اسيقظت الجزيرة فى هذا الصباح على بهجة ظاهرة وترقب خفى و قلق لا يدرى احد مصدره فبالامس القريب قد اتم الامير الصغير وولى العهد حفظ كتاب الله قبل ان يتم الثامنة من عمره وقرر الملك اقامة احتفالية كبرى لهذا الامر اليوم تشمل وليمة وانشاد وقراءة للكتاب الله باصوات عذبة وها انت ترى القصر الملكى على قدم وساق ومن بين الحجرات توقف ملك البلاد امام غرفة ابنه الشيخ الصغير وتامله بعين الرضا وهو يجلس يرتل عن ظهر قلب مستقبلا القبلة كلمات الله وقد شمل الكون سكون للحظة وخشعت الاصوات فلا تسمع ولا ترى هناإلا نور وسرور يخرج من فم الطفل البرئ فتنسم الملك نسمات عطرة قد انتشرت بالمكان ثم انطلق لمقر الحكم لكنه لم يصل اليه ابدا
======
فى تلك الاثناء كانت سفن الدولة الاسبانية قد رست على شواطئ الغفلة شواطئ الجزيرة المسالمة التى غفلت عن سلاحها وترقب احوال شواطئها فدنسها الغزاة على حين غرة ظن القوم ان الكون لا يشمل غيرهم فتراخوا وتكاسلوا وتركوا كثير العمل والعلم وتواصوا بالخمول وسفاسف الامور وكان العيب عيب الملك والرعية اذا تراكها فى نومها كالمغشية عليها واكتفى بتيسير الاعمال وادارة الاعوان والعمال وحتى هذه ما كانت ادارة مرضية فقد كبر وترك لبعضهم حرية ما رعوها حق رعايتها وامانات ما صانوها فكان العقاب بضرب الغزاة على الابواب وجاس الفجرة فى الديار وقتلوا الملك ووكثير من الانصار ثم بعد حين نصبوا خائن من ابناء البلدةحاكما صوريا عليها ام الامر والنهى فللمستشارين الاجانب واخذواالطفل او ولى العهد ورحلوا به وسط دموع مقهورة من سكان الجزيرة على محبوبهم الذي فجعوهم فيه ليكتمل همهم بقتل ملكهم وخطف ولى عهده فهو ذل بعد ذل ولله الامر
===============
وانطلقت السفن عائدة حاملة كنوز الجزيرة الغابرة ومرت الاعوام وكبر الغلام طفلنا الصغير قد شب عن الطوق لكن يا الهول ما اغرب الايام وتقلبها اهو هو الامير ام هذا فارس قشتالى عربيد فى حان يتمايل سكرا بين احضان الغانيات نعم هو ذا الفارس الشهير بالبحرية الاسبانية بالتحديدة بالقوات الملكية قد اجتهد الفتى حتى صار علما وقائد لا يكسر له رمحا او بالاحرى مدفعا فقد ولى زمن الرماح خاض من الحروب على صغر سنة ما جعله مصدر افتخار الملكة واحد رجالها المؤتمنين وكان هذا الفتى وامثاله ليجعلوا المملكة فى هناء لولا امر قد قض مضاجعم فكل فترة يصحوا القصر على خبر مقتل احد المستشارين للبلاط فى امر تكرر دون ايجاد الجانى فصار النبلاء فى فزع وسؤال من منهم التالى؟ ومن هذا الذى لا يخشى استخبارت البلاط وعيونه وتلاعب بالجميع وكيف له بحسن الاختيار للضحايا فيختار اشدهم نفعا للمملكة واكثرهم اذى لاعدائها وتعجبوا من هذا الحرف الذى يضعه بجوار الجثث Z وتمر الاحداث سريعا وتقرر الملكة ان تبعث بخير قوادها الباقين على قيد الحياة فى مهمة كبرى ففى خطوة مفاجأة قررت اعادة التوسع فى جنوب شرق اسيا ليمتد نفوذها اكثر واكثر هناك ومن اولى بقيادة البعثة التى ستكون مركز قيادة التوسع ؟ ممن كان يوما قرة عين الجزيرة المهمة فى قلب تلك المنطقة الطفل الصغير الذى خطفه الاسبان يوما ما فعاد قائدهم ليغزوا مسقط راسه وما حولها ودخل القائد قصر ابيه القديم وقد صار بيت الحاكم الخائن الذى اغرق اقدام القائد تقبيلا بنفاق زائد لا يليق ومقامه الصورى المزعوم فتافف القائد ومن حوله من الجند وامره بالرحيل فالامير وقد تزوج احدى وصيفات الملكة قبل رحيله يريد ان يقضى ايام زواجه الاولى فى قصر ابيه القديم وفى سويعات كان المكان قد تغير حاله وصا قريب الشبه بما كان ولكن هيهات وانتشر خبر عودة القائد الامير ففجع العامة وبهت الخاصة واطلقوا عليه فيما بينهم لقب المرتد واشتهر به وسط الجزر ولم يبالى كثيرا القائد فسارع بارسال الرسائل طلبا من امراء الجزر المسلمة المحيطة بالحضور على عجل وإلا جائهم هو بجنوده ففهم الجميع التهديد والوعيد وعلموا انه لا قبل لهم به فجاؤا مذعنين واعجبت الملكة فى رسائل راسلتها بها الوصيفة زوجة القائد وعين الملكة عليه اعجبت به اكثر واكثر وقد خضع له الحميع دون ان يفقد جنديا واحد واستتب له الامر
وفى يوم العيد الثالث لوصوله للجزيرة توافق بعض الشباب ان ياخذوا بالاسباب ويتسلقو الابواب ليتقلوا المرتد فى عقر داره لردته وخيانته جزاء وفاقا لكن المرء يريد والله يفعل مايريد
_________________ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ
|