لقد تعنت بنو إسرائيل في عدم الإيمان بالواسطة فإستخفوا بسيدنا موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم وطلبوا أن يكلمهم الله :(( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51))) الشورى51 .
وكذلك في سورة المائدة تعنتوا وطلبوا أن ينزل الله لهم مائدة من السماء بذاته, تعالى الله عن هذه الوجهة بل أنزل سبحانه ملائكة بالمائدة وبذا رد عليهم سيدنا عيسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(( اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112))) المائدة112
وختمت سورة المائدة بقوله سبحانه:(( قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم))المائدة119
وأعقبتها آخر آية من سورة المائدة:(( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض))المائدة120
فالصدق نفع الصادقين وأنتفع به المصدقون, فالصدق إذاً وسيلة للقبول فهو معتبر عند الحق, كما أن الكذب وسيلة للفجور وهو مرفوض عند الحق قريب للشيطان ,وكلا النفغين أو الضرين مقهورين تحت ملك الله, ولم يخرجا من قدرته إذ هو على كل شيء قدير.
وقد قالوا لسيدنا موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا))المائدة24
إذاً فبنو إسرائيل ممن أنكروا الواسطة الحقة ليس فقط خوفاً من أن يموتوا بالقتال بل أرادوا أن يختبروا نبيهم حيث إنهم كانوا يعتقدون أن نصره بهم فقالوا:(( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا))
بنفس المفهوم الذي يقوله خوارج عصرنا: أدعوا الله ولا تدعوا بالرسول,والله يرد عليهم بهذه الآية وبقوله سبحانه:(( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)) الإسراء110
فدعاء الله بأسمائه,والأسماء وسائط ولم يقصر الله عباده على إسم واحد, إذ لو قصرهم على إسم واحد لربما صح ما ذهبوا إليه ولكن الله سبحانه وتعالى حكيم في تشريعه .
أنتهى النقل من كتاب التأمل في حقيقة التوسل صـ65-69 بتصرف يسير.
فأنظروا أحبابي في الله إلى شدة المشابهة بين بني إسرائيل والخوارج في فقههم وفكرهم وفهمهم ومن قبل كل هذا في عقيدتهم التجسيمية والتي يسيرون فيها مع بني إسرائيل نعلاً بنعل إقتدائاً بشيوخهم من اليهود كموسى ابن ميمون رئيس اليهود في زمانه بمصر كما وصفه بذلك أبو حيان الأندلسي في تفسيره وابن ملكا والذي وجد ابن تيمية بغيته عنده واتخذه قدوة لنفسه في القول بجواز حلول الحوادث في الله سبحانه , تعالى الله عن إفك الأفاكين.