اشترك في: الجمعة فبراير 27, 2004 11:21 pm مشاركات: 2200 مكان: مصر
|
[font=Arial]مناجاة سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه
بتوجيه من سيدي العارف بالله الحموي تم جمع تلك المناجاه من كتاب الحكم وتحت إشرافه وتشكيله لها . لذا أحببت أن تعم الفائدة بنشرها
بسم الله الرحمن الرحيم
مناجاة سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه
إلـهي أنا الفقيرُ في غنايَ ، فكيف لا أكونُ فقيراً في فقري ؟ إلـهي أنا الجاهلُ في علمي ، فكيف لا أكونُ جاهلاً جهولاً في جهلي ؟ إلـهي إنَّ اختلافَ تَدْبِيركَ ، وسرعةَ حلولِ مقاديركَ ، مَنَعَا عبادَكَ العارفينَ بِكَ مِنَ السُّكونِ إلى عطاءٍ واليأسِ منك في بلاءٍ . إلـهي مني ما يليقُ بِلُؤْمي ، ومنك ما يليقُ بكرمِكَ . إلـهي وَصَفْتَ نفسَكَ باللُّطفِ والرَّأفةِ بي قبل وجودِ ضَعْفِي ، أَفَتَمْنَعُنِي منهما بعدَ وجودِ ضَعْفِي ؟ إلـهي إنْ أظهرتَ المحاسنَ مني فَبِفَضْلِكَ ولك المِنَّةُ عليَّ ، وإنْ ظَهَرَتْ المَساوِىءُ مني فَبِعَدْلِكَ ولكَ الحجةُ عليَّ . إلـهي كيف تَكِلُني إلى غيرك وقد تَكَفَّلْتَ لي ؟ وكيف أُضامُ وأنت الناصرً لي ؟ أم كيف أَخِيْبُ وأنت الحَفِيُّ بي ؟ ها أنا أَتَوَسَّلُ بِفَقْرِي إليك وكيف أَتَوَسَّلُ إليك بما هو مُحَالٌ أنْ يَصِلَ إليك ؟ أمْ كيف أَشْكُو إليك حالي وهو لا يَخْفَى عليك ؟ أم كيف أُتَرْجِمُ إليك بمقالي وهو منك بَرَزَ ؟ أم كيف تَخِيْبُ آمالي وهي وَفَدَتْ عليك ؟ أم كيف لا تَحْسُنُ أحوالي وبك قامتْ وإليك ؟ إلـهي ما أَلطَفَكَ بي مع عظيمِ جهلي وما أَرْحَمَكَ بي مع قبيحِ فعلي . إلـهي ما أَقْرَبَكَ مني وما أَبْعَدَني عنك وما أَرْأَفَكَ بي ، فما الذي يَحْجُبُنِي عنك . إلـهي قد علمتُ باختلافِ الآثار وتَنَقُّلاتِ الأطوارِ أنَّ مُرادَكَ مني أنْ تَتَعَرَّفَ إليَّ في كلِّ شيءٍ حتى لا أَجْهَلَكَ في شيء . إلـهي كُلَّما أَخْرَسَني لُؤْمي أَنْطَقَنِي كرمُكَ ، وكلما أَيْأَسَتْنِي أَوصافي أَطْمَعَتْنِي مِنَنُكَ . إلـهي من كانت محاسِنُهُ مساويء فكيف لا تكون مساويه مساويء ؟ ومن كانت حقائقه دعاوي فكيف لا تكون دعاويه دعاوي . إلـهي حُكْمُكَ النافذُ ومشيئتُكَ القاهرةُ لم يترُكَا لذي حالٍ حالاً ولا لذي مقالٍ مقالاً . إلـهي كم من طاعةٍ بَنَيْتُها وحالةٍ شيَّدْتُها هَدَمَ اعتمادي عليها عدلُك ، بل أقالني منها فضلُك . إلـهي إنَّكَ تعلم وإنْ لم تَدُم الطاعةُ مني فعلاً جازماً ، فقد دامت محبةً وعزماً . إلـهي كيف أعزِمُ وأنت القاهر ؟ أم كيف لا أعزِمُ وأنت الآمر ؟ إلـهي ترددي في الآثار يوجبُ بُعْدَ المزار فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك . إلـهي كيف يُسْتَدَلُّ عليك بما هو في وجوده مُفْتَقِرٌ إليك ؟ أيكونُ لغيركَ من الظهور ما ليس لك ، حتى يكون هو الْمُظْهِرَ لك ؟ متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك ؟ إلـهي عميت عين لا تراك عليها رقيباً وخسرت صفقةُ عبدٍ لم تجعلْ من حُبِكَ نصيباً . إلـهي أمرتَ بالرجوع إلى الآثار فارجعني إليها بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار ، حتى أرجع إليك منها ، كما دخلت عليك منها مصون السِّر عن النظر إليها ، مرفوع الهمَّة عن الاعتماد عليها ، إنَّك على كل شيء قدير . إلـهي هذا ذلي ظاهرٌ بين يديك ، وهذا حالي لا يخفى عليك ، منك أطلب الوصول إليك ، وبك أستدلُ عليك ، لا بغيرك ، فاهدني بنورك إليك ، وأقمني بصدق العبودية بين يديك . إلـهي علمني من علمك المخزون ، وصِنّني بسر اسمك المصون . إلـهي حققني بحقائق أهل القُرب ، واسلك بي مسَالِكَ أهل الجذب . إلـهي أغنني بتدبيركَ عن تدبيري ، وباختياركَ عن اختياري ، وأوقفني على مراكز اضطراري . إلـهي أخرجني من ذُّلِ نفسي ، وطهرني من شَكِي وشِرْكِي ، قبلَ حلول رمسي . إلـهي تقدَّسَ رضاكَ أن تكونَ لهُ عِلَّةٌ منك ، فكيف تكون له علة مني . إلـهي إنَّ القضاءَ والقدرَ قدْ غلبني ، وإنَّ الهوى بِوَثائِقِ الشَّهوةِ أَسَرَني ، فَكُنْ أنت الناصر لي ، حتى تنصُرَني ، وتنصُرَ بي ، وأغنني بفضلكَ حتى أَسْتَغني بِكَ عن طَلَبي . أنت الذي أَشْرَقْتَ الأنوارَ في قلوبِ أوليائِكَ ، وأنت الذي أَزَلْتَ الأغيارَ من قلوبِ أحبائك ، وأنت المؤنس لهم حيث أوْحَشَتْهُمُ العوالِم ، أنت الذي هَدَيْتَهُم حتى اسْتَبَانَتْ لهم المعالم ،ماذا وَجَد من فَقَدَكَ ؟ وما الذي فَقَدَ من وَجَدَكَ ؟ لقد خابَ من رضِيَّ دونَكَ بدلاً ، ولقد خَسِرَ من بَغَى عنكَ مُتَحَوَّلاً ، كيف يُرجَى سِواكَ وأنت ما قطعتَ الإحسان ؟ أم كيف يُطْلَبُ من غَيرِكَ وأنت ما بَدَّلْتَ عادةَ الامتنان ؟ يا من أذاق أحبابَهُ حلاوةَ مُؤانَسَتِهِ فقاموا بين يديه مُتَمَلِّقِينَ ، يا من أَلْبَسَ أَولياءَهُ ملابِسَ هيبتِهِ فقاموا بعزَّتهِ مستَعِزِّين ، أنت الذاكرُ من قبلِ الذاكرين ، وأنت البادىءُ بالإحسانِ من قبلِ تَوَجُهِ العابدين ، وأنت الجَوادُ بالعطاءِ من قبل طلب الطالبين ، وأنت الوهاب ، ثم أنت لَمَّا وَهَبْتَنَا مِنَ المسْتَقْرِضين . إلـهي اطلُبْنِي برحمتكَ حتى أَصِلَ إليك واجذِبني بمنتِكَ حتى أُقبِلَ عليك . إلـهي إنَّ رجائي لا ينقطعُ عنكَ وإنْ عَصيتُك ، وإنَّ خوفي لا يُزَايلُني وإنْ أطعتُك ، قد دفَعَتْني العوالم إليك ، وقد أوقفني علمي بكرمكَ عليك . إلـهي كيف أَخيبُ وأنت أملي ؟ أم كيف أُهانُ وعليكَ مُتَّكَلي ؟ إلـهي كيف أَستعِزُّ وفي الذِّلةِ أركزتني ؟ أم كيف لا أستَعِزُّ وإليكَ نَسَبْتَني ؟ إلـهي كيف لا أفتقرُ إليكَ وأنت الذي في الفقر أَقمتني ؟ أم كيف أَفتقرُ إلى غيرِكَ وأنت الذي بجودِكَ أَغنيتني ؟ أنت الذي لا إله غيرُكَ ، تَعَرَّفتَ لكل شيء ، فما جَهِلَكَ شيء ، وأنت الذي تعرَّفتَ إليَّ في كل شيء ، فرأيتُكَ ظاهِراً في كل شيء ، فأنت الظاهرُ لكل شيء ،يا من استوى برحمانيتِهِ على عرشه ، فصارَ العرشُ غيباً في رحمانيتهِ ، كما صارت العوالم غيباً في عرشهِ ، مَحَقْتَ الآثارَ بالآثارِ ، ومَحوتَ الأغيارَ بمُحيْطاتِ أفلاكِ الأنوار ، يا من احتجبَ في سُرَادِقاتِ عِزِّهِ عن أن تُدْرِكُهُ الأبصار ، يا من تجلَّى بكمالِ بَهائِهِ فتحققَتْ عظمَتَهُ الأسرارُ ، كيف تَخْفَى وأنت الظاهِرُ ؟ أم كيف تَغيبُ وأنت الرقيبُ الحاضِرُ ؟
والله الموفقُ وبه أستعين ..
ملاحظة
أكثر ما يظهر فضلُها للتالي في وقت الأسحار وبعد صلاة الصبح فلها هناك سِّرٌ عظيم وفتح جسيم ، فمن لازمها في ذينك الوقتين وجد بسطاً زائداً على العادة .. قاله : ابن عجيبة في شرحه للحكم ........ منقول[/font]
[font=Andalus][twh][fot]اللهم صلى على من منه انشقت الأسرار و انفلقت الأنوار و فيه ارتقت الحقائق و تنزلت علوم آدم فأعجز الخلائق اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم[/fot][/twh][/font]
|
|