موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 4 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: 11 قرنا من البناء الروحى للصوفيين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 16, 2012 1:46 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 47097
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد

يمتدالإسلام الصوفى فى مصر إلى القرن الثالث الهجرى، وتمثله اليوم الطرق الصوفية التى يصل العدد الرسمى منها والمصرح له قانونا إلى 76 طريقة - رئيسية وفرعية - تضم حسب كثير من التقديرات ـ ما يقرب من 15 مليون مصرى كأعضاء منتظمين فى عام 2011، منتشرين فى مختلف المحافظات والمراكز والنجوع والقرى على مستوى الجمهورية، واللافت للنظر فى الفترة الأخيرة أن ثورة 25 يناير ألقت حجرا كبيرا في بحيرة الطرق الصوفية المصرية الراكدة، مما جعل هناك رغبة لديهم في التحرر السياسي والاجتماعي.

لذلك تفتح صفحة الفكر الدينى ملف الصوفيين فى مصر، وسنحاول فى هذه الحلقة التعرف عليهم عن قرب، من خلال بداياتهم في مصر، وإنشاء مشيخة مشايخ الطرق، وكيفية تعيين رؤساء المشيخة، والممارسات والشعائر التى يقومون بها فى حياتهم، ودورهم فى المجتمع.
يرجع أصل الطرق الصوفية كما تقول «موسوعة ويكيبيديا» إلى عهد رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم عندما كان يخصّ كلا من اصحابه بورد يتفق مع درجته وأحواله، وأخذ الصحابي علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، من النبى الذكر بالنفى والإثبات وهو (لا إله إلا الله)، وأخذ الصحابي أبوبكر الصديق رضى الله عنه، الذكر بالاسم المفرد (الله). ثم أخذ عنهما من التابعين هذه الأذكار (الأدعية) وسميت الطريقتان: بالبكرية والعلوية. ثم نقلت الطريقتان حتى التقتا عند الإمام أبوالقاسم الجنيد. ثم تفرعتا إلى الخلوتية، والنقشبندية. واستمر الحال كذلك حتى جاء الأقطاب الأربعة السيد أحمد الرفاعي والسيد عبدالقادر الجيلاني والسيد أحمد البدوي والسيد إبراهيم الدسوقي وشيّدوا طرقهم الرئيسية وأضافوا إليها أورادهم وأدعيتهم. وتوجد اليوم طرق عديدة جدًا في أنحاء العالم ولكنها كلها مستمدة من هذه الطرق الأربع. إضافة إلى أوراد السيد أبوالحسن الشاذلي صاحب الطريقة الشاذلية والتي تعتبر جزءًا من أوراد أى طريقة موجودة اليوم.

- تعريف التصوف
تعرف موسوعة «ويكيبيديا» الإلكترونية التصوف من ناحيتين هما اللغة والاصطلاح، فمن ناحية اللغة ذكرت الموسوعة أنه اشتق التصوف عند المسلمين على عدة أقوال، أشهرها: أنه من «الصوفة»، لأن الصوفي مع الله تعالى كالصوفة المطروحة، لاستسلامه لله تعالى، وأنه من «الصِّفة»، إذ إن التصوف هو اتصاف بمحاسن الأخلاق والصفات، وترك المذموم منها، وأنه من «الصُفَّة»، لأن صاحبه تابعٌ لأهل الصُفَّة الذين هم الرعيل الأول من رجال التصوف (وهم مجموعة من المساكين الفقراء كانوا يقيمون في المسجد النبوي الشريف ويعطيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدقات والزكاة طعامهم ولباسهم)، وأنه من «الصف»، فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث حضورهم مع الله تعالى، وتسابقهم في سائر الطاعات، وأنه من «الصوف»، لأنهم كانوا يؤثرون لبس الصوف الخشن للتقشف والاخشيشان، وأنه من «الصفاء»، فلفظة «صوفي» على وزن «عوفي»، أي: عافاه الله فعوفي، بينما أرجع البعض اسم «التصوف» إلى رجل زاهد متعبد في الجاهلية كان يلقب بـ (صوفة) واسمه هو الغوث بن بركان أو في رواية الغوث بن مر، كما أشار الزمخشري في أساس البلاغة والفيروز آبادي في قاموسه المحيط إلى أن قوماً في الجاهلية سموا بهذا الاسم وكانوا يعبدون الله في الكعبة ومن تشبه بهم سمي صوفيا. ومنهم نشأت طبقة المتحنفين مثل ورقة بن نوفل.
فهذا هو الاختلاف الواقع في أصل لفظة التصوف واشتقاقها، ولذلك اضطر الصوفي القديم علىّ الهجويري المتوفى سنة 465هـ إلى أن يقول: (إن اشتقاق هذا الاسم لا يصح من مقتضى اللغة في أي معنى، لأن هذا الاسم أعظم من أن يكون له جنس ليشتق منه). وبمثل ذلك قال القشيري في رسالته: (ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق). كما أنه مما لاشك فيه أنه لا يصح ولا يستقيم اشتقاقه من حيث اللغة إلا من الصوف، ولو أنه هو اختيار الكثيرين من الصوفية وغيرهم كالطوسي، وأبي طالب المكي، والسهروردي وأبي المفاخر يحيى باخرزي، وابن تيمية، وابن خلدون من المتقدمين. وأرجح الأقوال وأقربها إلى العقل مذهب القائلين بأن الصوفي نسبة إلى الصوف، وأن المتصوف مأخوذ منه أيضا، فيقال: تصوف إذا لبس الصوف.
أما تعريف التصوف من حيث الاصطلاح، فقد كثرت الأقوال أيضا في تعريف التصوف تعريفا اصطلاحيا على آراء متقاربة، كل منها يشير إلى جانب رئيسي في التصوف، والتي منها: قول الشيخ زكريا الأنصاري: التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية، وقول الشيخ أحمد زروق: التصوف علم قصد لإصلاح القلوب وإفرادها لله تعالى عما سواه. والفقه لإصلاح العمل وحفظ النظام وظهور الحكمة بالأحكام. والأصول «علم التوحيد» لتحقيق المقدمات بالبراهين وتحلية الإيمان بالإيقان. وقال أيضا: وقد حُدَّ التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ نحو الألفين، مرجع كلها لصدق التوجه إلى الله تعالى، وإنما هي وجوه فيه، وقول الإمام الجنيد: التصوف استعمال كل خلق سني، وترك كل خلق دني، وقول الإمام أبوالحسن الشاذلي: التصوف تدريب النفس على العبودية، وردها لأحكام الربوبية، وقول الإمام ابن عجيبة: التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وتصفية البواطن من الرذائل، وتحليتها بأنواع الفضائل، وأوله علم، ووسطه عمل، وآخره موهبة.


سبتمر 2011
23
11 قرنا من البناء الروحى للصوفيين
المصدر: الأهرام اليومى
يتبع ان شاء الله

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: 11 قرنا من البناء الروحى للصوفيين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 16, 2012 2:07 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 47097

بدايات الطرق في مصر


فى رسالة دكتوراه أعدَّها الدكتور مصطفى فهمي أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة فى عام 2009 بعنوان «الفكر الصوفي في مصر في القرن الرابع عشر الهجري، العشرين الميلاد» تناول خلالها بدايات الطرق الصوفية في مصر، أوضحت الرسالة أنه يكاد يتفق القول على أن الصوفية المصريين معتدلون في تصوفهم، بسبب بعدهم عن العناصر الأجنبية الدخيلة التي لا تتفق وروح الإسلام، فقد جمع بين صوفية طرق المصريين جميعًا طابعٌ خاصٌ هو العناية بالجانب العملي الخلقي من التصوف أكثر من العناية بالخوض في المسائل النظرية الصوفية الفلسفية.

ويتضح ذلك حسب الرسالة - منذ أول تنظيم رسمي للصوفية في مصر، والذي يرجع تاريخه إلى صلاح الدين الأيوبي، الذي أنشأ أول خانقاه، سميت بسعيد السعداء، وكانت تعرف بدويرة الصوفية بالقاهرة، وقد جعلها لإقامة الصوفية الوافدين إلى مصر، وذلك في سنة (569هـ/1173م)، ولقب شيخ هذه الخانقاه بشيخ الشيوخ، وكان سكانها من الصوفية يعرفون بالعلم والصلاح وتُرجَى بركتهم، وفي هذا العصر انتشر المذهب السنِّي، وانحسر المذهب الشيعي، ثم قامت في العصر المملوكي الخانقاوات الكثيرة، وكان أبرزها خانقاه سرياقوس، والتي أسَّسها الناصر محمد بن قلاوون سنة (725هـ/1324م) وصار شيخها معتبرًا في درجة شيخ خانقاه سعيد السعداء، كما انتشرت المدارس الصوفية، كالتي قامت في القاهرة واستوعبت كل من وفد إليها من صوفية المشرق الإسلامي، وكالتي قامت في صعيد مصر، وأسَّسها الشيخ عبدالرحيم القنائي الذى توفى (592هـ/1195م) ثم خلفه عليها الصوفي المصري أبوالحسن الصباغ الذى توفى (613هـ/1216م)، كما كانت هناك مدرسة الإسكندرية التي وفد إليها من العراق الشيخ الواسطي وأقام بها وبشَّر بالطريقة الرفاعية والذى توفى (630هـ/1232م)، وممن وفد إلى مدرسة الإسكندرية السيد أحمد البدوي الذى توفى (675هـ/1276م) مؤسس الطريقة الأحمدية، ثم أقام بطنطا بعد ذلك، كما استوطن بها الشيخ أبوالحسن الشاذلي الذى توفى (656هـ/1258م) مؤسس الطريقة الشاذلية ومعه جملة من تلاميذه ومريديه، ثم قام على الطريقة من بعده أبو العباس المرسي الذى توفى (686هـ/1287م) ثم من بعده الصوفي المصري ابن عطاء الله السكندري (709هـ/1309م)، كما ظهر في هذا العصر في مصر الشيخ إبراهيم الدسوقي الذى توفى (676هـ/1277م) بدسوق، والذي أسس الطريقة البُرهامية.
وتشير رسالة الدكتوراه إلى أنه كان لشيوخ الطرق آنذاك دورهم البارز في مجريات الحياة العامة، فقد كانوا يعاونون سلاطين المماليك في جهادهم الأعداء، كما هو معروف عن الإمام أبي الحسن الشاذلي وغيره، كما كانوا يتمتعون بمكانة بارزة وعالية عندهم، كما هو معروف عن السيد أحمد البدوي، ثم جاء العصر العثماني، وانتشرت فيه الطرق الصوفية انتشارًا واسعًا، شملت جميع طبقات الشعب المصري، وأوضحنا كيف انصرفت عناية أصحاب الطرق إلى الشكليات، والرسوم أكثر من العناية بجوهر التصوف نفسه، فضلاً عن المبالغة في تقديس الشيوخ، والكرامات، والاحتفالات، وغير ذلك مما أساء بالفعل إلى صورة التصوف الصحيح ومكانته، وعند مجيء الحملة الفرنسية على مصر سنة (1213هـ/1798م) كان بشكل غير رسمي يتولى شئون الصوفية في مصر السيد خليل البكرى، الذي كان شيخًا للسجادة البكرية ونقيبًا للأشراف، وقد عُيَّن عضوًا في الديوان الذي أنشأه نابليون بونابرت، ولما انسحب الفرنسيون من مصر سنة (1216هـ/1801م) قام الوالي العثماني محمد باشا خسرو بإقالة خليل البكرى، فأعاد تعيين عمر مكرم نقيبًا للأشراف، كما قام بتعيين محمد أبي السعود البكرى في منصب شيخ السجادة البكرية.
وبينت الرسالة أن تاريخ نقابة الأشراف أطول من تاريخ مشيخة الطرق الصوفية والمشيخة البكرية نفسها، فالشرف في الأصل بمعنى الرفعة، وكان يطلق في الجاهلية على عظماء العرب، ونجد في كتب التاريخ والسير القديمة فلانًا الشريف العباسي، وفلانًا الشريف العلوي ونحو ذلك، وقد حرص القوم على حفظ أنساب تلك البيوت فأحدثوا وظيفة نقابة الأشراف، وهي وظيفة عامة تشمل التكلم والنظر في أنساب جميع الأشراف من أهل تلك البيوت.

يتبع ان شاء الله

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: 11 قرنا من البناء الروحى للصوفيين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 16, 2012 2:16 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 47097
إنشاء مشيخة مشايخ الطرق
وتطرق الدكتور مصطفى فهمى فى رسالته إلى إنشاء مشيخة مشايخ الطرق الصوفية فى مصر الذى كان نتيجة لكثرة الطرق، وانتشارها الواسع، وتأثيرها الكبير على جموع الفلاحين والحرفيين، الأمر الذى جعل محمد على باشا يصدر لضمان إحكام السيطرة عليها فرمانًا رسميًّا سنة (1227هـ/1812م) بتولي السيد محمد البكرى زعامة كافة الطرق الصوفية، بالإضافة إلى نقابة الأشراف، وهو القرار الذي صدر في إطار تحديث دولته من جهة، ولضمان عدم وقوع هذه الطرق تحت تأثير الزعامات الدينية والمتمثلة في الأزهر الشريف ورجاله، والتي أبعدها محمد علي عن دائرة التأثير في الحياة العامة، ولعله بهذا الإبعاد كان يريد إحداث الموازنة من خلال إشراك الطرق الصوفية مع الأزهر الشريف الذي نفى زعامته في مطلع القرن التاسع عشر، ولعل هذا هو السبب الذي جعل أهمية التصوف منذ ذلك الوقت فصاعدا تقل من حيث هو فرع من فروع المعرفة التي تدرس بالأزهر الشريف، فتحول الأخير إلى قلعة قومية تقليدية ومركزٍ للمعارضة ضد أولئك الذين ينشُرون المفاهيم الصوفية الإسلامية، فقام بدوره في تجميد وتحجير التصوف الإسلامي في رحابه.
ثم قام الخديو سعيد بعد وفاة محمد البكرى (ت1271هـ/1855م) بتعيين ابنه "علي" في منصبي شيخ السجادة البكرية ونقابة الأشراف، بالإضافة إلى سلطته على الطرق الصوفية، والتي ارتبطت يومئذ بما يسمى (حقّ القدم)، وهو: "الحق المقصود على طريقة ما في الدعوة لنفسها بين الانتشار بين الناس والظهور علنًا في منطقة معينة إذا ما أمكن البرهنة على أنها أول من قامت بهذا الإجراء"، ومبدأ حق القدم هو الذي جعل رؤساء الطرق الصوفية مضطرين للاعتماد على «علي البكرى» والانضواء تحت سلطته ماداموا ارادوا لطرقهم ولأنفسهم كرؤساء على هذه الطرق الاستمرار والبقاء، غير أن هذا المبدأ ألغي رسميًّا في سنة 1905م، ثم عيَّن الخديوي توفيق بعد وفاة علي البكرى (1298هـ/1880م) ابنه «عبدالباقي» على نفس مناصبه، والذي أصدر مجموعة من القوانين والتنظيمات بلغت تسعًا وعشرين مادة، تتعلق بالشعائر الدينية والشئون الداخلية لرؤساء الطرق، محاولاً إصلاح حال الطرق الصوفية حينئذ.

شعائر الصوفية
كما تضمنت رسالة الدكتور مصطفى فهمى الممارسات والشعائر التى يمارسها الصوفيون في حياتهم، والتي تعتبر الشعائر - التعبير الرمزي عن المشاعر والاتجاهات والقيم والمعتقدات عن طريق أفعال وممارسات منظمة تعمل على تقوية المعتقد لدى المريد، وسوف نتناول من هذه الشعائر «العهد الصوفي» وهو شرط العلم بالشريعة والتمسك بالكتاب والسنة والعمل بهما، ثم صدق التوجه لله، شرطان أساسيان للمبتدئ في الطريق، ثم أضيف إلى ذلك الالتزام بعدم أخذ عهد سابق مع طريقة صوفية أخرى، ولعل الاستعداد، والإرادة القوية يعتبران مؤهلاً قويًّا للالتزام بالشريعة، بمجرد العلم بها، سواء قبل الطريق أو بعده، إذ بهما يتم العمل بالعلم، ومن ثم «وراثة علم ما لم يعلم»، وبدونها يقف الفرد أو الصوفي عند حد العلم النظري، الذي لا يفيد صاحبه. ويعتبر العهد الصوفي بين الشيخ والمريد معاهدة يلتزم بمقتضاها المريد بفعل العبادات وترك المعاصي، وطاعة الشيخ واتباع طريقته، والالتزام بقواعد وآداب الطريق، والمداومة على الورد المكلف به، والمشاركة في شعائر وطقوس الطريقة، ومن هنا تأتي أهمية الشيخ للمريد، فهو كالأستاذ المعلم للطالب الذي لا يستغنى عنه، والحقيقة الراسخة عند الصوفية أن هذا العهد يمثل رمزًا للمعاهدة بين الله سبحانه وتعالى والمريد، وينقسم العهد في الطرق الصوفية إلى قسمين؛ عهد المريد أمام شيخه، والعهد الجماعي، ويسمى عهد البركة، وهو الذي لا تحكمه أية قيود، ولا يترتب عليه التزامات، ويجوز للمريد أن يطلبه مرات عديدة من شيخ الطريق أو أي شيخ طريق صوفي آخر بغرض التماس البركة.

يتبع ان شاء الله بالجزء الأخير

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: 11 قرنا من البناء الروحى للصوفيين
مشاركة غير مقروءةمرسل: الأحد ديسمبر 16, 2012 2:24 am 
غير متصل

اشترك في: الخميس مارس 29, 2012 9:53 pm
مشاركات: 47097

"الذكر والحضرة"



لم يحظ نمطـٌ من أنماط العبادة بعد أداء الفروض بالعناية الفائقة مثل ما حظي به الذكر من قِبَل الطرق الصوفية، فالذكر لديهم ركن أساسي قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى، بل هو الأساس في هذا الطريق ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام الذكر، فبداية الطريق تتمثل في تزكية النفس وتطهير القلب، وهدف الطريق تحقيق الحب الإلهي والوصول إلى المعرفة، وكل ذلك لا يتأتى إلا بدوام الذكر، فالذكر ضرورة ليس فقط في بداية الطريق وإنما في جميع مراحله، وقد أجمع مشايخ الطريق أنه ليس للمريد دواء أسرع في جلاء قلبه من مداومة الذكر، كما ذكر د/عبدالحليم محمود أن المريد لن يترقى إلا بالذكر لأنه الركن الأساسي في طريق القوم، ومن خصائص الذكر أنه غير موقوتٍ بوقت، فما من وقت من الأوقات إلا والعبد مأمور بذكر الله تعالى إما فرضًا وإما ندبًا، والصلاة وإن كانت من أشرف العبادات فقد لا تجوز في بعض الأوقات، والذكر بالقلب مستدام في عموم الحالات، كما أن خصائص الذكر هي الحضور في الحضرة الإلهية، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الله سبحانه تعالى: «أنا جليس من ذكرني»، وقال الله تعالى: «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» وقال سبحانه تعالى: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ» [سورة البقرة: آية 152].
أما الحضرة فهى من أهم الممارسات الجماعية لدى الصوفية وأكثرها تأثيرًا في الرَّبط بين أفراد الجماعة، وتوثيق علاقة المحبة بينهم، بالإضافة إلى دورها الفعال في التأثير على كل فرد على حدة إذ ترتبط بأسماء الله الحسنى، وبكل ما يتصل به من تسبيح وتعظيم، فهي جلاء للقلوب وتصفية للنفوس، وضرورية للفرد بنمطيها الفردى والجماعي، وتتمثل الواجبات الأساسية للدخول في الحضرة في الطهارة من الحدث الأكبر، والطهارة من الحدث الأصغر، أما ماعدا ذلك فلا يوجد شرط لدخول الحضرة، بل يمكن لأي غريب دخولها دون أي قيود، فالحضرة حضرة الله ولا يملك أحد فيها شيئًا على الإطلاق، وهي تقام في المساجد المختلفة تبعًا لمكان السكن والعمل لكل مريد؛ مما يفسح المجال لمشاركة أي فرد خارج الجماعة أو الطريقة التي تقيمها بالدخول فيها، ويتخذ نظام الجلوس في الحضرة شكل دائرة مع مراعاة جلوس المنشدين بجوار بعضهم البعض، وللإنشاد دور كبير في التأثير في قلوب المريدين، وتنشيط أرواحهم حتى عبروا عن أهميته قائلين: «إذا اعتبرنا الذكر روح التصوف فالإنشاد روح الذكر».
أما ثالثة الشعائر فهى المولد: والأصل في إقامة الموالد هو الاعتبار بسيرة صاحب المولد والانتفاع بذكراه، فضلاً عن انتهاز فرصة التجمع للتعارف والتعاون على البرِّ والتقوى والانصراف إلى الله تعالى بذكره، والتعبد له، والاستماع إلى القرآن الكريم، والانتفاع بوعظ رجال الدين من العلماء، وذلك إلى جانب إخراج الصدقات، بالإضافة إلى الفائدة المعنوية والخير الذي يعم على المشاركين في هذا المولد أو المناسبة، وتهتم الطرق الصوفية بالاحتفال بالمناسبات الدينية، وأهمها ذكرى مولد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأهل بيته، كما تشارك الدولة والهيئات الرسمية في الاحتفال بهذه المناسبات بالإضافة إلى مناسبة ليلة القدر، وليلة الإسراء والمعراج، ورأس السنة الهجرية وتدعمها، كما تحتفل كذلك كل طريقة صوفية بذكرى مولد مؤسسها على طريقتها الخاصة.


دور الصوفيين فى المجتمع



الصوفية لهم دورٌ بارزٌ فى المجتمع المصري، فبالإضافة إلى نشر الصوفية لأورادهم وأذكارهم، وأحزابهم الخاصة بطرقهم الخاصة، فقد كان لبعضهم محاولات أثناء الاحتلال البريطاني لمصر في نشر الكتيبات التي تدعو إلى معاداة البريطانيين إبان الحرب العالمية الأولى، ومن أبرزهم الشيخ محمد ماضي أبوالعزائم، ثم محاولة أخرى صدرت من الشيخ محمد أبي الفيض المنوفي الذي نشر مجموعة كتيبات تحمل اسم «صحائف الحق» وصدرت في المدة من سنة 1919م، حتى سنة 1924م بصورة غير منتظمة، ثم أصدر الشيخ المنوفي مجلة باسم «لواء الإسلام» في يوليو سنة 1924م بصورة متقطعة حتى سنة 1930م، وكانت تنقد السياسة البريطانية مما أدَّى إلى سحب ترخيصها وسجن صاحبها، ثم بدأت الاقتراحات تكثر من الطرق الصوفية بإنشاء مجلة لهم يعرضون فيها آراءهم وأفكارهم، حتى اتخذ المجلس الأعلى الصوفي قرارًا في محضر جلسة أبريل سنة 1936م بإنشاء هذه المجلة باشتراك سنوي قدره خمسة وعشرون قرشًا، وأن يقدم مشايخ الطرق كشوفًا بأسماء المشتركين، وأن يكون الحد الأدنى للمشتركين في كل طريقة ثلاثين عضوًا، وعلى الرغم من هذا لم ترَ كل هذه الاقتراحات أو القرارات النور، وعند مجيء حكومة الثورة، قررت في سنة 1958م تدعيم مشيخة الطرق الصوفية في إنشاء مجلة لها تحمل اسم «الإسلام والتصوف»، وقد استمرت المجلة على هذا الاسم بضع سنوات، ثم عادت وصدرت باسم «التصوف الإسلامي» في سنة 1979م.
كما توضح الرسالة أنه كان للطرق الصوفية آنذاك تأثير على الحركة الثقافية، وإسهامها في تكوين عديد من المفكرين في مصر الحديثة من أمثال «عبدالرحمن الجبرتي» و«حسن الطويل» و«أبوالوفا درويش» و«محمد عبده» و«عبدالله النديم» و«حسن البنا» وغيرهم، فقد تتلمذ هؤلاء على يد شيوخ الصوفية بين الدرس وحلقات الذكر في المسجد الأحمدي بطنطا، والدسوقي بدسوق، والقنائي بقنا، وأبي الدرداء بالإسكندرية، كما كان قبل ذلك للصوفيين على اختلاف طبقاتهم، وعلى مرِّ العصور أدب إسلامي رفيع وغزير، ومجال واسع في النثر والشعر، وباع طويل في كل أغراض الأدب، ومنزلة عالية في التجديد في معاني الأدب وأخيلته وأساليبه، وهذا يبرر ما احتوى عليه الأدب الصوفي من عاطفة صادقة، وتجربة عميقة في آثارهم، شعرًا ونثرًا، حكمة ونصيحة، موعظة ومثلاً وعبرة، وقد تناول الصوفيون في أدبهم الكثير من دقائق الحكمة والتجربة والفكر والمعاني والأخيلة، وأعمق مشاعر الإنسان، وحفل أدبهم بروائع المناجاة والحب الإلهي.
وفي بدايات القرن العشرين كان محمد توفيق البكري شيخ مشايخ الطرق الصوفية يؤمن بسبق أوروبا في التعليم الحديث مما يستوجب النقل عنها بالترجمة إلى العربية، وتعلم اللغات الأوروبية، ودعاه ذلك إلى الدعوة إلى أن يكون التعليم عامًا إجباريًا في مراحله الثلاث: الابتدائي والثانوي والعالي، وأن تكون نسبة التلاميذ في المراحل الثلاث بقدر عشرين في المائة من عدد السكان.
كما كتب الشيخ توفيق البكرى كتابًا قيمًا عن التعليم والإرشاد ربط فيه بين الجهل ودوام الاستبداد والاستعمار، ورأى فيه أن المخرج من هذا لا يكون إلا بالتعليم.
ولأن الصوفية المعتدلين معلمون للنفوس، فهم أيضا معلمون للعقول، ففي مجال التربية والتعليم عمل أحد المدرسين كنائب لطريقة المرازقة الأحمدية ببندر ومركز فاقوس، وكذلك أحد نواب الطريقة الحامدية الشاذلية، كما كان شيخ الطريقة المنايفة الأحمدية مفتشًا في التربية والتعليم وهو الشيخ علي فؤاد المنوفي، وكان شيخ الطريقة العزايمية الشيخ محمد ماضي أبوالعزائم مدرسًا بمديرية المنيا ثم مدرسًا للفقه الإسلامي في كلية «غوردون» بالخرطوم في المدة من سنة 1905م إلى سنة 1915م، وكذلك عمل الأستاذ محمد زكي إبراهيم شيخ الطريقة المحمدية الشاذلية مدرسًا بالمدارس الأميرية بمحافظة بني سويف، ثم ظل يتدرج في وظائف التعليم المختلفة حتى أصبح رئيسًا للسكرتارية العامة للتعليم الحر، وقد عمل أيضًا أستاذًا ومحاضرًا للدراسات العليا بالمعاهد العالية ومعهد الدراسات الإسلامية ومعهد إعداد الدعاة.

انتهى والحمد كله لله رب العالمين
عدد 23سبتمر 2011
11 قرنا من البناء الروحى للصوفيين
المصدر: الأهرام اليومى

_________________
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه
أستغفر الله العلى العظيم الذى لا اله الاّ هو الحى القيوم وأتوب اليه


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 4 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 18 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط