موقع د. محمود صبيح

منتدى موقع د. محمود صبيح

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين



إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: تنزه ذات الله تعالى عن التغير والحدوث وعن حلول الحوادث
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 25, 2020 5:25 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14295
مكان: مصـــــر المحروسة

تنزيه ذات الله تعالى عن التغير والحدوث ، وعن حلول الحوادث بذاته تقدس ‏وتعالى لأنها صفات المخلوق.

(أ) الله عز وجل هو الأول فليس قبله شيء ، متصف سبحانه بالأولية في ذاته وصفاته ، ومعنى الأولية أنه ‏سبحانه لا يقبل ذاته تغيرا أو حدوثا ويستحيل عليه قبول الحوادث لأن التغير والحدوث و حلول ‏الحوادث نقص يتنزه عنه كمال الذات.

وبيان ذلك أن نقول :

(ب) من الأدلة القرآنية على تنزيه الله تعالى ‏عن التغير والحدوث و عن حلول الحوادث بذاته تقدس وتعالى ،قوله تعالى { ليس كمثلِه شيء } [سورة ‏الشورى : 11] ، في هذه الآية نفي المشابهة والمماثلة بين الله تعالى وخلقه ومعناه أن الله تعالى لا يشبه شيئًا ‏من خلقه بوجه من الوجوه ،ومنها أنه يستحيل عليه التغير والحدوث وقبول الحوادث لأن التغير والحدوث و ‏حلول الحوادث من صفات المخلوق.

وقوله تعالى : { وللهِ المثَلُ الأعلى } [سورة النحل :60] أي الوصف ‏الذي لا يشبه وصف غيره ، فلا يوصف ربنا عزَّ وجلَّ بصفات المخلوقين من التغير والحدوث وقبول ‏الحوادث.

وقوله تعالى : { فلا تضربوا للهِ الأمثال } [سورة النحل : 74] ، أي لا تجعلوا لله الشبيهَ والمِثْل ‏فإن اللهَ تعالى لا شبيه له ولا مثيل له ، فذاتُه سبحانه لا يشبه الذواتِ ، ويستحيل عليه التغير والحدوث ‏وقبول الحوادث لأن التغير والحدوث و حلول الحوادث من صفات المخلوق.

وقوله تعالى : {هل تعلمُ لهُ ‏سميًّا} [سورة مريم : 65 ] أي مِثلاً ، فالله تعالى لا مِثْلَ له ولا شبيه ولا نظير ، فذاتُه سبحانه لا يشبه ‏الذواتِ ويستحيل عليه التغير والحدوث وقبول الحوادث لأن التغير والحدوث و حلول الحوادث من صفات ‏المخلوق.

وقوله تعالى : { وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ } [سورة الإخلاص : 4] أي لا نظير له بوجه من الوجوه ‏، ولا كفء له ولا شبيه ، فلا يوصف ربنا عزَّ وجلَّ بصفات المخلوقين من التغير والحدوث وقبول الحوادث.

(ت) تنزيه الله تعالى عن التغير والحدوث هو الدليل الذي استعمله نبي الله إبراهيم عليه السلام في إثبات ‏عدم ألوهية الشمس والقمر والكواكب قال تعالى : {قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [ ‏الأنعام : 76].

قال المفسرون : قال ذلك لقومه تنبيها لهم على أن القمر لتغير حاله لا يصلح للإلهية وأن من ‏اتخذه إلها فهو ضال ، وتنبيها لهم أن الله دائم لا يزول ، وأن الزوال نقص لا يصلح للإله المتصف بالكمال ‏وأن ( الآفلين ) أي الأرباب المنتقلين من مكان إلى مكان المتغيرين من حال إلى حال فإنهم بمعزل من استحقاق ‏الربوبية والإلهية ، وتنبيها على أن من غاب بعد الظهور كان حادثا مسخرا وليس برب أزلي أول ليس ‏بمحدث ، منزه عما لا يليق بذاته الأقدس من لوازم الإمكان ولواحق التغير والحدوث.

ولهذا تبرأ من آلهتهم ‏بقوله عليه السلام في سورة الأنعام ، قال تعالى : { قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ ‏لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 78 ، 79 ] ، ومعناه إني بريء ‏مما تشركون من الأجرام المحدثة المحتاجة إلى محدث يحدثها ومخصص يخصصها بما تختص به ثم لما تبرأ منها توجه ‏إلى موجدها ومبدعها الذي دلت هذه الممكنات عليه فقال إني وجهة وجهي للذي فطر السموات والأرض ‏حنيفا وما أنا من المشركين.

(ث) الأفول معناه التغير والتبدل من حال إلى حال بالظهور والاختفاء ‏والقوة والفناء والتأثير والزوال وهذا الأفول صفة نقص تنزه عنها ذات الرحمن تقدس وتعالى ، فكل متغير ‏يقبل الظهور تارة و الاختفاء تارة والتأثير تارة والزوال تارة أخري لا يصلح أن يكون إلها البتة.


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
 عنوان المشاركة: Re: تنزه ذات الله تعالى عن التغير والحدوث وعن حلول الحوادث
مشاركة غير مقروءةمرسل: الجمعة سبتمبر 25, 2020 5:32 pm 
غير متصل

اشترك في: الأحد سبتمبر 18, 2005 12:40 am
مشاركات: 14295
مكان: مصـــــر المحروسة

(ج) كما أن ذات الله تعالى منزه عن التغير والحدوث ، فإنه سبحانه منزه عن قبول الحوادث ، لأنه لو ‏قبل شيء من الحوادث لكان جزء من الذات حادثا وهذا محال لأن الله تعالى أحدي الذات صمدي الصفات ‏لا تقبل ذاته التجزؤ ويستحيل عليها قبول الحادث والأول الأزلي منزه عن أي حادث وإلا كان حادثا.

ولهذا ‏اتفق العارفون بأصول الدين وقواعد التنزيه بأن ما قبل الحوادث فهو حادث ، وانه ليس في ذات الله تعالى ‏محدث ولا مخلوق لأنه الأول الخالق سبحانه.

(ح) قبول الحوادث ينافي الأولية والأزلية التي يتصف بها ‏ذات الله تقدس وتعالى ، وينافي كمال الذات والصفات ، فإن الكمال المطلق لا يقبل الزيادة ولا النقصان ‘ ‏لأنه لو قبل الزيادة كان قبل الزيادة نقصا ولو قبل النقص لم يكن إلها له كمال الذات والصفات.

(خ) ‏دليل بطلان كونه تعالى محلاًّ للحوادث الحوادث هو ما يطرأ على الذات الحادثة من التغيّرات المختلفة ، لأنّ ‏الحوادث تستلزم التغيّر ، والذات التي يطرأ عليها الحوادث تتغيّر وتنتقل من حالة إلى أخرى بسبب ما ‏اكتسبته من الحوادث ، والله تعالى منزه عن التغير والأفول ، كما أنّ قبول الحوادث من صفات الأجسام ‏الحادثة.

وبما أنّه تعالى قديم الذات فلا يقبل الحادث لأنّ أخص صفات القديم أن لا يقبل الحادث وإلا كان ‏حادثا مثله ، وبما أنّه تعالى منزّه عن الأمور المادية والجسمانية ، فلهذا يستحيل عليه أن يكون محلاًّ للحوادث.

‏‏(د) كل ما يقوله غير المتخصصون في العقيدة عن حلول الحوادث بذات الله جهل عظيم بالله تعالى ‏وبالواجب والجائز والمستحيل في حق الله سبحانه ، ومحاذير قولهم عظيمة ، منها :

أنهم يزعمون أن ذات الله ‏تعالى تقبل الحوادث وهذا معارض بأحدية الذات فإن الله ( أحد صمد ) لا تتجزأ ذاته ولا تقبل شيئا محدثا ‏فيها ، ومنها أنّ القول بقبول ذات الله ( سبحانه ) للحادث مرادف للقول بقبول الذات للمخلوق لأن ‏الحادث مخلوق وكل ما لم يكن ثم كان فإنه مخلوق لا معنى له إلا ذاك.

فهل يقبلون بهذا القول الفاحش ‏الذي يؤول إلى القول بالإتحاد والحلول للمخلوق والخالق سبحان الله عما يصفون ، ومنها أنّ القول بقبول ‏ذات الله ( سبحانه ) للحادث ما هو إلا تكييف لذات الله تقدس وتعالى بقياسها على ذات المخلوق ، حيث ‏أن المخلوق لا يقوم بعمل في الخارج إلا إذا حدثت الإرادة في الداخل ، وهذا حال المخلوق لأنه كله محدث ‏يقبل الحوادث ، فهل يجوز قياس حالة الخالق الأزلي الذي ليس كمثله شيء على حالة المخلوق الحادث ، ‏وهل يجوز عند اولى الألباب قياس إرادة الله الأزلية القديمة على إرادة المخلوق المحدثة المخلوقة.

سبحانك ‏هذا بهتان عظيم.

كما أنّهم يقيسون صفة الكلام لله تعالى وهي صفة أزلية قديمة لله لها الكمال المطلق ، على ‏كلام البشر فيقولون إن صفة الكلام لله صفة فعلية تتعلق بالإرادة وأن الله يتكلم بما شاء متى ‏شاء ، ولازم قولهم أن القرآن محدث وليس قديم لأنه متعلق بمشيئة الله وان الله سبحانه تكلم به متى شاء ولم ‏يكن قديما من الأزل.

وهذا القول الفاحش هو قول المعتزلة الذين قالوا : إن القرآن محدث وليس قديما.

‏ومذهب أهل السنة والجماعة أهل التنزيه أن كلام الله قديم وانه صفة من صفات الله المعنوية مثلها مثل العلم ‏والإرادة فكما أن علم الله صفة قديمة لا تتعلق بإرادة الله ، بمعنى أنه لا يجوز القول : أنه سبحانه يعلم متى ‏شاء ولا يعلم متى شاء ، لأنه يحد علم الله الذي له الكمال ، فكذلك الكلام صفة قديمة لله معنوية لا تتعلق ‏بأفعال الله ولا بإرادة الله وهم جعلوه محدثا يفعله الله متى شاء مثله مثل الخلق والرزق يخلق من شاء متى ‏شاء ، ويرزق من يشاء متى شاء ، وصار القرآن الكريم كلام الله تعالى بلازم قولهم محدثا مخلوقا.

فانظر ‏هداك الله الفرق بين المذهبين ، مذهب التنزيه والفقه في دين الله ، ومذهب التكييف والجهل في ذات الله تعالى ‏وصفاته وأفعاله.

وعلى مذهبهم لو جاز أن يقوم بذاته قول حادث جاز لغيرهم أن يقول بعلم حادث ‏ويستدل بظاهر القرآن كقوله تعالى ( وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) [ آل ‏عمران\142] وجاز لغيرهم أيضا أن يقول بإرادة حادثة ويستدل بظاهر القرآن كقوله تعالى ( يُرِيدُ اللَّهُ ‏بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) ويتبجح بما أجازه أولئك من قيام الحوادث بذات الله تعالى.

وهل هذا كله ‏إلا جهل عظيم بالله تعالى وصفاته (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ).


_________________
رضينا يا بني الزهرا رضينا
بحبٍ فيكمو يرضي نبينــــا



يا رب

إِن كَانَ لاَ يَرجُوكَ إِلاَّ مُحسِــــنٌ
فَمَن الَّذِى يَدعُو وَيرجو المُجرِمُ


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ 2 مشاركة ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + ساعتين


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 18 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع إرفاق ملف في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
© 2011 www.msobieh.com

جميع المواضيع والآراء والتعليقات والردود والصور المنشورة في المنتديات تعبر عن رأي أصحابها فقط