
فيكون عاقبة أمره خسراً.
لا شك أن للعقل دوراً كبيراً جداً في العلوم الدنيوية,
العقل ما به التمييز, لكنه لا يعترف بالعجز,
فيدعي أن عنده قدرة على إدراك ذات الخالق,
وما ينبغي له
فهو قاصر عاجز, كما قلنا
يطيح به كأس من الخمر, أو خوف, أو حمى,
فحصر الإيمان في أداة اسمها العقل نوع من التحجير, فالعقل من العقال والحصر والحبس,
وما أجمل قول ابن عطاء الله السكندري في كتابه الحكم العطائية:
"شتان بين من يستدل به أو يستدل عليه
المستدل به عرف الحق لأهله وأثبت الأمر من وجود أصله
والاستدلال عليه من عدم الوصول إليه.
وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه؟
ومتى بعد حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه؟
اعتقد بعض العلماء أن العقل والروح والنفس شيء واحد,
فقال بعضهم:
النفس والعقل والروح والسر شيء واحد
لكن تختلف الأسامي باختلاف المدارك.
ومنهم من اعتقد أن كل واحد من هذه الكلمات غير الآخر.
وكان الشيخ علي الخواص يقول:
"العلم، والمعرفة، والإدراك، والفهم، والتمييز من أوصاف العقل.
والسمع والبصر والحاسة والذوق والشم والشهوة والغضب من أوصاف النفس.
والتذكر، والمحبة، والتسليم، والانقياد، والصبر من أوصاف الروح.
والفطرة، والإيمان، والسعادة، والنور، والهدى، واليقين من أوصاف السر.
والعقل، والنفس، والروح، والسر المجموع أوصاف للمعنى المسمى بالإنسان،
وهي حقيقة واحدة غير متميزة،
وهذه الحقيقة وأوصافها روح هذا القالب المتحرك".انتهى
من الممكن القول أن اختلاف العلماء نابع من كيفية الإدراك , فإنك قد تدرك بالسمع أو البصر (الحواس) , وقد تدرك بالنفس وصفاتها, وقد تدرك بالروح, هذه القوى الإدراكية تسمى العقل,
فعقل الجسد في الرأس, وهو الذي ينظر في تدبير أمور الدنيا.
وعقل النفس في الصدر, وهو الذي يدرك به الأحاسيس النفسية والعلاقات بين الناس.
وعقل الروح في القلب والفؤاد وهو الذي يدرك التنزلات والفيوضات, وهو الذي ينظر في أمور الآخرة,
وعقل الفؤاد يدرك به المشاهدات وهو الذي ينظر إلى ربه ... وهكذا.
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال:
«إِنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْبِ،
وَالرَّحْمَةَ فِي الْكَبِدِ،
وَالرَّأْفَةَ فِي الطِّحَالِ،
وَالنَّفَسَ فِي الرِّئَةِ»
والعقل في كلام سيدنا علي يقصد به العقل والتعقل والفهم عن الله
وأنه في قلب المؤمن،
وكلامنا في العقل في جزئية الإحسان راجع إلى عقل القلب.
إذاً هناك علاقات متشابكة جداً بين الجسد والجسم والبدن والروح والنفس والعقل والقلب والفؤاد واللب والسر والذات والهيكل والكيان,
وعلاقة كل واحد من هذه الألفاظ بالباقية وعلاقتهم كلهم ببعض.
فمن العقلاء إذاً؟!
العقلاء هم من عقلوا عن الله,
وعقلوا عن الله أي فهموا مراد الله وعقلوا الأمر على ما هو عليه, والعقلاء هم أصحاب الأدب مع الله, هم العلماء بالله, قال تعالى: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت 43)
قال تعالى: (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)
ولم يقل وما يعقلها إلا العاقلون, إشارة إلى أنه لا بد للعقل من نور العلم بالله, فإن لم يكن معه نور العلم بالله فلن يعقل هذه الأمثال التي يضربها الله للناس.
العقلاء هم أولوا الألباب, وأولوا الألباب هم أصحاب الصفوف الأولى في الصلاة وراء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «لِيَلِنِي مِنْكُمْ، أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا».
وأولوا الأحلام هم ذوو العقول الراجحة التى تجعل من الإنسان حليماً, ذا أناة, والنُهى: أصحاب العقول الذين تنهاهم عقولهم عما يُشين.
هؤلاء هم من يتم تجهيزهم للأمة من بعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم للرفيق الأعلى.

تتبقى هنا نقطة, نصيغها في صورة سؤال:
ما هو أول شئ تستطيع أن تذكره منذ ولادتك؟
أول موقف,
أول فعل,
أول ما انطبع في عقلك ولو رؤية!
هذا معناه أنك لم يكن عندك قوة التعقل,
وإن كان عندك حواس البصر والسمع والكلام والشم واللمس,
هذا يعني أن عقلك وذهنك وفكرك استطاع الاحتفاظ بالمعلومة بعد فهمها ولو جزئياً كما تحتفظ وتتشبع قطعة من الإسفنج نسبياً بالماء,
وكما يكون الحال من ورقة الترشيح إذا وقع عليها نقطة من الحبر.
فمن أول من عقل وجود الله؟!
أهو جبريل أم ميكائيل أم إسرافيل عليهم السلام, أم حملة العرش, أم العرش نفسه والكرسي! أم القلم الذي قال له: اكتب؟؟
سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم عند أهل الله هو أول من عقل أن هناك رباً,
ولذلك أطلق عليه أهل الله: العقل الأول,
يعني أول من عقل ربه وأول من عقل من ربه,
فهو أول من عقل وجود الله الخالق
وأن الله هو الله, وليس قبله شئ,
وأن الله كان وليس معه شئ,
فكان عقل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلّم هو أشرف العقول.
فهل عندك غضاضة في نفسك, يا مسكين ؟! )
ــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب / على أعتاب الحضرة المحمدية / للأستاذ الدكتور السيد الشريف محمود صبيح حفظه الله
ـــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: [AhrefsBot] و 80 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط