molhma كتب:
كتاب المستطرف في كل فن مستظرف
أعده وجمع مادته وألّف بين أخباره ونوادره وحكمه ومواعظه شهاب الدين محمد بن أحمد أبي الفتح الأشبيهي
(31)
الباب التاسع والسبعون في التوبة والاستغفار
وكان قتادة رضي الله تعالى عنه يقول: القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، أما دواؤكم فالاستغفار، وأما داؤكم فالذنوب.
وكان علي رضي الله تعالى عنه يقول: العجب لمن هلك ومعه كلمة النجاة، قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال عشرا حين يصبح وحين يمسي، أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه وأسأله التوبة والمغفرة من جميع الذنوب، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل رمل عالج. ومن قال سبحانك ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل دبيب النمل.
وقال أبو عبد الله الورّاق: لو كان عليك من الذنوب مثل عدد القطر وزبد البحر محيت عنك إذا استغفرت بهذا الاستغفار، وهو هذا: اللهم إني أسألك وأستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه ثم عدت فيه، وأستغفرك من كل ما وعدتك من نفسي ثم لم أوف لك به، وأستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطه غيرك، وأستغفرك من كل نعمة أنعمت بها علي فاستعنت بها على معصيتك، يقول الله عز وجل لملائكته: ويح ابن آدم يذنب الذنب ثم يستغفرني فأغفر له، ثم يذنب فيستغفرني فأغفر له لا هو يترك الذنب من مخالفتي ولا ييأس من مغفرتي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له.
وقال بشر الحافي «2» بلغني أن العبد إذا عمل الخطيئة أوحى الله تعالى إلى الملائكة الموكلين ترفقوا عليه سبع ساعات، فإن استغفرني فلا تكتبوها وإن لم يستغفرني فاكتبوها.
نكتة.. قيل: انقطع الغيث عن بني إسرائيل في زمن موسى عليه الصلاة والسلام حتى احترق النبات وهلك الحيوان، فخرج موسى عليه الصلاة والسلام في بني إسرائيل وكانوا سبعين رجلا من نسل الأنبياء مستغيثين إلى الله تعالى، قد بسطوا أيدي صدقهم وخضوعهم وقربوا قربان تذللهم وخشوعهم ودموعهم تجري على خدودهم ثلاثة أيام، فلم يمطر لهم، فقال موسى: اللهم أنت القائل: ادعوني أستجب لكم وقد دعوتك وعبادك على ما ترى من الفاقة والحاجة والذل، فأوحى الله تعالى إليه:
يا موسى إن فيهم من غذاؤه حرام وفيهم من يبسط لسانه بالغيبة والنميمة وهؤلاء استحقوا أن أنزل عليهم غضبي، وأنت تطلب لهم الرحمة كيف يجتمع موضع الرحمة وموضع العذاب؟ فقال موسى: ومن هم يا رب حتى نخرجهم من بيننا؟ فقال الله تعالى: يا موسى لست بهتاك ولا نمام، ولكن يا موسى توبوا كلكم بقلوب خالصة فعساهم يتوبوا معكم فأجود بإنعامي عليكم، فنادى منادي موسى في بني إسرائيل ان اجتمعوا فاجتمعوا فأعلمهم موسى عليه الصلاة والسلام بما أوحي إليه والعصاة يسمعون، فذرفت أعينهم ورفعوا مع بني إسرائيل أيديهم إلى الله عز وجل وقالوا: إلهنا جئناك من أوزارنا هاربين، ورجعنا إلى بابك طالبين فارحمنا يا أرحم الراحمين، فما زالوا كذلك حتى سقوا بتوبتهم إلى الله تعالى.
اللهم تب علينا وعلى سائر العصاة والمذنبين يا رب العالمين.
أوحى الله إلى داود عليه الصلاة والسلام: يا داود لو يعلم المدبرون عني كيف انتظاري لهم ورفقي بهم وشوقي إلى ترك معاصيهم، لماتوا شوقا إلي وتقطعت أوصالهم من محبتي، يا داود هذه إرادتي في المدبرين عني فكيف إرادتي بالمقبلين علي.
ولقد أحسن من قال:
أسيء فيجزي بالإساءة إفضالا ... وأعصي فيوليني برّا وإمهالا
فحتى متى أجفوه وهو يبرني ... وأبعد عنه وهو يبذل إيصالا
وكم مرة قد زغت عن نهج طاعة ... ولا حال عن ستر القبيح ولا زالا
وهذا آخر ما يسره الله تعالى في هذا البابا والله أعلم بالصواب.
الباب الثمانون فيما جاء في ذكر الأمراض والعلل والطب والدواء وما جاء في السنة من العبادة وما أشبه ذلك
وفيه فصول
يتبع
معذرة لظهور حديث النبي صلى الله عليه وآله الأبرار الكرام وسلم
باللون الأصفر