موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 19 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مارس 14, 2008 3:59 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4146
مكان: الديار المحروسة
[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:1 double teal;][cell=filter:;][align=right]ومن فروع هذا التوحيد عندهم والعياذ بالله، أن فرعون وقومه كاملو الإيمان، عارفون بالله تعالى على التحقيق والإيقان، ومن فروعه، أنه لا فرق في التحريم والتحليل بين الأم والأخت والأجنبية، ولا فرق بين الماء والخمر، والزنا والنكاح، فكل من عين واحدة، بل هو العين الواحدة، ومن فروعه، أن الأنبياء ضيقوا على الناس، تعالى الله عما يقول الظالمون عُلُوّاً كبيرا. انتهى.
كما أنه أشار إلى أقوالٍ دُسَّت على الشيخ محيي الدين من أنه قال في الفصوص: من ادعى الألوهية فهو صادق في دعواه. ومن أنه أباح المكث للجنب والحائض في المسجد، وأنه يقول بقدم العالم، ومن أنه قال: ضيق ابن أبي كبشة أمر الدنيا على الموحدين، وأن فرعون خرج من الدنيا طاهراً مُطهراً، كما نقل ذلك عماد الدين بن كثير بسنده عن العلامة تقي الدين السبكي عن شيخ الإسلام ابن دقيق العبد القائل في آخر عمره: لي أربعون سنة ما تكلمت بكلمة إلا وأعددت لها جواباً بين يدي الله تعالى.
قال الإمام الجزري رحمه الله بعد كلام: وبالجملة، فالذي أقوله وأعتقده وسمعته ممن أثق به من شيوخي الذين هم حجة بيني وبين الله تعالى أن من صح عنه هذا الكلام وأمثاله مما يخالف الشرع المطهر، وقاله وهو في عقله ومات وهو معتقد ظاهره، فهو أنجس من اليهود والنصارى، فإنهم لا يستحلون أن يقولوا ذلك، ولا يُلتَفَت إلى قولِ من قال أن هذا الكلام المخالف لظاهر المرام ينبغي أن يؤول بما يوافق أحكام الإسلام، فإنه غلط من قائله، وكيف يؤول قولهم:
الرب حقٌّ والعبد حقٌّ يا ليت شعري من المُكلَّف
وقولهم: ما عرف الله إلا المعطلة والمجسمة؛ لأن الله تعالى يقول(ليس كمثله شئ)، فهذا دليل المعطلة، (وهو السميع البصير)، دليل المجسمة، وقولهم: ما عبد من عبد إلا الله؛ لأن الله تعالى يقول (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه)، وقولهم في فرعون: قبضه الله تعالى طاهراً مطهراً لم يقترف ذنبا، والله تعالى يقول (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين * وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون * وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين)، ثم إنما يؤول كلام المعصوم، ولو فتح باب تأويل كل كلام ظاهره الكفر لم يكن في الأرض كافر. انتهى.
والحق يقال، الذي عليه أهل الورع من علماء الدين، أنه لا يحكم على ابن عربي رحمه الله نفسه بشيء؛ لأنّا لسنا على يقين من صدور مثل هذه الكلمات منه ، ولا استمراره عليه إلى وفاته، ولكنا نحكم على مثل هذا الكلام بأنه كفر. وقد تجرأ بعضهم فقال: هذه الكلمات من اصطلاحات الصوفية، تواضعوا على ألفاظ وأرادوا بها معاني غير المعاني المتعارفة منها. فأجاب بعض الفضلاء عن تلبيس هذا الملبس بقوله: إن أراد هذا المغفل بالصوفية الصوفية الحقيقية المسلمين التابعين للكتاب والسنة، فزُورٌ وبهتان، لأنهم إنما اصطلحوا على ألفاظ مطابقة في تفسيرها لقواعد الإسلام وأحكام الشرع، غير مخالِفة لشيء منها على ما هو في البرهان المؤيد والرسالة القشيرية ونحوهما.
وإن أراد بالصوفية هؤلاء الملاحدة فإننا قد اطلعنا على اصطلاحاتهم المخالِفة لقواعد الإسلام، بل لقواعد جميع الملل والأديان، واختبرنا مذهبهم حقيقة الاختبار فكله فاسد، وإلى الوهم والخيال راجع وعائد، والسادة الصوفية أهل المراتب العلية هم كما قال الشريف المقري رحمه الله تعالى:
على الحق كانوا ليس فيهم لوحدةٍ
ولا لحلول الحق ذِكرٌ لذاكرِ
ويا ليت شعري هل يجوز لأحد أن يصطلح على ما يخالف الشرع واللغة ويوجب كفر صاحبه، ويصير سبباً لفتح باب الشر والفساد لسائر الملاحدة والزنادقة المبطلين؟ فويلٌ ثم ويل لمن يدعي العلم ويظهر الفضل فينخدع ويغتر بمثل هذه الشبهات الركيكة الوهمية، والتلبيسات الإلحادية الزنديقية، ولم يفرق بينهما وبين الاصطلاحات الإسلامية.
وقال بعضهم أن كلامهم شبيه بالمتشابه في الكتاب والسنة، مَن حمله على ظاهره كفر، وله معنى سوى المعنى المتعارف . وقال بعض العلماء في جوابه بأن المتشابه هو الكلام الذي فيه اشتباه الطرفين يشبه المردود بظاهره، ويحتمل المقبول بتأويل مطابق لظاهره، وهذا لا يتأتى في أكثر اعتباراتهم، بل هي نص صريح في أن الحق هو الوجود المطلق، وأن العالم صورته وهويته.
وأيضا، هل يجوز لأحد غير الشارع أن يتكلم بكلمات متشابهة مخالفة للشرع، ويداوم عليها، ويكتبها في الكتب، ويدونها في الزبر، ويحرض الناس على قبولها والعمل بها؟ كلا، لا يجوز ذلك لغير الشارع صلي الله عليه وعلي آله وسلم أبدا.
ولا تغتر أيها المحب بقول من يقول أن هذه الكلمات من أمور القلب، فذلك جهل أو عناد؛ لأن الألفاظ قوالب المعاني وموضوعة لها، والمعاني إنما تؤخذ من الألفاظ، وإلا لما ثبت كفر أحد ولا إيمانه، مع أن العلماء والعقلاء اجتمعوا على أن مذاهب الرجال تعرف من كلامهم في كتبهم، وإلا فقد فُقد الأمن من كل شئ[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مارس 14, 2008 4:01 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4146
مكان: الديار المحروسة
[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:1 double teal;][cell=filter:;][align=right]قال سعد الدين التفتازاني رحمه الله تعالى: صرف الكلام عن ظاهره وجواز تأويله وحمله على المجاز إنما يمكن إذا لم يصرح المتكلم بأن مقصوده حقيقة الكلام، ولم يقم على إثباتها البرهان، فعند التصريح وإقامة الدليل على إثبات مفهومه الصريح، يصير محكماً في إفادة الحقيقة ، غير قابل للتأويل وحمله على المجاز، وذلك كتصريح الملاحدة الوجودية بأن الله تعالى هو الوجود المطلق، المنبسط في الظاهر، ثم تلفيقهم المغالطة في صورة البرهان على إثباته، ثم تفريعهم عليه بأن كل من عَبَدَ الأصنام فقد عَبَدَ الله، وكل من ادعى الألوهية فهو صادق في دعواه، فلذلك بعدما صار محكما بالتصريح وإقامة الدليل لا يقبل التجوز والتأويل.
وبهذا يظهر لك بطلان ما يقوله الذابُّون عن هؤلاء الملاحدة أن ليس مراد الوجودية ما تفهمه العامة، بل لهم تأويل لا يفهمه إلا الخاصة. انتهى.
وقولهم لعل له تأويلا ، عين الفساد في الدين أن يتكلم شخص بكلام هو كفر وإلحاد في ملة الإسلام ويُرَغِّبُ فيه ويدعو إليه ، ثم يقال: لعل له تأويلا عند أهل الباطن، وهل باطن دين الإسلام يخالف ظاهره؟ فإن قالوا كلاهما حتى يقال لهم: هذا مخالِف لقوله تعالى: (فماذا بعد الحق إلا الضلال).
وأيضاً مخالِفٌ لإجماع المسلمين أن الحق واحد في الاعتقاديات التي يكفر مخالف الحق فيها، ولهذا أجمع أهل زمان الحلاج على قتله مع أن كلامه أقرب إلى إمكان التأويل من كلام غيره، وقولهم: صدور ذلك عنهم يكون في حال السكر والغيبة، وهم غير مؤاخذين لأنهم غير مكلفين في ذلك الحال.
والجواب قد تقرر، أن صدور مثل كلمة أو كلمتين أو نحو ذلك حال السكر والشطح، قد يمكن ، لا تأليف كتاب وتأسيس قواعد، وتفريع فروع مبنية عليها، وترتيب مقدمات وبراهين بزعمهم، كتأسيس أن الحق سبحانه هو الوجود المطلق الظاهر في صورة الموجودات، وأن الموجودات عينه وهويته، ثم تفريع أن من عَبَدَ شيئا فإنما عَبَدَ الله، فأي مسلم يحل له أن يسمع مثل هذا ؟
ثم يقول لعل له تأويلا، أو لعله قاله القائل حال سكره، أو أن يعتقد أن القوم أهل الله يقولون أو يعتقدون مثل هذا الكلام وحاشاهم، بل هم مبرؤون من كل ذلك، وقائل ذلك هالك.
فالحاصل، أن القائلين بالوحدة المطلقة لهم اعتقاد خارج عن الشرع والعقل، وهم مصرحون بذلك ويقولون: أن متابعة العقل حجاب، وكذلك العلم الاستدلالي، وإنما يُنال العلم الذي يدعونه بالذوق لا بتقليد الأنبياء، ولا ببراهين الحكماء، يريد بذلك قائلهم: أن نظر العقل قاصر عن إدراك الأمور كما هو حقها، فكذلك الأخبار أيضا قاصرة عنه، لأنه لا يمكن الوصول إليها إلا بالذوق لا بالوحي، فلذلك ألسنة الأنبياء والرسل قاصرة عنها، فلم يبق العلم الكامل والإدراك التام إلا في التجلي والكشف، فهذا إنكار لجميع الشرائع وصريح في عدم قبولها ، كما قال الكثير من الوجودية: كُمَّلُ الأولياءِ يأخذون العلم من المعدن الذي أخذ منه الأنبياء والرسل، من ذلك المعدن، فالعلم الذي أخذ بواسطة الرواة والأسانيد ليس بعلم. وهذا الضلال البعيد، والعصيان الذي ما عليه من مزيد.
وقدح بعض الفضلاء، أن هذه الضلالة المستحيلة في العقول سرت في جماعة من المسلمين نشأوا في الابتداء على الزهد والخلوة والعبادة، فلما حصلوا من ذلك على شئ، صفت أرواحهم، وانكشفت لهم ما كانت الشواغل الشهوانية مانعة من انكشافه، وقد طرق أسماعهم من خرافات رهبان النصارى أنه إذا حل روح القدس في شئ نطق بالحكمة، وظهر له أسرار ما في هذا العالم مع تشوق النفوس إلى المقاصد العلية، فذهبوا إلى هذه المقالة السخيفة، فمنهم من صرح بالاتحاد على المعنى الذي قالته الرهبان وزادوا عليهم ولم يقتصروه على المسيح كما ذهبت إليه غلاة الروافض في سيدنا الإمام علي رضي الله تعالى عنه من الحلول، ولهم في ذلك كلمات يعسر تأويل كلها لمن يريد الاعتذار عنهم، بل منها ما لا يقبل التأويل، ولهم في التأويل خلط وخبط كلما أرادوا أن يقربوا من المعقول ازدادوا بعدا، حتى أنهم استنبطوا قضية حلت لهم الراحة، وقنعوا في مغالطة الضرورة بالمغيب وهي أن ما هم فيه يزعمونه وراء طور العقل، وأنه يُفهم بالوجدان، ولا يقدر على الإيضاح به اللسان، والحال أن التكليف في أمر الدين لم يجيء إلا بمقدار الوسع، والوسع هو الوسع العقلي لا غير، والله تعالى قال (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)؛ أي طاقتها ووسع عقلها، والنبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم لم يمتحن الأمة بما تعي به العقول.
فعلى هذا، ما كان وراء طَور العقل لم يكن من الدين، وهذه أحكام الدين التي يجب اعتقادها دائرة على محور العقل، ولا يضر بعض الأحكام عدم وصول بعض العقول لفهمها ولحقائق أسرار الشرع فيها، بل الغاية من هذا المعنى أن العقول الكاملة، أعني عقلاء العلماء العاملين، وأهل العرفان واليقين، محيطة بفهم حقائق الأحكام المعتقَدة.
ولذلك قال شيخنا شيخ مشايخ الإسلام القطب الغوث الأكبر الإمام السيد (أحمد الرفاعي) رضي الله عنه وعنا به: كل دين لم يحط بالعقل فليس بدين، وكل عقل لم يحط بالدين فليس بعقل، أي ليس بعقل كامل. وقد أوردنا في هذا المقصد كلمات العلماء الأعلام احتجاجا على قواصر الأفهام، كيلا يزعم أحدهم أن قولنا محض انتصار لمذهبنا في طريقتنا العلية الرفاعية بالرد على الوجودية.
ومن كلام علماء الدين رضي الله عنهم، تعلم أيها المحب صحة مذهب السادة الرفاعية أنصار السُنة السُنية، فتمسك بهديهم، وسر بطريقهم، وخذ بقولهم، ودع شقاشق أهل الوحدة المطلقة، فإنها عين الزندقة، ولا تفرط، ولا تفرِّط وبرئ القوم الذين اشتهروا بالصلاح والعرفان من نسبة الأقوال المكفرة إليهم، وحملها عليهم، وقل بدسها في كتبهم وعلى ألسنتهم، فقد وضع الوضّاعون على لسان الشارع المأمون صلي الله عليه وعلي آله وسلم ، وتحقق بظاهر الشرع الشريف، واعمل به اتباعاً للعلماء العاملين أكابر الدين، ودع ما يريبك إلى ما لا يريبك، وقِفْ مع السنة، وتباعد عن الفتنة، واهجر المارقين والضالين، واندمج في الصالحين الصادقين، وإن الله لمع المتقين[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مارس 14, 2008 4:05 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4146
مكان: الديار المحروسة
([center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:1 double teal;][cell=filter:;][align=right] مرحلة الشكر )
قال تعالى (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)، وقال عز وجل (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم)، وقال تبارك وتقدس (اشكروا لي ولا تكفرون). وقال النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم (الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر)، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: الشكر نصف الإيمان.
قال شيخ الإسلام مولانا الإمام السيد سراج الدين الرفاعي ثم المخزومي رضي الله عنه: الشكر معرفة العبد أن النعم من المولى وحده لا شريك له فيها، ولا ظهير له عليها، لأن النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم قال (ما مسَّت عبداً نعمةً فعلم أنها من الله إلا كتب له شكرها وإن لم يحمد).
قلت: ومن المعلوم أن الأسباب مع ثبوتها، والوسائط مع صحتها، وعدم القول بجحودها فهي من آثار حكمة المنعم الحقيقي وأحكامه، وسر العطاء وأثر المعطي سبحانه ظاهران دالاّن على جلالة قدسه سبحانه. فمن أدب الحق شهود سر المنعم في النعمة وشأن المُعطي الحقيقي عند كل عطاء، ليرى العبد النعمة عنده منه،
والعطاء عنه، وهذا شكر العارفين والصديقين وهو شكر القلب.
وأما شكر اللسان، فهو حسن الثناء على الله والحمد لله، وإظهار نعمته وإحسانه بالقول. جاء في الخبر أن النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم قال لرجل (كيف أصبحت؟)، فقال: بخير. فأعاد النبي عليه الصلاة والسلام السؤال ثانية (كيف أنت؟)، فقال: بخير. فأعاد عليه الثالثة (كيف أنت؟)، فقال: بخير، أحمد الله وأشكره. فقال النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم (هذا الذي أردت منك). يعني إظهار الحمد والشكر والثناء.
وكان السلف يتساءلون عن أحوالهم إذا التقوا ليبث كل منهم الحمد والشكر، فيكونوا شركاء الحامد والشاكر في حمده وشكره. ومن الشكر، شكره سبحانه على منعه إيماناً بحكمته، وأنه لا يريد لعبده إلا الخير. ولا بدع، فالقليل من الحبيب كثير، ومنعه حكمة تؤول إلى خير في الدنيا أو إلى خير في الآخرة، أو إلى جمع بين الخيرين. فمن المنع تعيّن العطاء بعد، فصار المنع عطاء، واليسير كثيراً، وذُلُّ العبد إلى الله حالة المنع عِزٌّ له وشرف، إذ العبد الخالص الموقن الموفق يشكر في القبض والمنع كما يشكر في البسط والعطاء.
ومن الشكر ألا يظهر فاقته وفقره واحتياجه إلى غير مولاه الذي يعطيه ويكفيه ويلي تدبيره ويتولاه، وهو الخبير بحاله يسمعه ويراه، وهو أعلم بما يصلحه منه، ومن الإشارة الصريحة لهذه الحكمة الصحيحة قوله تعالى (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض).
ومن الشكر، ألا يستعين العبد على معصيته تعالى بنعمه. ومن الشكر حمده تعالى على كل حال موقنا العبد بفضل فوائد المكاره والبلاء على فوائد المسرات والآلاء، قال النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم (ينادي منادٍ يوم القيامة: ليقم الحمّادون، فيقوم زُمرةٌ فيُنصب لهم لواء فيدخلون الجنة)، قيل: فمن الحمّادون؟ قال (الذين يشكرون الله على كل حال)، وفي رواية أخرى (الذين يشكرون الله على السراء والضراء).
وحقيقة الشكر، العبادة الخالصة للمعبود، والذكر بالإيقان دون جحود. وقد قام صلي الله عليه وعلي آله وسلم حتى تورمت قدماه فقيل له: لم تصنع هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال (أفلا أكون عبداً شكورا).
وللشكر آدابٌ كثيرة، أدناها أن ينظر العبد إلى من دونه في الدنيا، فيعظم نعمة الله في دنياه عليه، وأن ينظر إلى من هو فوقه في أمر الآخرة فيزداد عبادة وذكرا لله تعالى.
ومن آداب الشكر، أن يمقت العبد نفسه ويزدري بها لعدم انتهاضها في محبة الله وطاعته وجليل خدمته كل الانتهاض، كالموفقين الذين عرفوا بالذوق السليم فقدان المستعارات، وماتوا قبل الموت، فكشف لهم الغطاء، وأعرضوا عن بضائع الفناء، وأخذوا بتجارة البقاء، واعترفوا بتقصيرهم عن شكره سبحانه وتعالى، فتواضعوا له، وذلّوا لعظمته، وخضعوا لسلطانه.
ومن الشكر، شكر الخلق على ما يبديه الله من الخير والبر على أيديهم قل أو كثر، فإن من لم يشكر الناس لم يشكر الله. ويجب الشكر للناس ولو على البشاشة والبشر. وفي الخبر الشريف (كفران النعمة كفر).
ومن الشكر، الشكر على العافية والسلامة والأمن وراحة القلب والبدن. ومنه الشكر على جمع الحال، وصلاح الأهل والعيال، وحسن أخلاق الجيران والخدام، وصفاء طوايا الأصدقاء والخلان. ومنه الشكر على الانخراط بسلك الأحباب الصالحين، ومرافقة العلماء العاملين، والأصحاب الزاهدين، وأهل المعرفة واليقين، والبُعد عن المبتدعين. ومنه الشكر على سلامة العقيدة من الزيغ والضلالة والتحقق بالاعتقاد السليم الذي أمرنا به صاحب الرسالة صلي الله عليه وعلي آله وسلم .
وقد امتن الله تعالى على أهل الطائفة الرفاعية الزكية بسلامة العقيدة، فاتبعوا اثر شيخهم سيد الطوائف قدوة أهل الأذواق والمعارف، بحر الحقائق واللطائف، مولانا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وعنّا به؛ فطهُرت سرائرهم، وأشرقت بنور الحق بصائرهم، وذهب على هذا المنهاج المبارك غائبهم وحاضرهم. قالوا بالتوحيد الذي لا يُشاب بشرك، والإفراد الذي لا يخامره شك، طريقتهم إفراد القدم عن الحدث، وتنزيه الله تعالى في ذاته وصفاته، وحراسة جانب التوحيد وصحة العقيدة على ما كان عليه السلف الصالح، مع التبري من الزيغ والبدعة، وكل ما يخالف صريح السنة، وأعمالهم الشريفة طاهرة، وأسرارهم في طريق الحق طيبة وباهرة، قامت أحوالهم على شؤون لها معان يعرفها العارفون، ولم تبتعد عن الحال الشريف المحمدي طرفة عين، ولم يُدخلوا أحداً في البين، انقطعوا إلى الله عن سواه، وقالوا في جميع أطوارهم: لا إله إلا الله.
قال شيخ مشايخ الإسلام، مولانا السيد (أحمد الرفاعي) رضي الله عنه وعنا به: طريقنا طريق شيخنا الجنيد أبي محمد رضي الله عنه، وهو إفراد القدم عن الحدث، وتنزيه الله تعالى في ذاته وصفاته عن سمات الحدوث، والأخذ بما كان عليه أصحاب رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم وآله الهداة المرضيون رضي الله عنهم أجمعين، لا نُحرِّف في المعتقدات ولا نُبدِّل. هذا طريق أهل الحق، (وإنما إثمه على الذين يبدلونه)، ومن بدل فقد زلَّ وضلّ، ولا يكون المُحرِّف وجيه الوجه عند الله تعالى، والله ولي المتقين. انتهى.
ويعجبني كلمات لسيدنا الإمام الجد الأمجد السيد سراج الدين الرفاعي


المخزومي رضي الله عنه، أشار بهن إلى الطريقة العليّة الرفاعية فقال:
طريقة الغوث الكبير الأمجدْ أحمد نسلُ المصطفى رب اليدْ
طريقة السُنّة والكتابِ والآل أهل الحق والأصحابِ
طريقة الخشوع والخضوعِ والذرِّ بالإخلاصِ للدموعِ
طريقة القرآن والشريعةْ وإنها لنعمت الذريعةْ
طريقة المعارف الجزيلةْ والصدق والخصائل الجميلةْ
طريقة القول بردِّ الشطحِ والأخذ ما بين الورى بالنصحِ
طريقة البعد عن الإلحادِ مثل حلول ساء واتحادِ
طريقة الهدى وصدقِِ الحالِ والزهد قلبا واحتقارِ المالِ
طريقة النفع لكلِّ الناسِ بلا رياءٍ وبلا وسواسِ
طريقة يحبها الرسولُ وترتضيها البضعةُ البتولُ
طريقة موصلةٌ للهِ قال بذا جميع أهل اللهِ

قلت: قال إمام الطريق سيدنا الغوث الأكبر الرفاعي: أقرب الناس إلى الزندقة المتصوفة المشغولون عن العبادات بالخوض في الكلام على الذات والصفات. اللهم إيمانا كإيمان العجائز. وقال رضي الله عنه: قل لمدعي الوحدة المطلقة: أنت محوز عن غيرك بجهتك ومكانك، وهو منزه عن الجهة والمكان. وأنت محاط بثوبك، وهو بكل شئ محيط. وأنت مسوَّر بالعجز في كل شئ، وهو على كل شئ قدير. فكذب وهمك كما كذبك وجودك لتدخل في عداد المؤمنين الصادقين، فكل ما يطرأ عليه الحدث من جانب فهو حادث، فاتق الله ونزه ربك؛ فإن التوحيد إفراد القدم عن الحدث. انتهى[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة:
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة مارس 14, 2008 4:06 pm 
غير متصل

اشترك في: الجمعة إبريل 28, 2006 11:18 pm
مشاركات: 4146
مكان: الديار المحروسة
[center][table=width:100%;background-color:white;background-image:url();border:1 double teal;][cell=filter:;][align=right]فالطائفة الرفاعية دأبها صرف الهمة لحراسة جانب التوحيد مع سلامة
العقيدة وطهارتها من وصمة الزيغ والانحراف عن طريق السُنّة. وسألخص لك خلاصة ما هم عليه في العقيدة التي لا بد منها، ولا غنى عنها.
يقول رجال هذه الطائفة رضي الله تعالى عنهم: الحمد لله، نؤمن بالله، ونشهد أنه لا شريك له، لا في السماء ولا في الأرض، تنزه وتقدس عن أن يشاركه فيهما أحد،( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ). ونؤمن بما جاء به عن الله الأنبياء والمرسلون، وننزهه في ذاته وصفاته عن النظير في الدنيا والآخرة ونقدسه عن الجهات ومجانسة الحادثات، ونؤمن بكتابه كله بأنه من عنده، أنزله على عبده، ونرد تفصيل علم تأويله إليه، وننزهه عما دل عليه ظاهره، ونفوض المعنى المراد منه إليه تعالى وتقدس، ونؤمن بنبيه المصطفى صلي الله عليه وعلي آله وسلم ، ونشهد بأنه رسول الله، وأفضل المرسلين، والرحمة العامة للعالمين، ونؤمن بإسرائه عليه الصلاة والسلام إلى السموات العُلا بالروح والجسم، ونؤمن بأنه رأى ربه بعين بصره وبصيرته، دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، وأنه صلي الله عليه وعلي آله وسلم سيدنا محمدبن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، قرشيٌّ عربيٌّ، بَشَرٌ فضَّلهُ الله على خلقه كلهم، واختاره لجنابه واصطفاه لذاته، وأعطاه الوسيلة الكبرى، والشفاعة العظمى، وقدَّمَه على النبيين والمرسلين في الآخرة والأولى.
ونعتقد أنه هو وإخوانه النبيون والمرسلون معصومون عن الكبائر مطلقا، ونبوته عليه الصلاة والسلام باقية، وشريعته ناسخة، وأبواه في الجنة.
قال القطب الغوث العارف الشريف، شيخنا وسيدنا، السيد محيي الدين أحمد أبو العباس بن الرفاعي رضي الله عنه ونفعنا والمسلمين بعلومه وبركاته: أجمع أولياء الله العارفون به واتفقوا على أن أبوي النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم في الجنة، ولهما عند الله المنزلة الرفيعة، والرتبة الشريفة، وهما رضي الله عنهما من أهل الإيمان، ولا يشك في ذلك إلا من اسود قلبه، وساء مع نبيه الكريم أدبه، وكذلك آباء الأنبياء والمرسلين وأمهاتهم، فكلهم من أهل الإيمان، ونبينا صلي الله عليه وعلي آله وسلم عمود نسبه الشريف من آبائه وأمهاته الطاهرين من أبيه السيد عبد الله الأنور، وأمه السيدة آمنة الطاهرة إلى سيدنا أبي البشر آدم، وأم البشر حواء عليهم السلام كلهم مؤمنون موحدون، تسلسل فيهم الخير والبركة والإيمان والتوحيد ونكاح الإسلام، وحفظهم الله من سفاح الجاهلية ومن عبادة الأصنام والشرك، واتفقت كلمة القوم على أن من خالف هذا القول يكون مؤذياً لرسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم ، مفارِقاً طريق الصواب.
الخيرُ في الهادي وفي آبائه وأمهاته الخيار البررة
عصابةٌ من كل شٍركٍ وخنا مصونةٌ محفوظةٌ مطهرة
جاء بذا الكتاب والسُنة والـ أخبارُ والروايةُ المُعتبرة
ومن يرى تنقيصهم عقيدةً فهو من القومِ اللئامِ الفجرة
الأنبياءُ عرفَت إعظامهم والأولياءُ والكِرامُ السَفَرَة
انتهى.
ويقولون: نعتقد أن الله تعالى أرسل قبل رسوله ونبيه المصطفى رسلا، أوَّلهم آدم عليه السلام، وخاتمهم سيدنا محمدصلي الله عليه وعلي آله وسلم ، وكلهم جاؤوا بالحق، وتكلموا بالصِدق، وبلَّغوا الرسالة، وصدقوا فيما بلغوا عن ربهم عزَّ وجلّ، وكل ما أُنزل عليهم من الكتب والصحف حق، وأن المعراج حق، وأن الصالحين مع علو منزلتهم وقربهم من ربهم لا يسقط عنهم شئ من الفرائض الواجبات من الصلاة والزكاة والحج والصيام وغير ذلك، ومَن زعم أنه صار وليّاً وسقط عنه الفرائض فقد كفر، وأن الوليَّ كبقلةٍ تحت شجرة النبوة، وأن عذاب القبر حق، وأن مُنكراً ونكيراً حق، وأن سؤالهما حق، وأن البعث حق، والعرض حق، والحساب حق، وأن الجنة ونعيمها حق، والنار وعذابها حق، وأهل الجنة يرون ربهم بعينهم من غير إدراكٍ ولا إحاطةٍ ولا كيفيةٍ ولا مقابلة ولا على مكان ولا في جهة، وأن قراءة الكتب حق، يؤتى المؤمن كتابه بيمينه والكافر بشماله، والميزان حق، والصراط حق، وحوض الكوثر حق، والشفاعة للنبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم حق، وشفاعة المؤمنين حق، ومحبة أصحاب رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم على العموم حق، وكلهم على هدى، وأن أبا بكر رضي الله عنه صاحب رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم وخليفته، وخلافته حق، وبعده خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حق، وبعده خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه حق، وبعده خلافة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه حق، وأفضل الخلق بعد نبينا سيدنا محمدصلي الله عليه وعلي آله وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، وأن الأولياء حق، ذَكَرَهم الله في كتابه المُنَزَّل على نبيِّه المرسَل صلي الله عليه وعلي آله وسلم ، نؤمن بإكرام الله تعالى لهم، ونعتقد صدور الكرامة عنهم أحياء أمواتا، نفعنا الله بهم أجمعين.
وخُلاصة أقوال السادة الرفاعية في معرفة قدر النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم هي تعظيمه وتوقيره، واتباع أمره والفناء في محبته، والتوسل به إلى الله تعالى، والعمل بما كان عليه هو وأصحابه الكرام، رضي الله عنهم.
قال صاحب الطريقة سيدنا الغوث الأكبر الرفاعي رضي الله عنه: اطلبوا الله بمتابعة رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم ، إياكم وسلوك طريق الله بالنفس والهوى؛ فمن سلك الطريق بنفسه ضل في أول قدم، أي سادة! عظموا شأن نبيكم، هو البرزخ والوسط الفارق بين الخَلق والحق، من اتصل به اتصل، ومن انفصل عنه انفصل. قال عليه صلوات الله وتسليماته (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به). أي سادة! اعلموا أن نبوة نبينا صلي الله عليه وعلي آله وسلم باقية بعد وفاته كبقائها حال حياته إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وجميع الخلق مخاطبون بشريعته الناسخة لجميع الشرائع، ومعجزته باقية وهي القرآن، قال تعالى (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله). أي سادة! من رد أخباره الصادقة كمن رد كلام الله تعالى، آمنا بالله وبكتاب الله وبكل ما جاء به نبينا سيدنا محمدرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
وقال رضي الله عنه وعنّا به: جمع كل أحكام الفناء في النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم بقوله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). معرفة النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم باب معرفة الله، فمتى عرف العبد حقيقة نبيه عرف ربه.
ومعرفة حقيقته العظيمة لها طريقان، طريق لفظيّ؛ وهو المنقول المحفوظ من سيرته وخصاله وأحكام شريعته وجليل شأنه، وطريق معنوي؛ وهو سرٌّ كشفيّ ينتجه العمل بأعماله القول وأقواله، والأخذ الأكمل في الحركات والسكنات بسنته عليه من الله أشرف الصلاة وأكرم السلام.[/align]
[/cell][/table][/center]

_________________
صورة


أنا الذى سمتنى أمى حيدره

كليث غابات كريه المنظره

أوفيهم بالصاع كيل السندره


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 19 مشاركة ]  الانتقال إلى صفحة السابق  1, 2

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 12 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط