بسم الله الرحمن الرحيم ذهب الفتى عثمان لزيارة شيخه ومرشده القلبي العالم الشيخ "أدب عالي". ولم يكن لهم آنذاك سلطان ولا دولة، بل كانوا عشيرة صغيرة هاجرت من أقاصي أسيا الوسطى واستقرت في منطقة نائية من الأناضول تدعى "سوغوت" حيث تقع على حدود الإمبراطورية البيزنطية. وكان رئيس العشيرة أباه أرطغرل بك. أما عثمان فكان فتى شجاعاً يجيد فنون القتال والفروسية وتكاد الدنيا تضيق أمام سرعته ونشاطه وأحلامه اللامحدودة .
ولما جن الليل دخل الفتى إلى الغرفة المعدة له لكي يستريح . وما كاد يتمدد على السرير حتى رأى المصحف المعلق على أحد الجدران فارتعش جسمه وهب من فراشه مذعوراً . فلم يكن أدبه الرفيع ليسمح له بالتمدد في غرفة فيها قرآن . وجلس على أحد الكراسي باحترام وأخذ يذكر الله ويسبحه ويقاوم النوم ، وبعد لحظات أغمض عينيه واستغرق في نوم عميق وهو على تلك الحال ، وإذ به يرى رؤية .
رأى البدر يخرج من صدر العالم الجليل "أدب عالي" ويدخل في صدره هو، فيمتلئ صدره بالنور، ويفيض وإذ بشجرة من نور تنبثق من قلب الفتى عثمان ، فتكبر وتكبر وتتكاثر فروعها وتتطاول أغصانها وتورق وتثمر فروعها حتى أظلت تلك النبتة التي خرجت من صدر الفتى شجرة ضخمة مترامية الأطراف تشع نورا إلى مشارق الأرض ومغاربها.
استيقظ الفتى عثمان على أذان الفجر يشعر بنشوة روحية عظيمة وسكينة قلبية رائعة . بعد الصلاة جلس إلى مرشده الشيخ "أدب عالي" وقص عليه رؤياه وطلب منه أن يفسرها له. ففهم الشيخ مغزى الرؤيا. كان يرى الجذوة المتقدة في عيني هذا الفتى، ومن ثم كان يعنى به عناية خاصة. وعرف أن الله أراد لهذا الشاب شأنا آخر. فأخبره بأن الله سيعز دولة الأسلام على يديه وأيدي ذريته التي تولد منه ومن ابنته "مال خاتون". تزوج عثمان بك من "مال خاتون" كريمة الشيخ "أدب عالي" وولدت لهما أورخان وأولاد آخرون. وبعد وفاة أرطغرل غازي أصبح عثمان بك زعيم العشيرة، وفتح الله على يديه حصوناً بيزنطية كثيرة . وفي عام 1299 م أسس الدولة العثمانية التى ستصبح إمبراطورية إسلامية عظيمة تحكم نصف العالم فيما بعد .
_________________ اللهم صل على سيدنا محمد برزخ البرازخ وحقيقة الحقائق وعلى آله وصحبه وسلم
|