[ الحكم العقلي ] : ينحصر في ثلاثة أقسام : الوجوب والاستحالة والجواز ، ومعنى الوجوب العقلي : هو ما لا يُتصور في العقل عدمه ، والمستحيل العقلي :هو ما لا يُتصور في العقل وجوده.
والجائز العقلي هو ما يصح وجوده وعدمه ، و [ الحكم السمعي ] ، قد يكون للوجوب إذا دل الشرع على وجوبه ، وقد يكون للجواز إذا دل الشرع على جواز وجوده وعدمه ، وقد يكون للاستحالة إذا دل الشرع على استحالته.
(تنبيه) : عند تطبيق تلك المصطلحات بدقة لن يكون هناك لبس ، فإنّه إذا قيل واجب عقلي ، فإنّ معناه الذي لا يُتصور في العقل عدمه ، وبالتالي فإنّ وجود الله تعالى واجب عقلي لأنّه لا يُتصور في العقل عدمه ، إذ وجود جميع تلك المخلوقات والنظام الذي هي فيه يوجب في العقل وجود خالقها الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
أما ( الرحمة ) التي يتصف بها الرحمن سبحانه فإنّها واجب سمعي وليس شرعي ، وتعريفه كما ذكرنا هو الذي دل الشرع على وجوبه ، وقد أعلمنا الله تعالى بتلك الصفة بقوله تعالى : { اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ المائدة : 98 ] ، فليس الواجب السمعي ما لا يُتصور عدمه ، فإنّ الله تعالى كما هو الرحمن الرحيم ، فإنّه شديد العقاب ، ولكن الواجب السمعي هو ما دل الشرع على وجوبه.
ومن ذلك نعرف خطأ غير المتخصص عندما يخلط بين الواجب العقلي والواجب السمعي ، ويتهم السادة الأشاعرة أو السادة الماتريدية المتخصصين في العقيدة على منهاج اهل السنّة والجماعة بأنّهم أثبتوا سبع صفات وألغوا بقيتها ، وحاشاهم من ذلك ، فإنّهم يتكلمون على الواجب العقلي الذي لا يُتصور في العقل عدمه ، وأما عند حديثهم على الواجب السمعي فإنّهم يجعلون جميع الأسماء الحسنى تدل على صفات واجبة لله تعالى ، والمشكلة تكمن في تشغيب الحشوي على تلك المدارس المؤصلة الراسخة في العلم.