لمن تأثر بفكر الإخوان ( خوارج العصر ) أقدم لهم مناصحة الإِمَام وهب بن مُنَبّه لرجل تأثر بِمذهب الْخَوَارِج
وهي عبارة عن حوار يدور بين الإمام وهب بن منبه ورجل تأثر بفكر الخوارج يدعى ذو خولان ينقلها لنا دَاوُد بن قيس تلميذ وهب بن منبه وصديق ذي خولان
فَقَالَ لَهُ وهب : يَا ذَا خولان أَتُرِيدُ ان تكون بعد الْكبر حروريا تشهد على من هُوَ خير مِنْك بالضلالة فَمَاذَا انت قَائِل لله غَدا حِين يقفك الله وَمن شهِدت عَلَيْهِ الله يشْهد لَهُ بِالْإِيمَان وانت تشهد عَلَيْهِ بالْكفْر وَالله يشْهد لَهُ بِالْهدى وانت تشهد عَلَيْهِ بالضلالة فَأن تقع إِذا خَالفرَأْيك أَمر الله وشهادتك شَهَادَة الله
اخبرني يَا ذَا خولان مَاذَا يَقُولُونَ لَك فَتكلم عِنْد ذَلِك ذُو خولان ؟ وَقَالَ لوهب : إِنَّهُم يأمرونني ان لَا أَتصدق الا على من يرى رَأْيهمْ وَلَا أسْتَغْفر إِلَّا لَهُ
فَقَالَ وهب صدقت هَذِه محبتهم الكاذبة فَأَما قَوْلهم فِي الصَّدَقَة فَإِنَّهُ قد بَلغنِي ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر ان امْرَأَة من اهل الْيمن دخلت النَّار فِي هرة ربطتها فَلَا هِيَ تطعمها وَلَا هِيَ تركتهَا تاكل من خشَاش الأَرْض أفإنسان مِمَّن يعبد الله ويوحده وَلَا يُشْرك بِهِ شَيْئا احب الى الله من ان تطعمه من جوع اَوْ هرة وَالله يَقُول فِي كِتَابه ويطعمون الطَّعَام على حبه مِسْكينا ويتيما وأسيرا إِنَّمَا نطعمكم لوجه الله لَا نُرِيد مِنْكُم جزاءا وَلَا شكُورًا إِنَّا نَخَاف من رَبنَا يَوْمًا عبوسا قمطريرا)
يَقُول يَوْمًا عسيرا غضوبا على أهل مَعْصِيَته لغضب الله عَلَيْهِم {فوقاهم الله شَرّ ذَلِك الْيَوْم} حَتَّى بلغ {وَكَانَ سعيكم مشكورا}
ثمَّ قَالَ وهب : مَا كَاد تبَارك وَتَعَالَى ان يفرغ من نعت مَا اعد لَهُم بذلك من النَّعيم فِي الْجنَّة
واما قَوْلهم : لَا يسْتَغْفر الا لمن يرى رَأْيهمْ أهم خير من الْمَلَائِكَة وَالله تَعَالَى يَقُول فِي سُورَة {حم عسق} {وَالْمَلَائِكَة يسبحون بِحَمْد رَبهم وَيَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض} وَأَنا أقسم بِاللَّه مَا كَانَت الْمَلَائِكَة ليقدروا على ذَلِك وَلَا ليفعلوا حَتَّى أمروا بِهِ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {لَا يسبقونه بالْقَوْل وهم بأَمْره يعْملُونَ} وانه أَثْبَتَت هَذِه الْآيَة فِي سُورَة {حم عسق} وفسرت فِي {حم} الْكُبْرَى قَالَ الَّذين يحملون الْعَرْش وَمن حوله يسبحون بِحَمْد رَبهم ويؤمنون بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ للَّذين ءامنوا الْآيَات
يتبع
_________________ قليل لمدح المصطفى الخط بالذهب على ورق من خط أحسن من كتب وأن تنهض الأشراف عند سماعـه قياما صفوفا أو جثيا علـى الركـب
|