بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد
استكمالا لما بدأته – بعون الله ومدد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – أقول :
النقطة الثانية : .. وهى عن ذكر مصر فى القرآن الكريم والأحاديث والآثار وبيان فضلها – حرسها الله- .
أولا - القرآن الكريم :
قال القلقشندى فى صبح الأعشى (1/429) : الباب الثالث من المقالة الثانية في ذكر الديار المصرية ومضافاتها . وفيه ثلاثة فصول : الفصل الأول في مملكة الديار المصرية ومضافاتها , وفيه طرفان الطرف الأول في الديار المصرية , وفيه اثنا عشر مقصداً المقصد الأول : في فضلها ومحاسنها
أما فضلها فقد ورد في الكتاب والسنة ما يشهد لها بالفضيلة، ويقضي لها بالفخر . قال تعالى ( وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ) يريد بالقوم بني إسرائيل، وبالأرض أرض مصر؛ ووصفها بالبركة .
إما بمعنى الفضل كما في قوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ).
وإما من الخصب وسعة الرزق .. بدليل قوله تعالى مخبراً عن قوم فرعون ( فأخرجناهم من جناتٍ وعيونٍ وزروعٍ ومقامٍ كريمٍ ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين ) .
وقال جل وعز ( وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلةً ) فأمر بالعبادة في بيوتها إشارة إلى شرف أرضها ورفعة قدرها.
وقد ذكر الله تعالى اسمها في غير موضع من كتابه العزيز في ضمن قصص الأنبياء عليهم السلام .
فقال تعالى إخباراً عن يوسف عليه السلام ( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه )
وفي موضع آخر ( وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) .
وقال حكاية عن فرعون لعنه الله ( أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ) . وفي معناه قوله تعالى خطاباً لبني إسرائيل ( اهبطوا مصر فإن لكم ما سألتم ) على قراءة الحسن والأعمش (مصر) غير مصروف. قال القضاعي : وكذلك قراءة من قرأ ( اهبطوا مصراً ) مصروفاً بناء على أن مصر مذكر سمي به مذكراً فلم يمنع الصرف فيه، والتصريح بذكرها دون غيرها من الأقاليم دليل الشرف والفضل. ثانيا - الأحاديث النبوية الشريفة :
1- وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بها , وبيان قربها من حضرته صلى الله عليه وآله وسلم :
أخرج مسلم (12/375) بَاب وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ مِصْرَ – واللفظ له - , ومسند أحمد (9/44) , والطبرانى فى المعجم الكبير (13/403) : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا ) قَالَ فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجَ مِنْهَا . وزاد الطبرانى فى قوله (ذِمَّةً وَرَحِمًا ) : يَعْنِي أَنَّ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ كَانَتْ مِنْهُمْ .
2- خيرية جندها مصر , وقوتهم – بارك الله فيهم , وحفظهم :
أخرج الطبرانى فى المعجم الكبير (17/100) بإسناده عن عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى عِنْدَ وَفَاتِهِ، فَقَالَ ( اللَّهَ اللَّهَ فِي قِبْطِ مِصْرَ، فَإِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُ لَكُمْ عِدَّةً، وَأَعْوَانًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) .
وأخرجه ابن حبان فى الصحيح (27/397) من طريق حميد بن هانئ ، أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي ، وعمرو بن حريث ، يقولان : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ( إنكم ستقدمون على قوم جعد رءوسهم ، فاستوصوا بهم ، فإنه قوة لكم وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله ) - يعني قبط مصر
وأخرج الطبرانى فى المعجم الأوسط (19/67) والبزار فى مسنده - البحر الزخار ـ (6/314) عن عمرو بن الحمق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تكون فتنة ، يكون أسلم الناس فيها ، أو قال : خير الناس فيها الجند الغربي ) قال ابن الحمق : فلذلك قدمت عليكم مصر . قال الهيثمى فى مجمع الزوائد (2/402) : رواه البزار والطبراني من طريق عميرة بن عبد الله المعافري وقال الذهبي لا يدري من هو. انتهى
وأقول : عميرة بن عبد الله المعافري روى عنه عبد الرحمن بن شريح بن عبيد الله المعافري , وهو ثقة فاضل لم يصب بن سعد في تضعيفه . كذا قال ابن حجر فى التقريب (1/573) ,
فارتفعت جهالته بذلك , وهو مذهب ابن حبان وابن خريمة والحاكم وغيرهم .
ونكمل فى مشاركة قادمة بإذن الله تعالى .
وصل اللهم وسلم وعظم وشرف وكرم حضرة مولانا رسول الله وآل بيته الطاهرين
|