الأصول المنهجية لعقائد المشبهة و المجسمة
قال الإمام أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين 1/207- 210 مبينا طرائق المشبهة و المجسمة:
(هذا شرح اختلاف الناس في التجسيم
قد أخبرنا عن المنكرين للتجسيم أنهم يقولون إن البارىء جل ثناؤه ليس بجسم ولا محدود ولا ذى نهاية ونحن الآن نخبر أقاويل المجسمة واختلافهم في التجسيم .
اختلفت المجسمة فيما بينهم في التجسيم وهل للبارىء تعالى قدر من الأقدار وفى مقداره على ست عشرة مقالة: فقال هشام بن الحكم: إن الله جسم محدود عريض عميق طويل طوله مثل عرضه وعرضه مثل عمقه نور ساطع له قدر من الأقدار بمعنى أن له مقدارا في طوله وعرضه وعمقه لا يتجاوزه في مكان دون مكان كالسبيكة الصافية يتلألأ كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها ذو لون وطعم ورائحة ومجسة لونه هو طعمه وهو رائحته وهو مجسته وهو نفسه لون ولم يثبت لونا غيره وأنه يتحرك ويسكن ويقوم ويقعد وحكى عنه أبو الهذيل أنه أجابه إلى أن جبل أبى قبيس أعظم من معبوده وحكى عنه ابن الراوندى أنه زعم أن الله سبحانه يشبه الأجسام إلى خلقها من جهة من الجهات ولولا ذلك ما دلت عليه وحكى عنه أنه قال هو جسم لا كالأجسام ومعنى ذلك أنه شىء موجود .
وقد ذكر عن بعض المجسمة أنه كان يثبت البارىء ملونا ويأبى أن يكون ذا طعم ورائحة ومجسة وأن يكون طويلا وعريضا وعميقا وزعم أنه في مكان دون مكان متحرك من وقت خلق الخلق . وقال قائلون: إن البارىء جسم وأنكروا أن يكون موصوفا بلون أو طعم أو رائحة أو مجسة أو شىء مما وصف به هشام غير أنه على العرش مماس له دون سواه .
واختلفوا في مقدار البارىء بعد أن جعلوه جسما :
فقال قائلون: هو جسم وهو في كل مكان وفاضل عن جميع الأماكن وهو مع ذلك متناه غير أن مساحته أكثر من مساحة العالم لأنه أكبر من كل شىء .
وقال بعضهم: مساحته على قدر العالم .
وقال بعضهم: إن البارىء جسم له مقدار في المساحة ولا ندرى كم ذلك القدر . وقال بعضهم: هو في أحسن الأقدار وأحسن الأقدار أن يكون ليس بالعظيم الجافى ولا القليل القمىء ، وحكى عن هشام بن الحكم أن أحسن الأقدار أن يكون سبعة أشبار بشبر نفسه .
وقال بعضهم: ليس لمساحة البارىء نهاية ولا غاية وإنه ذاهب في الجهات الست اليمين والشمال والأمام والخلف والفوق والتحت قالوا وما كان كذلك لا يقع عليه اسم جسم ولا طويل ولا عريض ولا عميق وليس بذى حدود ولا هيئة ولا قطب . وقال قوم: إنه معبودهم هو الفضاء وهو جسم تحل الاشياء فيه ليس بذى غاية ولا نهاية .
وقال بعضهم: هو الفضاء وليس بجسم والأشياء قائمة به .
وقال داود الجواربى ومقاتل بن سليمان: إن الله جسم وإنه جثة على صورة الإنسان لحم ودم وشعر وعظم له جوارح وأعضاء من يد ورجل ولسان ورأس وعينين وهو مع هذا لا يشبه غيره ولا يشبهه وحكى عن الجواربى أنه كان يقول أجوف من فيه إلى صدره ومصمت ما سوى ذلك وكثير من الناس يقولون هو مصمت ويتأولون قول الله الصمد المصمت الذى ليس بأجوف . وقال هشام بن سالم الجواليقى: إن الله على صورة الإنسان وأنكر أن يكون لحما ودما ، وإنه نور ساطع يتلألأ بياضا وإنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان سمعه غير بصره وكذلك سائر حواسه يد ورجل وأذن وعين وأنف وفم وأن له وفرة سوداء . وممن قال بالصورة من ينكر أن يكون البارىء جسما . ومن قال بالتجسيم من ينكر أن يكون البارىء صورة ) اهـ .
_________________ مددك يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الغوث يا سيدي رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
الشفاعة يا سيدي يا رسول الله صلى الله عليك و على آلك و سلم
|