موقع د. محمود صبيح
https://www.msobieh.com:443/akhtaa/

" اغتنم خمسآ قبل خمس "
https://www.msobieh.com:443/akhtaa/viewtopic.php?f=4&t=15815
صفحة 1 من 1

الكاتب:  مريد سيدنا النبي [ السبت يناير 18, 2014 1:13 am ]
عنوان المشاركة:  " اغتنم خمسآ قبل خمس "

" اغتنم خمسآ قبل خمس "



( عن ابن عباس رضي الله عنهما قال. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه : اغتنم خمسآ قبل خمس _ شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك ) .

_ والحديث رواه الحاكم وقال صحيح علي شرطهما ، وقال شارع الجامع اسناد حسن .

وعظ رسول الله صلي الله عليه وسلم بهذه الموعظه التي حددت معالم الطريق وبينت أسباب النجاة . وما أكمل أن نكون أهلآ لما خلقنا الله من أجله ( وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون ) .

*** فاغتنام الشباب : معناه أن الأنسان لن يظل متمتعآ بشبابه دائمآ . وانما هو كالنبات يهيج فتراه مصفرآ ثم يكون حطامآ .. فينتقل من طفل الي غلام ثم الي شاب فرجل فشيخوخه . ومن الناس من يعمر الي أن يحبو علي الأرض كالطفل . ويأتي القدر المحتوم . اذآ فلابد للشاب أن يقف علي هذه الحقائق .. فلا يغتر بدنياه فيشغل عن الهدف الأسمي . وهو الرجوع الي الله قبل فوات الأوان . فالله سبحانه وتعالي في الحديث القدسي يقول : (( ياابن آدم لا تغتر بشبابك فلكم من شباب سبقك الي الموت ، ياابن آدم لا تفرح بدنياك فلست بمخلد ، ياابن آدم استحي مني عند معصيتك ، استحي منك فلا أعذبك ))
ويقول سبحانه وتعالي في حديث آخر (( أحب ثلاثآ وحبي لثلاث أشد ، أحب أهل السخاء وحبي للفقير السخي أشد ، وأحب المتواضعين وحبي للغني المتواضع أشد ، وأحب التائبين وحبي للشاب التائب أشد )).
ولله دّّر القائل: (( ولدتك أمك ياابن آدم باكيآ والناس حولك يضحكون سرورآ ، فاجهد لنفسك أن تكون اذا بكوا في يوم موتك ضاحكآ مسرورآ ))

*** وصحتك قبل سقمك : اذا كانت الوقايه خير من العلاج فقد خطب عمر بن الخطاب يومآ فقال : اياكم والبطنه فانها مكسلة عن الصلاة ، ومفسدة للجسم ، ومودية الي السقم ، وعليكم بالقصد في قوتكم فانه أبعد عن السرف ، وأصح للبدن ، وأقوي علي العباده . وأن العبد لن يهلك حتي يؤثر شهوته علي دينه ، وما كان ذلك الا اقتباسآ من قول رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( ما ملئ آدمي وعاء شرآ من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فان كان لا محالة فاعلآ ، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه )) . وقال أيضآ عليه الصلاة والسلام : (( نحن قوم لا نأكل حتي نجوع واذا أكلنا لا نشبع )) ففيه من التوجيه والفلاح ما فيه الكفايه .

*** وغناك قبل فقرك : تلك أيضآ نعمة ثالثه لا تقل عن النعمتين السابقتين ، ولكن لا ضمان لدوامها فكم من الناس كانوا يملكون وأصبحوا لا يملكون ، وكم كانوا لا يملكون شيئآ واصبحوا يملكون . وتلك سنة الله في خلقه . يقول الله في كتابه العزيز :
{ قل اللهم مالك الملك ، تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء وتذل من تشاء ، بيدك الخير انك علي كل شئ قدير }
وقد روي أن رجلآ كان له صديق فقير ، فكان يعطيه من مال الله الذي عنده ، وأراد الله أن يصبح الغني فقيرآ والفقير غنيآ ، فتنكر الغني لصديقه الذي كان يحسن اليه . بل كان اذا رآه حوِِّّل وجهه حتي لايضطر الي أعطائه فقال له :

تراني مقبلآ فتصدعني ** وتزعم انني أبغي رضاك
سيغنيني الذي أغناك عني ** فلا فقري يدوم ولا غناك



فاذا كنت غنيآ ففي استطاعتك أن تقدم خيرآ لنفسك يوم القيامة . وصدق الله العظيم حين قال :

{ما عندكم ينفد وما عند الله باق }


واعلم أن التبذير ما دخل في كثير الا هدمه ودمره ، ولا دخل التدبير في قليل الا كثره . وقد كان الصديق "رضي الله عنه"يقول : اني لأبغض أهل بيت ينفقون رزق الأيام الكثيرة في يوم واحد . والحكيم من يجعل دائمآ نصب عينيه قول رسول الله صلي الله عليه وسلم

(( تعرّّف الي الله في الرخاء يعرفك في الشدة ))



*** وفراغك قبل شغلك : قال أحد الحكماء . الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك ، ونظرآ لأن العمر مهما طال فهو قصير ، واللحظات محسوبة علي صاحبها .. وما يمضي منها لايعود ، ولن يعرف الأنسان قيمتها الا في يوم الحساب والذي يجب أن يعمل له ألف حساب وأغتنام فرصة الفراغ من ألزم الأشياء علي الأنسان العامل . فربما لايستطيع أن يعمل بنفس الطاقة بسب كثرة المشاغل أو الأولاد أو كبر السن . وأيضآ قبل أن تنقضي أيام حياته التي سيسأل عنها أمام مولاه عن كل لحظة قضاها . وفي ذلك يقول الصادق الأمين صلي الله عليه وسلم ( لاتزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع - عن عمره فيما أفناه ؟ وعن شبابه فيما أبلاه ؟ وعن ماله من أين أكتسبه ، وفيم أنفقه ؟ وعن علمه ماذا عمل به ؟ ) فليقدم الأنسان لنفسه ما ينفعه في الحياة الآخرة ، وما يترك له أثرآ صالحآ في حياته الأولي .

*** وحياتك قبل موتك : الموت هو نهاية المطاف الدنيوي . وهو حكم الله عز وجل في جميع خلقه بعد انتهاء آجالهم . ولقد أخبر الله حبيبه ومصطفاه سيدنا محمد بذلك فقال { انك ميت وانهم ميتون } فالموت انتقال من دار الي دار "من دار العمل الي دار الجزاء".
ويقول الحبيب المصطفي"صلي الله عليه وسلم"
( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ) . وسئل صلي الله عليه وسلم – أي المؤمنين أفضل؟
قال أحسنهم خلقآ . قيل أي المؤمنين أكيس؟ قال أكثرهم للموت ذكرآ ، وأحسنهم له استعدادآ . والأستعداد هو اعداد زاد التقوي .. والتقوي هي الخوف ، وقد عرفها الأمام علي "كرم الله وجهه" بقوله ( والتقوي هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والأستعداد ليوم الرحيل ) . يقول الأصمعي : سمعت شابآ يتعلق بأستار الكعبة وينشد بعض الأبيات ، ثم سقط مغشيآ عليه فدنوت منه فاذا هو "علي زين العابدين" ابن الحسين بن علي "رضي الله عنهم" ، فرفعت رأسه في حجري وبكيت ، فقطرت دمعة علي خده الشريف – فقال من أنت؟ فقلت عبيدك الأصمعي ياسيدي . سيدي ما هذا البكاء ، وأنت من آل بيت الحبيب ، والله تعالي يقول { انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرآ } فقال هيهات هيهات ان الله تعالي خلق الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدآ حبشيآ وخلق النار لمن عصاه ولو كان حرآ قرشيآ .

ثم قال أليس الله تعالي يقول { فاذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون . فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون } أليس جدي هو القائل ( اني لأخشاكم الله وأتقاكم له ) ، ثم قال وهو يبكي – أنسيت ياهذا أن النبي "صلي الله عليه وسلم" قال لجدتي "فاطمة" : اعملي فاني لن أغني عنك من الله شيئآ . وأن الصديق "رضي الله عنه" كان يقول : لو كانت احدي رجلي في الجنة والأخري خارجها ما أمنت مكر الله .. وأن عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" كان يخاف من لقاء الله تعالي خوفآ شديدآ ، وكان دائم البكاء لدرجة أنك كنت تري علي وجهه خطين أسودين من كثرة انحدار الدموع ، وكنت تشم في فمه رائحة الكبد المشوي وكان يقول : ليت أمي لم تلدني .
فرضي الله عنك يازين العابدين ، ورضي الله عن السلسلة المباركة الذين قال الله فيهم { رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد } .
_________________
وصلي الله وسلم علي من أدبه ربه فأحسن تأديبه . من أعطاه الله صفوة آدم ومولد شيث ، وشجاعة نوح ، وحلم ابراهيم ، ولسان اسماعيل ، ورضا اسحق ، وفصاحة صالح ، وحكمة لقمان ، وبشري يعقوب ، وجمال يوسف ، وصبر أيوب ، وقوة موسي ، وتسبيح يونس ، وجهاد يوشع ، ونغمة داوود ، وهيبة سليمان ، ووقار الياس ، وزهو عيسي ، وعلم الخضر . فكان أهلآ لأن يخاطبه الله تعالي بقوله { وانك لعلي خلق عظيم } .

صفحة 1 من 1 جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين
Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group
http://www.phpbb.com/