الخوف والرجاء الشطر الأول في الرجاء أما الشطر الأول فيشتمل على بيان حقيقة الرجاء وبيان فضيلة الرجاء وبيان دواء الرجاء والطرق الذي يجتلب به الرجاء . بيان حقيقة الرجاء : اعلم أن الرجاء من جملة مقامات السالكين وأحوال الطالبين وإنما يسمى الوصف مقاماً إذا ثبت وأقام وإنما يسمى حالاً إذا كان عارضاً سريع الزوال وكما أن الصفرة تنقسم إلى ثابتة كصفرة الذهب وإلى سريعة الزوال كصفرة الوجل وإلى ما هو بينهما كصفرة المريض فكذلك صفات القلب تنقسم هذه الأقسام فالذي هو غير ثابت يسمى حالاً لأنه يحول على القرب وهذا جار في كل وصف من أوصاف القلب وغرضنا الآن حقيقة الرجاء فالرجاء أيضاً يتم من حال وعلم وعمل فالعلم سبب يثمر الحال والحال يقتضي العمل وكان الرجاء اسماً من جملة الثلاثة وبيانه أن كل ما يلاقيك من مكروه ومحبوب فينقسم إلى موجود في الحال وإلى موجود فيما مضى وإلى منتظر في الاستقبال فإذا خطر ببالك موجود فيما مضى سمي ذكراً وتذكراً وإن كان من خطر بقلبك موجوداً في الحال سمي وجداً وذوقاً وإدراكاً وإنما سمي وجداً لأنها حالة تجدها من نفسك وإن كان قد خطر ببالك وجود شيء في الاستقبال وغلب ذلك على قلبك سمى انتظار وتوقعا فإن كان المنظر مكروهاً حصل منه ألم في القلب سمي خوفاً وإشفاقاً وإن كان محبوباً حصل من انتظاره وتعلق القلب به وإخطار وجوده بالبال لذة في القلب وارتياح سمى ذلك الارتياح رجاء فالرجاء هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب عنده ولكن ذلك لمحبوب المتوقع لا بد وأن يكون له سبب فإن كان انتظاره لأجل حصول أكثر أسبابه الرجاء عليه صادق وإن كان ذلك انظارا مع انخرام أسبابه واضطرابها فاسم الغرور والحمق عليه أصدق من اسم الرجاء وإن لم تكن الأسباب معلومة الوجود ولا معلومة الانتقاء فاسم التمني أصدق على انتظاره لأنه انتظار من غير سبب وعلى كل حال فلا يطلق اسم الرجاء والخوف إلا على ما يتردد فيه أما ما يقطع به فلا إذا لا يقال أرجو طلوع الشمس وقت الطلوع وأخاف غروبها وقت الغروب لأن ذلك مقطوع به نعم يقال أرجو نزول المطر وأخاف انقطاعه وقد عَلِمَ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ أَنَّ الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ والقلب كالأرض والإيمان كالبدر فِيهِ وَالطَّاعَاتِ جَارِيَةٌ مَجْرَى تَقْلِيبِ الْأَرْضِ وَتَطْهِيرِهَا وَمَجْرَى حَفْرِ الْأَنْهَارِ وَسِيَاقَةِ الْمَاءِ إِلَيْهَا وَالْقَلْبَ المستهتر في الدنيا الْمُسْتَغْرِقَ بِهَا كَالْأَرْضِ السَّبِخَةِ الَّتِي لَا يَنْمُو فِيهَا الْبَذْرُ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمُ الْحَصَادِ وَلَا يحصد أحد إِلَّا مَا زَرَعَ وَلَا يَنْمُو زَرْعٌ إِلَّا من بذر السبخة التي لا ينمو إيمان مع خبث القلب وسوء أخلافه كَمَا لَا يَنْمُو بَذْرٌ فِي أَرْضٍ سَبِخَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَاسَ رَجَاءُ الْعَبْدِ الْمَغْفِرَةَ بِرَجَاءِ صَاحِبِ الزَّرْعِ فَكُلُّ مَنْ طَلَبَ أَرْضًا طَيِّبَةً وَأَلْقَى فِيهَا بَذْرًا جَيِّدًا غَيْرَ عَفِنٍ وَلَا مُسَوِّسٍ ثُمَّ أَمَدَّهُ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَهُوَ سَوْقُ الْمَاءِ إِلَيْهِ فِي أَوْقَاتِهِ ثُمَّ نَقَّى الشَّوْكَ عَنِ الْأَرْضِ وَالْحَشِيشَ وَكُلَّ مَا يَمْنَعُ نَبَاتَ الْبَذْرِ أَوْ يُفْسِدُهُ ثُمَّ جَلَسَ مُنْتَظِرًا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى دَفْعَ الصَّوَاعِقِ وَالْآفَاتِ الْمُفْسِدَةِ إِلَى أَنْ يَتِمَّ الزَّرْعُ وَيَبْلُغَ غَايَتَهُ سُمِّيَ انْتِظَارُهُ رَجَاءً وَإِنْ بَثَّ الْبَذْرَ فِي أَرْضٍ صُلْبَةٍ سَبِخَةٍ مُرْتَفِعَةٍ لَا يَنْصَبُّ إِلَيْهَا الْمَاءُ وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِتَعَهُّدِ الْبَذْرِ أَصْلًا ثُمَّ انْتَظَرَ الْحَصَادَ مِنْهُ سُمِّيَ انْتِظَارُهُ حُمْقًا وَغُرُورًا لَا رَجَاءً وَإِنْ بَثَّ الْبَذْرَ فِي أَرْضٍ طيبة ولكن لَا مَاءَ لَهَا وَأَخَذَ يَنْتَظِرُ مِيَاهَ الْأَمْطَارِ حَيْثُ لَا تَغْلِبُ الْأَمْطَارُ وَلَا تَمْتَنِعُ أَيْضًا سُمِّيَ انْتِظَارُهُ تَمَنِّيًا لَا رَجَاءً فَإِذَنِ اسْمُ الرجاء إنما يصدق على انتظاره مَحْبُوبٍ تَمَهَّدَتْ جَمِيعُ أَسْبَابِهِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ اخْتِيَارِ الْعَبْدِ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مَا لَيْسَ يَدْخُلُ تَحْتَ اخْتِيَارِهِ وَهُوَ فَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى بِصَرْفِ الْقَوَاطِعِ وَالْمُفْسِدَاتِ فَالْعَبْدُ إِذَا بَثَّ بَذْرَ الْإِيمَانِ وَسَقَاهُ بِمَاءِ الطَّاعَاتِ وَطَهَّرَ الْقَلْبَ عَنْ شَوْكِ الأخلاق الردئية وَانْتَظَرَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى تَثْبِيتَهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْمَوْتِ وَحُسْنَ الْخَاتِمَةِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى المغفرة وكان انتظاره رجاء حقيقا مَحْمُودًا فِي نَفْسِهِ بَاعِثًا لَهُ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ القيام بمقتضى أسباب الإيمان في إنمام أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ إِلَى الْمَوْتِ وَإِنْ قَطَعَ عَنْ بذر الإيمان تعهده بماء الطاعات وترك الْقَلْبَ مَشْحُونًا بِرَذَائِلِ الْأَخْلَاقِ وَانْهَمَكَ فِي طَلَبِ لَذَّاتِ الدُّنْيَا ثُمَّ انْتَظَرَ الْمَغْفِرَةَ فَانْتِظَارُهُ حُمْقٌ وَغُرُورٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَحْمَقُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الجنة وَقَالَ تَعَالَى
( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لنا ) وذم الله تعالى صاحب البستان إذا دخل جنته وقال ما أظن تبيده هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رددت إلى ربدى لأجدن خيراً منها منقلباً ) فإذا الْعَبْدُ الْمُجْتَهِدُ فِي الطَّاعَاتِ الْمُجْتَنِبُ لِلْمَعَاصِي حَقِيقٌ بِأَنْ يَنْتَظِرَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَمَامَ النِّعْمَةِ وَمَا تَمَامُ النِّعْمَةِ إِلَّا بِدُخُولِ الْجَنَّةِ وَأَمَّا الْعَاصِي فَإِذَا تَابَ وَتَدَارَكَ جَمِيعَ مَا فَرَطَ مِنْهُ مِنْ تَقْصِيرٍ فَحَقِيقٌ بِأَنْ يَرْجُوَ قَبُولَ التوبة وأما قبل التوبة إذا كان كارهاً للمعصية تسوءه السيئة وتسره الحسنة وهو يذم نفسه ويلومها ويشتهي التوبة ويشتاق إليها فحقيق بأن يرجو منا لله التوفيق للتوبة لأن كراهيته للمعصية وحؤصه على التوبة يجري مجرى السبب الذي قد يفضي إلى التوبة وإما الرَّجَاءُ بَعْدَ تَأَكُّدِ الْأَسْبَابِ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله ) معناه أولئك يستحون أن يرجوا رحمة الله وما أراد به تخصيص وجود الرجاء لأن غيرهم أيضاً قد يرجو ولكن خصص بهم استحقاق الرجاء فَأَمَّا مِنْ يَنْهَمِكُ فِيمَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَذُمُّ نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْزِمُ عَلَى التَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ فَرَجَاؤُهُ الْمَغْفِرَةَ حُمْقٌ كَرَجَاءِ مَنْ بَثَّ الْبَذْرَ فِي أَرْضٍ سَبِخَةٍ وَعَزَمَ عَلَى أَنْ لَا يَتَعَهَّدَهُ بِسَقْيٍ وَلَا تَنْقِيَةٍ قَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ مِنْ أَعْظَمِ الِاغْتِرَارِ عِنْدِي التمادي في الذنوب مع رَجَاءِ الْعَفْوِ مِنْ غَيْرِ نَدَامَةٍ وَتَوَقُّعُ الْقُرْبِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ طَاعَةٍ وَانْتِظَارُ زَرْعِ الْجَنَّةِ بِبَذْرِ النَّارِ وَطَلَبُ دَارِ الْمُطِيعِينَ بِالْمَعَاصِي وَانْتِظَارُ الْجَزَاءِ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَالتَّمَنِّي عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ الْإِفْرَاطِ تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا ... إِنَّ السَّفِينَةَ لَا تَجْرِي عَلَى اليبس فإذا عرفت حقيقة الرجاء ومظنته فقد علمت أنها حالة أثمرها العلم بجريان أكثر الأسباب وهذه الحالة تثمر الجهد للقيام ببقية الأسباب على حسب الإمكان فإن من حسن بذره وطابت أرضه وغزر ماؤه صدق رجاؤه فلا يزال يحمله صدق الرجاء على تفقد الأرض وتعهدها وتنحية كل حشيش ينبت فيها فلا يفتر عن تعهدها أصلاً إلى وقت الحصاد وهذا لأن الرجاء يضاده اليأس واليأس يمنع من التعهد فمن عرف أن الأرض سبخة وأن الماء معوز وأن البذر لا ينبت فيترك لا محالة تفقد الأرض والتعب في تعهدها والرجاء محمود لأنه باعث واليأس مذموم وهو ضده لأنه صارف عن العمل والخوف ليس بضد للرجاء بل هو رفيق له كما سيأتي بيانه بل هو باعث آخر بطريق الرهبة كما أن الرجاء باعث بطريق الرغبة فَإِذَنْ حَالُ الرَّجَاءِ يُورِثُ طُولَ الْمُجَاهَدَةِ بِالْأَعْمَالِ وَالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الطَّاعَاتِ كَيْفَمَا تَقَلَّبَتِ الْأَحْوَالُ وَمِنْ آثَارِهِ التَّلَذُّذُ بِدَوَامِ الْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى والتنعم بمناجاته وَالتَّلَطُّفُ فِي التَّمَلُّقِ لَهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ لابد وَأَنْ تَظْهَرَ عَلَى كُلِّ مَنْ يَرْجُو مَلِكًا مِنَ الْمُلُوكِ أَوْ شَخْصًا مِنَ الْأَشْخَاصِ فَكَيْفَ لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ لَا يَظْهَرُ فَلْيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى الْحِرْمَانِ عَنْ مَقَامِ الرَّجَاءِ وَالنُّزُولِ فِي حَضِيضِ الغرور والتمني فهذا هو البيان لحال الرجاء ولما أثمره من العلم ولما استثمر منه من العمل ويدل على إثماره لهذه الأعمال حديث زيد الخيل إذ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جئت لأسألك عن علامة الله فيمن لا يريد وعلامته فيمن لا يريد فقال كيف أصبحت قال أصحبت أحب الخير وأهله وإذا قدرت على شيء منه سارعت إليه وأيقنت بثوابه وإذا فاتني منه شيىء حزنت عليه وحننت إليه فقال هذه علامة الله فيمن يريد ولو أرادك للأخرى هيأك لها ثم لا يبالي في أي أوديتها هلكت فقد ذكر صلى الله عليه وسلم علامة من أريد به الخير فمن ارتجى أن يكون مراداً بالخير من غير هذه العلامات فهو مغرور بيان فضيلة الرجاء والترغيب فيه
اعلم أن العمل على الرجاء أعلى منه على الخوف لأن أقرب العباد إلى الله تعالى أحبهم له والحب يغلب الرجاء واعتبر ذلك بملكين يخدم أحداهما خوفاً من عقابه والآخر رجاء لثوابه ولذلك ورد في الرجاء وحسن الظن رغائب لا سيما في وقت الموت قال تعالى ( لا تقنطوا من رحمة الله ) فحرم أصل اليأس وفي أخبار يعقوب عليه السلام إن الله تعالى أوحى إليه أتدري لم فرقت بينك وبين يوسف لأنك قلت أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون لم خفت الذئب ولم ترجني ولم نظرت إلى غفلة أخوته ولم تنظر إلى حفظي له وقال صلى الله عليه وسلم لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله تعالى وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وجل أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء ودخل صلى الله عليه وسلم على رجل وهو في النزع فقال كيف تجدك فقال أجدني أخاف ذنوبي وأرجو رحمة ربي فقال صلى الله عليه وسلم ما اجتمعا في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما رجا وأمنه مما يخاف وقال علي رضي الله عنه لرجل أخرجه الخوف إلى القنوط لكثرة ذنوبه يا هذا يأسك من رحمة الله أعظم من ذنوبك وقال سفيان من أذنب ذنباً فعلم أن الله تعالى قدره عليه ورجاء غفرانه غفر الله له ذنبه قال لأن الله عز وجل عير قوماً فقال وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم وقال تعالى وظننتم ظن السوء وكنتم قوماً بوراً وفي الخبر الصحيح أن رجلاً كان يداين الناس فيسامح الغني ويتجاوز عن المعسر فلقي الله ولم يعمل خيراً قط فقال الله عز وجل من أحق بذلك منا فعفا عنه لحسن ظنه ورجائه أن يعفو عنه مع إفلاسه عن الطاعات. وَقَالَ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يرجون تجارة لن تبور . ولما وفي الخبر إن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام أحبني وأحب من يحبني وحببني إلى خلقي فقال يا رب كيف أحببك إلى خلقك اذكرني بالحسن الجميل واذكر آلائي وإحساني وذكرهم ذلك فإنهم لا يعرفون مني إلا الجميل ورئى أبان بن أبي عياش في النوم وكان يكثر ذكر أبواب الرجاء فقال أوقفني الله تعالى بين يديه فقال ما الذي حملك على ذلك فقلت أردت أن أحببك إلى خلقك فقال قد غفرت لك ورئى يحيى بن أكثم بعد موته في النوم فقيل له ما فعل الله بك فقال أوقفني الله بين يديه وقال يا شيخ السوء فعلت وفعلت وقال فأخذني من الرعب ما يعلم الله ثم قلت يا رب ما هكذا حدثت عنك فقال وما حدثت عني فقلت حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس عن نبيك صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام أنك قلت أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء وكنت أظن بك أن لا تعذبني فقال الله عز وجل صدق جبريل وصدق نبيي وصدق أنس وصدق الزهري وصدق معمر وصدق عبد الرزاق وصدقت قال فألبست ومشى بين دي الولدان إلى الجنة فقلت يا لها من فرحة وفي الخبر أن رجلاً من بني إسرائيل كان يقنط الناس ويشدد عليهم قال فيقل له الله تعالى يوم القيامة اليوم أويسك من رحمتي كما كنت تقنط عبادي منها وقال صلى الله عليه وسلم إن رجلاً يدخل النار فيمكث فيها ألف سنة ينادي يا حنان يا منان فيقول الله تعالى لجبريل اذهب فائتني بعبدي قال فيجيء به فيوقفه على ربه فيقول الله تعالى كيف وجدت مكانك فيقول شر مكان قال فيقول رذوه إلى مكانه قال فيمشي ويلتفت إلى ورائه فيقول الله عز وجل إلى أي شيء تلتفت فيقول لقد رجوت أن لا تعيدني إليها بعد إذ أخرجتني منها فيقول الله تعالى اذهبوا به إلى الجنة فدل هذا على أن رجاءه كان سبب نجاته نسأل الله حسن التوفيق بلطفه وكرمه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احياء علوم الدين
_________________ يارب بالــمــصـطــفى بــلـغ مـقـاصــدنا --- واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم
واغفر إلهى لكل المسلمين بما --- يتلون فى المسجد الأقصى وفى الحرم
بجاه من بيته فى طيبة حرم --- واسمه قسم من أعظم القسم
|