بسم الله , والحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله .. وبعد
يا أرض فلسطين ..
كنت أود أن يكون هذا الموضوع محله فى القسم الخاص بالأسئلة المتنوعة , لأنه لاعلاقة له بالعقائد , كما أسلفنا وذكرنا من قبل .. وعلى كل حال فبعيدا عن الحدة .. والعصبية .. والتشنج . أعود وأقول .. ليكن الحوار هادئا محترما .. بعيدا عن رمى الآخرين بالكذب أو الجهل .
فموضوع النور المحمدى الشريف وأوليته يتلخص فى النقاط التالية : 1- نسبة الحديث الوارد إلى الإمام عبد الرزاق الصنعانى . 2- الكلام على الحديث من حيث الصحة أو الضعف أو الوضع . 3- توهم تعارض الحديث مع بعض الأدلة الأخرى القائلة بالأولية . 4- أقوال أهل العلم فى هذا الموضوع .
وأستعين الله عزوجل , وبمدد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أقول :
أولا : نسبة الحديث الوارد إلى الإمام عبد الرزاق الصنعانى .
أنت قلت ( ثم تكلمت عن مصنف عبد الرزاق اين دليلك؟ اين هو موجود؟ )
فالجواب : 1- اعلم أن صحة نسبة أى حديث لكتاب تعرف بالاطلاع مباشرة على هذا الكتاب , إن تيسر وجوده , وإلا فبذكر من اطلع عليه من العلماء قبلنا , وإيراده فى كتبهم . وحيث لم نقف عليه لفقد جزء كبير من مصنف عبد الرزاق , فكان التثبت حاصل من خلال أقوال العلماء , وإيرادهم له فى مؤلفاتهم , أو الإشارة إليه .
فحديث سيدنا جابر صحح نسبته إلى الإمام عبد الرزاق كل من : - الإمام القسطلانى فى المواهب اللدنية ( 1/46 ) طبعة دار المعرفة . - العجلونى فى كشف الخفا ( 1/ 311 ) طبعة مؤسسة الرسالة . العيدروس فى النور السافر ( 1/22) طبعة دار صادر البرزنجى فى شرح المولد النبوى (ص39 )
وأشار إليه دونما طعن كل من : البدر العينى فى عمدة القارى ( 12/256) طبعة مصطفى الحلبى والسيد الشريف العلامة صاحب الأسانيد والإفادات محمد بن جعفر الكتانى فى نظم المتناثر ( 1/172) . والحافظ أبو يعلى الهمدانى كما نقله عنه العجلونى فى كشف الخفا , والعلامة القسطلانى فى المواهب . 2- يا أخى .. من البديهى أنه إذا ذكر أهل العلم حديثا فى مصنفاتهم ثم لم نقف عليه .. فلا يعنى هذا أنه موضوع أو ضعيف .. فهذا هو الحافظ الهيثمى يذكر فى المجمع أحاديث ويعزوها للطبرانى .. ولانجدها .. لأن بعض أجزاء المعجم الكبير للطبرانى مفقودة حتى الآن . وهذا هو الحافظ ابن حجر .. يذكر لنا أحاديث وأسانيد فى مسند الإمام أحمد .. وأتحداك أن تقف عليها فيما هو مطبوع بين أيدينا من المسند .. وذلك لأنه اعتمد على نسخ خاصة وقعت له , لم نقف عليها الآن . وهاهو ذا الإمام البوصيرى يعزو فى إتحاف المهرة إلى البزار فى مسنده .. وأين هو المسند الكبير للبزار … وغير ذلك كثير . فافهم .
وعلى ذلك فطعنك فى نسبة الحديث للمصنف .. واه مردود بذكر من قدمنا من أهل العلم .. اللهم إلا إذا كنت لاتعدهم علماء .. أو ترى رأيك فوق رأيهم .. فهذا شأن آخر .
ثانيا : الكلام على الحديث من حيث الصحة أو الضعف أو الوضع .
أنت قلت (فان ثبت ان هذا الحديث ورد في مصنف عبدالرزاق فهو لم يصححه ولم يضعفه ) وقلت أيضا (فحديثكم المكذوب -الذي لا تستطيعون اثبات سنده ..الخ )
والجواب : 1- يا أخى ماهذا الاضطراب ؟؟ فما الذى يفهم من قولك (فان ثبت ان هذا الحديث ورد في مصنف عبدالرزاق فهو لم يصححه ولم يضعفه ) !! فبالله عليك .. كونه لم يصححه ولم يضعفه يفهم منه أنه بالضرورة موضوع !! ما لكم كيف تحكمون .
وهل كل حديث ذكره الإمام النسائى فى المجتبى أو الكبرى .. ثم لم يصححه أو يضعفه يعد موضوعا .. نعم قد يذكر الإمام النسائى بعض التعليقات على أحاديثه .. ولكن لم يستقص ذلك . وهذه سنن ابن ماجه , وهذا هو مسند الإمام أحمد , وهذا هو مصنف ابن أبى شيبة .. وغير ذلك كثير , فهل يمكن أن يسحب كلامك وفهمك هذا عليهم ؟؟
2- حديث سيدنا جابر لم نقف له على إسناد , ونحن لاندعى أنه صحيح الإسناد – وإن كان معناه يشهد له أحاديث وآثار صحيحة وحسنة , قد جمعها ووعاها وأحسن سردها سيدى الشريف المبارك / الدكتور محمود صبيح , أدام الله فضله وأطال فى عمره ونفعنا به فى كتابه الحجة الماحق لضلال أعداء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله المسمى ( أخطاء ابن تيمية – المسألة 86 – صفحة 444 وما يليها ) فراجعه هناك والله يتولاك .
فكيف علمت أنت أنه موضوع مع غياب إسناده ؟؟ وأسألك سؤالا : هل يمكن أن تسرد لى القرائن التى بها يعرف الوضع فى الحديث ؟ وفى أى كتب الموضوعات ورد هذا الحديث ؟؟ وبعد سردها إن شاء الله تعالى سيكون لنا مناقشة وحوار .
وأما استشهادك بقول العلامة السيوطى ( ليس له إسناد يعتمد عليه ) فهذا يعد من سعة علم الرجل , ودقة فهمه – لاسيما وهو من تتبع العلامة ابن الجوزى فى موضوعاته , حيث انتقده فى تساهله بالحكم على أحاديث بالوضع , وليست كذلك فصنف النكت البديعات واللألئ المصنوعة - . فاعلم يا أخى .. أن قول العلماء : ليس له إسناد , أو لايصح , أو لايثبت هذا الحديث , ليس حكما عليه بالوضع أو الضعف ..
اسمع ما قاله علامة الهند ومحدثها محمد بن عبد الحى اللكنوى فى كتابه الرائع ( الرفع والتكميل فى الجرح والتعديل – ص191 وما بعدها ) قال : إيقاظ –6- فى أن نفى الصحة والثبوت لايلزم منه الحكم بالضعف أو الوضع . كثيرا ما يقولون : لايصح , ولا يثبت هذا الحديث . ويظن منه من لا علم له أنه موضوع أو ضعيف . وهومبنى على جهله بمصطلحاتهم , وعدم وقوفه على مصرحاتهم . فقد قال على القارى فى تذكرة الموضوعات " لايلزم من عدم الثبوت وجود الوضع " وقال فى موضع آخر " لايلزم من عدم صحته وضعه "
وقال الحافظ ابن حجر فى تخريج أحاديث الأذكار المسمى بنتائج الأفكار " ثبت عن أحمد بن حنبل أنه قال : لاأعلم فى التسمية أى فى الوضوء حديثا ثابتا . قلت – القائل ابن حجر – لايلزم من نفى العلم ثبوت العدم , وعلى التنزل : لايلزم من نفى الثبوت ثبوت الضعف ,لاحتمال أن يراد بالثبوت الصحة , فلا ينتفى الحسن , وعلى التنزل : لايلزم من نفى الثبوت عن كل فرد نفيه عن المجموع "
وقال نور الدين السمهودى فى جواهر العقدين فى فضل الشرفين " قلت : لايلزم من قول أحمد فى حديث التوسعة على العيال يوم عاشوراء ( لايصح ) أن يكون باطلا , فقد يكون غير صحيح وهو صالح للاحتجاج به , إذ الحسن رتبة بين الصحيح والضعيف "
وقال الزركشى فى نكته على ابن الصلاح " بين قولنا : موضوع , وبين قولنا : لايصح بون كثير , فإن الأول إثبات الكذب الاختلاق , والثانى إخبار عن عدم الثبوت , ولايلزم منه إثبات العدم , وهذا يجئ فى كل حديث قال فيه ابن الجوزى ( لايصح ) ونحوه " وقال أيضا " لايلزم منه أن يكون موضوعا , فإن الثابت يشمل الصحيح والضعيف دونه "
وقال الحافظ ابن حجر فى القول المسدد فى الذب عن مسند أحمد , فى بحث حديث عموم مغفرة الحجاج " لايلزم من كون الحديث لم يصح أن يكون موضوعا " . انتهى كلام اللكنوى بلفظه .
وأما عن بقية النقاط التى ذكرتها فى أول المشاركة فنظرا لظروف خاصة , سأتابع الحديث فيها فى المرة القادمة بمشيئة الله تعالى .
وصل اللهم وسلم وعظم وشرف وكرم مولانا رسول الله وآل بيته الطيبين الطاهرين .
=================================================
|