بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وآله ومن والاه ... وبعد
أستكمل معكم ذكر فضائل مصر المحروسة - حماها الله - , والنقل من كلام العلامة الرحالة الزاهد ابن جبير .. قال :
( عدل صلاح الدين ومن مفاخر هذا السلطان المزلفة من الله تعالى وآثاره التي أبقاها ذكراً جميلاً للدين والدنيا :
إزالته رسم المكس المضروب وظيفة على الحجاج مدة دولة العبيديين . فكان الحجاج يلاقون من الضغط في استيدائها عنتاً مجحفاً , ويسامون فيها خطة خسف باهظة. وربما ورد منها من لافضل لديه على نفقته ولا نفقة عنده فيلزم أداء الضريبة المعلومة، وكانت سبعة دنانير ونصف دينار من الدنانير المصرية التي هي خمسة عشر ديناراً مؤمنية على كل رأس، ويعجز عن ذلك، فيتناول بأليم العذاب بعيذاب. كاسمها مفتوحة العين. وربما اخترع له من أنواع العذاب التعليق من الأنثيين أو غير ذلك من الأمور الشنيعة ، نعوذ بالله من سوء قدره . وكان بجدة أمثال هذا التنكيل وأضعافه لمن لم يؤد مكسه بعيذاب ووصل اسمه غير معلم عليه علامة الأداء . فمحا هذا السلطان هذا الرسم اللعين , ودفع عوضاً منه مايقوم مقامه من أطعمة وسواها ، وعين مجبى موضع معين بأسره لذلك ، وتكفل بتوصيل جميع ذلك الحجاز لأن الرسم المذكور كان باسم ميرة مكة والمدينة، غمرهما الله، فعوض من ذلك أجمل عوض، وسهل السبيل للحجاج، وكانت في حيز الانقطاع وعدم الاستطلاع ، وكفى الله المؤمنين على يدي هذا السلطان العادل حادثاً عظيماً وخطباً أليماً . فترتب الشكر له على كل من الناس أن حج البيت الحرام إحدى القواعد الخمس من الإسلام ، حتى يعم جميع الآفاق ويوجب الدعاء له في كل صقع من الأصقاع وبقعة من البقاع، والله من وراء مجازاة المحسنين، وهو جلت قدرته لا يضيع أجر من أحسن عملاً . ومكوس كانت في البلاد المصرية وسواها ضرائب على كل ما يباع ويشترى مما دق أوجل، حتى كان يؤدى على شرب ماء النيل المكس فضلاً عما سواه . فمحا هذا السلطان هذه البدع اللعينة كلها وبسط العدل ونشر الأمن.
زمن عدل هذا السلطان وتأمينه للسبل
أن الناس في بلاده لا يخلعون لباس الليل تصرفاً فيما يعنيهم، ولا يستشعرون لسواده هيبة تثنيهم. على مثل ذلك شاهدنا أحوالهم بمصر والإسكندرية حسبما تقدم ذكره.
شهر محرم سنة تسع وسبعين
استهل هلاله ليلة الثلاثاء ، وهو اليوم السادس والعشرون من أبريل ، ونحن بمصر ، يسر الله علينا مرامنا. وفي صبيحة يوم الأحد السادس من محرم المذكور كان انفصالنا من مصر وصعودنا في النيل على الصعيد قاصدين قوص. عرفنا الله عادته الجميلة من اليسير وحسن المعونة بمنه ، ووافق يوم إقلاعنا المذكور أول يوم من مايه بحول الله عز وجل. والقرى في طريقنا متصلة أيضاً بغربي النيل ميامناً لنا، وذلك كله يوم إقلاعنا المذكور وفي الثاني منه ، المدينة القديمة المنسوبة ليوسف الصديق صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم ، وبها موضع السجن الذي كان فيه ، وهو الآن ينقض وينقل أحجاره القلعة المبتناة الآن على القاهرة ، وهو حصن حصين المنعة. وبهذه المدينة المذكورة مخازن الطعام التي اختزنها يوسف صلى الله عليه وسلم ، وهي مجوفة على ما يذكر ).
يقول العبد الفقير مريد الحق : والبلدة المقصودة والتى بها موضع سِجْن سيدنا يوسُفَ الصديق عليه السلام ، هى بوصير من أرض مصر وأعمال الجيزة في أول الصعيد من ناحية مصر .
قال القاضي القضاعي : أجمع أهل المعرفة من أهل مصر على صحة هذا المكان , وفيه أثر نبيين أحدهما يوسف عليه السلام , سُجن به المدة التي ذكر أنها سبع سنين , وكان الوحي ينزل عليه فيه . وسَطح السجن معروف بإجابة الدعاءِ , وأهل تلك النواحي يعرفونه ويقصدونه بالزيارة .
والنبيُ الآخر موسى عليه السلام , وقد بُني على أثره مسجد هناك يعرف بمسجد موسى عليه السلام. قاله ياقوت الحموى فى معجم البلدان (2/434)
وصل اللهم وسلم وعظم وشرف وكرم حضرة مولانا رسول الله وآل بيته الطاهرين
|