موقع د. محمود صبيح
https://www.msobieh.com:443/akhtaa/

الذريعة إلى مكارم الشريعة
https://www.msobieh.com:443/akhtaa/viewtopic.php?f=4&t=25325
صفحة 1 من 1

الكاتب:  mohamed nour [ السبت فبراير 13, 2016 8:32 pm ]
عنوان المشاركة:  الذريعة إلى مكارم الشريعة

الفصلُ الأول في أحوال الإنسان وقواه وفضيلته وأخلاقه

مثل أهل الدنيا وما رشحوا له



الإنسان في هذه الدار كما قال أمير المؤمنين عليٌّ - رحمه الله -: الناس سفر، والدنيا دار ممر لا دار مقر، وبطن أمه مبدأ سفره، والآخرة مقصده، وزمان حياته مقدار مسافته وسنوه منازله، وشهوره فراسخه، وأيامه أمياله، وأنفاسه خطاه، يسار به سير السفينة براكبها، كما قيل: شعر.
رأيت أخا الدنيا وإن كان خافضًا ... أخا سفر يُسرى به وهْوَ لا يدري
وقد دعي إلى دار السلام كما قال تعالى: (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ،
وقال تعالى: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ) ،
وتوجه به إليها نحو أشرف الزهرات وألذ الثمرات (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) ،
بل إلى (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) .
لكن لما كان الطريق إليها مضلة مظلمة قد استولى عليها أشرار ظلمة، جعل اللَّه تعالى لنا من العقل الذي ركبه فينا وكتابه الذي أنزله علينا نورًا هاديًا، ومن عبادته التي أمرنا بها حصنا واقيا
فقال في وصف نوره: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ)
، فجعل المصباح مثلًا للعقل، والمشكاة مثلًا لصدر المؤمن، والزجاجة لقلبه،
والشجرة المباركة وهي الزيتونة للدين، وجعلها لا شرقية ولا غربية، تنبيها أنها مصونة عن التفريط والإفراط، كما قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)
، والزيت للقرآن، وبين أن القرآن يمد العقل مدَّ الزيت المصباح، وإنه يكاد
يكفي لوضوحه وإن لم يعاضده العقل، ثم قال: (نُورٌ عَلَى نُورٍ) ، أي ولما كانت زهرات الدنيا رائقة الظاهر خبيثة الباطن نهى اللَّه تعالى عن الاغترار بها
فقال: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) .
واللَّه تعالى يؤيد بفضله من يشاء وهو الباري.

الكاتب:  mohamed nour [ السبت فبراير 13, 2016 8:37 pm ]
عنوان المشاركة:  Re: الذريعة إلى مكارم الشريعة

ماهية الإنسان وكيفية تركيبه



الإنسان مركب من جسم مدرك بالبصر، ونفس مدركة بالبصيرة، وإليهما أشار تعالى بقوله: (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72)
فالإشارة بالروح إلى النفس، وإضافته تعالى الروح إليه تشريفًا لها، وعنى بها النفس المذكورة في قوله تعالى: (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) ، ووجود النفس في
الإنسان لا يحتاج إلى أن يدل عليه لوضوح أمره، بل ينبه الجاحد لها والغافل عنها بأنها هي التي بحصولها في الجسم تحصل الحياة والحركة والحس والعلم والرأي والتمييز،
ويكون الجسم متصرفًا بها وحاملًا ومستحسنًا ومستطابا ومحببا، وبفقدها عدم هذه الأشياء فيصير جيفة يحتاج إلى عدة تحمله، وهي محل الأعراض الروحانية كالجسم في كونه محلَا للأعراض الجسمانية، وقد حث اللَّه تعالى على التدبر في النفس والتفكر فيها، وجعل معرفتها مقرونة بمعرفته تعالى في قوله: (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)
وقال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) .
وكان يقال في الأم السالفة: من أنكر الباري رجم لكونه جاحدًا، ومن أنكر النفس رجم لكونه جاهلًا، وقيل: كان في كتب اللَّه المنزلة: اعرف نفسك يا إنسان تعرف ربك، وقال - صلى الله عليه وسلم -: " أعرفكم بربه أعرفكم بنفسه "، بل قد قال تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) ، تنبيهًا لهم أنهم لما نسوه تعالى دلَّ
نسيانهم إيَّاه على نسيانهم لها.
وقالت الحكماء: قد ركب اللَّه الإنسان تركيبًا محسوسًا معقولًا، على هيئة العالم وأوجده شبه كل ما هو موجود في العالم حتى قيل: الإنسان هو عالم صغير ومختصر للعالم الكبير؛ وذلك ليدل به على معرفة العالم، فيتوصل بهما إلى معرفة صانعهما، فغاية معرفة الإنسان لبارئه تعالى أن يعرف العالم، فيعلم أنه موجَد، وأن له موجِدًا ليس مثله، تعالى اللَّه عن ذلك علوًّا كبيرًا.

الكاتب:  mohamed nour [ السبت فبراير 13, 2016 8:42 pm ]
عنوان المشاركة:  Re: الذريعة إلى مكارم الشريعة

في قوى الانسان



قد جعل اللَّهْ للإنسان خمس قوى، يدل على وجودها فيه ما يظهر من تأثيراتها:
قوة الغذاء: وبها النشأة والتريية والولادة.

واعلم أن السمع والبصر كالأخوين يخدم كل واحد منهما صاحبه في إدراكه، فقد ينوب السمع عن البصر في إبلاغ القلب بما يأخذه عن اللفظ فيدرك في ساعة ما لا يدركه البصر في برهة، وينوب البصر عن السمع في إبلاغ القلب بمطالعة الكتب ما لا يدركه السمع في مدة سيما إذا كان المخاطب ناقص العبارة، أو غير متثبت في الكلام، أو دق المعنى وغمض عن الإفهام.

صفحة 1 من 1 جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين
Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group
http://www.phpbb.com/