طالب العلم كتب:
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ابْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ
من كتاب فيض القدير للامام عبد الرؤوف المناوى :
(ابغوني) بالوصل من الثلاثي فهو مكسور الهمز أي اطلبوا لي طلبا حثيثا يقال ابغني مطالبي اطلبها لي
قال ابن حجر :قال تعالى * (يبغونكم الفتنة) * أي يطلبونها لكم (الضعفاء) من يستضعفهم الناس لفقرهم ورثاثتهم.
قال القاضي : أي اطلبوا لي وتقربوا إلي بالتقرب إليهم وتفقد حالهم وحفظ حقوقهم والإحسان إليهم قولا وفعلا واستنصارا بهم.
قال الراغب : والضعف يكون في البدن وفي النفس وفي الحال وهو المراد هنا (فإنما ترزقون) تمكنون من الانتفاع بما أخرجنا لكم (وتنصرون) تعانون على عدوكم ويدفع عنكم البلاء والأذى.
قال القاضي : والنصرة أخص من المعونة لاختصاصها بدفع الضر.
قال الزين العراقي : والذي وقع في أصول سماعنا من كتاب الترمذي : (أبغوني في ضعفائكم) وهو عند أبي داود والنسائي بإسقاط حرف الجر : ابغوني الضعفاء ، وفي مسند أحمد (ابغوني ضعفاءكم) وكذا رواه الطبراني قال وهو أصح من الرواية المتقدمة والمعنى اطلبوا لي ضعفاءكم انتهى.
وفي طيه إعلام بإسقاط كلمة النصر بالأسباب والعدة والعدد
والآلات المتعبة الشاقة والاستغناء بتعلق القلوب بالله تعالى فنصرة هذه الأمة إنما هي بضعفائها لا بمدافعة الأجسام فلذلك افتتح المصطفى المدينة بالقرآن ويفتح خاتمة هذه الأمة القسطنطينية بالتسبيح والتكبير.
قال بعض العارفين : ومن حكمته تعالى أنه أمر بالعدة للعدو وأخذه بالقوة وأخبر أن النصر بعد ذلك يكون بالضعفاء ليعلم الخلق فيما أمروا به من الاستعداد وأخذ الحذر أن يرجعوا للحقيقة ويعلموا أن النصر من عند الله يلقيه على يد الأضعف ، فالاستعداد للعادة والعلم بجهة النصر في الضعيف للتوحيد وأن الأمر كله لله عادة وحقيقة يدبره كيف شاء.
قال الطيبي : وفيه نهي عن مخالطة الأغنياء وتحذير من التكبر على الفقراء والمحافظة على جبر خواطرهم ، ولهذا قال لقمان لابنه : لا تحقرن أحدا لخلقان ثيابه فإن ربك وربه واحد.
وقال ابن معاذ : حبك الفقراء من أخلاق المرسلين وإيثارك مجالستهم من علامات الصالحين وفرارك منهم من علامات المنافقين.
(تنبيه)
هذا الحديث وما على منواله : " هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم " قد وقع التعارض ظاهرا بينه وبين خبر مسلم " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن
الضعيف وفي كل خير " وعند التأمل لا تدافع إذ المراد بمدح القوة القوة في ذات الله وشدة العزيمة وبمدح الضعف لين الجانب ورقة القلب والانكسار بمشاهدة جلال الجبار أو المراد بذم القوة التجبر والاستكبار وبذم الضعف ضعف العزيمة في القيام بحق الواحد القهار على أنه لم يقل هنا أنهم ينصرون بقوة الضعفاء وإنما مراده بدعائهم أو بإخلاصهم أو نحو ذلك مما مر
انتهى النقل .
و قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( اِبْغُونِي )
: قَالَ فِي الصُّرَاح : بَغَيْتُك الشَّيْء طَلَبْته لَك ، وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ اِبْغُوا لِي ، قَالَ الْعَلْقَمِيّ : قَالَ اِبْن رَسْلَان : بِهَمْزَةِ وَصْل مَكْسُورَة لِأَنَّهُ فِعْل ثُلَاثِيّ أَيْ اُطْلُبُوا لِي
( الضُّعَفَاء )
: أَيْ صَعَالِيك الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ مَنْ يَسْتَضْعِفهُمْ النَّاس لِرَثَاثَةِ حَالهمْ أَسْتَعِين بِهِمْ .
( وَتُنْصَرُونَ )
: أَيْ تُعَاوَنُونَ عَلَى عَدُوّكُمْ
( بِضُعَفَائِكُمْ )
: أَيْ بِسَبَبِهِمْ أَوْ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِمْ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَسَن صَحِيح : وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ، وَفِي حَدِيث النَّسَائِيِّ زِيَادَة تُبَيِّن مَعْنَى الْحَدِيث ، قَالَ نَبِيّ اللَّه : " إِنَّمَا نَصَرَ اللَّه هَذِهِ الْأُمَّة بِضَعِيفِهَا بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتهمْ وَإِخْلَاصهمْ " وَمَعْنَاهُ أَنَّ عِبَادَة الضُّعَفَاء وَدُعَاءَهُمْ أَشَدّ إِخْلَاصًا لِجَلَاءِ قُلُوبهمْ مِنْ التَّعَلُّق بِزُخْرُفِ الدُّنْيَا وَجَعَلُوا هَمَّهُمْ وَاحِد فَأُجِيبَ دُعَاؤُهُمْ وَزَكَتْ أَعْمَالهمْ اِنْتَهَى كَلَام الْمُنْذِرِيِّ .
انتهى النقل .
سيدنا النبى صلى الله عليه و سلم يقول اطلبوا لى الفقراء أى أنه يريد الفقراء
و أيضاً (أبغوني في ضعفائكم) أى من أراد سيدنا النبى صلى الله عليه و سلم و أحب أن يتقرب إليه فليطلبه عند الضعفاء
و الضعفاء و الفقراء منهم الصوفية الصادقين يسمون أنفسهم الفقراء
و هذا معناه أن الأمة تنتصر بالفقراء أو الصوفية الصادقين
أى أن الفقراء الصوفية هم غوث و مدد و نصر للأمة المحمدية
غابت هذه المعاني السامية الراقية عن قلوب كثير من الأمة
فاللهم الطف بأمة حبيبك صلى الله عليه وآله وسلم