اسم الکتاب : تاريخ الخميس في احوال انفس النفيس
حسين بن محمد بن الحسن الدِّيار بَكْري (المتوفى: 966هـ)
(23)
فقال له ادريس اشفع لى عند ملك الموت ليؤخر أجلى فأزداد شكرا وعبادة فقال الملك لا يؤخر الله نفسا اذا جاء أجلها وأنا مكلمه فرفعه الى السماء ووضعه عند مطلع الشمس ثم أتى ملك الموت وقال لى اليك حاجة صديق لى من بنى آدم يتشفع بى اليك لتؤخر أجله فقال ملك الموت ليس ذلك الىّ ولكن ان أحببت أعلمته أجله فيقدّم لنفسه قال نعم فنظر فى ديوانه فقال انك كلمتنى فى انسان ما أراه يموت أبدا قال وكيف ذلك قال لا أجده يموت الا عند مطلع الشمس قال أنا أتيتك وتركته هناك قال انطلق فما أراك تجده الا وقد مات فو الله ما بقى من أجل ادريس شئ فرجع الملك فوجده ميتا* قال وهب كان يرفع لادريس كل يوم من العبادة مثل ما يرفع لجميع أهل الارض فى زمانه فعجب مبنه الملائكة وحبب اليهم واشتاق اليه ملك الموت فاستأذن ربه فى زيارته فأذن له فقال لملك الموت أذقنى الموت يهن علىّ ففعل باذن الله فحيى بعد ساعة ثم رفعه الى السماء وقال أدخلنى النار فأزداد رهبة ففعل ثم قال أدخلنى الجنة فأزداد رغبة ففعل فقال له أخرج الى مقرّك فتعلق بشجرة وقال ما أخرج منها فبعث الله ملكا حكما بينهما قال له الملك مالك لا تخرج قال لان الله تعالى قال كل نفس ذائقة الموت وقد ذقته وقال وان منكم الا واردها وقد وردتها وقال وما هم منها بمخرجين فلست أخرج فأوحى الله الى ملك الموت باذنى دخل وبأمرى لا يخرج فهو حىّ هنالك* واختلفوا فى أنه حىّ فى السماء أم ميت فقال قوم هو ميت وقال قوم هو حىّ وقالوا أربعة من الانبياء فى الاحياء اثنان فى الارض وهما الخضر والياس واثنان فى السماء وهما عيسى وادريس* وفى فصوص الحكم الياس هو ادريس كان نبيا قبل نوح وقد رفعه الله مكانا عليا فهو فى قلب الافلاك ساكن وهو فلك الشمس ثم بعث الى قرية بعلبك وبعل اسم صنم وبك اسم سلطان تلك القرية وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك وكان ادريس الذى هو الياس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبانة وهى الحاجة عن فرس من نار وجميع آلاته من نار فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة فكان عقلا بلا شهوة ولم يبق له تعلق بما يتعلق به الاغراض النفسية* وفى الكشاف قيل الياس هو ادريس النبىّ وقراءة ابن مسعود وان ادريس لمن المرسلين فى موضع الياس وقرئ ادراس وقيل هو الياس بن ياسين من ولد هارون النبىّ أخى موسى وبعل علم لصنم كمناة وهبل وقيل كان من ذهب وكان طوله عشرين ذراعا وله أربعة أوجه فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياء وكان الشيطان يدخل فى جوفه ويتكلم بشريعة الضلال والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس وهم أهل بعلبك من بلاد الشام وبه سميت مدينتهم بعلبك وقيل بعل الرب بلغة اليمن انتهى كلام الكشاف فلما رفع ادريس الى السماء وقع الاختلاف بين الناس وفتر الوحى الى زمان نوح
يتبع
_________________
مولاي صل وسلم دائما أبداعلى حبيبك خير الخلق كلهم اللهم صل على هذا النبى الأمين وأجعلنا من خاصة المقربين لديه السعداء وعلى آله وسلم حق قدره ومقداره العظيم
|