حرمة دم المسلم وأسباب إهداره
عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" .
رواه البخاري ومسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي بعض الروايات المتفق عليها : "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث" .
فقوله : "يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله" كالتفسير لقوله: "مسلم" .
وكذا قوله : "المفارق للجماعة" كالتفسير لقوله : "التارك لدينه" .
وهؤلاء الثلاثة مباحو الدم بالنص .
والمراد بالجماعة : "المسلمون" وإنما فراقهم بالردة عن الدين وهي سبب لإباحة دمه .
وقوله : "التارك لدينه المفارق للجماعة" عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام .
قال العلماء : ويتناول أيضاً كل خارج عن الجماعة ببدعة أو بغي أو غيرهما والله أعلم .
والظاهر أن هذا عام يخص منه الصائل ونحوه ، فيباح قتله في دفع أذاه ، وقد يجاب عن هذا : بأنه داخل في المفارق للجماعة ويكون المراد : لا يحل تعمد قتله قصداً إلا في هؤلاء الثلاثة والله أعلم .
وقد استدل بعضهم على أن تارك الصلاة يقتل لتركها لأن تركها يسمى من هذه الثلاثة وفي المسألة خلاف بين العلماء : منهم من يكفر تارك الصلاة ومنهم من لا يكفره
واستدل بعض من يكفره بالحديث الآخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" قال : فوجه الدليل أنه وقف العصمة على مجموع الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والمرتب على أشياء لا يحصل إلا بمجموعها وينتفي بانتفائها .
وهذا إن قصد به الاستدلال بالمنطوق وهو قوله : "أمرت أن أقاتل الناس ... " الخ ، فإنه يقتضي الأمر بالقتال إلى هذه الغاية - فقد ذهل وسها لأنه فرق بين المقاتلة على الشيء والقتل عليه فإن المقاتلة مفاعلة تقتضي الحصول من الجانبين ، ولا يلزم من وجوب المقاتلة على الصلاة وجوب القتل عليها إذا تركها من غير أن يقاتلنا والله أعلم .
وقوله : "الثيب الزاني" هو المحصن ويدخل فيه الذكر والأنثى وهو حجة على ما اتفق عليه المسلمون من أن حكم الزاني الرجم بشروطه المذكورة في أبواب الفقه .
وقوله : "النفس بالنفس" موافق لقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} . ويعني به النفوس المكتافئة في الإسلام والحرية بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : "لا يقتل مسلم بكافر" . وكذلك الحرية شرط في المكافأة عند مالك، والشافعي، وأحمد .
وذهب أصحاب الرأي إلى أن المسلم يقتل بالذمي ، وأن الحر يقتل بالعبد ، وقد يستدلون بهذا الحديث ، والجمهور على خلاف ذلك .
من شرح ابن دقيق العيد على الأربعين النووية .
_________________ مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
|