نوادر الأصول في أحاديث الرسول (1/ 127-129)
(- الأَصْل السَّادِس عشر فِي أَن الْوُرُود فِي النارالدخول
عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "الْوُرُود الدُّخُول لَا يبْقى بر وَلَا فَاجر إِلَّا دَخلهَا فَتكون على الْمُؤمنِينَ بردا وَسلَامًا كَمَا كَانَت على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى أن للنار ضَجِيجًا من بردهمْ ثمَّ يُنجي الله الَّذين اتَّقوا ويذر الظَّالِمين فِيهَا جثيا".
كَأَن الله تَعَالَى أحب أَن يَجْعَل ممر الْمُؤمنِينَ فِيهَا كي إِذا نَجوا مِنْهَا علمُوا من أَيْن نَجوا وَلَيْسَ الْخَبَر كالمعاينة وَإِذا وردوا دَار السَّلَام علمُوا أَيْن حلوا فالشيء إِنَّمَا يعرف بضده ويعظم قدره؛ وَلذَلِك قَالُوا عِنْد دُخُول الْجنَّة: {الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} أَي: حزن قطع النيرَان الَّتِي خلص مِنْهَا وَجعلهَا بردا وَسلَامًا وَعَلمُوا أَنهم لم يحلوا دَار المقامة إِلَّا من فَضله وانهم لم يستوجبوا ذَلِك مِنْهُ، وَكَأَنَّهُ عز وَجل أحب أَن يبرز فضل الصَّادِقين وبذلهم أنفسهم لَهُ، وليأخذ بِحقِّهِ من الطَّبَقَة الَّتِي آثرت شهوات نفوسها بتضييع الْحق وهم أهل لَا إِلَه إِلَّا الله حَتَّى تنتقم النَّار مِنْهُم مُدَّة ثمَّ تُدْرِكهُمْ رَحْمَة الله وَقد محصوا ونقوا وصلحوا لدار السَّلَام، وليجوز الصادقون وهم لَا يَشْعُرُونَ بالنَّار قَالَ الله تَعَالَى: {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون}
وَإِنَّمَا بعدوا عَنْهَا لِأَن نور الْإِيمَان وَبرد الْيَقِين احتملهم واحتواهم فهم يمضون فِي النَّار حَتَّى إِذا خَرجُوا مِنْهَا قَالَ بَعضهم لبَعض: أَلَيْسَ قد وعدنا رَبنَا أَن نرد النَّار؟ قَالُوا: بلَى وَلَكِن مررتم بهَا وَهِي خامدة. لِأَن الرَّحْمَة أظلتهم حَتَّى أشرف نور الْإِيمَان فِي قُلُوبهم فخمدت النَّار من برد يقينهم وَلذَلِك نسب الْبرد إِلَى الْمُؤمنِينَ وَأما ضجة النَّار فَمن أجل أَنَّهَا خلقت منتقمة من أهل الْغَفْلَة وحشيت بغضب الله فَإِذا جَاءَ الْمُؤمن بنوره وبرده ضجت النَّار مَخَافَة أَن تبرد فتضعف عَن الانتقام.
عَن يعلى بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "إِن النَّار لتنادي جز يَا مُؤمن فقد أطفأ نورك لهبي".
والنجاة من الله تَعَالَى للْعَبد فِي هَذَا الموطن على قدر مَحَله عِنْده وَمحله على قدر مَا من الله عَلَيْهِ من الْمعرفَة بِهِ وَهُوَ الْيَقِين الَّذِي جعل لَهُ من ذَلِك حظا.
عَن السّديّ عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: "يرد النَّاس النَّار ثمَّ يصدرون عَنْهَا بأعمالهم فأولهم كلمح الْبَرْق ثمَّ كَالرِّيحِ ثمَّ كحضر الْفرس ثمَّ كالراكب فِي رحْلَة ثمَّ كشد الرجل ثمَّ كمشيه ثمَّ كحبوه".
وَإِنَّمَا ذكر الْأَعْمَال لِأَنَّهَا ظَاهِرَة وَالظَّاهِرَة محنة الْبَاطِن وَمَا فِي الْقُلُوب غيب إِلَّا عَن خَالق الْغَيْب وَالظَّاهِر شَاهد ينبىء عَمَّا فِي الْبَاطِن) اهـ .
_________________ مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
|