بسم الله الرحمن الرحيم القضاء والقدر الانسان هل مسير أم مخير ؟ ســــر القدر .. من موجبات الايمان - الايمان بالقدر خيره وشره - المولي سبحانه وتعالي علـّــــــم الخضر عليه السلام ( سـر القـدر ) وأعلمه بسر القدر ( وعلمناه من لدنا علما ) أى : علــّمــــــــه من ( العلوم اللدنــيـــة ) والعلوم اللدنية هي العلوم الربانية ومن تلكم العلوم - علم - سـر القدر وأعلمه ان لم تخرقها ستضيع السفينة وموسي ليس عنده هذا العلم فأخذها علي استقبـــــال القدر - أى : قارن بين السفينة السليمة والسفينة المخروقه .. كيف تخرق السفينة وهـــــؤلاء المساكين يعملون في البحر .. لانه لايعلم أن السفينة السليمة يأخذها الملك غصبا .. وقدر الله في مناط التكـليف هو (( أنه علم أزلا مايفعله عبده وانّ عـــلـــمه غـــير مــلزم لعبـــــده بالفعل فــهـــو عــــلم انكشـــاف وشـــمول مثلا : قال تعالي ( اذهب الي فرعون انه طغي فقـــل هل لك الي ان تزكي واهديك الي ربك فتخشي فأراه الاية الكبرى فكذب وعصي ) 17 - 21 النازعات -- كان في امكان فرعون ان يؤمن بالله بعد ان دعاه موسي عليه السلام وأراه الدليـــــــل الواضح علي صدق ماجاء به ولكنه لم يؤمن - وعلم الله أزلا انه سوف لن يؤمن ) ومثــــــــال آخر ( أبو لهب : أحد أئمة الكفر الذين عارضوا الرسول صلي الله عليه وسلم نزل فيــــه سورة المسد فهل كان ابو لهب عاجزا عن ان يشهد ان لا اله الا الله ولو كذبا حتي يقول ان القرآن باطل ولكنه لم يفعل وذلك لان الذى أخبرنا أولا بهذا يعلم مايختاره أبو لهب . الرســــــــول صلي الله عليه وسلم (( التيمين ينكرون أشد الانكار في انه ولا أحد من خلق اللـــه لا يعلم شيئا من الغيب )) وشخصيا أنا في اشد الحيرة من أمرهم لان هذا ظاهر ووارد فـــــــــــي الكتاب والسنة : الرسول صلي الله عليه وسلم علـّمه الله الكثير من الغيوب أكثر مما علّم غيــــره من الانبياء .. و أكثرها كرامة له ماورد في حديث الاسراء المشهور : أراهـ الله حال الناس يــــــــوم القيامة حال أهل النار في النار وحال أهل الجنة في الجنة وأعلمه أيضا ســـــــــــــر القـــــــــــدر ومثال ذلك ( يوم أحـــــد : أمـــر عبدالله بن جبير علي الرمـــاة فقال له : ارم الخيل عنا بالنبــــــــل لا يأتوننا من خلفنا ان كانت لنا أو علينا فأثــــبـــــت مكانك لا نـــؤتين من قبلك - لكن الرمــــــــــاة خالفوا وعصوا أمره وأخلوا تلك الناحية فدخلت الخيل من ذلك الموضع علي أصحاب رسول اللــــــه وقتل من المسلمين يومئذ ناس كثير .. والعلة في مخالة أمره صلي الله عليه وسلم ..
القدر - قال تعالي -( انا كل شىء خلقناه بقدر ) ( وان من شىء الا عندنا خزائنه وماننزله الا بقدر معلوم ) ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض ولكن ينزل بقدر مايشاء ) ( فالتقي الماء علي أمر قد قــــدر ( ثم جئت علي قدر ياموسي ) ( وكان أمر الله قدرا مقدورا ) الايات كثيرة في هذا الباب . القضـاء - قال تعالي ( فقضاهن سبع سماوات ) ( ولنجعله آية للنــــاس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا ) ( وقضي ربك الا تعبدوا الا اياه ) ( وقضينا اليه ذلك الامر ) ( كان علي ربك حتما مقضيا ) والايات أيضا كثيره . القــــــدر : هـــو القانون الحكيم الذى وضعه الله تعالي بعلمـه وارادتـــــه وحكمته ليسير علي أحكامه كل شىء في الوجود من السماء ومـا فيها والارض ومن عليها ومابين ذلك - بأســباب ومسببات وقوانين ونواميـــس وأحكام وســنن كونية أزلية سرمدية أبدية خالدة لاتتبدل ولا تتغير ولا تتحول ( فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا )(سنـت الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنت الله تبديلا ) . القضـــــاء : هـــو ابراز أثـر القدر في الواقع الملموس قال صلي الله عليه وسلم ساعة القضاء تشل حركة الانسان لينفذ أمر الله - ومثال ذلــــك من الكتاب : قدر سبحانه وتعالي في الازل أن يخلق طفلا تحمله فتــاة لم يمسسها بشر ليكون هو وأمه آية للناس فلما جاء الموعد المحــــدد قضي ماقدره في الازل ثم ما كان من أمر ولادة عيسي عليه السلام . ( الايات 16 - 21 مريم ) القضاء والقدر وجهان لعملة واحدة هي الامر الرباني والامر الرباني ( انما امره اذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) ومثال كن فيكون : ان مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تـــراب ثم قال له كن فيكون ) ( قلنا يانار كوني بردا وسلاما علي ابراهيم ) مقــــدمـــــة : لقد جعل الله الكون في خدمة الانسان ولكنه جعله كذلك ليضيف الانسان الي الحياة شيئا واذا كانت المسألة أن تترك كل شىء لله ولا تعمل اتـكالا فلماذا لا يتخلي هؤلاء عن مبدئهم في أبسط الاشياء كالطعام والشراب لقدر الله والمولي سبحانه وتعالي جعل ما علي الارض زينة لها ليجذب الانسان الي العمل وقد طلب سبحانه عمارة الارض . حيث قال تعالي ( هو الذى انشأكم من الارض واستعمركم فيها ) . استعمركم : بمعني طلب منكم عمارتها قال تعالي عن ذى القرنين : ( ويسألونك عن ذى القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا انا مكنا له فـــي الارض وآتيناه من كل شىء سببا فأتبع سببا ) ومعني ذلك اننا أعطيناه أسباب المنعة والقوة والحكم في الارض ( ولكنه لم يقتصر علي ذلك انما ( أتبع سببا ) بمعني أنه أتبع سببا من عنده فيما يفيده ويزيده وينفعـــه مع الاسباب المعطي له ) وسبحانه يريد أن يقول لنا في هذه الايــــــــة ان الانسان مهما يعطي لايجب أن يكتفي بما أعطي له ولايفعل شيئـــا بــــــــل يجب أن يأخذ هذا العطاء ويعمل من أجل أن يضيف اليه شيئـــا واذا اكتفي الانسان بما أعطي له لاصبحت الحياة جامدة وغير متحركــة ولا متطورة ولتوقف تطور البشرية ونموها - والتطور في اضــافة شىء الي الحياة من ذات الانسان ليصنع جديدا ( وذلك باتباع القوانين التي وضعها الله في الارض وعليه أن يوفق بين أمرين : اتباع قوانين الله فـــــي الارض بالنسبة للحياة الدنيا يأخذ نصيبه منها ( ولا تنسي نصيبك من الدنيا ) واتباع قوانين الله بالنسبة للحياة الاخرة يأخذ نصيبه منها . الاحاديث : عن ابن عباس رضي الله عنه قال قال الرسول صلي الله عليه وسلم اني اعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك اذا سألت فسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله واعلم ان الامة اذا اجتمعت علي أن ينفعوك بشىء لم ينفعوك الا بشىء قد كتبه الله لك وان اجتمعوا علي أن يضروك بشىء لن يضروك الا بشىء قد كتبه الله عليك رفعت الاقلام وجفت الصحف - رواه الترمذى وفي الحديث المتفق عليه قال صلي الله عليه وسلم : ان احدكم ليجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغـــــة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات : رزقــــــــــه أجله - عمله - شقي او سعيد - وفي الاثر ان الرسول صلي الله عليـــــه وسلم قال : لا يقولن أحدكم لو اني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قـــــدر الله وماشاء فعل - ومن موجبات الايمان - الايمان بالقدر خيره وشره - والاحاديث القدسيــــة عن ابي هريرة رضي الله عنه ان الرسول صلي الله عليه وسلم قال :قال الله تعالي ( ابن آدم تفرغ لعبادتي املآ صدرك غني وأســــدّ فقرك والا تفعل ملات صدرك شغلا ولم اسدّ فقرك ) رواه الترمذى عن ابن عباس رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال : ان اول شىء كتبه الله في اللوح المحفوظ - بسم الله الرحمن الرحيم - ان من استسلم لقضائي ورضي بحكمي وصبر علي بلائي بعثته يـــــوم القيامة مع الصديقين والشهداء - رواه الديلمي . عن ابي امامة رضي الله عنه قال قال الرسول صلي الله عليه وسلم : قال الله تعالي : خلقت الخير والشر فطوبي لمن خلقته للخير وأجريت الخير علي يديه وويل لمن خلقته للشر وأجريت الشر علي يديه . رواه ابن شاهين . الاقـــــدار المحيطة بالانسان : الاقدار المحيطة بالانسان نوعان : نوع لايستطيع الانسان دفعه مهما يكن له من القوة والبطش ولا بد ان ينفذ : هذا النوع من الاقدار هو الذى فوق طاقة الانسان وقدرته والمتـصــــــــــل بنواميس الكون وقوانين وسنن الوجود كدورة الافلاك وفصول العــــــــــــام وتعاقب الليالي والايام والشهور والسنين والشمس والقمر والنجوم وقوانين الجاذبية والمراحل العمرية للانسان من الطفولة ثم الشباب ثم الكهولة والهرم - الحياة - الحركة والحواس الخمس والتحكم في أجهزة الجسم الخير والشر الضر والنفع الــــــرزق والنــعــــم الزواج الموت - الابتلاءات قال تعالي ( ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين ) ( كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنه والينا ترجعون ) أى بالغني والفقر - الصحة والمرض - العز والذل - الشبع والجوع - الامن والخوف - وغيرها . قال تعالي _ احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لايفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) ولكي لانبحر كثير في هذا الموضوع سنأخذ مثالا توضيحيا واحدا فقط : في البلاء : ( ونقص من الاموال ) الغاية الربانية من الايمان ان لاتبقي العبادة مسألة رتيبة - لقد خلقنا الانسان في كبد - أى شدة ونصـــب يكابد مصائب ومضايق الدنيا وشدائد الاخرة -( وتلك الايام نداولها) بين الناس - أيـــــام الشـــدة وأيام الرخاء أيام الصحة وأيام المرض -- تداول الايام بين الناس - عظة وعبرة - ( كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم ) 7 الحشر : بمعني أى : كي لا يكون المال متداولا بين الاغنياء فـقـط - انمــــا متداولا بين بين الاغنياء والفقراء - ولا يوجد في الارض من بقي علي حالة في الغني أو الفقر وقد قيل لو دامت لغيرك لما أتت اليك - وتداول الاموال بين الاغنياء والفقراء - أيضا عظة وعبرة . ثم : المصائب والنكبات والزلازل والبراكين ( ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك علي الله يسير ) ( ما اصاب من مصيبة الا باذن الله ومن يؤمن بالله يهــــد قلبه ) وهذا اختبار وامتحان من الله يمتحن به عباده . الانســان في هذه المنطقة ( مــســــير ) بدءا وانتهاءا .
( نواصــــــــــــــل ان شاء الله
_________________ قال تعالي ( انما يوفّي الصابرون اجرهم بغير حساب ) صدق الله العظيم -
الصبر هو : كفّ اللسان عن التسخط
والصبر صبران : صبر علي العبادة في الشدة واليسر وكفّ عن المعاصي -
|