موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: لا بد من جهاد النفس والهوى ,كي تترقى إلى : «هَوَاهُ تَبَعًا
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأربعاء أكتوبر 13, 2021 8:38 am 
غير متصل

اشترك في: الأربعاء فبراير 03, 2010 12:20 am
مشاركات: 7641
لا بد من جهاد النفس والهوى ,كي تترقى إلى : «هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ»:
ـــــــــــــــــــــــــــ
( جهاد النفس والهوى :
عن عبد الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ و آله وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» وعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».
في هذين الحديثين ترويض لنفس المؤمن, وإخضاعها لأفعال وأقوال وكل ما جاء به سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فلا تجد غضاضة في اتباعه, ثم تتغير وتتغير حتى لا يكون لك هوى ولا غرض ولا حب ولا كره ولا اتجاه ولا فهم إلا ويكون نابعاً مما جاء به حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم.
في هذين الحديثين أيضاً عرض لمن أراد أن يكون من المؤمنين (كدرجة) , هذا العرض يكمن في ترك الأنانية, والأنانية حب النفس لذاتها, فلا ترى إلا نفسها, بل تتعدى وتتمنى التلف للغير في أي منافسة فتسول النفس لصاحبها القتل والموبقات, لإزاحة المنافس, ما دامت النفس هكذا فلا إيمان صادق صافي, فمن أراد الإيمان الصادق الصافي فليحب لأخيه ما يحب لنفسه.
وفي المراحل الأعلى تنتقل من: «هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» إلى " حب ذات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ", وليس لكونه بلغ رسالة لك وللأمة الإسلامية المحمدية.
قبل الكلام عن حب الذات المحمدية نلقي نظرة سريعة جداً عن الروح والنفس, فلهما في تحديد إيمانك جولات وجولات.
الروح والنفس:
من العلماء من قال إن النفس غير الروح, ومنهم من قال بل هي الروح, ومنهم من قال إنها العقل, ومنهم من يقول إن الروح هو سلطان العقل, والعقل سلطان النفس, والنفس سلطان الجسد.
قال الإمام العارف ابن برجان في شرح أسماء الله تعالى الحسنى: " والنفس مُبْرَأَةٌ من باطن ما خُلِقَ منه الجسم وهي روح الجسم, وأوجد تبارك وتعالى الروح من باطن ما برأ منه النفس, وهي للنفس بمنزلة النفس للجسم, والنفس حجابه, والروح توصف بالحياة وبإحياء الله عز وجل له.
وموته: أي الروح خمود إلا ما شاء الله يوم خمود الأرواح.
والجسم: يوصف بالموت حتى يجيء بالروح, وموته مفارقة الروح إياه, وإذا فارق هذا العبد الروحاني الجسم صعد به, فإن كان مؤمناً فتحت له أبواب السماء حتى يصعد إلى ربه عز وجل فيؤمر بالسجود فيسجد ثم يجعل حقيقته النفسانية تعم السفل من قبره إلى حيث شاء الله من الجو وحقيقته الروحانية تعم العلو من السماء الدنيا إلى السابعة في سرور ونعيم ولذلك لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم موسى قائماً في قبره يصلي وإبراهيم تحت الشجرة قبل صعوده إلى السماء الدنيا ولقيهما في السماوات العلى فتلك أرواحهما وهذه نفوسهما وأجسادهما في قبورهما وإن كان شقياً لم يفتح له فيرمى من علو إلى الأرض".
قلت: الجزء الأول من كلام العارف ابن برجان قوي جداً, يوضح شيئاً من العلاقات المعقدة المتشابكة بين ماهية الروح والنفس, ويؤيده نسبياً ما كان من أمر أُوَيْس الْقَرَنِيّ مع هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ, وإخباره عن الروح والنفس
وأُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ: هو أحد سادات التابعين, منعه بره بأمه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , فقَالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «إِنَّ رَجُلًا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، لَا يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ، إِلَّا مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوِ الدِّرْهَمِ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ (فَمُرُوهُ) فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ» , فبحث عنه سيدنا عمر بن الخطاب في زمن خلافته حتى وجده, وطلب منه أن يستغفر له. فماذا حدث مع هرم بن حيان؟
عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: «قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَكُنْ لِي بِهَا هَمٌّ إِلَّا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ، حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهِ جَالِسًا وَحْدَهُ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ نِصْفَ النَّهَارِ، يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ لَحِمٌ، أَدَمُ، شَدِيدُ الْأَدَمَةِ، أَشْعَرُ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ, يَعْنِي لَيْسَ لَهُ جُمَّةٌ, كَثُّ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ، وَرِدَاءٌ مِنْ صُوفٍ، بِغَيْرِ حِذَاءٍ، كَبِيرُ الْوَجْهِ، مَهِيبُ الْمَنْظَرِ جِدًّا، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ وَنَظَرَ إِلَيَّ، فَقَالَ: حَيَّاكَ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ؟ فَمَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ لِأُصَافِحَهُ، فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي، وَقَالَ: وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أُوَيْسُ وَغَفَرَ لَكَ، كَيْفَ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْغَيْرَةُ مِنْ حُبِّي إِيَّاهُ، وَرِقَّتِي لَهُ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، مَا رَأَيْتُ حَتَّى بَكَيْتُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: وَأَنْتَ فَرَحِمَكَ اللَّهُ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي؟ مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: اللَّهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا، حِينَ سَمَّانِي وَاللَّهِ مَا كُنْتُ رَأَيْتُهُ قَطُّ، وَلَا رَآنِي، ثُمَّ قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَنِي، وَعَرَفْتَ اسْمِي، وَاسْمَ أَبِي، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ رَأَيْتُكَ قَطُّ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ، قَالَ: نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ، إنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفَسٌ كَأَنْفُسِ الْأَحْيَاءِ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَتَحَدَّثُونَ بِرُوحِ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا وَيَتَعَارَفُوا، وَإِنْ نَأْتِ بِهُمُ الدِّيَارُ، وَتَفَرَّقَتْ بِهُمُ الْمَنَازِلُ».
وقول أويس القرني: «عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ؛ لِأَنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفُسٌ كَأَنْفُسِ الْأَجْسَادِ ... » إلى آخره
فمفهوم الكلام:
1 ـ أن الروح شئ والنفس شيء آخر.
2 ـ وأن للروح أنفساً كأنفس الأجساد, وهذا له أكثر من معنى.
إلا أن العارف ابن برجان, يرى أن الروح طاهرة حقيقتها علوية, فتذهب إلى الملكوت, تحن إلى مكانها الأول, أما النفس فتبقى على أفنية القبور, وقد يعترض قول العارف ابن برجان بعض الاعتراضات, نذكرها على سبيل الإجمال في باب البرزخ إن شاء الله.
لكن من الممكن الاستفادة من قول أحد سادات التابعين وهو أويس القرني, وكذلك قول العارف ابن برجان.
فيمكننا القول: أن الجسد وعاء النفس, والنفس وعاء الروح
ونقول:
الجسد: الجسد يميل بطبعه إلى جهة تحت, فيبحث عن شهواته وتُرَابِيتِهِ, ويبحث عن عمارته بما هو أَرْضِيّ من طعام وشراب, وشهواته كما أوضحنا, وتسمى شهواته: "الشهوات الطينية", أي حظ الطين من شهوة الطعام وشهوة الفرج.
النفس: جوهر, لطيف خفيف حار, قدر وزنها بعض الأطباء بما لا يزيد عن خمسة عشر جراماً أي وزن ثلاث ملاعق صغيرة من السكر. طبعها التمرد, تحب ذاتها جداً, شعارها: " أنا ", فحبها لذاتها يعميها عن كل شيء, فقد تجلى الله عليها بما جعلها تسكر من خمر ما رأت, فتاهت في حب نفسها, وفي دعوى ما ليس لها, وإنكار ما لا تعرفه, والنفس تميل إلى السيطرة, تكاد تقول للجسم الذي يحتويها أنا إلهك, أنا أقرب إليك من حبل الوريد, متطلبات النفس لاتنتهي, ولا تشبع ولا تقنع, وتحب المدح جداً, وتخشى الحقائق, وتحب الانتقام, فإن كان المرء مسلماً أو مؤمناً, استحت وآمنت على قدر إيمان صاحبها, لكنها تنازع وتدافع عما ترى أنه ملكها.
وهي برزخ بين الروح والجسم, فلها إطلالة للجسد حيث يكون لها الصلة مع العالم الأرضي (السفلي) فتدبر أمور البدن بإذن ربها, وإن نسبت لنفسها ما تنسب, فتنظر إلى الجسد من علو, تعشق الجسد ويعشقها الجسد, فتبتلي بالموت, فقد رغبت في غير الله أكثر من رغبتها في الله, النفس دائمة التسويف والتسويل، وطول الأمل مغروز فيها. والنفس تتغلغل إلى كل رقيقة في الإنسان, ويعرف الشيطان أقصر الطرق إلى استمالتها, فهو ناري هوائي, وهي حارة هوائية, متغطرسة, لذا فمعاصيها نارية, وهذا يفرح الشيطان, فالمعاصي الطينية سهل الإقلاع عنها والاستغفار منها بإذن الله, قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً».
وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً».
أما المعصية النارية كالكبر والتجبر والحسد والحقد, فالله لا يحب المتكبرين, فعن المعصية النارية قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلّم: «الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ».
غالباً ما يكون بين الجسد والنفس اتفاقية إرضاء لمطالب كل واحد منهما, ومن هنا كان أحد مقاصد العبادات مثل الصوم وغيره تعبيد الجسم والنفس على غير هواها, الجسد أقرب للطاعة بحكم سهولة تشكيل الطين, إلا أن النفس بحورها عميقة, فسرعان ما تدعي أنها صامت وقامت وفعلت!! ثم رأت وتقدست وتعظمت!!
أسيادنا العلماء قالوا: النفس لها ترقيات, فنفس الإنسان العادي نفس أمارة بالسوء، وإذا دخل المرء في الإيمان وتخلله روح الإيمان كان فرحه بالطاعة أكبر, وحزنه على فعل المعصية أوضح, وهذا هو سلوك النفس اللوامة, َعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: مَا الْإِثْمُ؟ قَالَ: " إِذَا جَاءَكَ فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ فَدَعْهُ ". قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ؟ قَالَ: " إِذَا سَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ وَسَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ».
ثم مع كل ترقية تتغير صفات النفس, من أمارة بالسوء إلى لوامة (نفس المؤمن) إلى ملهمة (بدايات الإحسان)، ثم بالترقي تصبح النفس نفساً مطمئنة ومع دوام الترقي تصبح راضية, مرضية, حتى آخر درجات الكمال.
هذا بالنسبة للنفس, وعلاقتها كما أسلفنا بوجهها تجاه الجسم, وللنفس وجه آخر تجاه الروح, فكما قلنا النفس برزخ بين الجسد الأرضي والروح التي هي من عالم الأمر, النفس تجذب الروح إلى أسفل فعند النفس الصبر والجلد على ما تريد, والتأفف من الصبر على العبادات, والنفس مستودع صفات الإرادة والقدرة, ينشب صراع بين الروح والنفس, فحتى ما قبيل مرحلة الإحسان فالكفة وإن تأرجحت تميل إلى النفس.
أما الروح فهي ألطف وألطف وأرق من النفس, والنفس بمثابة الجراب الحاوي لها, كما أن الجسد بمثابة الجراب الحاوي للنفس, مثال ذلك مثال القلم, الجسم مثل القلم ككل، النفس مثل الأنبوبة والروح كأنه الحبر داخل الأنبوبة, وسن القلم هو العقل, فبهذا الاعتبار تكون النفس هي جسد الروح.
والروح تميل وتتطلع إلى عالم الملكوت وحضراته حيث موطنها الأول, وتحب النظر إلى المكان الذي أتت منه, وتعتبر نفسها في عالم الملكوت أكثف الموجودات وأثقلها.
جز بحزوى فثم عالم لطف…
من بقايا أجساده الأرواح…
وهي مفطورة على العبادة, فهي المستنطقة في عالم الذر وشهدت لله بالوحدانية. والروح تخاف من النفس فالنفس تسقيها من خمر الدنيا فتنسيها يوم الميثاق, وفي الوقت نفسه هى من تحيط بها وتحميها, وبينهما حوار طويل.
الروح شبه أسيرة, تريد التحرر, فأعطى الله لها راحة يومية, ترتاح فيه من رق الجسد وإلحاح النفس وغطرستها, في وقت النوم تكون هذه الراحة, لكن مع مصاحبة النفس, فالنفس لا تتركها أبداً, لكن الأسير لما يرى دياره يفرح ويسكن وإن كان مع سجانه, وسجانه سيتلطف كثيراً, حتى يعود به إلى العالم الأرضي.
النوم له فائدة أخرى وهي التدريب على البرزخ كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
كما في أول الباب عرضنا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» مروراً بقوله صلى الله عليه وآله وسلّم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» , وقلنا إن هذا من باب المجاهدات الشديدة, فإذا ترقيت وترقيت في مقامات الإيمان وأردت شهادة من سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لك بالإيمان, فهنا يجب الترقي إلى حبك للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم أكثر من نفسك. )
ــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب / على أعتاب الحضرة المحمدية / للأستاذ الدكتور السيد الشريف محمود صبيح حفظه الله
ـــــــــــــــــــــــ
اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم

_________________
صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 35 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط