موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 38 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3  التالي
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: رجال من الأمة المحمدية (أهل السنة والجماعة)
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 17, 2004 12:00 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد فبراير 22, 2004 1:22 pm
مشاركات: 371
بسم الله الرحمن الرحيم

إخوانى وأخواتى أحباب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم

سوف أبدا بحول الله وقوته فى البحث والكتابة عن (رجال من الأمة المحمدية )
وأرجوا من السادة والسيدات أعضاء هذا المنتدى المبارك فى المساهمة والمشاركة بابحاثهم

حول هذا الموضوع .

(اقتباس)

(1) الأمير عبد القادر الجزائرى

الأمير الصوفى المجاهد عبد القادر محيي الدين الحسيني

عبد القادر... الجهاد والأسر..!

"اعلموا أن غايتي القصوى اتحاد الملة المحمدية، والقيام بالشعائر الأحمدية، وعلى الله الاتكال في ذلك كله".
هذه كلمات المجاهد حين يحكم، والمستضعف حين يتمكن، خرجت قوية صادقة من قلبه الأبيّ حين أُقيمت دولته، وأُعليت رايته، إنه عبد القادر الجزائري…المجاهد الذي ما وجد أهل الجزائر سواه لينصّبوه إمامًا للمجاهدين وهو ابن الخامسة والعشرين، وأرادوه "سلطانًا" فأبى أن يكون إلا "أمير الجهاد".
فهو محط أنظارنا، والجدير باعتبارنا، وهو شخصية تمتلئ حياتها بعبرة لأولى الأبصار وتذكرة لأهل الاعتبار.
من هو الأمير عبد القادر؟
هو عبد القادر ابن الأمير محيي الدين الحسيني، يتصل نسبه بالإمام الحسين بن علي ولد في 23 من رجب عام 1222هـ / مايو 1807م، وذلك بقرية "القيطنة" بوادي الحمام من منطقة "وهران" بالمغرب الأوسط أو الجزائر، ثم انتقل والده إلى مدينة وهران، ولم يكن الوالد هملاً بين الناس، بل كان ممن لا يسكتون على الظلم، فكان من الطبيعي أن يصطدم مع الحاكم العثماني لمدينة "وهران"، وأدى هذا إلى تحديد إقامة الوالد في بيته، فاختار أن يخرج من الجزائر كلها في رحلة طويلة، وكان الإذن له بالخروج لفريضة الحج عام 1241هـ/ 1825م، فخرج الوالد واصطحب ابنه عبد القادر معه، فكانت رحلة عبد القادر إلى تونس ثم مصر ثم الحجاز ثم البلاد الشامية ثم بغداد، ثم العودة إلى الحجاز، ثم العودة إلى الجزائر مارًا بمصر وبرقة وطرابلس ثم تونس، وأخيرًا إلى الجزائر من جديد عام 1828م، فكانت رحلة تعلم ومشاهدة ومعايشة للوطن العربي في هذه الفترة من تاريخه، وما لبث الوالد وابنه أن استقرا في قريتهم "قيطنة"، ولم يمض وقت طويل حتى تعرضت الجزائر لحملة عسكرية فرنسية شرسة، وتمكنت فرنسا من احتلال العاصمة فعلاً في 5 يوليو 1830م، واستسلم الحاكم العثماني سريعًا، ولكن الشعب الجزائري كان له رأي آخر.
فرّق الشقاق بين الزعماء كلمة الشعب، وبحث أهالي وعلماء "وهران" عن زعيم يأخذ اللواء ويبايعون على الجهاد تحت قيادته، واستقر الرأي على "محيي الدين الحسيني" وعرضوا عليه الأمر، ولكن الرجل اعتذر عن الإمارة وقبل قيادة الجهاد، فأرسلوا إلى صاحب المغرب الأقصى ليكونوا تحت إمارته، فقبل السلطان "عبد الرحمن بن هشام" سلطان المغرب، وأرسل ابن عمه "علي بن سليمان" ليكون أميرًا على وهران، وقبل أن تستقر الأمور تدخلت فرنسا مهددة السلطان بالحرب، فانسحب السلطان واستدعى ابن عمه ليعود الوضع إلى نقطة الصفر من جديد، ولما كان محيي الدين قد رضي بمسئولية القيادة العسكرية، فقد التفت حوله الجموع من جديد، وخاصة أنه حقق عدة انتصارات على العدو، وقد كان عبد القادر على رأس الجيش في كثير من هذه الانتصارات، فاقترح الوالد أن يتقدم "عبد القادر" لهذا المنصب، فقبل الحاضرون، وقبل الشاب تحمل هذه المسئولية، وتمت البيعة، ولقبه والده بـ "ناصر الدين" واقترحوا عليه أن يكون "سلطان" ولكنه اختار لقب "الأمير"، وبذلك خرج إلى الوجود الأمير عبد القادر ناصر الدين بن محيي الدين الحسيني، وكان ذلك في 13 رجب 1248هـ/ نوفمبر 1832م.
وحتى تكتمل صورة الأمير عبد القادر، فقد تلقى الشاب مجموعة من العلوم فقد درس الفلسفة (رسائل إخوان الصفا - أرسطو طاليس - فيثاغورس) ودرس الفقه والحديث فدرس صحيح البخاري ومسلم، وقام بتدريسهما، كما تلقى الألفية في النحو، والسنوسية، والعقائد النسفية في التوحيد، وايساغوجي في المنطق، والإتقان في علوم القرآن، وبهذا اكتمل للأمير العلم الشرعي، والعلم العقلي، والرحلة والمشاهدة، والخبرة العسكرية في ميدان القتال، وعلى ذلك فإن الأمير الشاب تكاملت لديه مؤهلات تجعله كفؤًا لهذه المكانة، وقد وجه خطابه الأول إلى كافة العروش قائلاً: "… وقد قبلت بيعتهم (أي أهالي وهران وما حولها) وطاعتهم، كما أني قبلت هذا المنصب مع عدم ميلي إليه، مؤملاً أن يكون واسطة لجمع كلمة المسلمين، ورفع النزاع والخصام بينهم، وتأمين السبل، ومنع الأعمال المنافية للشريعة المطهرة، وحماية البلاد من العدو، وإجراء الحق والعدل نحو القوى والضعيف، واعلموا أن غايتي القصوى اتحاد الملة المحمدية، والقيام بالشعائر الأحمدية، وعلى الله الاتكال في ذلك كله".
دولة الأمير عبد القادر
وقد بادر الأمير عبد القادر بإعداد جيشه، ونزول الميدان ليحقق انتصارات متلاحقة على الفرنسيين، وسعى في ذات الوقت إلى التأليف بين القبائل وفض النزاعات بينها، وقد كانت بطولته في المعارك مثار الإعجاب من العدو والصديق فقد رآه الجميع في موقعة "خنق النطاح" التي أصيبت ملابسه كلها بالرصاص وقُتِل فرسه ومع ذلك استمر في القتال حتى حاز النصر على عدوه، وأمام هذه البطولة اضطرت فرنسا إلى عقد اتفاقية هدنة معه وهي اتفاقية "دي ميشيل" في عام 1834، وبهذه الاتفاقية اعترفت فرنسا بدولة الأمير عبد القادر، وبذلك بدأ الأمير يتجه إلى أحوال البلاد ينظم شؤونها ويعمرها ويطورها، وقد نجح الأمير في تأمين بلاده إلى الدرجة التي عبر عنها مؤرخ فرنسي بقوله: "يستطيع الطفل أن يطوف ملكه منفردًا، على رأسه تاج من ذهب، دون أن يصيبه أذى!!".
وقبل أن يمر عام على الاتفاقية نقض القائد الفرنسي الهدنة، وناصره في هذه المرة بعض القبائل في مواجهة الأمير عبد القادر، ونادى الأمير قي قومه بالجهاد ونظم الجميع صفوف القتال، وكانت المعارك الأولى رسالة قوية لفرنسا وخاصة موقعة "المقطع" حيث نزلت بالقوات الفرنسية هزائم قضت على قوتها الضاربة تحت قيادة "تريزيل" الحاكم الفرنسي.
ولكن فرنسا أرادت الانتقام فأرسلت قوات جديدة وقيادة جديدة، واستطاعت القوات الفرنسية دخول عاصمة الأمير وهي مدينة "المعسكر" وأحرقتها، ولولا مطر غزير أرسله الله في هذا اليوم ما بقى فيها حجر على حجر، ولكن الأمير استطاع تحقيق مجموعة من الانتصارات دفعت فرنسا لتغيير القيادة من جديد ليأتي القائد الفرنسي الماكر الجنرال "بيجو"؛ ولكن الأمير نجح في إحراز نصر على القائد الجديد في منطقة "وادي تفنة" أجبرت القائد الفرنسي على عقد معاهدة هدنة جديدة عُرفت باسم "معاهد تافنة" في عام 1837م.
وعاد الأمير لإصلاح حال بلاده وترميم ما أحدثته المعارك بالحصون والقلاع وتنظيم شؤون البلاد، وفي نفس الوقت كان القائد الفرنسي "بيجو" يستعد بجيوش جديدة، ويكرر الفرنسيون نقض المعاهدة في عام 1839م، وبدأ القائد الفرنسي يلجأ إلى الوحشية في هجومه على المدنيين العزل فقتل النساء والأطفال والشيوخ، وحرق القرى والمدن التي تساند الأمير، واستطاع القائد الفرنسي أن يحقق عدة انتصارات على الأمير عبد القادر، ويضطر الأمير إلى اللجوء إلى بلاد المغرب الأقصى، ويهدد الفرنسيون السلطان المغربي، ولم يستجب السلطان لتهديدهم في أول الأمر ، وساند الأمير في حركته من أجل استرداد وطنه، ولكن الفرنسيين يضربون طنجة وموغادور بالقنابل من البحر، وتحت وطأة الهجوم الفرنسي يضطر السلطان إلى طرد الأمير عبد القادر، بل ويتعهد للفرنسيين بالقبض عليه.
يبدأ الأمير سياسة جديد في حركته، إذ يسارع لتجميع مؤيديه من القبائل، ويصير ديدنه الحركة السريعة بين القبائل فإنه يصبح في مكان ويمسي في مكان آخر حتى لقب باسم "أبا ليلة وأبا نهار"، واستطاع أن يحقق بعض الانتصارات، ولكن فرنسا دعمت قواتها بسرعة، فلجأ مرة ثانية إلى بلاد المغرب، وكانت المفاجأة أن سلطان المغرب وجه قواته لمحاربة الأمير، والحق أن هذا الأمر لم يكن مفاجأة كاملة فقد تعهد السلطان لفرنسا بذلك، ومن ناحية أخرى ورد في بعض الكتابات أن بعض القبائل المغربية راودت الأمير عبد القادر أن تسانده لإزالة السلطان القائم ومبايعته سلطانًا بالمغرب، وعلى الرغم من انتصار الأمير عبد القادر على الجيش المغربي، إلا أن المشكلة الرئيسية أمام الأمير هي الحصول على سلاح لجيشه، ومن ثم أرسل لكل من بريطانيا وأمريكا يطلب المساندة والمدد بالسلاح في مقابل إعطائهم مساحة من سواحل الجزائر: كقواعد عسكرية أو لاستثمارها، وبمثل ذلك تقدم للعرش الإسباني ولكنه لم يتلقَ أي إجابة، وأمام هذا الوضع اضطر في النهاية إلى التفاوض مع القائد الفرنسي "الجنرال لامور يسيار" على الاستسلام على أن يسمح له بالهجرة إلى الإسكندرية أو عكا ومن أراد من اتباعه، وتلقى وعدًا زائفًا بذلك فاستسلم في 23 ديسمبر 1847م، ورحل على ظهر إحدى البوارج الفرنسية، وإذا بالأمير يجد نفسه بعد ثلاثة أيام في ميناء طولون ثم إلى إحدى السجون الحربية الفرنسية، وهكذا انتهت دولة الأمير عبد القادر، وقد خاض الأمير خلال هذه الفترة من حياته حوالي 40 معركة مع الفرنسيين والقبائل المتمردة والسلطان المغربي.
الأمير الأسير
ظل الأمير عبد القادر في سجون فرنسا يعاني من الإهانة والتضييق حتى عام 1852م ثم استدعاه نابليون الثالث بعد توليه الحكم، وأكرم نزله، وأقام له المآدب الفاخرة ليقابل وزراء ووجهاء فرنسا، ويتناول الأمير كافة الشئون السياسية والعسكرية والعلمية، مما أثار إعجاب الجميع بذكائه وخبرته، ودُعي الأمير لكي يتخذ من فرنسا وطنًا ثانيًا له، ولكنه رفض، ورحل إلى الشرق، حيث استنانبول والسلطان عبد المجيد، والتقى فيها بسفراء الدول الأجنبية، ثم استقر به المقام في دمشق منذ عام 1856م وفيها أخذ مكانة بين الوجهاء والعلماء، وقام بالتدريس في المسجد الأموي كما قام بالتدريس قبل ذلك في المدرسة الأشرفية، وفي المدرسة الحقيقية.
وفي عام 1276/1860 تتحرك شرارة الفتنة بين المسلمين والنصارى في منطقة الشام، ويكون للأمير دور فعال في حماية أكثر من 15 ألف من النصارى، إذ استضافهم في منازله.
وفاته
وافاه الأجل بدمشق في منتصف ليلة 19 رجب 1300هـ/ 24 من مايو 1883 عن عمر يناهز 76 عامًا، وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي بالصالحية.
من مؤلفات الأمير عبد القادر
1 - "المقراض الحاد لقطع لسان الطاعن في دين الإسلام من أهل الباطل والإلحاد" وهي رسالة كتبها في سجنه بفرنسا.
2 - "ذكرى العاقل وتنبيه الغافل" وهي رسالة للأكاديمية الفرنسية عندما انتخبته عضوًا فيها.
3 - "المواقف" وهو في التصوف.
4 - تعليقات على حاشية جده "عبد القادر بن خدة" في علم الكلام.!
5 - رسائل وإجابات على أسئلة في العديد من الموضوعات والفنون

وعلى هذا الرابط صور الأمير الصوفى المجاهد عبد القادر محيي الدين الحسيني

http://www.cuniv-mascara.edu.dz/Emir.htm


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 17, 2004 1:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد فبراير 22, 2004 2:50 am
مشاركات: 4527
الأخ راجى عفو ربه

أشكرك على هذه المشاركة طيبة ومتميزة
فهي أبلغ رد على من يتهمون المتصوفة بالسلبية

ليت الإخوة الليبيين فى منتدانا يكتبوا لنا سيرة المجاهد عمر المختار ، ومواقفه ، وأن يرسلوا لنا بصوره أيضا


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: السلطان عبد الحميد
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يونيو 17, 2004 1:20 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:33 am
مشاركات: 10723
أخي الحبيب /الراجي عفو ربه

جميل أن تحي لنا ذكرى رجال من أمتنا المحمدية

لذلك أنقل للأحباب شخصية لها ثقلها في تاريخ أمتنا ألا وهي :


السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد الأول
هو السلطان الرابع والثلاثون من السلاطين العثمانيي

[size=18]ولد في16 شعبان 1258هـ/21 أيلول (سبتمبر) 1842م، تعلّم اللغتين العربية والفارسية، ودرس كثيرًا من الكتب الأدبية على أيدي أساتذة متخصصين، قدَّم خدمات جليلة للدولة العثمانية في مختلف المجالات، ويعتبر أعظم سلطان في عصر انحطاط الدولة.
تُوفي في 27 ربيع الثاني 1336هـ/10 شباط (فبراير) 1918م، إثر نزيف داخلي، عن عمر يناهز الثامنة والسبعين.
تولى السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة ، في 11 شعبان 1293هـ/31 آب (أغسطس) 1876م، وتبوَّأ عرش السلطنة يومئذٍ على أسوأ حال، حيث كانت في منتهى السوء والاضطراب، سواء في ذلك الأوضاع الداخلية والخارجية.
سوء الأوضاع الخارجية
أما الأوضاع الخارجية فقد اتفقت الدول الغربية على الإجهاز على الدولة التي أسموها "تركة الرجل المريض"، ومن ثم تقاسم أجزائها، هذا بالإضافة إلى تمرد البوسنة والهرسك، الذين هزموا الجيش العثماني وحاصروه في الجبل الأسود، وإعلان الصرب الحرب على الدولة بقوات منظمة وخطرة، وانفجار الحرب الروسية الفظيعة التي قامت سنة 1294هـ/1877م، وضغط دول الغرب المسيحية على الدولة لإعلان الدستور وتحقيق الإصلاحات في البلاد، بالإضافة إلى قيام الثورات في بلغاريا بتحريض ومساعدة من روسيا والنمسا.

سوء الأوضاع الداخلية

وأما الأوضاع الداخلية: فقد أفلست خزينة الدولة وتراكمت الديون عليها، حيث بلغت الديون ما يقرب من ثلاثمائة مليون ليرة، كما ظهر التعصب القومي والدعوات القومية والجمعيات ذات الأهداف السياسية، بإيحاء من الدول الغربية المعادية، ولا سيما إنجلترا، وكانت أهم مراكز هذه الجمعيات في بيروت واستانبول، وقد كان للنصرانية دورها الكبير في إذكاء تلك الجمعيات التي أنشئت في بيروت والتي كان من مؤسسيها بطرس البستاني (1819م-1883م) وناصيف اليازجي (1800-1817م).
وأما الجمعيات التي أنشئت في استانبول فقد ضمت مختلف العناصر والفئات، وكان لليهود فيها دور كبير، خاصة يهود الدَوْنَمة، ومن أشهر هذه الجمعيات "جمعية تركيا الفتاة" التي أُسست في باريس، وكان لها فروع في برلين وسلانيك واستانبول، وكانت برئاسة أحمد رضا بك، الذي فتن بأوروبا وبأفكار الثورة الفرنسية. وقد كانت هذه الجمعيات تُدار بأيدي الماسونية العالمية.
ومن الأمور السيئة في الأوضاع الداخلية أيضًا، وجود رجال كان لهم دور خطير في الدولة قد فُتنوا بأوروبا وبأفكارها، وكانوا بعيدين عن معرفة الإسلام، ويتهمون الخلفاء بالحكم المطلق، ويطالبون بوضع دستور للدولة على نمط الدول الأوروبية النصرانية، ويرفضون العمل بالشريعة الإسلامية.
أعمال السلطان عبد الحميد
وفي وسط هذه التيارات والأمواج المتلاطمة تقلد السلطان عبد الحميد الحكم، وكان عليه أن يسير بالدولة إلى شاطئ النجاة والأمان دون أن يعرضها للخطر. وقد أدرك - رحمه الله - بما أنعم الله عليه من ذكاء وفطرة أهداف الأعداء وأطماعهم، فتحمل المسؤولية بكل قوة وحكمة وبدأ في العمل بكل أناة وروية وفق السياسة الآتية:
أولاً: حاول كسب بعض المناوئين له واستمالتهم إلى صفه بكل ما يستطيع.
ثانيًا: دعا جميع مسلمي العالم في آسيا الوسطى وفي الهند والصين وأواسط أفريقيا وغيرها إلى الوحدة الإسلامية والانضواء تحت لواء الجامعة الإسلامية، ونشر شعاره المعروف "يا مسلمي العالم اتحدوا"، وأنشأ مدرسة للدعاة سرعان ما انبث خريجوها في كل أطراف العالم الإسلامي الذي لقي منه السلطان كل القبول والتعاطف والتأييد لتلك الدعوة، لكن قوى الغرب قامت لمناهضة تلك الدعوة ومهاجمتها.
ثالثًا: قرَّب إليه الكثير من رجال العلم والسياسة المسلمين واستمع إلى نصائحهم وتوجيهاتهم.
رابعًا: عمل على تنظيم المحاكم والعمل في "مجلة الأحكام العدلية" وفق الشريعة الإسلامية.
خامسًا: قام ببعض الإصلاحات العظيمة مثل القضاء على معظم الإقطاعات الكبيرة المنتشرة في كثير من أجزاء الدولة، والعمل على القضاء على الرشوة وفساد الإدارة.
سادسًا: عامل الأقليات والأجناس غير التركية معاملة خاصة، كي تضعف فكرة العصبية، وغض طرفه عن بعض إساءاتهم، مثل الرعب الذي نشرته عصابات الأرمن، ومثل محاولة الأرمن مع اليهود اغتياله أثناء خروجه لصلاة الجمعة، وذلك لكي لا يترك أي ثغرة تنفذ منها الدول النصرانية للتدخل في شؤون الدولة.
سابعًا: عمل على سياسة الإيقاع بين القوى العالمية آنذاك لكي تشتبك فيما بينها، وتسلم الدولة من شرورها، ولهذا حبس الأسطول العثماني في الخليج ولم يخرجه حتى للتدريب.
ثامنًا: اهتم بتدريب الجيش وتقوية مركز الخلافة.[
تاسعًا: حرص على إتمام مشروع خط السكة الحديدية التي تربط بين دمشق والمدينة المنورة لِمَا كان يراه من أن هذا المشروع فيه تقوية للرابطة بين المسلمين، تلك الرابطة التي تمثل صخرة صلبة تتحطم عليها كل الخيانات والخدع الإنجليزية، على حد تعبير السلطان نفسه

السلطان عبد الحميد واليهود:

لما عقد اليهود مؤتمرهم الصهيوني الأول في (بال) بسويسرا عام 1315هـ/1897م، برئاسة هرتزل (1860م-1904م) رئيس الجمعية الصهيونية، اتفقوا على تأسيس وطن قومي لهم يكون مقرًا لأبناء عقيدتهم، وأصر هرتزل على أن تكون فلسطين هي الوطن القومي لهم، فنشأت فكرة الصهيونية، وقد اتصل هرتزل بالسلطان عبد الحميد مرارًا ليسمح لليهود بالانتقال إلى فلسطين، ولكن السلطان كان يرفض،ثم قام هرتزل بتوسيط كثير من أصدقائه الأجانب الذين كانت لهم صلة بالسلطان أو ببعض أصحاب النفوذ في الدولة، كما قام بتوسيط بعض الزعماء العثمانيين، لكنه لم يفلح، وأخيرًا زار السلطان عبد الحميد بصحبة الحاخام (موسى ليفي)و(عمانيول قره صو)، رئيس الجالية اليهودية في سلانيك، وبعد مقدمات مفعمة بالرياء والخداع، أفصحوا عن مطالبهم، وقدَّموا له الإغراءات المتمثلة في إقراض الخزينة العثمانية أموالاً طائلة مع تقديم هدية خاصة للسلطان مقدارها خمسة ملايين ليرة ذهبية، وتحالف سياسي يُوقفون بموجبه حملات الدعاية السيئة التي ذاعت ضده في صحف أوروبا وأمريكا. لكن السلطان رفض بشدة وطردهم من مجلسه وقال " إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبا فلن أقبل ، إن أرض فلسطين ليست ملكى إنما هى ملك الأمة الاسلامية و ما حصل عليه المسلمون بدمائهم لا يمكن أن يباع و ربما إذا تفتت إمبراطوريتى يوما ، يمكنكم أن تحصلوا على فلسطين دون مقابل ) ، ثم أصدر أمرًا بمنع هجرة اليهود إلى فلسطين.
عندئذ أدركت القوى المعادية ولا سيما الصهيونية العالمية أنهم أمام خصم قوي وعنيد، وأنه ليس من السهولة بمكان استمالته إلى صفها، ولا إغراؤه بالمال، وأنه مادام على عرش الخلافة فإنه لا يمكن للصهيونية العالمية أن تحقق أطماعها في فلسطين، ولن يمكن للدولة الأوروبية أن تحقق أطماعها أيضًا في تقسيم الدولة العثمانية والسيطرة على أملاكها، وإقامة دويلات لليهود والأرمن واليونان.
لذا قرروا الإطاحة به وإبعاده عن الحكم، فاستعانوا بالقوى الشريرة التي نذرت نفسها لتمزيق ديار الإسلام، أهمها الماسونية، والدونمة، والجمعيات السرية (الاتحاد والترقي)، وحركة القومية العربية، والدعوة للقومية التركية (الطورانية)، ولعب يهود الدونمة دورًا رئيسًا في إشعال نار الفتن ضد السلطان.
وكان من وراء الجميع وكالة المخابرات المركزية البريطانية التي كانت تمسك الخيوط جميعها ، حتى تم عزله وخلعه من منصبه عام 1909 م .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلا من هذا الموقع (http://www.islamweb[/size].net)


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: السبت يونيو 19, 2004 6:34 am 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 02, 2004 5:42 am
مشاركات: 1411

الله الله
احييتم بهذه المآثر فالقلوب ملت حكايات خايبه ونايبه .!!
ارجوا المزيد .. ويا حبذا لو تكون بعنوان شخصيه اليوم
ياريت .. .
ومزيد من الشكر .. ونرجوا مشاركات باقي المنتدي


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الاثنين يونيو 21, 2004 11:28 am 
غير متصل

اشترك في: الأحد فبراير 22, 2004 1:22 pm
مشاركات: 371
( 2 ) الأمير محمد الفاتح

( إقتباس )

التعريف به :

هو السلطان محمد خان الثاني بن مراد الثاني العثماني فهو السلطان السابع في سلسلة آل عثمان الملقب بالفاتح وأبي الخيرات ولد سنة 833هـ وكان ترتيبه الثاني في أخوته حيث كان يسبقه أخ له اسمه علاء الدين استشهد في ميادين الجهاد .

نشأته :

تربى محمد الثاني منذ نعومة أظافره على معاني البطولة والجهاد والقيادة والصلاح فقد كان أبو السلطان مراد الثاني يربي أبنائه ليكونوا قادة عظام يحملون الراية من بعده , لذلك فإن أباه عهد به لعدد من المربين والعلماء الأفاضل لتربيته على القيم الإسلامية والمعاني الجهادية ولقد لاحظ أبوه أن محمداً به ميل للترف واللهو وأنه لا يستجيب لمعلميه فسأل مراد الثاني عن معلم ومربي يستطيع أن يسيطر على الفتي محمد فقيل له العالم الرباني المولى 'أحمد بن إسماعيل الكوراني' فأحضره مراد الثاني وأعطاه قضيباً ليضرب به محمداً إذا لم يتعلم منه فذهب الكوراني لمحمد ودخل عليه والقضيب بيده فقال الله 'أرسلني والدك للتعليم والضرب إذا خالفت أمري , فضحك محمد من ذلك الكلام فضربه الكوراني في ذلك المجلس ضرباً شديداً حتى خاف منه وختم القرآن في مدة يسيرة ثم علمه العلوم الإسلامية وقرأ عليه كتب التاريخ وظهر نبوغ محمد على سائر الأمراء واستطاع أن يتقن ثلاث لغات هي التركية والفارسية والعربية .

تربية القادة :

حرص السلطان مراد الثاني على الدفع بولده الصغير منذ أن كان في الثانية عشر من عمره للمراكز القيادية ليتربى على هذه المكانة السامية فجعله أميراً على مقاطعة 'مغنيسيا' ولما رأى مراد من ولده كفاءة وحسن قيادة رقاه إلى مكانة سامية فتنازل عن السلطنة بأسرها ومحمد في الرابعة عشر ودخل مراد في خلوة للتعبد والتأمل ولكن لم يترك مشروعه لإعداد قائد عظيم يتعرض لتيارات الأعداء والمعارضين داخلياً وخارجياً بل ظل يراقب مشروعه عن كثب ليتدخل في الوقت المناسب وبالفعل تدخل مرتين مرة عندما أعلنت أوروبا الصليبية الحرب على العثمانيين لصغر سن سلطانهم فخرج مراد من عزلته وقاد المسلمين لانتصار ساحق على الصليبيين في موقعة فارنا في 28 رجب 852 هـ ثم عاد مرة أخرى لخلوته وترك ولده محمداً سلطانًا على البلاد ثم خرج مرة أخرى عندما حدثت اضطرابات داخلية على يد الجنود الانكشارية الذين استضعفوا سلطانهم وخرج لهم مراد وأدبهم .

ومما سبق عرضه في فترة ما قبله ولاية محمد الفاتح يتضح لنا عدة أمور :-

- إن أعداد القائد الرباني ليست مسألة عفوية تترك لأقدار الله دونما تخطيط وأخذ بالأسباب أو أنها مسألة نبوغ فري شخصي لفرد يقتحم الصفوف وحده حتى يصل لسدة الحكم والقيادة بل هي عملية شاقة وطويلة تبدأ منذ نعومة الأظافر لتنمية الملكات واكتشاف المهارات وصقل القدرات في عملية متتابعة لتنشئة القائد المرجو .

- إن هذا الإعداد لا يقتصر على الجانب الديني والوازع الإيماني فقط بل هي عملية بناء متكامل لقائد سوف يسوس أمة تعيش حياتها وتحتاج من يصلح لها حياتها كما يحفظ لها الدنيا المليئة بالكثير من المتغيرات والمستجدات التي تحتاج للجمع بين الأصالة والحداثة .

- إن التدريب العملي لوظيفة القائد هي التي سوف تظهر مدى سلامة وجدية المشروع القيادي ومدى صحة النموذج المطروح لذلك فإن البعض إذا كان خارج الولاية لم يبد منه أي شائبة أو ناقصة ولكنه إذا دفع به الأرض الواقع وميادان التجربة تظهر عيوبه وخروقه لذلك فلقد حرص الوالد مراد على اختبار الابن محمد فدفع به أولاً لمنصب الولاية على مقاطعة صغيرة ثم دفع به بعد ذلك لأعلى درجة 'السلطنة' ثم لم يتركه وحده يعاني مرارة التجربة وقسوة الاختبار بل ظل يسانده حتى اشتد عوده .

- إن إعداد قائد رباني يحتاج حتماً ولابد إلى معلمين وعلماء ربانيين يتولون تربية وإعداد هذا القائد على معانية الربانية ولقد تولى تربية محمد الفاتح اثنان من العلماء الربانيين الذين كان لهما أعظم الأثر في تكوين شخصية القائد هما :-

العالم أحمد بن اسماعيل الكوراني :

الذي تولى تحفيظ محمد القرآن وقراءة الكتب الشرعية وربى محمداً على تعظيم أوامر الله والتزام حدود الشريعة والتقوى والصلاح وكان هذا المربي الفاضل يمزق الأمر السلطاني إذا وجد به مخالفة للشرع ولا ينحنى للسلطان ويخاطبه باسمه مباشرة ويصافحه ولا يقبل يده لذلك فإنا نجد أثر هذه التربية الصحيحة على محمد فنجده عند ولايته يعظم الشرع وعلماء الدين وأهل الورع والتقى حتى كان أن يقتل أحد أتباعه لأنه قد قام بضرب أحد القضاة ورفض تنفيذ حكم الشرع الذي قضى به هذا القاضي , ونجد أن محمد الفاتح يجعل حاشيته وبطانته وخواصه من العلماء والصالحين وكان لا يسمع عن عالم في مكان أصابه عوز أو إملاق إلا بادر بمساعدته وكان من عادته في شهر رمضان أن يعقد مجلساً بعد صلاة الظهر يحضره العلماء المتبحرين في التفسير فيقوم كل مرة واحد منهم بتفسير آيات من القرآن الكريم ويناقشه باقي العلماء وكان الفاتح يشاركهم في ذلك , ويذكر عنه أنه لما انتصر على زعيم التركمان حسن الطويل وكان هذا الرجل دائم العدوان والغدر والتحالف مع أي ملة ضد العثمانيين أمر الفاتح بقتل الأسرى إلا من كان من أهل العلم والمعرفة مثل القاضي محمد الشريحي الذي خرج مكرها مع الطويل وكان هذا العالم من فضلاء زمانه فأكرمه الفاتح لعلمه رغم عدوانه .

أما المعلم الثاني هو الشيخ محمد بن حمزة الروحي الملقب بأق شمس الدين :

وكان لهذا الشيخ أعظم الأثر في حياة القائد محمد الفاتح حيث رباه على أمرين عظيمين :

1- مضاعفة حركة الجهاد العثمانية .

2- الإيحاء دوماً لمحمد منذ صغره بأنه الأمير المقصود بالحديث النبوي لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش' حتى تشبع فكر محمد على أنه المعني بهذا الحديث وكان أول ما فعله بعد ولايته الإعداد لفتح القسطنطينية وقد كان .

حتى أن أهل التاريخ يقولون أن الشيخ أق شمس الدين هو الفاتح المعنوي للقسطنطينية وهذا الشيخ هو الذي علم الفاتح العلوم العلمية من الرياضيات والفلك والتاريخ وأساليب الحرب وأعطى للفاتح درساً في صغره لم ينساه أبداً يدل على مدى فهم هذا الشيخ لمعنى تخريج وتربية قائد رباني فلقد استدعى الفاتح يوماً ثم قام بضربه ضرباً شديداً بلا سبب وبكى الفاتح بشدة وظل يتذكر تلك الواقعة حتى لما تولى السلطنة أيام أبيه مراد استدعى شيخه أق شمس الدين وسأله بغضب شديد 'لما ضربتني يوم كذا ولم أكن قد فعلت ما استحق عليه الضرب؟' فقال له شيخه : 'أردت أن أعلمك كيف يكون طعم الظلم وكيف ينام المظلوم حتى إذا وليت الأمر لا تظلم أحداً' فما كان من الفاتح إلا أن اعتذر لشيخه وقبل رأسه ويده .

وعندما أراد الفاتح بعد فتح القسطنطينية أن يعتزل ويتفرغ للعبادة سأل الشيخ أق فقال له الشيخ 'إنك إذا دخلت الخلوة تجد لذة تسقط عندها السلطنة من عينيك فتختل أمورها وما أنت فيه أفضل من دخولك للخلوة والتعبد' وهذا فهم عظيم من هذا المربي الصالح .

وهكذا ربى هذا العالم الرباني تلميذه النجيب ليتولى القيادة على معاني عظيمة وربطه بهدف أسمى يسعى إليه ويوجه إليه كل طاقاته وذلك بالقطع في صالح الأمة بأسرها .

المرحلة الثانية : محمد الثاني سلطاناً على البلاد :

بعد أن اتضح لنا في المرحلة الأولى كيف تربى محمد ليكون قائداً ربانياً يجب أن تنتقل لمرحلة ما بعد الولاية والحكم وهي منقسمة لعدة مراحل .

1- مرحلة التجديد الجهادي : وهي المرحلة التي استمرت طيلة حياة الفاتح بدءاً من فتح القسطنطينية مروراً بفتح جنوب اليونان وشمال رومانيا وبلاد البوسنة حتى محاولة فتح إيطاليا حتى مات رحمه الله أثناء خروجه للجهاد في سبيل الله لفتح إيطاليا , وتلك المرحلة استولت على معظم حياة الفاتح المليئة بالفتوحات والغزوات ولعل الطريقة والإعداد لفتح القسطنطينية تحتاج إلى حلقة خاصة للتكلم عنها وأسباب الانتصار والفتح .



2- مرحلة البناء الحضاري : يخطئ البعض عندما يظن أن الكلام عن البناء الحضاري والتوسع العمراني نوع من الركون إلى الدنيا والخلود إلى الأرض وأنه مذموم بالكتاب والسنة وهذا الأمر وهذا التصور الخاطيء بالغ الخطورة ذلك لأن البناء الحضاري هو القاعدة الضرورية الصلبة للتحقق من أي انتصار في ميادين الجهاد فما معنى الانتصار والغزو والفتح إذا لم تتحول تلك الانتصارات لإنجاز حضاري يستوعب شعوب البلاد المفتوحة فلا قيمة لهذه الفتوحات وهذا الفهم أدركه تماماً السلطان محمد الفاتح فكان مشروعه الحضاري متكاملاً كما يلي :

- اهتم بالناحية العلمية اهتماماً بالغاً تبعاً لتربيته العلمية والإيمانية فأنشأ الكثير من المدارس والمعاهد وعمل على جلب العلماء والأدباء من شتى أنحاء الدنيا وعمل على تطوير مناهج التعليم وكان من أوائل الناس الذين وضعوا فكرة الامتحان الذي لابد من النجاح فيه للجواز للمرحلة التالية وأنشأ مكتبة ضخمة بمسجده الذي بناه بالقسطنطينية وعمل على ترجمة أمهات الكتب الأجنبية في شتى فروع المعرفة خاصة الطب والصيدلة والفلك .

- اهتم الفاتح ببناء المساجد والمستشفيات والحمامات والأسواق الكبيرة والحدائق العامة وأنشأ مستشفاً عاماً بالمعنى المعروف وعلى النظم المعمول بها الآن وكان العلاج فيها مجانياً بدون تمييز بين الرعية .

- توسع الفاتح في الاهتمام بالتجارة والصناعة والتنظيمات الإدارية وشكل لجنة من خيار العلماء لتشرف على وضع 'قانون نامة' المستمد من الشريعة وجعله أساساً لحكم دولته واهتم بتنظيم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين ووضع نظامًا لحكام الأقاليم ونواب الولايات بصورة تشبه لحد بعيد التقسيم السائد الآن .

كل ذلك وكان محمد الفاتح على دراية تامة بما يجري على أرض دولته وكان كثيراً ما ينزل ليلاً يستمع لكلام الناس وشكواهم بنفسه بيقظة واهتمام وأعانه على ذلك رجال دولته الأكفاء .

ومما سبق عرضه من حياة السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح أثناء ولايته على المسلمين بقى أن نقول أن هذا القائد الرباني كان عنده بعض الصفات القيادية التي يجد أن تتوافر في القادة الربانيين منها :

الإخلاص : فإن كثيراً من المواقف التي سجلت في تاريخ الفاتح تدلنا على عمق إخلاصه لدينه وعقيدته ومما يؤثر عنه في مناجاته لربه عز وجل أنه قال :

- نيتي : امتثالي لأمر الله 'وجاهدوا في سبيل الله ' .

- وحماسي : بذل الجهد لخدمة ديني دين الله .

- عزمي : أن أقهر أهل الكفر جميعاً بجنودي جند الله .

- وتفكيري : منصب على الفتح على النصر على الفوز بلطف الله .

- جهادي : بالنفس وبالمال فماذا في الدنيا بعد الامتثال لأمر الله .

- وأشواقي : الغزو مئات الآلاف من الموات لوجه الله .

- رجائي : في نصر الله وسمو الدولة على أعداء الله .

العلم : فلقد نشأ الفاتح على حب العلم والعلماء وخضع منذ صغره لنظام تربوي علمي متكامل فتعلم القرآن والحديث والفقه والعلوم العصرية وكانت يكتب الشعر بالتركية , وبرع في علم الفلك وكان يشرف بنفسه على صناعة المدافع ويجربها بنفسه وهذه الصفة جعلته يجل ويحترم العلماء ويجعلهم خاصته ومستشاريه , وأكبر دليل على علمه وذكائه الوقاد ما فعله أثناء حصار القسطنطينية عندما نقل سفن الأسطول العثماني على ألواح خشب ضخمة مدهونة بالزيت والشحم وذلك لمسافة ثلاثة كيلو مترات على أرض اليابسة في فكرة عبقرية تدل على سعة علمه وذكاهء الفذ .

العزيمة والإصرار : وهذا يتضح جلياً من إصراره لفتح القسطنطينية رغم المتاعب الجمة التي لاقها أثناء ذلك ومما يؤثر عنه أنه لما جاءه رفض قسطنطين بتسليم المدينة قال كلمته الشهيرة 'حسناً عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر' وعندما استطاع البيزنطيون أن يحرقوا القلعة الخشبية الضخمة المتحركة كان رده 'غداً نصنع أربعاً أخرى' وكان من شدة حزمه أنه كلما ظهر تقصيراً أو تكاسل من قواده فأنه كان يعزله فوراً كما فعل مع قائد أسطوله بالطه أوغلي عند حصاره للقسطنطينية وقال له 'إما أن تستولي على هذه السفن وإمام أن تغرقها وإذا لم توفق في ذلك فلا ترجع إلينا' .

وكان من عزمه أن يواصل الغزو والفتح حتى يفتح إيطاليا ويربط حصانه بكنيسة القديس بولس 'الفاتيكان' ويعلف الشعير في مذبح الكنيسة لحصانه ومات وهو خارج للجهاد لفتح إيطاليا .

الشجاعة : كان رحمة الله يخوض المعارك بنفسه ويقاتل الأعداء بسيفه وفي إحدى المعارك في بلاد البلقان تعرض الجيش العثماني لكمية من قبل زعيم البوغدان 'جنوب رومانيا' استفان حيث تخفى مع جيشه خلف الأشجار الكثيفة المتلاصقة وبينما المسلمون بجانب تلك الأشجار انهمرت عليهم نيران المدافع الشديدة من بين الأشجار وانبطح الجنود على وجوههم وكاد الاضطراب يسود صفوف الجيش لولا أن سارع محمد الفاتح وتباعد عن مرمى المدافع وعنف رئيس الإنكشارية محمد الطرابزوني على تخاذل جنده ثم صاح فيه 'أيها الغزاة المجاهدون كونوا جند الله ولتكن فيكم الحمية الإسلامية ' وأمسك بالترس واستل سيفه وركض بحصانه واندفع به إلى الأمام لا يلوي على شئ وألهب بذلك نار الحماس في جنده فانطلقوا وراءه واقتحموا الغابة على من فيها ونشب بين الأشجار قتال عنيف بالسيوف استمر من الضحى إلى الأصيل .

وصية القائد الرباني محمد الفاتح لابنه :

هذه الوصية قالها الفاتح لابنه وهو على فراش الموت والتي تعبر أصدق التعبير عن منهجه في القيادة والحكم بعد حياة حافلة في سدة الحكم لأكثر من ثلاثين سنة وتعبر عن قيمه ومبادئه التي آمن بها والتي يتمنى من خلفائه من بعده أن يسروا عليها والتي تحتوي على صيانة الدين وحراسة الأمة وصناعة الحياة في توازن فريد لا يكون إلا في دين الإسلام وقادته الربانيين 'كن عادلاً صالحاً رحيماً وابسط على الرعية حمايتك بدون تمييز واعمل على نشر الدين الإسلامي فإن هذا هو واجب الملوك على الأرض , قدم الاهتمام بأمر الدين على كل شئ ولا تفتر في المواظبة عليه ولا تستخدم الأشخاص الذين لا يهتمون بأمر الدين ولا يجتنبون الكبائر وينغمسون في الفحش وجانب البدع المفسدة وباعد الذين يحرضونك عليها , وسع رقعة البلاد بالجهاد , احرس أموال بيت المال من أن تتبدد وإياك أن تمد يدك إلى مال أحد من رعيتك إلا بحق الإسلام واضمن للمعوزين قوتهم وإندل إكرامك للمستحقين , وبما أن العلماء هم بمثابة القوة المثبوتة في جسم الدولة فعظم جانبهم وشجعهم وإذا سمعت بأحد منهم في بلد آخر فاستقدمه إليك وأكرمه بالمال حذار حذار لا يغرنك المال ولا الجند وإياك أن تبعد أهل الشريعة عن بابك وإياك أن تميل إلى أي عمل يخالف أحكام الشريعة فإن الدين غايتنا والهداية منهجنا وبذلك انتصرنا ' .

وهكذا تكون حياة القادة الربانيين وهكذا تكون وصاياهم وحرصهم على دين الله عز وجل حتى بعد مماتهم , ولقد توفى رحمه الله في 4 ربيع أول سنة 886هـ وهو خارج للجهاد في سبيل الله واسمع شهادة كبير مؤرخي زمانه عبد الحي بن العماد الحنبلي في كتابه شذرات الذهب 'كان من أعظم سلاطين بني عثمان وهو الملك الضليل الفاضل النبيل العظيم الجليل أعظم الملوك جهاداً وأقواهم إقداماً واجتهاداً وأثبتهم جأشاً وقواداً وأكثره توكلاً على الله واعتماداً , وله مناقب جميلة ومزايا فاضلة جليلة وآثار باقية ومآثر لا يمحوها تعاقب السنين وغزوات كسر بها أصلاب الصلبان والأصنام من أعظمها فتح القسطنطينية الكبرى '

و من الأحاديث الواردة فى فتح القسطنطينية :
المستدرك على الصحيحين ج4/ص468
8300 أخبرني عبد الله بن محمد الدورقي ثنا محمد بن إسحاق الإمام ثنا عبدة بن عبد الله الخزاعي حدثني الوليد بن المغيرة حدثني عبد الله بن بشر الغنوي حدثني أبي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش قال عبيد الله فدعاني مسلمة بن عبد الملك فسألني عن هذا الحديث فحدثته فغزا القسطنطينية هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

الدر المنثور ج7/ص489
وأخرج أحمد والبخاري والبزار وابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن بشر الغنوي حدثني أبي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش

المعجم الكبير ج2/ص38
1216 حدثنا معاذ بن المثنى ثنا علي بن المديني ح وحدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا عثمان بن أبي شيبة قالا ثنا زيد بن الحباب عن الوليد بن المغيرة المعافري حدثني عبد الله بن بشر الغنوي حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش فدعاني مسلمة بن عبد الملك فسألني عن هذا الحديث فحدثته به فغزا تلك السنة

مسند الإمام أحمد بن حنبل ج4/ص335
18977 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وسمعته انا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال ثنا زيد بن الحباب قال حدثني الوليد بن المغيرة المعافري قال حدثني عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش قال فدعاني مسلمة بن عبد الملك فسألني فحدثته فغزا القسطنطينية

الإصابة في تمييز الصحابة ج1/ص308
685 بشر الغنوي ويقال الخثعمي قال أبو حاتم مصري له صحبة وقال بن السكن عداده في أهل الشام روى حديثه أحمد والبخاري في التاريخ والطبراني وغيرهم من طريق الوليد بن المغيرة المعافري عن عبد الله بن بشر الغنوي ومنهم من قال الخثعمي عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لتمنحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذاك الجيش قال فدعاني مسلمة بن عبد الملك فسألني فحدثته بهذا الحديث فغزا القسطنطينية قلت القائل ذلك هو عبد الله بن بشر ورواه بن السكن من هذا الوجه فقال بشر بن ربيعة الخثعمي

وصلى الله على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين










[


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يونيو 27, 2004 2:36 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 4:44 am
مشاركات: 17
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

هذه نبذة عن المجاهد الصوفى عمر المختار


هو عمر بن المختار بن فرحات من عائلة غيث، وفرحات قبيلة من بريدان أحد بطون قبيلة المنفة إحدى كبريات قبائل المرابطين ، الذين عرفوا تاريخياً برباطهم على ثغور دار الإسلام وحمايته.

ولد عام 1862م في قرية جنزور بمنطقة دفنة في هضبة المرماريكا في الجهات الشرقية من برقة.

عهد به والده إلى السيد حسن الغرياني شيخ زاوية جنزور (التابعة للطريقة السنوسية) لتربيته وتحفيظه القرآن.

ثم التحق وهو ابن 16 عاما بمعهد زاوية جغبوب؛ وتعلم في هذا المعهد السنوسي كافة العلوم الشرعية، فتلقى القرآن وعلومه على يد الشيخ الزروالي المغربي، ودرس على سائر مشايخ المعهد مجموعة من العلوم الشرعية وغيرها.

تميز عمر المختار فى ركوب الخيل على سائر إخوانه بالمعهد، كما تميز بشخصيته القيادية واتزان كلامه وجاذبيته، مع تواضعه وبساطته، وقد ساعدت صفاته هذه على اكتساب حب وتقدير كل من تعامل معه .

كان ينام ساعتين أو ثلاثا ثم يقوم فيتوضأ ويبدأ في تلاوة القرآن حتى الصباح ، وكان لا يزيد عن سبع يختم فيهم القرآن.

انقطع عمر المختار عن مواصلة تعليمه حوالي سنة 1886.. إذ إن البلاد المجاورة كلها قد وقعت تحت الاحتلال الأجنبي، وقد اشترك عمر المختار مع قوة مكلفة من شيخ السنوسية في مقاومة الاستعمار الفرنسي في وسط إفريقيا.

أناطه السيد المهدي ( شيخ الطريقة السنوسية وقتها ) بكثير من المهام، أبرزها مشيخة زاوية القصور في عام 1895 .

فى أثناء الزحف الاستعماري تعرض أتباع السنوسية ومراكزهم (الزوايا البيضاء) لهجوم القوات الغازية، وذلك لحملهم لواء الجهاد ونشر الإسلام في آن واحد في مواجهة الغزو التنصيري الاستعماري على إفريقيا، وقد تولى مشيخة الطريقة عام 1902 الشيخ أحمد الشريف السنوسي بعد وفاة محمد المهدي، وقد قام الشيخ الجديد باستدعاء السيد عمر المختار لتولي زاوية القصور مرة ثانية عام 1906م بعد تفاقم النزاعات بمنطقة الجبل الأخضر.

وفي 19 من أكتوبر 1911م وصل خبر بدأ الغزو الإيطالي لليبيا إلى مشايخ السنوسية، وقد كان عمر المختار في جالو بطريق عودته من الكفرة (بعد اجتماع مع شيخه السيد أحمد الشريف الذي استقر ثانية بالكفرة)، وأعلن شيخ الطريقة في نداء عام الجهاد وانطلق عمر المختار في استنفار القبائل وسارع إلى مراكز تجمّع المجاهدين حيث ساهم في تنظيم حركة المقاومة وحقق المجاهدين انتصارات كبيرة.

إلا أنه بحلول عام 1923م سقطت الجبهة الغربية أمام المد الإيطالي، ولكن استمرت فزان وبرقة في الصمود، واتجه الشيخ عمر المختار ورفاقه إلي الجبل الأخضر، وشكلوا هيئة قيادية جديدة سميت بـ"هيئة الجبل" ترأسها الشيخ عمر المختار.

في يناير 1929م عين بادوليو حاكماً على ليبيا .. وتظاهر برغبته فى السلام لإيجاد الوقت اللازم لتنفيذ خططه وتغيير أسلوب القتال لدى جنوده, وطلب مفاوضة عمر المختار, تلك المفاوضات التي بدأت في 20 أبريل 1929م .. وعندما وجد المختار أن تلك المافوضات تطلب منه مغادرة البلاد إلى الحجاز ومصر أو حتى البقاء في برقة والإستسلام مقابل الأموال والإغراءات, رفض كل تلك العروض, وكبطل شريف ومجاهد عظيم عمد إلى الإختيار الثالث وهو مواصلة الجهاد حتى النصر أو الشهادة.

ولكن سرعان ما بدت ترتقي أرواح إخوان عمر المختار القادة إلي باريها. ففي 20 سبتمبر 1929م استشهد الفضيل بوعمر، وكان فراقه ضربة مؤلمة للمجاهدين، وبذلك فقد عمر المختار رفيقاً في الدرب وعوناً في الكرب.

وفي 11 سبتمبر من عام 1931م، وبينما كان الشيخ عمر المختار يستطلع منطقة سلنطة في كوكبة من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات، واشتبك الفريقين في وادي بوطاقة ورجحت الكفة للعدو فأمر عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تحته وسقطت على يده مما شل حركته نهائياً. فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يستطع تناول بندقيته ليدافع عن نفسه، فسرعان ما حاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفور إلي مرسى سوسه ومن ثم وضع على طراد نقله رأسا إلي بنغازي حيث أودع السجن الكبير بمنطقة سيدي اخريبيش.
ولم يستطع الإيطاليون نقل الشيخ براً لخوفهم من تعرض المجاهدين لهم في محاولة لتخليص قائدهم.

فى يوم 15 سبتمبر 1931م انعقدت محاكمة عمر المختار ، وكانت المشنقة قد جهزت قبل انعقاد المحكمة, ونفذ حكم الإعدام شنقاً في 16 سبتمبر 1931م في مدينة سلوق أمام جموع غفيرة من أبناء وطنه.


صورة


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد يونيو 27, 2004 8:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الثلاثاء مارس 02, 2004 5:42 am
مشاركات: 1411

الله اكبر الله اكبر

ولا حول ولا قوه الا بالله

اللهم أاجرنا في مصيبتنا واخلفنا خير منها .. اللهم آمين .اللهم آمين

ببركه حبيبك صلي الله عليه وآله وسلم تسليما .. آمين آمين


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: القاضى العز بن عبد السلام
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 29, 2004 1:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5344


سلطان العلماء : العز بن عبد السلام

نسـبه: هو أبو محمد عز الدين عبد العـزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن بن محمد بن مهذّب السُلمي مغربي الأصل، دمشقي المولـد، شافعي المذهب ، ملقب بسلطان العلماء ، واسم الشهرة هو العـزّ بن عبد السلام. ولد سنة 577هـ وقيل 78 وتوفي سنة/ 660/هـ.

كانت دمشق في عصره منتجعاً للعلماء من الشرق والغرب نظراً لتوسطها، فاجتمع فيها جهابذة العلماء البارعين في فنون العلم، وقد تردد عليهم شيخنا العز بن عبد السلام، فنهل من علمهم الصافي الفياض وتأثر بأخلاقهم الفاضلة وسلوكهم في الحياة فانصقلت مواهبه، وتميزت شخصيته الجامعة بين الفقه والأصول والتفسير واللغة والتصوف متأثراً بورع وزهد الإمام فخر الدين بن عساكر وفقه القاضي عبد الصمد المرستاني.

سافر إلى بغداد عاصمة الخلافة وكعبة العلم آنذاك فوصلها سنة 597هـ وتردد إلى علمائها ونهل من علمهم. ولم يمكث فيها طويلاً. كان يواصل التحصيل والتلقي من الشيوخ حتى بعد أن صار شيخاً كبيراً تهابه الملوك وتخشى مخالفته. فبعد أن رحل إلى مصر عام 639هـ كان يحضر حلقات الشيخ أبي الحسن الشاذلي الصوفي المعروف، ويجلّه ويستفيد منه في علم الحقيقة.
كما أن أبا الحسن الشاذلي كان يوقر العزّ ويستفيد منه في الفقه. وهذا شأن العالم المخلص فإنه يواصل تحصيل العلم ولا يشغله عنه شاغل.
الزاوية الغزالية هي الزاوية الغربية للجامع الأموي، ونسبت إلى الإمام الغزالي رحمه الله لكثرة اعتكافه فيها وتدريسه، وقد تولّى التدريس فيها العز بن عبد السلام من قبل الملك الكامل بعد وفاة الشيخ جمال الدين محمد الدولعي سنة 635هـ.

صدام العزّ مع الملك الصالح إسماعيل:
تحالف الملك الصالح إسماعيل حاكم دمشق مع الصليبيين ضد أبن أخيه نجم الدين أيوب حاكم مصر، وسّلم للصليبيين مدينة صيدا وقلعة الشقيف ومدينة صفد، وسمح لهم بشراء الأسلحة من دمشق. فأفتى العز بحرمة هذا البيع فقال: «يحرم عليكم مبايعتهم لأنكم تتحققون أنهم يشترونه ليقاتلوا به إخوانكم المسلمين». فأمر الصالح باعتقاله وبعد فترة أفرج عنه فذهب إلى بيت المقدس ووافق ذلك وصول الصالح إسماعيل مع عساكره وحلفائه من الصليبيين إلى بيت المقدس في طريقهم إلى مصر. فلما علم بالعزّ أرسل إليه أحد خواصه يطلب منه أن يصالحه. فلما اجتمع الرسول بالشيخ شرع في مسايسته وملاينته ثم قال له: بينك وبين أن تعود إلى مناصبك و ماكنت عليه وزيادة، أن تنكسر للسلطان وتقبّل يده لا غير. فقال له العزّ: والله يا مسكين! ما أرضاه أن يقبل يدي فضلاً أن أقبل يده. يا قوم! أنتم في وادٍ، وأنا في واد. والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به. فقال: إذن فقد أمر الملك باعتقالك. فقال: افعلوا ما بدالكم، فاعتقله في خيمة بجانب خيمة الملك. فبقي العزّ رهن الاعتقال راضياً بقضاء الله صابراً على ابتلائه، محتسباً للأجر شاغلاً وقته في قراءة القرآن الكريم وذكر الله. وكان الملك يسمعه، فقال يوماً للفرنج: (تسمعون هذا الشيخ الذي يقرأ القرآن؟ قالوا نعم. قال: هذا أكبر كسوس المسلمين. وقد حبسته لإنكاره عليّ تسليمي لكم بعض حصون المسلمين، وعزلته عن الخطابة بدمشق وعن مناصبه، ثم أخرجته فجاء إلى القدس. وقد جددت حبسه واعتقاله لأجلكم. فقالت له ملوك الفرنج: (لو كان هذا قسيسنا لغسلنا رجليه وشربنا مرقتهما).
وبقي العز رهن الاعتقال حتى جاءت الجيوش المصرية والتقت مع عساكر الشام فمالوا جميعاً على عساكر الفرنج فهزموهم وأسروا منهم عدداً كبيراًَ. ونجىّ الله العز من الاعتقال فاتجه إلى مصر فوصلها سنة 639هـ فرحب به الملك الصالح نجم الدين فولاّه الخطابة والقضاء فبدأ العز نشاطه في مصر بإقامة السنة ومحاربة البدعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر العلم. وهكذا امتحن العزّ فصبر واحتسب ثم نصره الله بظهور الحق وذهاب الباطل وأرضاهم عنه لأن العزّ قد أسخطهم لرضا الله. ومن أسخط الناس لرضا الله رضي عنه وأرضى عنه الناس، ومن أسخط الله لرضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.

بيعه لأمراء المماليك:
حينما تولّى العز القضاء بمصر لاحظ فيه أمراً مخالفاً للشرع، وهو أن المماليك الذين اشتراهم الملك نجم الدين ودفع ثمنهم من بيت مال المسلمين، واستعملهم في خدمته وجيشه، وفي تصريف أمور الدولة، يتصرفون بالبيع والشراء، وتصرفهم هذا باطل شرعاً لأن المملوك لا ينفذ تصرفه. فأخذ العز لايمضي لهم بيعاً ولاشراءً. وقد ضايقهم ذلك وعطّل مصالحهم، فراجعوه في ذلك فقال: لا بد من إصلاح أمركم بأن يعقد لكم مجلس فتباعوا فيه، ويرد ثمنكم إلى بيت مال المسلمين، ثم يحصل عتقكم بطريق شرعي فينفذ تصرفكم. فلما سمعوا هذا الحكم ازدادوا غيظاً وقالوا: كيف يبيعنا هذا الشيخ ونحن ملوك الأرض. ورفعوا الأمر للملك فغضب وقال: هذا ليس من اختصاص الشيخ ولا شأن له به. فلما علم العز بذلك عزل نفسه عن القضاء وقرر الرحيل عن مصر لأنه لا يطبّق فيها شرع الله. فحمل أمتعته على حمار وأهله على حمار واتجه إلى الشام فتبعه العلماء والصلحاء والتجار والنساء والصبيان، فصار الأمر أشبه بمظاهرة ضد الحكومة. وجاء من همس في أذن الملك الصالح نجم الدين أيوب قائلاً: متى رحل الشيخ ذهب ملكك. فخرج الملك مسرعاً ولحق بالعز وأدركه في الطريق وترضّاه، وطلب منه أن يعود وينفذ حكم الله. وحاول نائب السلطنة وهو الرجل الثاني في الدولة أن يترضى الشيخ لعله يتراجع عن رأيه، ولكن الشيخ أصرّ على تنفيذ حكم الشرع، فأزداد الأمراء غضباً واتفقوا على التخلص من الشيخ بالقتل. فذهب إليه نائب السلطنة مع جماعة من الأمراء فطرق بابه، ففتح الباب ابنه عبداللطيف، فراعه منظر نائب السلطنة إذ رأى سيفه مسلولاً، والغضب يعلو وجهه والشرر يتطاير من عينيه فدخل على والده وقال: انج بنفسك إنه القتل. فرد عليه الشيخ بقوله: هدئ نفسك يابني! فأبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله. ثم خرج كأنه قضاء الله قد نزل على نائب السلطنة فحين وقع بصره على النائب يبست يد النائب وسقط السيف منها وارتعدت فرائصه وبكى، وسأل الشيخ أن يدعو له، وقال يا سيدي ماذا ستفعل؟ قال: أنادي عليكم وأبيعكم.
قال : ففيم تصرف ثمننا؟ قال: في مصالح المسلمين. قال من يقبضه؟ قال: أنا فتم له ما أراد، ونادى على الأمراء واحداً واحداً، وغالى في ثمنهم وقبضه وصرفه في وجوه الخير.

وهذا مالم يسمع به عن أحد قبله ولا بعده رحمه الله تعالى ورضي عنه.

هذا الموقف العظيم قد خلّد ذكر العزّ، وأقام مناراً للحق، وأخضع الملك والأمراء المتكبرين على الشعب لحكم الله، وحقق المساواة بين الناس، حيث يقف الحاكم والمحكوم سوياً عند شرع الله. لا شك أن العزّ بتقواه وزهده وورعه صار له من السلطان والقوة والمهابة ما يستطيع به أن يغير المنكر بيده، ويجابه الملوك بقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم لذا نجد تلميذه ابن دقيق العيد قال عنه: (إنه أحد سلاطين العلماء) إنه نموذج رائع للعالم الصوفي الصادق فهل من يتأسى!؟
وفاته: بعد عمر مديد حافل بالتضحيات والجهاد في سبيل نصرة الإسلام توفي العزّ بن عبدالسلام في العاشر من جمادى الأولى سنة ستين وستمائة للهجرة. رحمه الله وجعل الفردوس الأعلى مثواه، ورزق المسلمين بعلماء صوفيين أمثاله لا يخشون في الله لومة لائم يبيعون دنياهم من أجل أخراهم همهم رضاء الله ونفع المسلمين.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يونيو 29, 2004 2:29 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد فبراير 22, 2004 1:22 pm
مشاركات: 371
الشيخ المجاهد الصوفى ماء العينين

إقتباس
فيما يلي ما كتبه الأستاذ عبد الوهاب بن منصور، مؤرخ المملكة المغربية في مؤلفه: حفريات صحراوية مغربية، من إصدار المطبعة الملكية بالرباط عام 1975 تحت عنوان

الشيخ ماء العينين زعيم من الصحراء دافع عن وحدة التراب المغربي وأخلص الولاء لملوكه

يتردد على الألسنة كثيرا ذكر الشيخ ماء العينين وجهوده في سبيل حفظ الوحدة المغربية وجهاده للمحتلين وهم لا يعلمون عن حياته الشيء الكثير، فارتأينا أن هذه الذكريات والحفريات لا تكون كاملة إلا بإيراد ترجمة للشيخ تعريف به كواحد من أعيان المغرب النابهين، وعلمائه الفطاحل البارزين، وتنويها بما قام به من أدوار بصحراء المغرب صدا للمستعمرين عنها وإبقاء لها في حظيرة وطنها الأصلي الكبير: المغرب الأقصى.

ولد الشيخ محمد المصطفى بن فاضل بن مامين الإدريسي الحسني الشهير بماء العينين بالحوض الواقع بأقصى جنوب صحراء المغرب يوم 27 شعبان عام 1246 هجرية ( 10 فبراير 1831 ميلادية)، وأخذ عن شيوخ العلم بالصحراء، ولاسيما والده الشيخ فاضل الذي لازمه ملازمة المريد لشيخه لا ملازمة الولد لأبيه والتلميذ لأستاذه، فتلقى عنه علما كثيرا وحصل له به نفع كبير كما تدل على ذلك تأليفه العديدة، وسافر إلى الحج عام 1274 وهو ابن ثمانية وعشرين عاما، فمر في طريقه بوادي نون والصويرة ومراكش حيث أكرمه الأمير سيدي محمد بن عبد الرحمن ولي العهد، ثم سافر إلى مكناس فدخلها في 27 رمضان وتلقاه السلطان مولاي عبد الرحمن بكل إجلال وإكبار، ووجهه بعد الضيافة إلى طنجة حيث اركبه عامله بها سفينة متوجهة إلى الشرق، فحج وزار ودخل مصر وعاد منها بحرا إلى وطنه فوصل طنجة يوم 24 شعبان عام 1275 هجرية، وبعدما سلم على السلطان بمكناس سافر منها إلى مراكش فأكرمه ولي العهد ثم سافر منها إلى الصحراء فمر بتيندوف حيث عالمها الشهير الشيخ المختار الجكاني، فطالع الكتب التي في خزانته، ودرس في المسجد الذي بناه قبل أن يلتحق بمضارب قبيلته وخيام عشيرته.

ألف الشيخ ماء العينين عن سفره هذا رحلة عجيبة وصف فيها بتدقيق كل ما شاهده وعاينه، وصار الشيخ ماء العينين يضرب بعد ذلك في الصحراء يمشي في مناكبها ويتقرى دروبها ومسالكها ويطلع السلطان على قضاياها ومشاكلها ويتوسط بين قبائلها وعشائرها، فكثر تابعوه، ونما عدد مريدي الطريقة التي استحدثها، ولما زار السلطان مولاي الحسن وادي تون عام 1303 استدعاه لزيارته والتحق الشيخ بالسلطان وهو بمراكش فاحتفل بمقدمه وتلقاه بإجلال، ويحكى أن لشيخ قال له لما جالسه: إني زرت جدك مولاي عبد الرحمن فجعلني ابنا، وأباك سيدي محمد فجعلني أخا، فقال له السلطان مولاي الحسن: وأنا أجعلك أبا.

رجع الشيخ ماء العينين إلى الصحراء وقد بدأ الفرنسيون يتحرشون من الجنوب بأهلها ويتوغلون في أرضها، والإسبانيون يفعلون مثل ذلك من الجهة الغربية، فبرز الشيخ في لم شعت القبائل للدفاع عن الصحراء باسم السلطان، ولم يعجز عن القدوم إلى العاصمة بنفسه من أجل التحدث إليه ومفاوضته في تنظيم المقاومة بها، فبلغ عدد زياراته سبعا،أربع لمراكش، وثلاث لفاس، ووصل في المرة الثامنة إلى تادلة وهو في طريقه إلى فاس، فأوعز إليه السلطان عبد الحفيظ بالرجوع من حيث أتى تحت ضغط الفرنسيين وخوفا من وقوعه بأيدي جنودهم أو سماسرتهم، وأشار عليه في النهاية أن يستقر بتزنيت وخلال سنوات النضال التي سبقت وفاته، كان الشيخ الجليل ماء العينين عين السلطان الناظرة ولسانه الناطق، وخديمه الناصح، وكان أكثر الاتصال على يديه، إليه كانت توجه الأسلحة والأموال، وبواسطته كان ينصب الولاة والعمال، ومنه كانت توجه إلى الملوك الرسائل بانتظام تصف الأحوال، وتقترح الحلول لها درا للأخطار المحدقة في الحال والمال، ولو جمعت رسائله الموجهة إلى السلاطين المحفوظة بخزائن القصر الملكي وغلى الخواص من أصدقائه المحفوظة عند أبنائهم لجاءت في أسفار.

كانت وفاته رحمة الله عليه بتزنيت ليلة الجمعة 17 شوال عام 1328 وبها دفن، مخلفا وراءه طيب الأحدوثة وحسن الثناء وثروة طائلة من كتب العلم ودواوين الأدب وأخباره في العلم والطريق والسياسة واسعة تحتاج إلى مؤلف خاص، له كتب كثيرة منها: شرح رموز الحديث، نعت البدايات وتوصيف النهايات، تبيين الغموض على النظم المسمى بنعت العروض، مغري الناظر والسامع على تعلم العلم النافع، مبصر المتشوق، التصوف، دليل الرفاق على شمس الاتفاق ( في ثلاثة أجزاء)، مذهب المخوف على دعوات الحروف، المرافق على الموافق، مفيد الحاضرة والبادية، وغيرها كثير.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 01, 2004 3:36 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد فبراير 22, 2004 1:22 pm
مشاركات: 371
عثمان بن فوديو.. شيخ الصوفية المجاهدة ( مرور 200سنة على أقامة دولته)

إقتباس


في تاريخ القارة السمراء لم ينقطع ظهور حركات الإصلاح التي كانت تسعى إلى بناء مشروعات للنهضة على أساس من الدين، وإذا ذكرت حركات الإصلاح الدينية في أفريقيا (قارة الإسلام) فسيأتي في مقدمتها علي الإطلاق حركة الشيخ "عثمان دان فوديو" التي نمت في بلاد الهوسا والفولاني بين شمال نيجيريا وما يعرف الآن بـ "تشاد" وأدت إلى قيام دولة إسلامية على امتداد ما يقارب القرن من الزمن بين بدايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. وهي الحركة التي كان لمؤسسها الأثر الحاسم في إرساء الدعوة الإسلامية في تلك المنطقة، بل على امتداد القارة الأفريقية بكاملها.

النشأة.. في بيئة علم

ولد الشيخ "عثمان بن محمد فودي" على الأرجح يوم الأحد في آخر يوم من صفر عام 1168 للهجرة الموافق 15 ديسمبر (كانون الثاني) من عام 1754. واسم فودي الذي اشتهر به والده يعني بلغة الفولانيين الفقيه. وكانت ولادته في قرية "تغل" في منطقة "غوبر" من تلك البلاد التي تعرف ببلاد "الهوسا".

نشأ "الشيخ عثمان" في حجر والدين صالحين كان لهما الفضل الكبير في توجيهه إلى العلم والدين الذي أولع به منذ أن عرف الحلم، ففتح الله عليه الفتوحات الغيبية وأضاء قلبه بالإيمان فأدرك ما يعانيه شعبه من مآس وفتن نتيجة سيادة الأفكار الخاطئة وآثار الجاهلية الخبيثة؛ فعمل بوعي وتصميم على تغيير هذا الواقع، ففتح الله على يديه بلادا واسعة وشعوبا كثيرة، وأسس حركته التي ما زالت آثارها باقية إلى وقتنا الحالي.

وكان الشيخ عثمان يفتخر في كثير من المناسبات ببداية تتلمذه على يدي والدته "حواء" وجدته "رقية"، وهو ما يعطينا دون أدنى شك فكرة عن المستوى العلمي الذي كانت عليه عائلته، وخاصة النساء حيث كنّ على مستوى عال من العلم والمعرفة.

أما أهم أساتذته على الإطلاق فقد كان الشيخ "جبريل" الذي قام بواجبه تجاه تلميذه مرتين: الأولى عندما قدم للشيخ علوما مفيدة ساهمت في تكوين شخصيته العلمية والسياسية، والثانية عندما كان أول من بايعه على الجهاد في سبيل نشر الإسلام في تلك المنطقة، واعترف له بالولاية وعقد له الراية. وفي المقابل لم يكن "الشيخ" أقل سموا من معلمه؛ فقد كان يردد بشكل دائم هذا البيت من الشعر:

إن قيل فيَّ بحسن الظن ما قيلَ فموجة أنا من أمواج جبريلا

الدعوة في عالم الوثنية

في وسط ظروف تسودها الأفكار والعادات والتقاليد الجاهلية بدأ الشيخ عثمان بن فودي عمله الشاق والصعب في الدعوة إلى الله، حيث كان يحكم المجتمع مجموعة من الملوك والأمراء الذين يتطاحنون على حق السيادة ويتنازعون على الأرض والأرزاق واستعباد الناس، فقد عرفت أفريقيا جنوب الصحراء عصرا من عصور الملكية المطلقة، وتطاحنا أودى بحياة الكثير من أبنائها، وضمن سيادة الأفكار القبلية التي لا مجال معها للوحدة بين القبائل دون غالب ومغلوب، بحيث تستمر حلقات التنافس القبلي دون توقف مع ما يرافق ذلك من سيادة للعقلية الحربية التي تضع شرائح كبيرة من المجتمع في دائرة الاستضعاف، إضافة إلى أن الوضع القبلي هذا لم يستطع أن يفرز حالة وحدوية تستطيع أن توحد منطقة بكاملها تحت راية واحدة ولغة واحدة وأهداف واحدة، وبالتالي إنتاج حالة أكثر تقدما مما كان موجودا سابقا، وكان هؤلاء الملوك على ديانات وثنية متخلفة ما زالت بقاياها قائمة حتى أيامنا هذه عبر ما يسمى بالديانات الأرواحية التقليدية.

فمن العادات التي كانت سائدة على سبيل المثال أنه كان لهؤلاء الملوك والسلاطين أماكن خاصة يؤمنون بضرورة تقديم الأضاحي لها مثل الغابات والصخور الكبيرة والبحر، وكانت هذه الأضاحي دائما من الصنف البشري، وكانوا يؤمنون بأن هذه العادات هي مبعث قوتهم فإذا أبطلوها ضعفت شوكتهم وقلت أرزاقهم، كما كانوا يؤمنون بأن الحكم السياسي هو استمرار لإرادة الأسلاف الذين يستمرون على تواصل مع الملك الذي يستمد قوته في فرض إرادته على الناس من خلال ادعائه الاتصال مع هؤلاء الأسلاف؛ الأمر الذي يبرر حكما مطلقا لا مجال للانفلات منه.

رغم أن الإسلام كان قد بدأ التغلغل إلى المنطقة منذ عدة مئات من السنين فإنه كان تغلغلا سلميا بطيئا، حيث برز نوع من وعاظ السلاطين الذين يستعملون الإسلام للدعاء للسلاطين وتبرير تصرفاتهم والاكتفاء بلعب الدور الذي كان يقوم به السحرة والمشعوذون قبل الإسلام
مرحلة الجهاد القولي

في مثل هذه الظروف بدأ الشيخ ابن فودي عمله، حيث أخذ على عاتقه مهمة تحرير شعبه من سيادة الأفكار الجاهلية المتخلفة ومن سيطرة السلاطين الجبابرة؛ الأمر الذي أفضى إلى إقامة دولة إسلامية استمرت أكثر من مائة سنة في تلك البلاد البعيدة عن مركز الدولة الإسلامية ودون أي تدخل خارجي.

وقد بدأ "الشيخ" مهمته في شكل دعوى وهو ما أسماه في أدبياته "الجهاد القولي". وقد كانت مرحلة للدعوة والإرشاد ورفع المستوى التعليمي العام ومستوى الوعي الاجتماعي العام، حيث أرسل رسائل إلى كل فئات المجتمع يدعوها إلى الله، موضحا أهمية الإسلام في إحياء الأمة وخلاصها من مشاكلها الواقعية التي تعيشها.

وقد ركز عثمان بن فودي في أسلوبه من خلال هذه المرحلة على استخدام عنصرين مهمين: أولهما التركيز على موضوع المرأة في النموذج الإسلامي والفرق بينه وبين المرأة في النموذج الجاهلي المتخلف، وقد ساهم الكثير من السيدات المسلمات في حركة النهوض التي قادها الشيخ عثمان، كما شكلت هذه القضية تحديا كبيرا للأفكار السائدة من خلال دعوة المرأة إلى التحرر من الاستعباد الحقيقي الذي تعيشه في ظل الوضع السائد.

كما اعتمد على استخدام الشعر والموشحات الدينية بالطريقة الشعبية المعروفة في تلك البلاد والمحببة إلى القلوب. وقد كان الشيخ مبدعا في تأليف كمية كبيرة من القصائد والموشحات ذات المضمون الأخلاقي والعلمي والإرشادي راق باللغات المحلية. وقد كانت هذه القصائد تنتشر مثل النار في الهشيم تنتقل من ألسنة الدعاة إلى ألسنة العامة. وما زال الكثير منها محفوظا حتى الآن، خاصة إذا علمنا أن الثقافة الأفريقية هي ثقافة حفظ وليست ثقافة تسجيل.

وقد استمرت هذه المرحلة من عام 1774 حتى 1803 أي حوالي 30 سنة من الدعوة والبناء الدقيق لحركة الدعاة والمبلغين والتحدي الأخلاقي والفكري والاجتماعي للمجتمع القائم ولكن دون المواجهة المباشرة، بل عرف عنه في تلك المرحلة تشديده على الدعاة بعدم الدخول بأي صدام مع القوى المسيطرة. وقد ألف في هذه المرحلة الكثير من المؤلفات الهادفة والدراسات القيمة. وكان يتنقل بين المدن والقرى بنفسه يبث أفكاره. وانتهت هذه المرحلة بتأسيس المجموعة الأساسية من الحواريين والأتباع أو من أسماهم بالطلبة بهدف نشر الصورة الجلية للإسلام وبهدف تقديم النموذج الأرقى للدين القويم وفضح علماء السوء الذين كانوا يرون الواقع المنكر فلا يعملون على تغييره بأي شكل من أشكال التغيير المتاحة.

بناء الدولة المسلمة

وبالفعل جاء الرد قويا على ممارسات الشيخ، حيث بدأ المواطنون يعلنون رفضهم للأوامر التي تتنافى مع تعاليم الإسلام، خاصة في أوساط الشباب الذين يعتبرون القوة الضاربة في أي قتال يدور بسبب السرقة والتعدي ونهب المحاصيل أو الثروات الحيوانية، كذلك فالفتيات بدأن يرفضن ما يؤمرن به إذا كان منافيا لأحكام الدين الحنيف، مما دفع ملك المنطقة للمطالبة بمغادرة "الشيخ" خوفا منه على سحب البساط من تحت قدميه، غير أن "الشيخ" كان قد اتخذ بالفعل قراره بالهجرة مع كل مجموعته وأصدر فتوى بذلك أذيعت في مختلف الأمصار. وما إن انتقلت الأخبار إلى المدن المجاورة حتى تجمع المؤمنون من كافة أنحاء البلاد يبنون أول مجتمعاتهم القائم على الحكم الإسلامي.

واستمرت هذه المرحلة إلى عام 1808، وكانت ولا شك مرحلة توطيد دعائم الحكم الإسلامي حيث وضع نظاما إداريا متقدما يراعي النظم الإسلامية، ووحد البلاد تحت راية واحدة، وجعل اللغة العربية لغة الدولة الرسمية، واستمرت هذه الدولة حوالي مائة سنة حتى دخول الاستعمار البريطاني إلى تلك المنطقة، حين قرر الملك الآنف الذكر أن يجهز جيشا لمقاتلة المجموعة المؤمنة فالتقى الجيشان وانتهت المعركة بنصر جيش المسلمين فكانت هذه المعركة جولة حاسمة انهار على إثرها الكثير من الجيوش والممالك الصغيرة، منها بالقتال، ومنها بالتهديد. وفي هذه المرحلة التي تعرف بمرحلة الجهاد المسلح، تمت الخطوة الحاسمة التي لم يكن بالإمكان أن يستقيم الوضع دونها ألا وهي مبايعة الشيخ قائدا وإماما على سنة الله ورسوله.

خصوصية حركة ابن فوديو

استطاع الشيخ أن يدعو إلى التغيير وإقامة حكم الله في الأرض على طريقة الشيخ الولي المعروفة عند الطرق الصوفية، ولكنه أبدع في تحويلها إلى حركة إيجابية قادرة على استنهاض الطاقات الكامنة داخل الأمة عبر إحياء روح الجهاد والاستشهاد بعد أن كانت تعرف بعزوفها عن التدخل المباشر في قضايا الحكم والدولة. والمعروف أن الشيخ عثمان كان من أتباع الطريقة القادرية التي تنتمي إلى الصوفي الشهير "عبد القادر الجيلاني". وقد اعتمد في حركته على مبدأ الولاية المكتسبة بالعلم والخبرة والمعززة بالمبايعة من قبل العلماء ووجوه الأمة والمرتكزة على اطمئنان الجمهور المتواصل مع قيادته بشكل دائم.

كما لم ينتحل الشيخ أية دعوة خاصة على الطريقة الفاطمية أو المهدوية، بل استمر بالدعوة إلى المنابع الأصيلة للفكر الإسلامي بل إنه خاض مجموعة من النقاشات مع أنصاره خاصة يدعوهم فيها إلى عدم نسبة الصفة المهدية إليه وإلى حركته. فقد كانت حركته تعبيرا عن تطور الظروف المحلية التي استشعرت إمكانية النهوض والتطور نتيجة احتكاكها وتعرفها على الدعوة الإسلامية بصورتها الصحيحة، وبالتالي لم يعرف عنها الانتماء إلى أي من الاتجاهات التي كان يضج بها المجتمع الإسلامي . كما أنها لم تكن كمثيلاتها من الحركات الأفريقية حيث كان التمسك فيها بالإسلام تعبيرا عن ردة فعل على الغزو الاستعماري الأوروبي الذي جاء ليؤسس نموذجا حضاريا غريبا ومنافيا للطبيعة الأفريقية التقليدية.

وجوه عديدة وشخصية واحدة

قد كانت شخصية الشيخ متعددة المواهب، فقد كان شخصية علمية فذة وهو ما يظهر بسهولة حين نرى التراث العلمي الضخم الذي يقدم مباحث فقهية معقدة يتناول فيها المؤلف الأبحاث بشكل اجتهادي عميق ينم عن فقيه فذ وعالم فريد وعارف رباني لا ينشد إلا هداية المجتمع إلى شاطئ الأمان. وقد ترك "الشيخ عثمان بن فودي" أكثر من 150 عملا فكريا وفقهيا، معظمها حتى الآن بحاجة إلى تحقيق وطباعة وترجمة تسمح بالاستفادة منها والتعرف عليها بالشكل الذي يستحق (طالع قائمة بأهم مؤلفات الشيخ ابن فوديو). إضافة إلى هذا، فإن الشيخ كان رجل ميدان وحركة وتخطيط إستراتيجي سليم، تنقل في كل مكان من أجل نشر الدعوة وهيأ تلاميذه كهيئة أركان قادرة على الحوار والنقاش والدعوة النظرية، في الوقت الذي هي فيه قادرة على الانتقال للهجرة والجهاد والمقارعة، بما في ذلك إدارة اللعبة السياسية وتهيئة الجيوش والتخطيط للمعارك ثم النزول في صفوفها الأمامية.

كما اتصف"الشيخ" بصفات شخصية قيادية وعلمية فذة، فقد كان شديد التواضع أمام بسطاء الناس وخاصة أمام أساتذته ومعلميه، وقد وصفه العالم والمؤرخ النيجيري "محمد بلو": "إنه كان خطيبا بليغا وشاعرا فصيحا فاضلا حسن الخلق جميل العشرة كريم الصحبة مقطوعا بولايته وقطبانيته كثير الحياد والشفقة على الخلق، متواضعا يرى نفسه كأقل الحشرات، وقافا عند حدود الشريعة إلفا مألوفا، لقي من التعظيم والمحبة ما لم يعهد حتى كان أحب الناس إلى أنفسهم، يتزاحمون عليه مع طلاقة وحسن خلق وبشاشة وكان حليما رءوفا بالمؤمنين".

هذا بجانب بعض السمات الغيبية التي دفعت إلى عقد تشابه بين حركة الشيخ عثمان النهضوية وحركة الصدر الأول للدعوة الإسلامية؛ فقد انطلقت الدعوة حين كان الشيخ يناهز الأربعين من عمره وبلغت أوج عزتها بعد 14 عاما من انطلاقتها، كما توفي الشيخ عن عمر يناهز الثالثة والستين، ولعل هذا التقاطع اللطيف أضاف على حركة "الشيخ" بعدا غيبيا عزز من إيمان أصحاب "الشيخ" به، وشدد من ارتباطهم بحركته.

توفي الشيخ عام 1817 تقريبا، لكنه خلف ذريته الكريمة التي أنجبت الكثير من الرموز الكبيرة في عطائها، وترك وراءه آثارا فكرية واسعة ستشكل الزاد الضروري لأية حركة نهضوية حديثة أو مستقبلية.


من مؤلفات الشيخ ابن فوديو

اتباع السنة وترك البدعة

آداب العبادات والعادات

إرشاد الإخوان إلى أحكام خروج النسوان

إرشاد السالك الرباني إلى أحوال عبد القادر الجيلاني

إرشاد أهل التفريط والإفراط إلى الصراط

أصول العدل لولاة الأمور وأهل الفضل

أصول الولاية وشروطها

إعداد الدعاة

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بموالاة المؤمنين والنهي عن موالاة الكافرين

بيان وجوب الهجرة على العباد وبيان وجوب نصب الإمام وإقامة الجهاد

تحذير الإخوان من المهدية الموعودة آخر الزمان

تنبيه الإخوان على أحوال أرض السودان

تنبيه أهل الفهوم على وجوب اجتناب الشعوذة وعلم النجوم

حكم جهاد بلاد الهوسا

سراج الإخوان إلى أهم ما يحتاج إليه في هذا الزمان

السلاسل الذهبية للسادات الصوفية

السلاسل القادرية

سوق الأمة إلى اتباع السنة

سوق الصديقين إلى حضرة القدسي

كف الطالبين عن تكفير عوام المسلمين

مصباح أهل هذه الأزمان من أهل بلاد السودان

نصائح الأمة المحمدية لبيان حكم الفرق الشيطانية التي ظهرت في بلادنا السودانية

التفرقة بين الوعاظ المهتدين والوعاظ المذمومين

وثيقة إلى جماعة المسلمين

وثيقة أهل السودان


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 08, 2004 1:04 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد فبراير 22, 2004 1:22 pm
مشاركات: 371
بشر الحافي وما أدراكم من هو بشر الحافي

إقتباس

هو أبو نصر بشر بن الحارث بن عبد الرحمن المروزي.الزاهد المشهور المعروف بـ "الحافي"، نزيل بغداد، والمولود فيها عام " 150 هـ " لقب بالحافي لأنه جاء إلى إسكافى يطلب منه شسعاً لإحدى نعليه، وكان قد انقطع، فقال له الإسكافى ما أكثر كلفتكم على الناس، فألقى النعل من يده والأخرى من رجله وحلف لا يلبس نعلاً بعدها.
و جاء يوما إلى باب فطرقه فقيل من ذا فقال : بشر الحافي ، فقالت له جارية صغيرة : لو اشتريت نعلا بدرهمين لذهب عنك اسم الحافي .
وقيل عنه أنه كان مسرفًا على نفسه في أول أمره، وأن سبب توبته أنه وجد رقعة فيها اسم الله عز وجل في حمام فرفعها ثم رفع طرفه إلى السماء قائلاً: "سيدي! اسمك ههنا ملقى يداس" ثم ذهب إلى عطار، فاشترى عطرًا، وعطر به تلك الرقعة وحفظها في مكان أمين، فأحيى الله قلبه، وألهمه رشده، وصار إلى ما صار إليه من العبادة والزهادة .
طلب بشر الحافي العلم ، فسمع من الأكابر، أمثال حماد بن زيد وعبد الله بن المبارك ومالك وابن مهدي وفضيل بن عياض ، ثم حدّث عنه جماعة أيضًا من الأكابر، مثل " أبو خيثمة " و " زهير " و " سري السقطي " ، ولكنه اعتزل بعد ذلك واشتغل بالعبادة، وصار إمامًا في الزهد والعبادة، وكان له كلمات مفيدة وأشعار راقية.
أثنى أهل العلم عليه في عبادته وزهادته، وورعه ونسكه وتقشفه، فقال الإمام " أحمد " عنه: "لم يكن له نظير إلا عامر بن عبد قيس، ولو تزوج لتم أمره".

من مأثور كلامه :
الجوع يصفي الفؤاد ويميت الهوي ويورث العلم الدقيق
ومن دعائه: اللهم إن كنت شهرتني في الدنيا لتفضحني في الاَخرة فاسلبه عني.
وقال: من طلب الدنيا فليتهيأ للذل.
وقال بعضهم سمعت بشراً يقول لأصحاب الحديث : أدوا زكاة هذا الحديث قالوا وما زكاته قال اعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث.
وعنه قال : قد يكون الرجل مرائيا بعد موته ، يحب أن يكثر الخلق في جنازته
وقال : لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات سدا
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل دخلت امرأة على أبي فقالت يا أبا عبد الله إني امرأة أغزل في الليل على ضوء السراج وربما طفىء السراج فأغزل على ضوء القمر فهل على أن أبين غزل السراج من غزل القمر فقال لها أبي إن كان عندك بينهما فرق فعليك أن تبيني ذلك. فقالت يا أبا عبد الله أنين المريض هل هو شكوى فقال لها إني أرجو أن لا يكون شكوى ولكن هو اشتكاء إلى الله تعالى ثم انصرفت.
قال عبد الله فقال لي أبي يا بني ما سمعت إنساناً قط يسأل عن مثل ما سألت هذه المرأة اتبعها. قال عبد الله فتبعتها إلى أن دخلت دار بشر الحافي، فعرفت أنها أخت بشر الحافي.
لما مرض بشر بن الحارث رحمه الله مرضه الذي مات فيه، قال له أهله: نرفع مائك الى الطبيب؟ (لعله يقصد الى تحليل بوله). قال: أنا بعين الطبيب يفعل بي ما يريد. فألحوا عليه فقال لأخته: ادفعي اليهم الماء، فدفعته اليهم في قارورة. وكان بالقرب منهم طبيب نصراني

فدفعوا اليه القارورة، فقال حركوا الماء، فحركوه. فقال ضعوه، فوضعوه. فقالوا: ما بهذا وُصِفْتَ لنا، قال: ماذا وُصِفْتُ لكم؟ قالوا: وُصِفْتَ بأنك أحذق أهل زمانك في الطب. قال: هو كما وُصِفْتُ لكم. إن هذا الماء إن كان ماء نصرانيٍّ فهو ماء راهب قد فتت الخوف كبده. وإن كان ماء مسلمٍ، فماء بشر الحافي، لأن مافي زمانه اخوف منه (خوفه من ربه عزَّ وجلَّ). قالوا: هو ماء بشر. فقال: أنا أشهد ان لا اله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فلما رجعوا الى بشر، قال لهم: أسلم الطبيب؟، قالوا له: ومن أعلمك بهذا؟ قال: لما خرجتم من عندي نوديت: يا بشر ببركة مائك أسلم الطبيب.

من أقواله أيضاً:
قال بشر الحافي : ما أكثر الصالحين وما أقل الصادقين , غنيمة المؤمن غفلة الناس عنه وإخفاء مكانه عنهم . وقيل له : بأي شئ تأكل الخبز ؟ قال : اذكر العافية فأجعلها إداما . ويحكي عنه انه كان يقول :
أقسم بالله لمص النوى * وشرب ماء القلب المالحة
أعز للانسان من حرصه ومن سؤال الاوجه الكالحة
فاستغن بالله تكن ذا الغنى * مغتبطا بالصفقة الرابحة
اليأس عز والتقى سؤدد * ورغبة النفس لها فاضحة
من كانت الدنيا له برة * فانها يوما له ذابحة
وسئل عن القناعة فقال لو لم يكن في القناعة شئ إلا التمنع بعز الغناء لكان ذلك يجزي ثم انشأ يقول:
أفادتنى القناعة أي عز * ولا عز اعز من القناعة
فخذ منها لنفسك رأس مال * وصير بعدها التقوى بضاعة
تحز حالين تغنى عن بخيل * وتسعد في الجنان بصبر ساعة .

توفي بشر الحافي في يوم الجمعة 20 ربيع الأول سنة 227هـ ، و اجتمع في جنازته أهل بغداد عن بكرة أبيهم.، فرحمه الله رحمة واسعة وأجزل له المثوبة .


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: نور الدين محمود
مشاركة غير مقروءةمرسل: الخميس يوليو 08, 2004 1:54 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5344
[size=24]

نور الدين محمود

ولد نور الدين محمود في
(17 من شوال 511هـ = 11 من فبراير 1118م). وهو ثاني أولاد عماد الدين زنكي بعد سيف الدين غازي ، وقد تأثر أبناء عماد الدين بما كان لأبيهم من خلال وفضائل، فكانوا جميعا من رجال الجهاد وفرسانه، فتعلم نور الدين القرآن و الفروسية والرمي ، وكان شهماً شجاعاً ذا همة عالية.
وبعد وفاة عماد الدين زنكي ، إقتسم ولداه سيف الدين غازي ونور الدين محمود دولته، فاستقر الأول بالموصل وثبّت أقدامه بها، وانفرد الآخر بحكم حلب . وكان الحد الفاصل بين أملاك الأخوين هو نهر الخابور ، وكان كلا الأخوين مؤهلا لما وجهته له الأقدار ، فكان سيف الدين غازي صاحب سياسة وأناة ، على حين كان نور الدين مجاهدا مخلصا جياش العاطفة صادق الإيمان ، ميالا إلى جمع كلمة المسلمين وإخراج الأعداء من ديار المسلمين ، مفطورا على الرقة ورهافة الشعور؛ وهو ما جذب الناس إليه ، وحبب القلوب فيه.
لم يكن له بيت ملك ، بل غرفة في قلعة البلد الذي يحل فيه ، تزوج امرأة واحدة هي عصمت الدين بنت معين الدين أنر وله منها بنت وصبي هو إسماعيل الملقب بالصالح وأنجبه وكان عمر نور الدين/47/عاماً.
كما كان رحمه الله كثير المطالعة للكتب الدينية، متبعاً للآثار النبوية، محافظاً على الصلوات في الجماعات ، كثير التلاوة , كما كان فقيهاً على مذهب أبي حنيفة، وسمع الحديث وأسمعه، وكان كثير الصلاة بالليل في وقت السحر.
وقد بنى بدمشق داراً لاستماع الحديث وإسماعه , قال ابن الأثير: وهو أول من بنى دار حديث.
وقد كان مهيباً وقوراً شديد الهيبة في قلوب الأمراء ، لا يتجاسر أحد أن يجلس بين يديه إلا بإذنه ، ولم يكن أحد من الأمراء يجلس بلا إذن سوى الأمير نجم الدين أيوب ، وأما أسد الدين شيركوه ومجد الدين بن الداية نائب حلب ، وغيرهما من الأكابر فكانوا يقفون بين يديه .
ومع هذا كان إذا دخل أحد من الفقهاء أو الفقراء قام له ومشى خطوات وأجلسه معه على سجادته في وقار وسكون ، وإذا أعطى أحداً منهم شيئاً مستكثراً يقول: "هؤلاء جند الله وبدعائهم ننصر على الأعداء ، ولهم في بيت المال حق أضعاف ما أعطيهم ، فإذا رضوا منا ببعض حقهم فلهم المنة علينا".
وكان شديد الإقتداء برسول الله صلى الله عليه و سلم ، حتى إنه سمع يوما جزء من حديث وفيه ((فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متقلداً السيف)) فجعل يتعجب من تغيير عادات الناس لما ثبت عنه عليه السلام ، وكيف يربط الأجناد والأمراء على أوساطهم ولا يفعلون كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أمر الجند بأن لا يحملوا السيوف إلا متقلديها، ثم خرج هو في اليوم الثاني إلى الموكب وهو متقلد السيف ، وجميع الجيش كذلك ، يريد بذلك الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرحمه الله.
كان نور الدين رحمه الله صالحاً.. صادق الرؤيا .. رأى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة ثلاث مرات ، وهو يقول له في كل واحدة منها: "يا محمود أنقذني من هذين الشخصين (لشخصين أشقرين تجاهه)". فاستحضر وزيره قبل الصبح فأخبره ، فقال له: هذا أمر حدث في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ليس له غيرك. فتجهز ـ نور الدين ـ وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك ، حتى دخل المدينة على غفلة.
فلما زار طلب الناس عامة للصدقة ، وقال: لا يبقى بالمدينة أحد إلا جاء ، فلم يبق إلا رجلان مجاوران من أهل الأندلس نازلان في الناحية التي قبلة حجرة النبي صلى الله عليه وسلم من خارج المسجد عند دار آل سيدنا عمر بن الخطاب ، قالا: نحن في كفاية ، فجدّ في طلبهما حتى جئ بهما فلما رآهما قال للوزير هما هذان ، فسألهما عن حالهما وما جاء بهما ؟؟؟ فقالا لمجاورة النبي صلى الله عليه وسلم ، فكرر السؤال عليهما حتى أفضى إلى العقوبة، فأقرا أنهما من النصارى ووصلا لكي ينقلا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحجرة الشريفة ، ووجدهما قد حفرا نقباً تحت الأرض من تحت حائط المسجد القبلي يجعلان التراب في بئر عنهما في البيت . فضرب أعناقهما عند الشباك شرقي حجرة النبي صلى الله عليه وسلم خارج المسجد وركب متوجهاً إلى الشام راجعاً ، فصاح به من كان نازلاً تحت السور واستغاثوا وطلبوا أن يبني لهم سوراً يحفظهم فأمر ببناء هذا السور الموجود اليوم.

فتوحاته :
"هذا رجل شهد له التاريخ بالعدل في الحكم و حب الجهاد في سبيل الله . فقد كان نور الدين حامل رايتى العدل و الجهاد ، قل أن ترى العيون مثله. حاصر دمشق ثم تملكها و بقى بها عشرون سنة."
استهل نور الدين حكمه بالقيام ببعض الهجمات على إمارة إنطاكية الصليبية ، واستولى على عدة قلاع في شمال الشام ، ثم قضى على محاولة "جوسلين الثاني" لإستعادة "الرها" التي فتحها والده عماد الدين زنكي . وكانت هزيمة الصليبيين في "الرها" أشد من هزيمتهم الأولى ، وعاقب نور الدين من خان المسلمين من أرمن "الرها" ، وخاف بقية أهل البلد من المسيحيين على أنفسهم فغادروها.
وكان نور الدين دائم السعي إلى استمالة القوى الإسلامية المتعددة في شمال العراق والشام وكسب ودها وصداقتها لتستطيع مواجهة العدو الصليبي. فعقد معاهدة مع "معين الدين أنر" حاكم دمشق سنة (541هـ = 1147م) وتزوج ابنته ، فلما تعرض أنر لخطر الصليبيين وكانت تربطه بهم معاهدة وحلف لم يجد غير نور الدين يستجير به، فخرج إليه ، وسارا معا واستوليا على "بصرى" و"صرخند" قبل أن يقعا في يد الصليبيين. ثم غادر نور الدين دمشق حتى يبعث في قلب حاكمها الأمان ، وأنه لا يفكر إلا في القضاء على الصليبيين. فتوجه إلى حصون إمارة إنطاكية ، واستولى على "أرتاح" و"كفر لاثا" و"بصرفوت".
وعلى أثر ذلك ملك الرعب قلوب الصليبيين من نور الدين ، وأدركوا أنهم أمام رجل لا يقل كفاءة وقدرة عن أبيه عماد الدين، وكانوا قد ظنوا أنهم قد استراحوا بموته، لكن أملهم تبدد أمام حماسة ابنه وشجاعته، وكانت سنه إذ ذاك تسعا وعشرين سنة، لكنه أوتي من الحكمة والتدبير خيرا كثيرا.
وفي سنة (542هـ = 1147م) وصلت الحملة الصليبية الثانية على الشام بزعامة لويس السابع وكونراد الثالث ، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها وتعرضت لخسائر هائلة، وعجزت عن احتلال دمشق ، ويرجع الفضل في ذلك لصبر المجاهدين واجتماع كلمة جيش المسلمين ووحدة صفهم ، وكان للقوات التي جاءت مع سيف الدين غازي وأخيه نور الدين أكبر الأثر في فشل تلك الحملة ، واستغل نور الدين هذه النكبة التي حلّت بالصليبيين وضياع هيبتهم للهجوم على إنطاكية بعد أن ازداد نفوذه في الشام ، فهاجم في سنة (544هـ=1149م) الإقليم المحيط بقلعة حارم الواقعة على الضفة الشرقية لنهر العاصي، ثم حاصر قلعة إنب ، فنهض "ريموند دي بواتيه" صاحب إنطاكية لنجدتها، والتقى الفريقان في (الأول من صفر 544هـ= آخر يونيو 1149م) ونجح المسلمون في تحقيق النصر وأبادوا الصليبيين عن آخرهم ، وكان من جملة القتلى صاحب إنطاكية وغيره من قادة الفرنج وكان فرح المسلمون بهذا النصر عظيما.
حينذاك، آمن نور الدين بضرورة وحدة الصف، وانتظام القوى الإسلامية المبعثرة بين الفرات والنيل حتى تقف كالبنيان المرصوص أمام أطماع الصليبيين. وكانت دمشق تقف حجرة عثرة في طريق تلك الوحدة ، وكان معين الدين أنر صاحب السلطة الفعلية في دمشق يرتبط بعلاقات ودية مع الصليبيين ومعاهدات وتحالفات ، وبعد وفاته قام "مجير الدين أبق" بحكم دمشق ، وجرى على سياسة أنر في التعامل مع الصليبيين ، بل أظهر ضعفا ومذلة في التعامل معهم ، وأعرض عن وحدة الصف وجمع الكلمة ، وبلغ الهوان به أن وافق على أن يدفع أهل دمشق ضريبة سنوية للصليبيين مقابل حمايتهم ، وصار رسل الفرنجة يدخلون دمشق لجمع الجزية المفروضة دون أن يستشعر حاكمها خجلا أو هوانا.
ولم يسكت نور الدين على هذا الوضع المهين ، واستثمر شعور الغضب الذي أبداه الدمشقيون ، ونجح بمساعدتهم في الإطاحة بمجير الدين أبق وضم دمشق إلى دولته في سنة (549هـ = 1154م) وكانت هذه الخطوة حاسمة في تاريخ الحروب الصليبية، حيث توحدت بلاد الشام تحت زعامة نور الدين: من "الرها" شمالا حتى "حوران" جنوبا، واتزنت الجبهة الإسلامية مع الجبهة الصليبية التي كانت تستغل حالة التشتت والتشرذم ، وتوجه ضرباتها إلى دولة الإسلام حتى إن نور الدين لم يستطع نجدة عسقلان عندما هاجمها الصليبيون سنة (548هـ = 1153م) لأن دمشق كانت تقف حائلا دون تحقيق ذلك.
بعد نجاح نور الدين في تحقيق المرحلة الأولى من توحيد الجبهة الإسلامية لم يعد أمام الصليبيين للغزو والتوسع سوى طريق الجنوب بعد أن أحكم نور الدين سيطرته على شمالي العراق والشام؛ ولذا تطلع الصليبيون إلى مصر باعتبارها الميدان الجديد لتوسعهم ، وشجعهم على ذلك أن الدولة الفاطمية في مصر كانت تعاني سكرات الموت فاستولوا على عسقلان ، وكان ذلك إيذانا بمحاولتهم غزو مصر، مستغلين الفوضى في البلاد، وتحولت نياتهم إلى عزم حيث قام "بلدوين الثالث" ملك بيت المقدس بغزو مصر سنة (558هـ = 1163م) محتجا بعدم التزام الفاطميين بدفع الجزية له ، غير أن حملته فشلت وأجبر على الانسحاب.
وأثارت هذه الخطوة الجريئة مخاوف نور الدين ، فأسرع بشن حملات على الصليبيين في الشام حتى يشغلهم عن الاستعداد لغزو مصر، ودخل في سباق مع الزمن للفوز بمصر، فأرسل عدة حملات إليها تحت قيادة "أسد الدين شيركوه" وبصحبته ابن أخيه صلاح الدين ، ابتدأت من سنة (559هـ = 1164م) واستمرت نحو خمس سنوات حتى نجحت بعد سباق محموم مع الصليبيين في الظفر بمصر سنة (64هـ = 1169م). وتولى شيركوه الوزارة للخليفة "العاضد" آخر الخلفاء الفاطميين ، على أنه لم يلبث أن توفي بعد شهرين فخلفه في الوزارة صلاح الدين الأيوبي.

وعن شجاعته يقال :
إنه لم ير على ظهر فرس قط أشجع ولا أثبت منه ، وكان حسن اللعب بالكرة ، وكان يكثر اللعب بالكرة فعاتبه رجل من كبار الصالحين في ذلك فقال: إنما الأعمال بالنيات ، وإنما أريد بذلك تمرين الخيل على الكر والفر ، وتعليمها ذلك ، فنحن لا نترك الجهاد. وكان شجاعاً صبوراً في الحرب ، يضرب المثل به في ذلك ، وكان يقول: قد تعرضت للشهادة غير مرة فلم يتفق لي ذلك ، ولو كان فيّ خير ولي عند الله قيمة لرزقنيها ، والأعمال بالنية.
وقال له يوماً قطب الدين النيسابوري : "بالله يا مولانا السلطان لا تخاطر بنفسك ، فإنك لو قتلت قتل جميع من معك ، وأخذت البلاد ، وفسد حال المسلمين". فقال له : "اسكت يا قطب الدين ! فإن قولك إساءة أدب على ال له، ومن هو محمود ؟ من كان يحفظ الدين والبلاد قبلي غير الذي لا إله إلا هو؟ ومن هو محمود ؟ قال: فبكى من كان حاضراً، رحمه الله.

وفاته :
بينما كان نور الدين محمود يستعد للسير إلى مصر، فاجأته الحمى، واشتد به المرض حتى لقي الله في (11 من شوال 569هـ = 15 من مايو 1174م) وهو في التاسعة والخمسين من عمره ، وكان لموته رجة عنيفة في العالم الإسلامي ، وشعر الناس بحجم الخسارة ، وعظم المصيبة التي حلت بهم.

ويقول عنه المؤرخ ابن الأثير :
لقد طالعت تواريخ الملوك قبل الإسلام إلى يومنا هذا فلم أرى بعد الخلفاء الأربعة وعمر بن العزيز أحسن سيرة في الملك إلا نور الدين محمود زنكي ، سمي بالعادل لعدله وإنصاف الناس فقضى ليلة ونهاره على عدل ينشره وجهاد يتجهز له ومظلمة يزيلها وعبادة يقوم بها وإحسان يوليه ، وسع ملكه وأكثر ذخائر بلاده وأموالها ، أحضر الفقهاء واستفتاهم لمصالح الأمة واسقط كل الضرائب ما عدا الجزية والخراج وأعاد للجهاد تألقه ومعناه بعد ثبات طويل.

ويقول عنه أبو شامة في وصفٍ جامعٍ :
" كان متبعاَ للآثار النبوية ، مواظباَ على الصلوات في الجماعات ، عاكفاَ على تلاوة القرآن ، حريصاً على فعل الخير ، عفيف البطن والفرج ، مقتصداً في الإنفاق ، متحرياً في المطاعم والملابس ، لم تسمع منه كلمة فحشٍ قط في رضاه ولا في ضجره ، وأشهى ما إليه كلمة حقٍ يسمعها ، أو إرشادٍ إلى سنةٍ يتبعها " .
كما أكد جميع المؤرخين بأن نور الدين لم يكن يحارب الفرنجة على أنهم نصارى بل أجانب غرباء معتدون على بلاده ومقدساتها فهو لم يمس نصارى بلاد العرب بأي أذى فلم يهدم كنيسة ولا قتل راهباً... بعكس الفرنجة حيث فتكوا بسكان البلاد دون تمييز بين مسلم ومسيحي ، حتى أن مؤرخ بيت المقدس الصليبي المفكر السوري المنبت " وليام الصوري" لم يستطع إلا أن يذكر مناقب نور الدين بأنه متعبد متصوف متزهد وله من الله سر...؟[/size]


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: الخليفة العباسى " هارون الرشيد "
مشاركة غير مقروءةمرسل: الثلاثاء يوليو 27, 2004 1:45 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد مارس 07, 2004 12:49 pm
مشاركات: 5344
الخليفة المفترى عليه " هارون الرشيد "
هو أكثر من تعرض تاريخه للتشويه والتزوير من خلفاء الإسلام ، مع أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا واهتماما بالعلم والعلماء ، و بالرغم من هذا أشاعوا عنه الأكاذيب وأنه لاهم له سوى الجواري والخمر ، ونسجوا في ذلك القصص الخرافية . ومن هنا كان إنصاف هذا الخليفة واجب على كل مؤرخ مسلم.
ومن المؤرخين الذين أنصفوا الرشيد أحمد بن خلكان الذي قال عنه في كتابه وفيات الأعيان: "كان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأي"
.


نسبه ومولده [/size]
[color=#undefined]هو أبو جعفر هارون بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسي، كان مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خرا سان في سنة ثمان وأربعين ومائة وأمه أم ولد تسمى الخيزران وهى أم الهادي.[/color]

توليه الخلافة
ولي الخلافة بعهد معقود له بعد الهادي من أبيهما المهدي في ليلة السبت السادس عشر من ربيع الأول سنة سبعين ومائة بعد الهادي، قال الصولي: هذه الليلة ولد له فيها عبد الله المأمون ولم يكن في سائر الزمان ليلة مات فيها خليفة وقام خليفة وولد خليفة إلا هذه الليلة وكان يكنى أبا موسى فتكنى بأبي جعفر.
وكان ذا فصاحة وعلم وبصر بأعباء الخلافة وله نظر جيد في الأدب والفقه، قيل إنه كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات لا يتركها إلا لعلة ويتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم.. قال الثعالبي في اللطائف قال الصولي خلَّف الرشيد مائة ألف ألف دينار.


حبه للعلماء
وكان الرشيد يحب العلماء ويعظم حرمات الدين ويبغض الجدال والكلام، وقال القاضي الفاضل في بعض رسائله ما أعلم أن لملك رحلة قط في طلب العلم إلا للرشيد فإنه رحل بولديه الأمين والمأمون لسماع الموطأ على مالك رحمه الله.
ولما بلغه موت عبد الله ابن المبارك حزن عليه وجلس للعزاء فعزاه الأكابر.
قال أبو معاوية الضرير ما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الرشيد إلا قال صلى الله على سيدي ورويت له حديثه "وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيى ثم أقتل فبكى حتى انتحب".
وعن أبي معاوية الضرير قال صب على يدي بعد الأكل شخص لا أعرفه فقال الرشيد تدري من يصب عليك قلت: لا. قال: أنا إجلالا للعلم.
وأنشأ الرشيد "بيت الحكمة" وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف بقاع الأرض كالهند وفارس والأناضول واليونان، وعهد إلى "يوحنا بن ماسوية" بالإشراف عليها، وكانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة، وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين والمجلدين.
وكان العلماء يبادلونه التقدير ، روي عن الفضيل بن عياض أنه قال : ما من نفس تموت أشد علي موتا من أمير المؤمنين هارون ولوددت أن الله زاد من عمري في عمره ، قال فكبر ذلك علينا فلما مات هارون وظهرت الفتن وكان من المأمون ما حمل الناس على القول بخلق القرآن قلنا الشيخ كان أعلم بما تكلم
.


بكاؤه عند سماع الموعظة
قال منصور بن عمار: ما رأيت أغزر دمعا عند الذكر من ثلاثة الفضيل بن عياض والرشيد وآخر.
روى أن ابن السماك دخل على الرشيد يوما فاستسقى فأتى بكوز فلما أخذه قال على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها قال بنصف ملكي قال اشرب هنأك الله تعالى فلما شربها قال أسألك لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها قال بجميع ملكي قال إن ملكا قيمته شربة ماء وبوله لجدير أن لا ينافس فيه فبكى هارون الرشيد بكاء شديدا.
وقال ابن الجوزي قال الرشيد لشيبان عظني قال لأن تصحب من يخوفك حتى يدركك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمنك حتى يدركك الخوف فقال الرشيد فسر لي هذا قال من يقول لك أنت مسئول عن الرعية فاتق الله أنصح لك ممن يقول أنتم أهل بيت مغفور لكم وأنتم قرابة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله
.


هارون الرشيد مجاهدًا
كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه وجهاده مع الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبًا، حتى إنه اتخذ قلنسوة مكتوبًا عليها: غاز وحاج ( فقد كان يحج عاماً ويغزو عاماً ).
وقام الرشيد بتنظيم الثغور المطلة على بلاد الروم على نحو لم يعرف من قبل، وعمرها بالجند وزاد في تحصيناتها، وعزل الجزيرة وقنسرين عن الثغور، وجعلها منطقة واحدة، وجعل عاصمتها أنطاكية، وأطلق عليها العواصم، لتكون الخط الثاني للثغور الملاصقة للروم، ولأهميتها كان لا يولي عليها إلا كبار القادة أو أقرب الأقربين إليه، مثل "عبد الملك بن صالح" ابن عم أبي جعفر المنصور أو ابنه "المعتصم".
وعمّر الرشيد بعض مدن الثغور، وأحاط كثيرًا منها بالقلاع والحصون والأسوار والأبواب الحديدية، مثل: قلطية، وسميساط، ومرعش، وكان الروم قد هدموها وأحرقوها فأعاد الرشيد بناءها، وأقام بها حامية كبيرة، وأنشأ الرشيد مدينة جديدة عرفت باسم "الهارونية" على الثغور.
وأعاد الرشيد إلى الأسطول الإسلامي نشاطه وحيويته، ليواصل ويدعم جهاده مع الروم ويسيطر على الملاحة في البحر المتوسط، وأقام دارًا لصناعة السفن، وفكّر في ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وعاد المسلمون إلى غزو سواحل بحر الشام ومصر، ففتحوا بعض الجزر واتخذوها قاعدة لهم، مثلما كان الحال من قبل، فأعادوا فتح "رودس" سنة (175هـ= 791م)، وأغاروا على أقريطش "كريت" وقبرص سنة (190هـ= 806م).
وفي سنة ست وسبعين ومائة (176) فتحت مدينة دبسة على يد الأمير عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح العباسي.
وفي سنة إحدى وثمانين ومائة (181) فتح حصن الصفصاف عنوة وهو الفاتح له.
وأمام ضربات الرشيد المتلاحقة اضطرت دولة الروم إلى طلب الهدنة والمصالحة ، فعقدت "إيريني" ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة (181هـ= 797م)، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة (186هـ = 802م)، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".
فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه ".
وخرج هارون بنفسه في (187 هـ= 803م)، حتى وصل "هرقلة" وهي مدينة بالقرب من القسطنطينية، واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الخليفة كما كانت تفعل "إيريني" من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام (188هـ= 804م) وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه، وقبل الموادعة، وفي العام التالي (189هـ=805م) حدث الفداء بين المسلمين والروم، ولم يبق مسلم في الأسر، فابتهج الناس لذلك.
غير أن أهم غزوات الرشيد ضد الروم كانت في سنة ( 190 هـ= 806م)، حين قاد جيشًا ضخماً عدته 135 ألف جندي ضد نقفور الذي هاجم حدود الدولة العباسية، فاستولى المسلمون على حصون كثيرة، كانت قد فقدت من أيام الدولة الأموية، مثل "طوانة" بثغر "المصيصة"، وحاصر "هرقلة" وضربها بالمنجنيق، حتى استسلمت، وعاد نقفور إلى طلب الهدنة، وخاطبه بأمير المؤمنين، ودفع الجزية عن نفسه وقادته وسائر أهل بلده، واتفق على ألا يعمر هرقلة مرة أخرى.


مواقف لا تنسى -
أسند الصولى عن يعقوب بن جعفر قال خرج الرشيد في السنة التي ولى الخلافة فيها حتى غزا أطراف الروم وانصرف في شعبان فحج بالناس آخر السنة وفرق بالحرمين مالا كثيرا وكان رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال له إن هذا الأمر صائر إليك في هذا الشهر فاغز وحج ووسع على أهل الحرمين ففعل هذا كله.
وأخرج ابن عساكر عن ابن علية قال أخذ هارون الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي قال له أريح العباد منك. قال فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلها ما فيها حرف نطق به قال فأين أنت يا عدو الله من أبى إسحاق الفزارى وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا.


من أعماله في الخلافة
نظم طرق الوصول إلى الحجاز، فبنى المنازل والقصور على طول الطريق إلى مكة، طلبًا لراحة الحجاج، وعُني الرشيد ببناء السرادقات وفرشها بالأثاث وزودها بأنواع الطعام والشراب، وبارته زوجته "زبيدة" في إقامة الأعمال التي تيسر على الحجيج حياتهم ومعيشتهم، فعملت على إيصال الماء إلى مكة من عين تبعد عن مكة بنحو ثلاثين ميلاً، وحددت معالم الطريق بالأميال، ليعرف الحجاج المسافات التي قطعوها، وحفرت على طولها الآبار والعيون.
وفي سنة 179هـ اعتمر الرشيد في رمضان واستمر على إحرامه إلى أن حج ماشيا من بطن مكة . ثم حج سنة ست وثمانين الرشيد بولديه الأمين والمأمون وأغنى أهل الحرمين.


وفاة الرشيد
ظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج، حتى إذا جاء عام (192 هـ= 808م) فخرج إلى "خرسان" لإخماد بعض الفتن والثورات التي اشتعلت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة "طوس" اشتدت به العلة، وتُوفي في (3 من جمادى الآخر 193هـ= 4 من إبريل 809م) بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، عدت العصر الذهبي للدولة العباسية.
وقيل إن الرشيد رأى مناما أنه يموت بطوس فبكى وقال احفروا لي قبرا فحفر له ثم حمل في قبة على جمل وسيق به حتى نظر إلى القبر فقال يا ابن آدم تصير إلى هذا وأمر قوما فنزلوا فختموا فيه ختما وهو في محفة على شفير القبر ولما مات بويع لولده الأمين في العسكر وهو حينئذ ببغداد فأتاه الخبر فصلى الناس الجمعة وخطب ونعى الرشيد إلى الناس وبايعوه.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مارس 13, 2005 1:15 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 10:56 pm
مشاركات: 1245
مكان: يا رب مع الحبيب و آله صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم
[saa][align=center]يرفع للفائدة [/align][/saa]

_________________

يا خير من دفنت في التراب أعظمه فطاب من طيبهن القاع الأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
أنت الشفيع الذي ترجى شفاعته عند الصراط إذا ما زلّت القدم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد مارس 13, 2005 5:02 pm 
غير متصل

اشترك في: السبت فبراير 21, 2004 10:56 pm
مشاركات: 1245
مكان: يا رب مع الحبيب و آله صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]

[align=center]والصلاة والسلام على من لا نبى بعده المبعوث رحمةً للعالمين سيدنا وحبيبنا وشفيعنا بإذن الله تعالى سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين [/align]

الأخوة الأحباب رواد منتدنا الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رأيت أن هذا الباب قد أختفى وراء زحمة المشاركات التى لها لزمة والتى ليس لها لزمة ايضاً مع أنه باب فى منتهى مايمكن من الأهمية لأنه يعبر ويحكى لنا عن أمة كامله سيدها هو الحبيب صلوات ربى وسلامه عليه أمة وعدة بأن تكون هى أول الأمم التى تدخل الجنة بفضلاً من الله عز وجل ومن أجل الأنتساب الىالحضرة الشريفة حضرة الحبيب المصطفى صل الله عليه وآله وسلم

[saa]نحن يا احباب أمة الحبيب [/saa]

أود ان أشكر أخى الحبيب الذى ملأ لنا هذا المنتدى بمشركات قيمة جداً وأقول له
بارك لك الله أخى فى الله تعالى راجى عفو ربك ونوالك الله عز وجل ما تريد ورزقك محبة سيد الأولين والأخرين سيدنا وحبينا محمد صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين



فقد عقدة النية بإذن الله تعالى وبمدداً من الحبيب المصطفى صل الله عليه وآله وسلم أن اكمل الحديث فى هذا الباب بمعدل مشاركة فى كل يوم وفقنى الله عز وجل إلى ما يحب ويرضى وأرجوا من الأخوة الأحباب التعاون والتوجيه بإذن الله عز وجل

وسوف أبدا بإذن الله جل وعلا بشخصية من آل بيت النبى العدنان صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم


وهو سيدنا وحبيبنا الأمام على بن سيدنا ومولانا الحسين بن سيدنا ومولانا على وسيدتنا وتاج رؤسنا سيدتنا فاطمة الزهراء البضعة النبوية الطاهرة بن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا سيدنا محمد صل الله عليه وآله وصحبه وسلم


[saa]الأمام على زين العابدين [/saa]

يتبع بإذن المولى عز وجل

_________________

يا خير من دفنت في التراب أعظمه فطاب من طيبهن القاع الأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
أنت الشفيع الذي ترجى شفاعته عند الصراط إذا ما زلّت القدم


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 38 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة 1, 2, 3  التالي

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 8 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط