{ يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا } كيف يكون ذلك ؟ : ـــــــــــــــــــــــــــ ( سريان الإيمان وتمكنه من القلب يكون على حسب علاقات متشابكة, فلا بد من: 1 ـ شهادة جديدة لمعنى لا إله إلا الله محمد رسول الله. 2 ـ جهاد النفس والهوى. 3 ـ حب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم المقياس الأوحد لمعرفة مدى تغلغل وتخلل الأنوار للمرء. 4 ـ وفي المراحل العالية من الإيمان نصيبه من الأمانات والوراثات فأما شهادة جديدة لمعنى لا إله إلا الله محمد رسول الله فيدخل فيها: المنظور التابع لرؤيتك لسيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , ومقدار حبك للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم. أما عن منظور جديد لرؤيتك بسيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فهو أمر إلهي يغفل عنه الغافلون هذا الأمر الإلهي جاء في سورة الحديد في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (الحديد 28) فما المقصود؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... آمِنُوا آيتان في كتاب الله طالب فيها الله عز وجل المؤمنين أن يؤمنوا ... مع أنهم مؤمنون. الأولى: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى? رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ ? وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) (النساء 136) والمطالبة بالإيمان بالله ورسوله متلوة في آيات كثيرة. والثانية: آية الحديد ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) (الحديد 28) الآية الأولى: المطالبة للمؤمنين بمزيد إيمان بالله ورسوله والقرآن وكل ما أنزل الله عز وجل من كتب. والآية الثانية: طالب الله فيها المؤمنين بالإيمان برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وحده. ولم يقل الله عز وجل: آمنوا بالله ورسوله أو آمنوا بالله وآمنوا برسوله. طالبهم بعد تحذير وتخويف فقال لهم اتقوا الله وآمنوا برسوله. يا من آمن! ... اتق الله, خف الله, اتقاء .... اتقاء غضبه وعقابه وناره ... آمن برسوله. في هذه الآية لم يقل الله عز وجل مثل ما قال في آية النساء: (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ) ..... لكن أفرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم. هذه الآية خاصة بمن أراد الترقي: فلشهادة لا إله إلا الله اتق الله و لشَهادَة محمد رسول الله آمن برسوله صلى الله عليه وآله وسلّم. إشارة إلى المطالبة بمزيد إيمان برسوله صلى الله عليه وآله وسلّم وبنوع جديد من الإيمان برسوله صلى الله عليه وآله وسلّم. إن فعلت ذلك فلك ثلاث منح ونفحات: 1 ـ (كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ) (الحديد 28) 2 ـ (وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا) (الحديد 28 ألم تلحظ أن الله قال: (كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ) (الحديد 28) .. لم يقل الله عز وجل "كفلين من الأجر" مثلما قال في آية أخرى: (يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ) (القصص 54). الإيمان برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يورثك تضاعف الرحمة عما كان من قبل, والرحمة تزيد المعرفة والكشف والعلم اللدني: (آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) (الكهف 65). سيدنا عثمان لما كان عنده رحمة كان عنده كشف، وكان يقول: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله .. وكما هو مشهور عنه فإنه كان يقول: «أيدخل أحدكم علي وفي وجهه (عينيه) ريح الزنا! فقالوا: أوحي بعد رسول الله يا أمير المؤمنين؟ فقال: اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله». وهذا مؤيد بما جاء عن أبي سعيد الخدري وأبي أمامة وثوبان وأبي هريرة وابن عمر عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قَالَ: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللهِ» وأحسنها طريق أبي أمامة ويتقوي بما ورد عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ للَّهِ عِبَادًا يَعْرِفُونَ النَّاسَ بِالتَّوَسُّمِ». آمن يا مؤمن برسوله صلى الله عليه وآله وسلّم من جديد, آمن بكنه بشريته وأنه غير البشر, وآمن بخصوصيته أنها لا تشبه خصوصية الغير, واعلم فضله, حتى يؤتيك الله رحمة فلا تُعذب بجهلك برسولك, ورحمة أخرى تكشف لك بنوع من العلوم اللدنية عن معنى: محمد .... رسول .... الله وماذا يقتضي هذا العلم. فإذا كان الله عز وجل قال لنساء النبي: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ?) (الأحزاب 32) , فماذا يقول في حق حبيبه؟ قال: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) (الفتح 8 - 9) (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلّم , (وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) في حق الله, ولم يفصل في الكلام وتتابعه وتقديمه وتأخيره فإنه قدم كلمة الله عن كلمة رسوله: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) , ثم قدم حق رسوله صلى الله عليه وآله وسلّم عن حقه فقال: (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) فماذا إذاً تريد يا جاحد؟! هذا الإيمان مقرون بالرحمة, مقرون بالنور, مقرون بالمغفرة مقرون بالنور (وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ) نور خاص بالمشي .. بالسير في طريق الله وفهم لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم. لمرحلة أعلى تحتاج نوراً لرؤية طريق أخطر. وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ فتروا أشياء لا تُرى إلا في مستويات أكبر منكم الآن, لا تُرى إلا بالنور (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) المغفرة هنا هي الستر .. يغفر لكم النظرة الناقصة لشهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول صلى الله عليه وآله وسلّم , والتي قد يقبلها الله منكم من قبل لكن لمن أراد الترقي فلا, قد يقبلها من غيركم ممن أسلم أما منكم أنتم فلا. الرحمة والنور والمغفرة, ما أعظمهم للسائر في طريق الله ورسوله. إذاً هناك إيمان بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في مرحلة الإسلام، يرقى في مرحلة الإيمان، وأعلى وأعلى في مرحلة الإحسان لا بد من نور ... فيجب أن ترى النور في النبي النور صلى الله عليه وآله وسلّم بنور تراه بآلية النور, وليس بآلية الإيمان. فبنوره صلى الله عليه وآله وسلّم تتبدد ظلمات نفسك, ألا ترى أنك ما زرت النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في قبره الشريف إلا وطارت عنك جنود الظلام, وسدنة معبد الدجال, ألا ترى أن كل قساة القلوب, والمتنطعين لا يطيقون الوقوف أمام قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم , فيبحثون عن أدلة شرعية في زعمهم لتحريم الوقوف بين يديه صلى الله عليه وآله وسلّم , لا جرم أنهم محرومون محجوبون, فهم جند الدجال قد استحوذ عليهم, وجعلهم بدلاً منه, فهو ممنوع من دخول المدينة لا يستطيع.) ــــــــــــــــــــــــــ من كتاب / على أعتاب الحضرة المحمدية / للأستاذ الدكتور السيد الشريف محمود صبيح حفظه الله ـــــــــــــــــــــــ اللهم صل على سيدنا محمد النور وآله وسلم
_________________ صلوات الله تعالى تترى دوما تتوالى ترضي طه والآلا مع صحب رسول الله
|