بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد
أتابع معكم ما قاله الكندى فى وصف مصر :
( ذكر مصر وفضلها على غيرها من الأمصار .
وأما ذكر مصر وفضلها على غيرها من الأمصار وما خصت به وأوثرت به على غيرها ، فروى أبو بصرة الغفاري قال : مصر خزانة الأرض كلها، وسلطانها سلطان الأرض كلها.
قال الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام " قال اجعلني على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم ".
ولم تكن تلك الخزائن بغير مصر ، فأغاث الله بمصر وخزائنها كل حاضر وباد من جميع الأرض . وجعلها الله تعالى متوسطة الدنيا ، وهي في الإقليم الثالث والرابع .
فسلمت من حر الإقليم الأول والثاني ، ومن برد الإقليم الخامس والسادس والسابع ، فطاب هواؤها ، ونقي جوها وضعف حرها ، وخف بردها ) .
يقول العبد الفقير مريد الحق : هذا تعريف مختصر عن معنى الإقليم .. حتى تتم المعرفة .
قال العلامة ياقوت فى معجم البلدان (1/8) وأما اشتقاق الأقاليم فذهبو إلى أنها كلمة عربية واحدها إقليم وجمعها أقاليم , مثل إخريط وأخاريط وهو نبت . فكأنه إنما سمي إقليماً لأنه مقلوم من الأرض التي تتاخمه أي مقطوع , والقلم في أصل اللغة القطع .
وقال محمد بن أحمد أبو الريحان البيروني : الإقليم على ما ذكر أبو الفضل الهروي في المدخل الصاحبي هو الميل , فكأنهم يريدون به المساكن المائلة عن معدل النهار .
قال : وأما على ما ذكر حمزة بن الحسن الأصفهاني وهو صاحب لغة ومعني بها فهو الرصتاق بلغة الجرامقة سكان الشام والجزيرة , يقسمون بها المملكة كما يقسم أهل اليمن بالمخاليف وغيرهم بالكوثر والطساسيج وأمثالها .
وقال حمزة الأصبهاني : الأرض مستديرة الشكل , المسكون منها دون الربع , وهذا الربع ينقسم قسمين براً وبحراَ , ثم ينقسم هذا الربع سبعة أقسام يسمى كل قسم منها بلغة الفرس كشخر , وقد استعارت العرب من السريانيين الكشخر إسما وهو الاقليم والاقليم اسم للرستاق , فهذا في اشتقاق الاقليم ومعناه كافِ شافِ إن شاءَ الله تعالى . ثم شرح ياقوت وصف الأقاليم وصفاتها .. قال :
اصطلاح العامة وجمهور الأمة وهو الجاري على ألسنة الناس دائماً , وهو أن يسموا كل ناحية مشتملة على عدة مدُن وقُرى إقليماً , نحو الصين وخراسان والعراق والشام ومصر وإفريقية ونحو ذلك , فالأقاليم على هذا كثيرة لا تحصى .
ثم ذكر بعد ذلك أن الأقاليم مقسمة إلى سبعة .. وحدد لكل إقليم مكانه .
نعود إلى الكندى ... قال : ( وسلم أهلها من مشاتي الجبال ، ومصائف عمان ، وصواعق تهامة ، ودماميل الجزيرة ، وجرب اليمن ، وطواعين الشام ، وغيلان العراق ، وعقارب عسكر مكرم ، وطلب البحرين ، وحمى خيبر . وأمنوا من غارات الترك ، وجيوش الروم , وطوائف العرب ، ومكائد الديلم ، وسرايا القرامطة ، وبثوق الأنهار ، وقحط الأمطار .
وقد اكتنفها معادن رزقها ؛ وقرب تصرفها ، فكثر خصبها ، ورغد عيشها ، ورخص سعرها .
وقال سعيد بن أبي هلال : مصر أم البلاد ، وغوث العباد ) .
يقول العبد الفقير مريد الحق :
هذه ترجمة سريعة لسعيد بن أبى هلال ... معلش .. دا علشان يعرف الناس إن الأكابر من العلماء عارفين قدر مصر كويس .... مش الأقزام .
هو العلامة سعيد بن أبي هلال . الامام الحافظ الفقيه ، أبو العلاء الليثي ، مولاهم المصري أحد الثقات. وكان أحد المتقنين وأهل الفضل في الدين . مولده سنة سبعين , وتوفي سنة خمس وثلاثين ومئة . روى عن نعيم المجمر ، وعون بن عبدالله بن عتبة ، والقاسم بن أبي بزة ، وقتادة ، وزيد بن أسلم ، وعمارة بن غزية ، وأبي بكر بن حزم ، ونافع ، وابن شهاب . وأرسل عن جابر وغيره .
حدث عنه : خالد بن يزيد ، وعمرو بن الحارث ، وهشام بن سعد ، والليث ابن سعد .
قاله ابن حبان فى مشاهير علماء الأمصار (1/301) والذهبى فى سير أعلام النبلاء (6/303-304) .
نعود إلى الكندى ... مرة تانية .. قال : ( وذكر أن مصر مصورة في كتب الأوائل ، وسائر المدن مادة أيديها إليها تستطعمها . وقال عمرو بن العاص : ولاية مصر جامعة ، تعدل الخلافة ) .
وصل اللهم وسلم وعظم وشرف وكرم حضرة مولانا رسول الله وآل بيته الطاهرين .
|