[size=150][b] حكم وفوائد من شق صدره الشريف صلى الله عليه وسلم ...1
الفائدة الأولى : قال العلامة ابن المنير: وشق الصدر له صلى الله عليه وسلم وصبره عليه من جنس مابتلى الله تعالى به الذبيح وصبر عليه، بل هذا أشق وأجل لأن تلك معاريض وهذه حقيقة.
وأيضاا فقد تكرر ووقع له وهو صغير يتيم بعيد عن أهله صلى الله عليه وسلم.
الفائدة الثانية : سئل شيخ الاسلام أبو الحسن السبكي رحمه الله تعالى عن العلقة السوداء التي أخرجت من قلبه صلى الله عليه وسلم حين شق فؤاده وقول الملك : هذا حظ الشيطان منك.
فأجاب رحمه الله تعالى:- بأن تلك العلقة خلقها الله تعالى في قلوب البشر قابلة لما يلقيه الشيطان فيها فأزيلت من قلبه صلى الله عليه وسلم فلم يبق فيه مكان لأن يلقي الشيطان فيه شيئاا.
هذا معنى الحديث. ولم يكن للشيطان فيه حظ، وأما الذي نفاه الملك فهو أمر في الجبلة البشريه فأزيل القابل الذي لم يكن يلزم من حصوله حصول القذف في القلب، وقيل له : فلم خلق الله تعالى هذا القابل في هذه الذات الشريفة؟ وكان يمكن أن لايخلقه الله تعالى فيها؟
فقال: انه من جملة الأجزاء الانسانية فخلق تكملة للخلق الانساني ولا بد منه ونزعه كرامة ربانية وطرأت.
وقال غيره: لوخلق الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم كذلك لم يكن لللآدميين اطلاع على حقيقته صلى الله عليه وسلم فأظهره الله تعالى على يد جبريل عليه الصلاة والسلام ليتحققوا كمال باطنه كما برز لهم مكمل الظاهر صلى الله عليه وسلم.
الفائد الثالثة: قال الشيخ أبومحمد بن أبي جمرة: الحكمة في شق صدره صلى الله عليه وسلم مع القدرة على أن يمتلىء قلبه ايمانا وحكمة من غير شق الزيادة في قوة اليقين لأنه اعطى برؤيته شق صدره وعدم تأثره بذلك ماأمن معه من جميع المخاوف العادية, فلذلك كان صلى الله عليع وسلم اشجع الناس حالاا ومقالاا ولذلك وصف الله تعالى: ( مازاغ البصر وماطغى ).
الفائدة الرابعة: في الحكمة في تكرره قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بعد أن ذكر الأولى والثالثة والرابعة: ولكل الثلاث حكمة فالأولى: كانت في زمن الطفوليه لينشأ على أكمل الأحوال من العصمة من الشيطان، ثم عند البعث: زيادة في اكرامه لتلقي مايلقى اليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير، ثم وقع عند ارادة العروج الى السماء: ليتأهب للمناجاة.
قال الحافظ الشامي قلت: وسئلت عن حكمة المرة الثانية مع ذكره اياها في كتاب التوحيد جازماا بها: ويحتمل أن يقال لما كان التمييز في ثامن سن التكليف شق صدره صلى الله عليه وسلم وقدس حتى لايتلبس بشيء ممايعاب على الرجال، والله أعلم.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة في الاسباغ بحصول المرة الثالثة كما هي شرعه صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى : وانما غسل قلبه وقد كان مقدساا وقابلاا لما يلقى فيه من الخير، وقد غسل أولاا وهو صغير السن وأخرجت منه العلقة اعظاماا وتأهباا لما يلقى هناك يعني في المعراج.
وقد جرت الحكمة بذلك في غير ماموضع مثل الوضوء للصلاة لمن كان متوضئاا، لأن الوضوء في حقه انما هو اعظام وتأهب للوقوف بين يدي الله تعالى ومناجاته، ولذلك تسن الزيادة على الواحدة والثنتين اذا أسبغ بالأولى لأن الاجزاء قد حصل وبقي مابعد الاسباغ الى الثلاث اعظاماا وكذلك غسل الباطن هنا بالنسبة له صلى الله عليه وسلم
وقد قال تعالى ( ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب ) فكان الغسل له ^ص^ من هذا القبيل واشارة لأمته بالفعل بتعظيم الشعائر كما نص لهم عليه القول.
وقال البرهان النعماني رحمه الله تعالى قد حسن لداخل الحرم الشريف الغسل، فما ظنك بداخل الحضرة المقدسه. فلما كان الحرم الشريف من عالم الملك وهو ظاهر الكائنات أنيط الغسل له بظاهر البدن في عالم المعاملات، ولما كانت الحضرة الشريفة من عالم الملكوت وهو باطن الكائنات أنيط الغسل بباطن البدن في الحقيقات.
وقد عرج به لتعرض عليه الصلاة وليصلي بملائكة السموات ومن شأن الصلاة الطهور، فقدس ظاهراا وباطناا صلى الله عليه وسلم.
فان قلت: ان الله تعالى خلقه نوراا متنقلاا من الانبياء وفي صفاء النور مايغنى عن التطهير الحسي، ثم ان المرة الأولى لم تكن كافية في تطهير الباطن ويلزم عليه أنه بعد النبوة كان فيه شيء يحتاج الى ذلك وهو منزه عن أدران البشرية.
( قلت ) الأولى لعلم اليقين، والثانية لعين اليقين، والثالثة لحق اليقين.
الفائدة الخامسة: قال السهيلي: وخص الذهب لكونه مناسباا للمعنى الذي قصد به، وان نظرت الى لفظ الذهب فمطابق للذهاب، وان الله تعالى أراد أن يذهب عنه الرجس ويطهره تطهيراا صلى الله عليه وسلم، وان نظرت الى معنى الذهب وأوصافه وجدته أنقى شيء وأوصفاه.
الفائدة السادسة : قال ابن أبي جمرة لنما لم يغسل بماء الجنة لما اجتمع في زمزم من كون أصل مائها من الجنة ثم أستقر في الأرض فأريد بذلك بقاء بركته ^ص^ في الأرض.
وقال غيره: لما كان ماء زمزم أصل من أوتيه اسماعيل ^ص^ وقد ربي عليه ونما عليه قلبه وجسده وصار هو صاحبه وصاحب البلدة المباركة ناسب أن يكون ولده الصادق المصدوق كذلك، ولما فيه من الاشارة الى اختصاصه بذلك بعده فانه قد صارت الولاية اليه في الفتح، فجعل السقاية للعباس ولولده وحجابة البيت لعثمان بن أبي شيبه وعقبه الى يوم القيامة.
الفائدة السابعة : الحكمة في غسل صدره ^ص^ بماء الثلج والبرد هي مع ما فيها من الشفاء وعدم التكدر بالأجزاء الترابية التي هي محل للأرجاس وعنصر الأكدار: الايماء الى أن الوقت يصفو له ولأمته ويروق لشريعته الغراء وسنته، والاشارة الى ثلوج صدره: أي انشراحه بالنصر على أعدائه والظفر بهم والايذان ببرودة قلبه: أي طمأنينته على أمته بالمغفرة لهم والتجاوز عن سيئاتهم.
وقال ابن دحية: انما غسل قلبه بالثلج لما يشعر به من ثلج اليقين الى قلبه، وقد كان ^ص^ يقول بين التكبير والقراءة: اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والبرد. وأراد تعالى أن يغسل قلبه بماء حمل من الجنة في طست من ذهب ممتلىء حكمة وايمانا ليعرف قلبه طيب الجنة ويجد حلاوتها، فيكون في الدنيا أزهد وعلى دعوة الخلق الى الجنة أحرصن لأنه كان له أعداء يتقوٌلون عليه، فأراد الله تعالى أن ينفي عنه الطبع البشرية من ضيق الصدر وسوء مقالات الأعداء، فغسل قلبه ليورث ذلك صدره سعة ويفارقع الضيق.
كما قال تعالى ( ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون ) فغسل قلبه غير مرة فصار بحيث اذا ضرب أو شج رأسه أو كسرت رباعيته كما في يوم أحد يقول: اللهم اغفر لقومي فانهم لايعلمون.
الفائدة الثامنه: اختلف في تفسير الحكمة فقيل : انها العلم المشتمل على معرفة الله مع نفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق للعمل به والكف عن ضده، والحكيم من حاز ذلك.
قال الامام النووي: هذا ما وصفنا لنا من أقول كثيرة، انتهى.
وقد تطلق الحكمة على القرآن وهو مشتمل على ذلك كله وعلى النبوة كذلك، وقد تطلق على العلم فقط وعلى المعرفة فقط ونحو ذلك.
وقال الحافظ ابن حجر : أصح ماقيل فيها: أنها وضع الشيء في محله أو الفهم في كتاب الله تعالى، وعلى التفسير الثاني قد توجد الحكمة دون الايمان وقد لاتوجد، وعلى الأول فقد يتلازمان لأن الايمان تدل عليه الحكمة.
فائدة مهمة: قال الحبيب الامام العارف بالله السييد علي الحبشي في قضية شق الصدر النبوي: واخرج حظ الشيطان منه، كما جاء في الأخبار والآثار :
وما أخرج الأملاك من قلبه أذى ولكنهم زادوه طهراا على طهر
يقول محمد علوي مؤلفه: ووقع في قلبي معنى آخر، وهو أن قلب سيدنا رسول الله ^ص^ مملوء بالرحمة، بل هو منبعها وأصلها كما قال تعالى : (( وما أرسلناك الا رحمة للعالمين )) وهذه الرحمة شاملة كاملة، لأنها رحمة الله التي وسعت كل شيء، ولكن الله سبحانه وتعالى أخرج الشيطان وأعوانه واخوانه ومن قدر عليه الشقاء من هذه الرحمة، فلا نصيب لهم فيها ولاشيء لهم منها، ويكون المعنى حينئذ أنهم خرجوا من قلبه الشريف حظ الشيطان من رحمته، فلا حظ للشيطان في هذه الرحمة، والله أعلم.
منقول باختصار من كتاب" محمد صل الله عليه وسلم الانسان الكامل" – الدكتور السيد محمد علوي المالكي
[/b][/size]
_________________ مدد ياسيدى يارسول الله مدديااهل العباءة .. مدد يااهل بيت النبوة اللهم ارزقنا رؤية سيدنا رسول الله فى كل لمحة ونفس
|