ولد المٌشرف فى ربيع الأول

الكون يرقص والكواكب تنجلى

ذكرى مولد النبى صلوات الله وسلامه عليه

تجعلنا نستعرض ما كانت عليه طوائف


البشر من صنوف الزيغ ووجوه الجاهلية

من قبل,وما تم بيده الكريمة من سعادة

شاملة لمن تبع دينه ونوره الهادى إلى كل

خير فى الدارين ويكشف صنوف

الظلمات المتراكمة على أبصارهم

وبصائرهم من عهد الشقاء الذى ليس بعده

شقاء,وكل ذلك بيٌمن بعثته صلى الله عليه

وعلى آله وسلم إلى كافة الناس بشيراً

ونذيراً,وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً

وشهر ربيع الأول رمز ذلك اليوم

المسعود,مولد فخر الوجود صلوات الله

وسلامه عليه ,فترى المسلمين طوال هذا

الشهر المبارك مثابرين على الأحتفال

بذكرى ولادته ومطلع نور هدايته صلى الله

عليه وعلى آله وسلم ,عرفاناً منهم لما

فاض عليهم من نور هدى طلعته

الميمونة,بعد ظلمة متراكمة وزيغ متواصل

وضلال,ليس فوقه ضلال حتى تبدلت

الأرض غير الأرض.

وقد أخرج أحمد وغيره عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال :{ولد النبى صلى

الله عليه وسلم يوم الاثنين وأستنبىء يوم

الاثنين وخرج مهاجراً يوم الاثنين وقدم

المدينة يوم الاثنين وتوفى صلى الله عليه

وسلم يوم الاثنين },وقد اتفق جمهرة

النقلة على أن مولده صلى الله عليه وعلى

آله وسلم كان عام الفيل,وأنه كان يوم

الاثنين وأن شهر مولده هو شهر ربيع

الأول,وذكر شهر سواه لمولده عليه الصلاة والسلام ليس إلا من قبيل سبق القلم عند النقاد,فيدور الخلاف المعتد به فى تعيين اليوم من شهر ربيع الأول أهو عند إنقضاء اليوم الثامن أم العاشر أم الثانى عشر.

يتبع بمشيئة الله

آمين يا رب العالمين جعلنا الله وإياكم محل نظر ورعاية السيد الشريف مولانا الدكتور محمود صبيح رضى الله عنه وأرضاه

نكمل أحبابى فى الله بمشيئة الله وعونه

ومدد نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم

الكلام عن مولد خير الأنام صلى الله عليه

وعلى آله وسلم.

قلنا أحبابى فى الله فى المشاركة السابقه أن

الخلاف بين جمهرة النقله يدور حول

تعيين يوم مولده صلى الله عليه وعلى آله

وسلم ,أهو عند إنقضاء اليوم الثامن أم اليوم العاشر أم اليوم الثانى عشر من شهر ربيع الأول,فدار البحث فى ترجيح الراجح من تلك الروايات الثلاث.لقول بأن ولادته عليه الصلاة والسلام عند إنقضاء ثمانية

أيام من الشهر قدمه ابن عبدالبر فى

الأستيعاب عند سرده لوجوه الخلاف فى

تعيين يوم مولده عليه الصلاة

والسلام,وأقتصر عليه قبله أبو بكر محمد

بن موسى الخوارزمى ,خازن دار الحكمة

المأمونية ,وقال عنه الحافظ عمر بن

دحيه فى كتابه <التنوير فى مولد السراج

المنير>الذى أجازه عليه مظفر الدين

صاحب إربل بألف دينار :<هو الذى لا

يصح غيره وعليه أجمع أهل التاريخ>.

فيكون هذا هو الراجح رواية بل المتعين

دراية لأن اليوم التاسع عند إنقضاء تلك

الأيام الثمانية هو الذى تعين لمولده صلى

الله عليه وسلم بعد إجراء تحقيق رياضى لا

يتخلف بمعرفة الرياضى المشهور العلامة

محمود باشا الفلكى المصرى رحمه الله

فى رسالة له باللغة الفرنسية فى تقويم

العرب قبل الإسلام.

وقد أبتدأ المشار إليه فى تحقيقه القهقرى

من يوم كسوف الشمس عند وفاة سيدنا

إبراهيم بن سيدنا محمد عليه الصلاة

والسلام فى السنة العاشرة من الهجرة

,وعين أن الكسوف فى تلك السنة كان

فى سلخ شوال,وأستمر على تتبعه الرجعى

إلى أن وصل إلى نتيجة أنه صلى الله عليه وسلم يلزم أن يكون مولوداً فى اليوم التاسع من شهر ربيع الأول,لأن يوم الاثنين الذى كانوا أتفقوا عليه هو ذلك اليوم من الشهر المذكور عام الفيل الموافق 20 أبريل 571ميلاديه ,وأجاد البحث فى تحديد يوم ولادته صلى الله عليه وسلم بعد الإستعراض الشامل لأقوال الفلكيين من الشرق والغرب .

فلا معدل عن هذا القول لترجحه رواية وتعينه دراية لأن التحقيق الرىاضى لا يتخلف.وقد ترجم أحمد زكى باشا تلك الرسالة إلى العربية باسم<نتائج الأفهام فى تقويم العرب قبل الإسلام وفى تحقيق مولد النبى وعمره عليه الصلاة

والسلام>سنة1305 هجرية.وطبعت فى

تلك السنة بمصر ,فجزاهما الله عن العلم

خيراً.

يتبع بمشيئة الله

وأما القول بأن مولده عليه الصلاة والسلام

فى اليوم العاشر من الشهر فقد عزاه ابن

سعد فى طبقاته إلى سيدنا محمد الباقر

رضى الله عنه لكن فى سنده ثلاثة رجال

متكلم فيهم .وأما القول بأنه اليوم الثانى

عشر من الشهر فقول محمد بن اسحاق

لكنه غفل عن السند كما فى مستدرك

الحاكم فيكون شأنه شأن الأقوال التى لا

أسانيد لها .لكن أغلب البلاد أخذ بهذا

فى الأحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم.

ليكون فى زمن كان بروزه لهذا العالم فى مثله أمر متفق عليه عند الجميع.

وأما تأخره عن ذلك اليوم فوهم محض مما

ليس فى العير ولا فى النفير .ولم يعتد

صاحب الرساله بروايات فى وقوع ذلك

الكسوف فى أيام وشهور غير سلخ شوال

لمنافاة ذلك لمسلمات الفن.

فإصرار ابن حجر على تجويز وقوعه فى رابع الشهر أو عاشره أو الرابع عشر منه

كما ورد فى بعض الروايات ورده على

الفلكيين وضربه المثل بقول الشافعى فى

الأم من إحتمال إجتماع العيد والكسوف

ناشئة من بعده عن علم الفلك المأخوذ مما

جرت عليه سٌنة الله فى إختلاف الأيام

والشهور والفصول بطريق جرى العادة لا

الإمكان العقلى ,وقد أصاب البدر العينى

فى رده على الرواه فى رواياتهم وقوع

الكسوف فى غير أيامه فى جارى العادة.

والملك المعظم مظفر الدين كوكبرى

صاحب إربل مبتكر ذلك الإحتفال البالغ

بمولد حضرة المصطفى صلوات الله

وسلامه عليه المشروح فى وفيات ابن

خلكان ,وصف أحتفاله وسعة أعطياته

ونفقاته بأنه كان يحتفل بالمولد الشريف فى

الليلة الثامنة من شهر ربيع الأول فى عام

,وفى الليلة الثانية عشرة منه فى عام آخر

عملاً بالروايتين.



وقد ألف أهل العلم مؤلفات كثيرة فى الاثار

الواردة فى مولده عليه الصلاة

والسلام,ومن أجمع الكتب المؤلفة فى

ذلك <جامع الاثار فى مولد النبى



المختار>فى ثلاثة مجلدات للحافظ ابن



ناصر الدين الدمشقى رحمه الله.

المصدر :مقالات الكوثرى للإمام محمد زاهد الكوثرى بتصرف يسير.

يرفع بمناسبة المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.